خلال العام الماضي، اختفى رئيس المنظمة الجاسوسية الاكثر سرية في السويد (KSI)، من دون أي أثر. وقد وُجد في ما بعد غريقا، وهو برتبة كولونيل.
ادى اختفاء وموت رأس الجاسوسية السويدية الى أزمة على اعلى المستويات العسكرية.
لقد اختار رئيس الجاسوسية السويدية ان ينهي حياته بنفسه، بينما كانت مؤسسة SAPO تحقق في دور المنظمة الجاسوسية السرية، المرتبط بصفقة السلاح السعودية. وقامت بالتحقيق في عملية الانتحار، الشرطة العسكرية، والشرطة الامنية، اما الوثائق المتعلقة بوفاته، فقد جرى ختمها باختام سرية حفاظا على الامن القومي.
كان الصمت مطبقا بالنسبة لقضية الكولونيل ومهمّته. في الاساس، وبعد اكتشاف اختفائه، عالجت الشرطة العملية كمسألة عادية.
لكن الشرطة الامنية وضعت يدها فورا على التحقيق، بينما راجعت القوات المسلحة مستنداتها في محاولة لاقتفاء آثار رئيس المنظمة الجاسوسية السرية KSI.
العدد الكبير للعملاء السريين
ان السبب الرئيسي لقيام القوات المسلحة والقوات الامنية بوضع يدها على هذه القضية بسرعة فائقة، يعود للعدد الكبير من العملاء السريين التابعين لمنظمة KSI، الذين يديرون في الخارج عمليات جاسوسية حساسة وخطرة.
ولساعات عدّة لم تتمكن القيادة العسكرية من معرفة ماذا حصل لرأس الجاسوسية، ولماذا انتحر؟
الشفافية الكاملة للتجسس
هناك امكانية ان يكون رئيس ال KSI قد تعرض لضغوطات قادته الى خيار ترك البلد، وهو امر غاية في الخطورة بالنسبة للمخابرات العسكرية. فالكولونيل كان يدير ال KSI، وهو من الاشخاص القلائل المدركين تماما لاكثر العمليات السرية في السويد.
وقد حصل الاختفاء في الوقت الذي كان فيه المدّعي العام توماس ليندستراند يترأس تحقيقات عدة حول صفقة السلاح السعودية. لا سيما ان الشرطة الامنية كانت تحقق حول مبلغ 250000 SEK المدفوعة نقدا من الاستخبارات العسكرية، لاطلاق شركة Sstl غير الشرعية.
الفضيحة السعودية
وكان من المفترض ان تقوم الشركة ببناء مصنع للاسلحة في المملكة العربية السعودية، كان قد توقف مؤخرا. فالمنظمة السرية KSI، التي كانت لديها موازنة سرية، بالاضافة الى 700 مليون (SEK) كان من المفترض ان تمتلكها، كانت واحدة من منظمات سويدية عدة تستطيع ان تلجأ الى اساليب خاصة. وهذا يعني انه كان في مقدور KSI ان تخرق القانون، اذا كان الهدف الحصول على هكذا معلومات بواسطة التجسس.
احد الذين جرى التحقيق معهم كان زميلاً للكولونيل، وكان يعمل في وظيفة سريّة ضمن جهاز KSI، وقام بتسليم هذه الاموال الى ادارة حريّة المعلومات FOI.
وقد دار التساؤل داخلياً حول هذه الصفقة من حيث امكانية وجود علاقة بينها وبين قرار الكولونيل بالانتحار، حسبما صرّح به احد اصحاب العلاقة.
الجواب على هذا السؤال، غير معروف.
تأكيد التحقيقات
من ناحية اخرى، فقد اكّد جهاز الاستخبارات العسكري والأمني MUST، ان تحقيقا يجري حول الظروف المحيطة باختفاء الكولونيل وموته.
اشارة الى ان التحقيق ترأسه Klas Eksell مدير جهاز MUST. ويُقال ان هناك نسخة واحدة من التحقيق، كما شرح السيد Eksell، في منتصف كانون الاول، عندما وقّع على التحقيق المكتمل.
بالرغم من تحقيق الشرطة الأمنية حول موت رئيس جهاز KSI، المؤلف من اكثر من سبعين صفحة، طلبت وكالة Expressen استلام وثائق SAPO حول موته. لكن الوثيقة الكاملة وُجدت ممحيّة بكاملها بالحبر الاسود.
مع الاشارة الى ان قائد القوات المسلحة المحال الى التقاعد Stefan Ryding-Berg، هو واحد بين قلّة مستعدّ ان يعلّق على موت الكولونيل.
يذكر ان التقرير حول عملية الانتحار حصل خلال العام 2012، ويعترف ان هناك ضابطاً برتبة كولونيل خدم في الاركان العامة، وان سبب وفاته هو الغرق. وهذا حصل في اطار عملية انتحار. وفي التقرير ليس من شكوك حول امكانية حصول جريمة، كما يقول Stefan Ryding-Berg.
كما يؤكّد هذا الاخير انه كان للتحقيق هدف محدد، وهو للتأكّد من ان الكولونيل ربما كان ضحيّة ابتزاز او شيء مشابه. وقد صرّح Stefan انه لم توجد اي دلائل تشير الى تأثيرات خارجية ادّت الى موت الكولونيل.
العمليات السرية
تمتنع القوات المسلّحة السويدية، عن إعطاء اي معلومات عن المهام التي كان الكولونيل مكلّفا بها، او انه شغل وظيفة سرية في الاركان العامة، ممكن ان يؤدي الإعلان عنها الى تهديد سلامة الامن القومي.
لكن مراجع مختلفة اكّدت ان الكولونيل الراحل خدم كرئيس لجهاز KSI للمعلومات الخاصة. وان اخبار وفاته المفاجىء انتشرت بسرعة، لدى عدد كبير من الاشخاص في هيئة الاستخبارات السويدية، وايضا في الوحدات الخاصة للقوات العسكرية السرية.
كان الكولونيل يتمتّع بشعبية مميّزة، وخدم في الوحدات الخاصّة، كما اشترك في عمليات سريّة، وكان يعتبر نموذجاً للضابط المميّز. وخلال خدمته الفعلية تبوّأ مراكز مميّزة في القوات المسلّحة قبل ان يصبح رئيسا لجهاز KSI الأمني.
استقالة وزير الدفاع السويدي
ومع تكشف قرار مساعدة المملكة العربية السعودية في بناء مصنع للاسلحة، اضطر وزير الدفاع السويدي الى تقديم استقالته. وقد سبب ذلك موجة من الانتقاد في السويد، لا سيما ان هذا البلد فخور بنفسه بسبب ريادته في مساندة حقوق الانسان. واعتبر السويديون ان الامر مسيء لكرامتهم وعنفوانهم.
علما ان وزير الدفاع Sten Tolgfors كان تحمّل الموجة الاولى من الانتقادات والادانات، لرغبته في مساعدة المملكة العربية السعودية في بناء مصنع للاسلحة، واعتبر ان المعنيين في الامر تخطّوا صلاحياتهم. واضطر اخيرا الى تقديم استقالته.
المصدر :
http://www.arabdefencejournal.com/article.php?categoryID=24&articleID=1186