http://ar.rian.ru/articles/20080619/111371850.html
نظام "توبول - م" - ضمان العقاب النووي للمعتديبقلم: يوري زايتسيف، مستشار في أكاديمية العلوم الهندسية الروسية - خصيصا لـ "نوفوستي"
سوف تتوسع مجموعة أنظمة "توبول - م" الصاروخية الروسية المتجولة في العام
الجاري لتشمل إجمالا 9 أنظمة. ومن المحتمل أن يتم مستقبلا تشكيل فرقتين أو
ثلاث فرق تضم كل منها من 4 إلى 6 أفواج صاروخية يتألف كل فوج من ثلاث
كتائب تتسلح كل كتيبة بثلاثة أنظمة صاروخية. ويتوقع أن تصبح أنظمة "توبول
- م" المتجولة عنصرا مكونا رئيسيا للقوات الإستراتيجية النووية الروسية.
ولذا فمن المبرر تماما أن نتساءل: هل تساعد قدرة الأنظمة الصاروخية على
الحركة فعلا على تعزيز أمن البلاد وتأمين الرد النووي الفعال على هجوم
المعتدي، علما أن حيوية الأنظمة تتحدد بغموض مواقعها داخل منطقة
مسؤوليتها وبقدرة العدو على اكتشافها وتتبعها.
وجدير بالذكر أن السلاح الإستراتيجي يتصف بالدرجة الرئيسية بطابع
سيكولوجي. وتعود الحالات الأكثر احتمالا لاستخدام السلاح النووي المتعمد
إلى وقوع خطأ في الحسابات أو في تفسير الخطر المحدق. كما أن رغبة شديدة في
شن الهجوم النووي قد تغلب على المسؤولين الذين يملكون هذا القرار فيما لو
كانوا واثقين بأن ميزان القوى النووي يميل لصالحهم. أو بمعنى آخر قد تولد
لديهم قدرتهم على تتبع الصواريخ الإستراتيجية الروسية المتنقلة قناعة
بإمكانية أسكات وسائل العقاب النووي المعادية.
خلال السنوات العديدة استخدمت الولايات المتحدة أجهزة بصرية ومرسلات
للأشعة تحت الحمراء مركبة على الأقمار الصناعية من أجل مراقبة الأهداف
الأرضية. ولكن المجال البصري لا يفيد إلا في وقت النهار، والغطاء السحبي
يحجب الهدف من الأشعة تحت الحمراء. لذا فتتطلب المراقبة المتواصلة أجهزة
تعمل في كل الظروف الجوية. ويعد الرادار المركب على القمر الصناعي البديل
الأمثل للأجهزة البصرية. ولكن هل في مقدوره تأمين المتابعة المتواصلة؟
إن الرادار العامل في نظام تتبع الأهداف المتحركة لا "يلاحظ" الأهداف
الساكنة. وكلما تزداد سرعة الهدف باتجاه مصدر الإشعاع كلما ازدادت
ملحوظيته بالنسبة للرادار.
وتبنت الولايات المتحدة في العام الجاري برنامجا للرادارات المنصوبة على
الأقمار الصناعية يهدف إلى تأمين المراقبة الدائمة للأنظمة الصاروخية
المتجولة بغض النظر عن الظروف الجوية ودرجة الإضاءة على النطاق العالمي
باستثناء المناطق الواقعة فوق 65 درجة من خطي العرض الشمالي والجنوبي .
ويفترض البرنامج إطلاق 21 قمرا صناعيا إلى المدار خلال فترة أعوام 2015 -
2020.
ترى، إلى أي درجة ستتمكن هذه الرادارات من المتابعة المتواصلة للأنظمة الإستراتيجية المتجولة الروسية أو الصينية، مثلا؟
يعجز الرادار الفضائي عن اكتشاف الهدف فيما يسمى بـ"ثغرة نظير" أو في حدود
زاوية 20 درجة من الخط الرأسي. أضف إلى ذلك بعض الموانع الطبيعية
والصناعية التي قد تحجب الأهداف عن الرؤية في حال صغر زاويتها. وبالنظر
إلى سهولة تحديد مدارات الأقمار الصناعية تتوفر دائما إمكانية اختيار خط
سير للنظام صاروخي المتجول يؤمن له مؤقتا الخفاء الراداري.
هذا ويكون الهدف خفيا من الرادار أيضا إذا كانت سرعته أقل من السرعة
الأدنى التي يميزها الرادار. وفي هذه الحال يبدو وكأن الهدف توقف في حين
هو يواصل الحركة وبشكل سريع بما فيها الكفاية بشرط أن يسير بزاوية قائمة
بالنسبة لخط رؤية الرادار.
ويستطيع الهدف في هذه الظروف أن يقطع مسافة حتى 5ر4 كم وهو
خارج نطاق رؤية الرادار. وبعد ظهوره على الشاشة لن يتمكن الرادار من تمييز
الهدف الذي كان يتتبعه سابقا من بقية الأهداف المتحركة في المجموعة.
وسوف يؤدي حجب الرؤية المؤقت والسرعة النصف قطرية المنخفضة بالإضافة إلى
استخدام شتى أنواع التشويش إلى إبهام المعلومات حول مواقع الأنظمة
الصاروخية المتجولة لدى العدو. وستتطلب مهمة تغطية المناطق الغامضة إطلاق
عدد كبير من الرؤوس الحربية في آن واحد. وهنا يطرح نفسه السؤال التالي: هل
في حوزة العدو المحتمل عدد كاف من الرؤوس الحربية؟ ولا يفوتنا أن معاهدة
تقليص القدرات الهجومية الإستراتيجية تنص على تخفيض عدد الرؤوس الحربية
إلى 2200 رأس بحلول عام 2012 والمحافظة فيما بعد على عدد منها يتراوح بين
1700 و2200 رأس نووي.
ويتبين في ضوء الوارد أعلاه أن نظام "توبول - م" بفضل الدرجة العالية من
الخفاء حتى في ظل استخدام المعتدي مختلف وسائل الاستطلاع في آن واحد،
والإمكانيات المتطورة مقارنة بالوسائل الهجومية الأخرى لاختراق خطوط
الدفاع المضاد للصواريخ يتيح وبدرجة ملموسة زيادة فعالية الضربة الجوابية.
ويقول نائب قائد القوات الصاروخية الإستراتيجية لشؤون التسليح الجنرال
فيتالي لينيك"إن الحديث يدور عمليا عن سلاح فريد من نوعه يضمن العقاب
النووي المحتوم".
ويرى الجنرال أن نشر ما بين 25 و30 نظاما متجولا من طراز "توبول - م"
بالإضافة إلى صاروخ بالستي عابر للقارات يعرف باسم "ر س - 24" وغيرهما من
الأنظمة الصاروخية بحلول عام 2012 سيؤمن توازن القوى مع الولايات المتحدة
ليس في مجال السلاح النووي الصاروخي فحسب بل وكذلك - وهو الرئيسي - في
مجال الردع النووي في ظل نشر المنظومة الأمريكية الشاملة للدفاع المضاد
للصواريخ.