مع دخول العدوان الصهيوني يومه الخميس، بقصف جوي مكثف ومركز، ألقيت خلاله مئات الأطنان من المتفجرات خلال مدة قصيرة على المراكز الأمنية والمؤسسات الحكومية والمساجد والمنازل؛ يتخندق آلاف المقاتلين المدرّبين جيداً في مواقعهم على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة. ويستعد هؤلاء في جاهزية عالية، للعملية البرية التي تتحدث عنها القيادة الصهيونية، وذلك "لتلقين العدو درساً لا ينساه"، حسب قولهم. إما النصر أو الشهادة
أجواء حرب حقيقية تبدو واضحة عند ذلك الشريط الحدودي الذي أعلنته قوات الاحتلال منطقة عسكرية مغلقة بقوة الطائرات، والوصول إليها يعني الموت في ظل تهديدات كبيرة، إلاّ أنّ هؤلاء المقاتلين الذين أزالوا كلمة "الخوف" من قاموسهم؛ جاؤوا من أجل هذه الغاية "الاستشهاد"، مجهّزين بكافة الأسلحة والذخائر والتموين اللازم، مع وضع خطط متقدمة استعداداً لهذه المعركة ذات المقاييس الحاسمة.
مقاتلون من كافة فصائل المقاومة الفلسطينية مرابطون في أماكن سرية على طول الشريط الحدودي، بانتظار ساعة الصفر، ويبدو أنّ كل واحد منهم يعرف ما يتوجّب عليه بالضبط القيام به، وهم يتطلعون إلى تكبيد جيش الاحتلال خسائر فادحة خلال العملية البرية التي يتحدث عنها المسؤولون الصهاينة.
غرفة عمليات مشتركة
وفي غضون ذلك؛ فإنّ غرفة العمليات المشتركة التي لطالما نادت بها الفصائل الفلسطينية، قد تحققت من خلال هؤلاء المقاتلين، الذين أخذوا على عاتقهم الدفاع عن الشعب الفلسطيني والثأر له.
وكشف "أبو عبير"، القيادي البارز في "ألوية الناصر صلاح الدين"، الذراع العسكري للجان المقاومة الشعبية، أنّ لديهم خطة كاملة متكاملة كفصائل مقاومة في إطار غرفة عمليات مشتركة، للتصدي للعدوان الصهيوني البري، مؤكداً أنّ المقاومين يتمركزون في مواقعهم وبانتظار الأوامر لهم في حال بدأت العملية.
وقال "أبو عبير" لوكالة "قدس برس"، "مستعدون على قدم وساق، ونعتقد أنه لو كان الاحتلال يمتلك القوة للمواجهة البرية لأقدم عليها ولتجنّب العملية الجوية، ولكن الدليل على فشل العملية الجوية أنه لم تُمسّ المقاومة الفلسطينية حتى الآن".
وأضاف القيادي أنه لم يُمسّ سوى اثنين في المائة من مقدرات المقاومة الفلسطينية، بدليل أنّ صواريخ المقاومة تنطلق من بين الطائرات الصهيونية، حيث لم يُمسّ أي قائد من قادة المقاومة، ولم يُمسّ أي قائد سياسي أو في الحكومة.
وتوقع "أبو عبير" أن يقدم جيش الاحتلال على دخول بعض المناطق غير المأهولة وكذلك المناطق الزراعية التي لا تتعدى كيلومترين اثنين داخل قطاع غزة، بحيث يكون عدد الجنود أكثر من عدد سكان تلك المناطق، ليقول للعالم إنه قد نفّذ العملية البرية.
خطة مجهزة
وقال "أبو عبير" إنّ المقاومة الفلسطينية "مستعدة لكل المعطيات ولكل التحضيرات على الأرض، ونتوقع ما قلناه عن اجتياح بري في مناطق محدودة بقطاع غزة، ولدينا خطة مجهّزة قبل التهدئة، وبحمد الله تعالي قد رسّخنا هذه الخطة، وقد قمنا بإعادة صياغتها خلال التهدئة، وعلى العدو أن لا يحلم أنّ دخول قطاع غزة سيكون مفروشاً بالورد والرياحين"، وفق تأكيده.
وأضاف القيادي "أنّ المعركة البرية هي المعركة التي ينتظرها المجاهدون، وكنّا قد دعونا قبل ذلك العدو: إذا كنتم رجال فانزلوا من طائراتكم، وانزلوا إلى الأرض لكي يواجهكم جنودنا، وهذه هي المعركة القادمة"، وتوعّد جيش الاحتلال بقوله "إذا تقرّر دخول العدو برياً في أي منطقة؛ فالمقاومة ستواجه هذا العدو، ومقتل جندي صهيوني واحد كافي لزعزعة معنويات الاحتلال، وسينسحب مهزوماً"، وفق تقديره.
توزيع الأدوار بين الفصائل
وأكد أبو عبير أنّ هناك غرفة عمليات مشتركة لقوات المقاومة الفلسطينية، والكل يأخذ احتياطاته، "هناك شوارع ومناطق تم تقسيمها، وكل مقاتل وفصيل يعرف دوره بالتحديد، ولكي يشارك الجميع، وذلك وفق خطة ممنهجة، وهناك تنسيق على أرض الواقع، وهناك مناورات حيّة أجريت"، حسب توضيحه.
وقال القيادي في "ألوية الناصر صلاح الدين"، "الآن عمل المقاومة ليس عشوائياً، فهو يتم عن طريق رسم كروكي عن طريق خرائط باستخدام تقنيات عالية، وكل الخطط الإسرائيلية التي جرّبها جيش الاحتلال هي في حسبان المقاومة وكذلك ما تتوقعه، وقد أجرينا مناورات لاختبار هذه الخطط".
مفاجآت بانتظار العدو
وأضاف "أبو عبير" هناك العديد من المفاجآت التي تنتظر العدو الصهيوني، هناك كمائن نصبتها المقاومة لكي يقع الجنود أسرى في أيدينا، نحن نريد الجنود أسرى أحياء في أيدي المقاومة، وإذا أقدم العدو على ارتكاب حماقة بدخول غزة ستكون هذه البُشرى لأبناء شعبنا بأسرى إسرائيليين".
وأكد "أبو عبير" أنهم استفادوا كثيراً من حرب تموز (يوليو) 2006 على لبنان، مؤكداً أنها أشبه بالواقع الفلسطيني في الجغرافيا، وقال "لعل امتلاك المقاومة لصواريخ غراد يؤكد للاحتلال أنّ المقاومة تمتلك ما هو أدهى وأمرّ لمواجهة الدبابات، فهناك مئات آلاف العبوات الناسفة، ومثلها من قذائف "آر بي جي"، وعشرات آلاف الصواريخ، ولا يمكن حصر ما تمتلك المقاومة"، حسب ما ذكر.
وخلص القيادي إلى القول "سيعلم جنود الاحتلال أنّ ما لقوه في بنت جبيل وعيتا الشعب ومارون الراس بجنوب لبنان كان نزهة لهم، مقارنة مع ما سيلقونه هنا في غزة".
|