أكد الدكتور ضياء رشوان الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن مصر كانت على علم بما تنوي إسرائيل القيام به تجاه غزة مبررا رأيه ذلك بانه ليس ناتجا عن زيارة ليفني فقط، بل إن كل التقارير الأمنية خلال الفترة الماضية وخاصة بعد انتهاء التهدئة بينهما كانت تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك نية مبيتة لدى القوات الإسرائيلية في أن تقوم بعملية عسكرية موسعة في غزة.
ويضيف أن وزير الخارجية أحمد أبوالغيط أطلق بعد العملية العسكرية تصريحات قال فيها إنه قام بتحذير حماس من عواقب الغاء التهدئة وهي تصريحات إن دلت على شيء فتدل أنه كان على علم تام بموعد العملية، كما أنها تصريحات مستفزة إلى أبعد الحدود وتسببت في ورطة كبيرة للنظام المصري لن يستطيع الخروج في المرحلة الحالية على الإطلاق إلا من خلال إجراء واحد فقط هو إقالة وزير الخارجية ومحاسبته على المستوى الداخلي عما صدر منه من تصريحات جعلت كثير من دول العالم تؤمن أن مصر كانت على علم تام بهذه العملية، بل وأعطت الدور الأخضر لبدء تنفيذها بعد مباحثات مبارك وليفني.
ابو الغيط ونصر الله
ويوضح أن السلوك الدبلوماسي المصري تجاه هذه المجزرة أقل ما يوصف به أنه ليس به أي قدر من المهنية ولا الدبلوماسية، لأنه كان المفترض إلا يقول ابو الغيط أنه قام بالتحذير وأنه لم يكن يعلم وقبلها ب24 ساعة كانت ليفني تجري مباحثات معه، فقد كان يجب عليه أن يرد بعنف ويبلغ ليفني أن القاهرة لا يمكن أن تقبل بمثل هذا الأمر على الإطلاق، لأن ذلك مغامرة بسمعة مصر بين كل بلاد العالم ولا يمكن مداواة هذا الأمر في الوقت الراهن.
ويشير إلى أن الأمر لا يقتصر على مدى معرفة مصر بتوقيت الضربة من عدمها بل في الأداء الرديء – على حد قوله – للدبلوماسية المصرية الذي أوصلت الأمر إلى هذا الحد والتشكيك في الدور المصري الطويل مع الجانب الفلسطيني.
ويؤكد أن هناك أحاديث دارت عن غزة خلال الأيام الماضية كانت بداية لهذا الهجوم العسكري العنيف ومنها الإعلان الذي كان قد حدث منذ فترة عن أن إقليم غزة إقليما متمردا سوف تكون له نتائج وتبعات خطيرة على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية، فعلى المستوى المحلي ستموت كل دعوات الحوار الوطني ولن تكون هناك أي نقطة التقاء بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، فضلاً عن عودة تلك المشاهد المحزنة من تقاتل الإخوة هناك، وربما قد يدخلون وهم لا يشعروا بالملف الفلسطيني إلى حرب أهلية لن تنتهي على الإطلاق في الوقت الحالي، وعلى المستوى الإقليمي ستجد الدول العربية نفسها في مأزق وحرج من التعاطي مع رموز حماس أو التعاطف معها، كما أن ذلك سيستدعي أدوات ميدانية لتأخذ طريقها لوقف هذا التمرد الذي يحياه قطاع غزة، وهو الأمر الذي قد يزين لأصحاب هذا الخيار إمكانية الاستعانة بقوات عربية ودولية لتطبيقه، وقد أعلنه فعلاً وزير الخارجية ونفاه عمرو موسى.
ويذكر أن للرئيس أبومازن شرعية وبالتالي سلطة وصلاحيات لا يمكن لأحد أن يشكك فيها أو يخرج عليها، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن لحماس بدورها شرعية أيضاً وبالتالي سلطة وصلاحيات ليس من حق أحد أن يشكك فيها أو يخرج عليها، وهي شرعية لا تقل عن إن لم تكن تزيد على شرعية أبومازن نفسه وذلك لأن حماس فازت في انتخابات لاحقة على الانتخابات التي فاز فيها أبومازن ولم تخضها هي، كما أن الفوز في انتخابات نيابية يختلف عن الفوز في انتخابات رئاسية، فالأول يعكس ثقة شعبية في برنامج بعكس الثاني الذي يعكس ثقة في شخص الرئيس، ومن المعروف أن حماس نجحت على أساس برنامج انتخابي، جوهره استمرار المقاومة المسلحة.