وده من جريده سعودية الملك فهد والرئيس مبارك اتفقا قبل 14 عاماً على تشييده عبر مضائق تيرانمتى يرى الجسر البري السعودي - المصري النور؟ د. أحمد جويلي أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية
أمام البلدين، اللذين تربطهما علاقة تواصل أبدية لن تتوقف أبدا.. وتتضاعف على طول الزمن، أمامهما الآن حل قومي لا بديل له تفرضه المصلحة الوطنية وتدفعه جماهير مواطني البلدين أمام الضمير القومي لقيادة البلدين.
مطلوب الآن وقفا لنزيف الموت أن نشرع في تنفيذ الجسر البري عبر البحر بين مصر والمملكة الذي اتفق عليه خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك فهد بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك منذ 14 عاما.
المشروع عملاق يبلغ طوله نحو 23 كلم ويختصر زمن الرحلة بين مصر ودول شمال إفريقيا وبين دول شرق خليج العقبة (السعودية ودول الخليج جميعا وسورية والعراق والاردن) إلى 20 دقيقة فقط.
٭ تبلغ تكلفة هذا المشروع 3 مليارات دولار أمريكي لن تدفع مصر أو السعودية دولاراً واحداً بعد أن تقدمت مجموعات اقتصادية عالمية لتنفيذ المشروع بنظام (BOT) وأهمها مجموعة الخرافي الكويتية.
وأصبح التساؤل القومي الدائم أمام القيادة السياسية لكل من الدولتين: ماذا يؤخر تنفيذ هذا الجسر الحيوي الذي ترتفع اسعار تنفيذه يوم بعد يوم والذي أصبح تنفيذه لا مفر منه أمام حتمية العلاقة الأبدية بين البلدين؟
تتفجر الآن حزنا كل مشاعر البشر فوق أرض مصر والسعودية بعد هذه الكارثة الدامية عندما التهم البحر مئات من البائسين القت بهم مقاديرهم إلى رحلة المخاطر التي أصبح تكرارها أمرا مألوفا يكاد يكون سنويا. وأصبح أمام الملايين من الراحلين إلى الارض المقدسة طلبا للحج والعمرة وأيضا طلبا للعمل في الدولة الشقيقة ان يركبوا رحلات الموت راضين خاضعين لأقدارهم عسى ان يأتي يوم تنتهي فيه متاعب الخلق مع البحر الاحمر ومع العبارات المتهالكة، بل ومع الطريق البري الذي يشهد بدوره حوادث قاتلة وبعد ان رفعت الأردن رسوم عبور الحافلات لأرضها في رحلة الحج والعمرة والعمالة المصرية إلى 1400 جنيه للحافلة الواحدة.
٭ الغريب ان لدينا الحل المؤكد لإنهاء هذه المشكلة تماما.. والحل عمره 14 سنة - كما يؤكد د. أحمد جويلي أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية - عندما اتفق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - والرئيس حسني مبارك عام 1988 خلال اجتماع القمة السعودية المصرية بالقاهرة على إنشاء جسر يربط بين البلدين عبر مضيق تيران بمدخل خليج العقبة.
وتكمن أهمية هذا المشروع الاستراتيجي الحيوي - كما يضيف د. جويلي - في ان ذلك الجسر سوف يربط بين الدول العربية غربي خليج السويس (مصر والسودان ودول شمال أفريقيا) بالدول العربية شرق خليج العقبة (السعودية ودول الخليج جميعا وسوريا والعراق والاردن) ويدعم هذا المشروع التواصل البحري بين قارتي آسيا وأفريقيا، وسوف يؤدي ذلك إلى إزدهار التجارة بين المشرق العربي والمغرب العربي.
٭ ولكن هل شهدت المنطقة جسورا مماثلة؟
يقول أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية: ان مشروع هذا الجسر ليس بدعة.. فقد سبقه إنشاء وتصميم عديد من الجسور البرية بين الدول العربية حيث تم إنشاء الجسر البري عبر البحر بين المملكة والبحرين (جسر الملك فهد) بطول 27 كيلاً ويجري انشاء جسر بري عبر البحر بين البحرين وقطر الآن بطول 42 كم، كما يجري إنشاء جسر بين مدينة الكويت ومنطقة الصبية في شمالها بطول 32 كم، وتجري حاليا دراسات لانشاء جسر بين قطر والإمارات بطول 65 كم.
الحلم المصري - السعودي
وأمام المهندس فؤاد عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الطرق العربية طرحت كل التساؤلات التي يرغب الآن كل مواطن مصري وسعودي ان يعرفها تفصيلا لهذا الحلم القومي:
كان التساؤل عن مكان تنفيذ المشروع.. وكان الجواب انه تم اختيار أفضل مكان لإقامة الجسر لمعرفة الاستشاريين المتخصصين عربيا وعالميا وذلك بين الشاطئين السعودي والمصري وبالتحديد عند مدخل خليج العقبة. يبدأ الجسر عند مدينة رأس نصراني المصرية القريبة من شرم الشيخ (30 كم جنوب مدينة دهب) ليصل إلى الشاطئ الشرقي لمنطقة رأس حميد بالسعودية.
٭ وعن طول الجسر اكد المهندس فؤاد عبدالعزيز الذي حمل فوق كتفه مسئولية أبحاث هذا الجسر إبان رئاسته لهيئة الطرق والكباري بوزارة النقل المصرية أن طول الجسر 23 كم يتم عبورها بالسيارات في حوالي 20 دقيقة، ويبلغ طول الكوبري المعلق الرئيسي 2500 متر ويمر فوق الفتحة الملاحية لمدخل خليج العقبة ويرتكز على ركيزتين الأولى على الشاطئ المصري والثانية على جزيرة تيران دون ركائز أخرى في مياه الخليج حيث ان هذه المنطقة تموج بالثروة البيئية.
تكنولوجيا التنفيذ
ويمكن تنفيذ المشروع العملاق - كما يشرح المهندس الاستشاري المعروف د. على صبري - إذ يمكن إنشاء كوبري معلق في المرحلة الأولى بين الشاطئ المصري وجزيرة تيران بطول 2500 متر وهو امر في متناول التكنولوجيا الهندسية الآن حيث امكن انشاء كوبري معلق في اليابان طوله 2 كلم وأيضا انشاء كوبري معلق بين صقلية وإيطاليا بطول 3300 متر، ثم يلي الكوبري المعلق طريق بري فوق جزيرة تيران طوله حوالي نحو 5 كم، ثم مرحلة أخرى من جزيرة تيران إلى الشاطئ السعودي حوالي نحو 14 كلم فوق مياه ضحلة.. وتستخدم تقنية تناسب طبيعة المنطقة من حيث اختلاف عمق المياه مما يتطلب المزج بين تقنية الجسور المعلقة والتقليدية والجسور الركامية
٭ وماذا عن مدة التنفيذ وتكاليف المشروع؟
- يضيف المهندس فؤاد عبدالعزيز المدة لن تزيد على 3 سنوات حسب تقدير الخبراء وتبلغ التكلفة المقدرة مبدئيا 3 مليارات دولار أمريكي. وهي وان كانت تكاليف باهظة.. ولكن هناك الآن حلولا حاسمة لمشكلة التمويل.
لن تتحمل اي من السعودية أو مصر أي جزء من التكاليف اللازمة لتنفيذ المشروع بعد ان أصبح تنفيذه ممكنا عن طريق مجموعات عالمية مستعدة لتكوين كونسرتيوم لتنفيذ المشروع بنظام (BOT).
وحتى ان لم يتم التمويل بهذا النظام فإننا ندعو - كما يضيف أمين مجلس الوحدة الاقتصادية العربية - الاتحادات العربية النوعية التي تعمل في مجال النقل الاتحاد للمواني والاتحاد العربي للنقل البحري والغرف الملاحية والسكك الحديدية للمساعدة في الدراسة والتمويل.. وكذلك رجال الاعمال والقطاع الخاص العربي.
٭ وتتويجا لجهدنا المبذول في الاعلام في نشر الدراسات كما يضيف المهندس فؤاد عبدالعزيز التي تطوع للقيام بها المكتب الاستشاري المصري محرم - باخوم والمكتب الهندسي الياباني باسفيك كونسلدنت الذي سبق ان عمل معنا في الدراسات والاشراف على تنفيذ الكوبري العلوي الملجم والذي تم انشاؤه عبر قناة السويس في منطقة القنطرة (كوبري مبارك السلام)، الذي يعد اكبر كوبري من نوعه في منطقة الشرق الاوسط. ثم اتبعناها بدراسة اخرى قامت بها المجموعة الاستشارية (COWI) التي قامت بالاعمال التصميمية الاستشارية للجسر البري المنشأ بين السعودية والبحرين، وقامت بتصميم الكوبري المعلق الجاري إنشاؤه عبر خليج مسينا بين ايطاليا وجزيرة صقلية بفتحة بعرض 3,3كم تعد اكبر فتحة كوبري في العالم وتتجاوز فتحة الكوبري الذي سينشأ في الجسر البري بين مصر والسعودية. فقد قامت مجموعة الخرافي الكويتية بتقديم عرض لتمويل انشاء هذا الجسر الفريد الذي يصل الدول العربية في المشرق بالدول العربية بالمغرب.
٭ والتساؤل الاكثر أهمية: كيف يتم استرداد هذه التكلفة الباهظة؟
- المهندس فؤاد عبدالعزيز يجيب: كل الدراسات اكدت انه يمكن استرداد تكلفة المشروع خلال مدة تتراوح بين 8 - 10 سنوات في حين ان المشروعات المماثلة عالميا تسترد تكلفتها في مدة تتراوح بين 40 - 50 سنة وتفاصيل استرداد التكلفة تتلخص في رسوم عبور الحجاج والمعتمرين والمصطافين والسياح والعاملين في دول الخليج ورسوم عبور الشاحنات والبضائع والتي سوف تتعاظم حركتها بين البلدين.
أنابيب البترول فوق الجسر
علي أن أهم الموارد لهذا المشروع سوف يأتي من تصدير النفط السعودي إلى الاسواق الأوروبية.. فقد قالت مجموعة بكتل الامريكية انه يمكن استخدام الجسر المزمع إنشاؤه في عبور خط انابيب بترول من السعودية محملا على جسم الجسر إلى داخل سيناء عابراً قناة السويس ليتصل بخط الانابيب المصري (سوميد) ومن ثم يتم تصديره إلى الأسواق الأوروبية من ميناء سيدي كرير غرب الاسكندرية وسوف يحقق ذلك فوق تكلفة نولون شحن البترول السعودي إلى هذه الدول - فقد جاء بالدراسة الأمريكية ان المصدر يومياً من البترول السعودي إلى جنوب أوروبا لا يقل عن واحد ونصف مليون برميل يشكل فرقا في نولون الشحن يقدر بمبلغ دولار للبرميل.. اي يوفر نحو واحد ونصف مليون دولار يوميا اي نحو 50 مليون دولار شهريا ويمكن ان يسدد تكاليف المشروع في 8 - 10 سنوات.
ويمر هذا البترول فوق الجسر ثم عبر خط (سوميد) المصري ليصدر من غرب الاسكندرية وتحصل عليه رسوم ولا تفقد بذلك الرسوم المستحقة لومر عبر قناة السويس.. كما أن الناقلات العملاقة التي تزيد حمولتها على 150 ألف طن لا يمكن عبورها قناة السويس بسبب عمق الغاطس وبزيادة اسعار البترول وتكلفة نولون الشحن حاليا يمكن سداد المستثمر في إنشاء هذا الجسر في سنوات أقل.
وسوف يؤدي تنفيذ الجسر إلى إيجاد فرص عمل للشباب والشركات في كلا البلدين الشقيقين من خلال مشاريع المقاولات من الباطن في أعمال تنفيذ الجسر - العمالة المحلية مصرية وسعودية.
ولن يحقق الكوبري العلوي بين الشاطئ المصري وجزيرة تيران أي إعاقة للملاحة إذ سوف يكون ارتفاعه 65 متراً عن سطح الماء لمسافة 2500 متر وهذه المنطقة تمثل الممر الملاحي لخليج العقبة وهذا الارتفاع يماثل أقصي ارتفاع عالمي حيث يصل الارتفاع الاقصي في كل كباري العالم فوق الممرات الملاحية 65 مترا ماعدا كوبري السلام فوق قناة السويس فهو الوحيد في العالم الذي يرتفع إلى 75 متر، حتى يسمح بمرور حاملات الطائرات التي تتطلب هذا الارتفاع.
(وكالة الأهرام للصحافة)
http://www.alriyadh.com/2006/02/08/article129136.html