جولة في اخطر مواقع الجيش الإسرائيلي على الجبل "الملعون"
حول "هار دوف" أو "جبل الروس" باللغة العربية او مزارع شبعا بعد اندحار قوات الاحتلال الإسرائيلي من لبنان عام 2000 إلى حصن منيع خاصة وانه يقع على سفوح جبل الشيخ ويشكل نقطة مراقبة ورصد مثالية يمكن منها متابعة ما يجري في لبنان .
أطلقت إسرائيل اسم " هار دوف" او "جبل دوف" على المنطقة إحياء لذكرى احد جنودها الذين قتلوا عام 1970 خلال اشتباك مع مجموعة فلسطينية ويدعى هذا الجندي " دوف رودبرغ " وقتل حين حاول إنقاذ جندي أخر سقط جريحا بنيران الفلسطينيين .
وأقامت وحدات الهندسة والبناء التابعة للجيش الإسرائيلية في الموقع الذي وصفه اليوم " السبت " موقع " والله " العبري الذي نشر تفاصيل جولته بالموقع الأخطر القائم على الجبل الملعون قنوات عديدة ومواقع محصنة لإطلاق النيران الفردية وأخرى لاستخدام الدبابات والمعدات الثقيلة وقطع المدفعية فيما استغل جنود قسم البناء إلى أقصى درجة ميزة وافضليات المنطقة وأقاموا في النهاية سكن ومهاجع جنود تحت الأرض وغرض حصينة تحت أرضية كملاجئ ومواقع عسكرية .
وتحولت "هار دون "وهنا "سأستخدم الاسم الإسرائيلي"مع مرور الزمن وبعد مطالبة حزب الله بالمنطقة بصفتها ارض لبنانية محتلة كان يتوجب على الجيش الإسرائيلي الانسحاب منها مع اندحاره من المنطقة الأمنية إلى رمز لاستمرار الصراع ورغم قرار قوات الأمم المتحدة " يونيفيل" التي فحصت مطالبات حزب الله بان الأمر يتعلق بأرض سورية احتلت عام 1967 بقي حزب الله مصرا على مطالبه وشن هجمات مسلحة على القوافل الإسرائيلية التي كانت تنسحب من المنطقة الأمنية باتجاه الجبل مسغلا وفقا لتعبير الموقع الالكتروني ضعف الجيش الإسرائيلي المنسحب لكن إسرائيل واصلت سيطرتها على الموقع لأهميته الإستراتيجية والتكتيكية بصفته أكثر المواقع المحصنة على الحدود الشمالية لكن هذا التحصين لم يمنع حزب الله في اكثر من مرة من محاولة اقتحامه واستهدافه بقذائف الهاون والصواريخ المضادة للدروع إضافة لنيران القناصة دون ان يكتفي بذلك بل زرع العديد من العبوات الناسفة في طريق القوافل والدوريات العسكرية الإسرائيلية .
أطلق حزب الله في شهر أكتوبر عام 2000 رصاصة البداية لهجوم منسق ومخطط ضد الجبل الذي تحتله اسرائيل الذي اطلق عليه الجنود اسم " الجبل الملعون " ونجح مقاتلي الحزب في اختراق محيط الموقع وخطفوا الجنود " بني ابرهاام ، عدي افيتون ، عمر مساعدة " ولم يتردد حزب الله بعد ذلك من شن هجوم اخر قتل فيه الجنود " خليل طاهر، العاد شينؤور ، العاد ليتفيك ، دنيس ليمنوف ، اوفير ميشال ، شارون اليمكس " .
اعتاد حزب الله أن يزرع العبوات الناسفة على جانبي الطريق الصاعد للجبل وكأنه يقوم بزراعة القمح قال احد جنود الكتيبة "55 " الذي خدم أخر مرة في موقع " غليديلويا " وهو الاسم الرسمي للموقع الحصين عام 2005 وأضاف " لعب حزب الله وعزف على أوتار أعصابنا عبر إطلاقه قذائف الهاون بشكل مكثف تارة وبشكل متقطع تارة أخرى واعتقدنا حينها بأنه لا يهاجمنا فقط بل يقوم بالعزف على أعصابنا ".
ويعتبر موقع " غليديلويا " اكبر موقع للجيش الإسرائيلي وكذلك الأخطر وتحول إلى أكثر المواقع التي يكرهها الجنود رغم المسافة القصيرة التي تفصله عن التجمعات السكنية الإسرائيلية حيث يبعد 20 دقيقة فقط عن كريات شمونة لكن إمدادات الغذاء والذخائر وغيرها لا تصل دوما في موعدها المحدد فيما تستمر نوبات حراسة الموقع على مدار الساعة فيما يبدأ التوتر الميداني والعمليات في ترك أثره القاتل على الجنود فيما يعتبر الحصول على إجازة قصيرة يقضيها الجندي خارج الموقع معجزة بما للكلمة من معنى .
وصلت سيارة الجيب التي يستقلها قائد الكتية " 50" المقدم " غلعاد عاميت" الى بوابة موقع "دالية " القريب ويصف الجنود هذا القائد بالانيق الذي يرتدي الملابس النظيفة والمكوية ويضع منظاره الشخصي في مكان يسهل عليه سحبها وارتدائها فورا و يضع القطعة الخاصة بحماية الركبة في مكانها في رسالة مفادها " انا شخص مهني " .
وواصل المراسل سرد بداية قصته في الموقع " الملعون بالقول " صافحنا الضابط وسرنا نحو مدخل موقع " هداس" الذي يعتبر أجمل موقع رقابة حيث يطل على منظر خلاب وغاية في السحر والجمال واخذ القائد يسال ويجيب نفسه في ذات الوقت وصعد لسيارة الجيب الخاصة به قائلا " أفضل أن تتحرك القافلة وان لا تتوقف هنا ".
وافق المقدم " عميت " على قولي " الصحفي " بأنه ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان تحول موقع " غلديولا" الى إيقونة ورمزا بالنسبة للبنان وإسرائيل وتحول إلى أكثر موقع على تماس واحتكاك مع حزب الله وحين كانت المنطقة دون جدار كانت حتى عام 2006 منطقة مواجهة حقيقية وتشهد عمليات إطلاق نار وصدامات واشتباك مع مقاتلي حزب الله لكن منذ نهاية حرب لبنان الثانية تسود المنطقة حالة من الهدوء المطلق لكن هناك الكثير جدا من التوتر في المنطقة " اذا وقعت عملية او اندلعت حرب فانها ستندلع من هذه المنطقة الأكثر احتكاكا ونحن مستعدون لذلك مع صفر معلومات استخابارية وفجأة " بوووووم" لذلك اشدد على كل ضباطي والمقاتلين واقول لهم كل سنتميتر واحد هنا هو ارض إسرائيلية يجب ان أسير عليه واثبت وجودي عليه وأنا اعتقد بان هذا الموقع سيكون أول المواقع التي ستتلقى النيران في أي مواجهة قادمة " قال المقدم " عميت
لا يتواجد الجنود المقيمين في هذا الموقع في الخارج بل يحافظون على الانضباط ويمضون وقتهم داخل المواقع المحصنة أو في أماكن خدمتهم وفجأة انتابني" الصحفي" الشعور القائل بان كل ثانية قد تشهد انقلاب الأوضاع ويؤدي قائد السرية في الموقع مهامه على طريق قائد الكتيبة في المنطقة الأمنية السابقة " قبل الانسحاب حسب وصف قائد الكتيبة المقدم " عميت " الذي أضاف " يتمتع باستقلالية " قائد السرية " ميدانية وعليه ان يعرف كيف يتصرف ويختار بين عدة سيناريوهات فهو يمتلك موقعا محصنا وقويا وهو مسئول عن الاتصال بالمواقع " هادس" و" داليه " القريبين وحين تنظرون إلى الأعلى ستشاهدون دائما وابدأ موقع " غلديولا " .
ترجل قائد الكتيبة من سيارة الجيب ونزع نظارته الشمسية وقال انه يحاول ان يفكر وكأنه مقاتلا في حزب الله لأعرف من أين قد يأتي ومن أين سيتسلل وكيف سيحاول مهاجمتنا لكنني بحاجة إلى دخول رأس هذا المقاتل وأضاف " الهدوء السائد هنا يشكل تحديا بالنسبة لقدرة الموقع خاصة لان مواقع " غلديولا " " هداس" وداليه" تختلف من حيث الجوهر عن بقية المواقع في المنطقة لان جنودها منشغلون في أمور الحرب بشكل كامل يمكن النظر إلى المنظر الرائع وعلى الورود الجميلة لكن سريعا تعود لتتذكر كتل الاسمنت الهائلة وعلامات الهجمات السابقة التي وقعت قبل حرب لبنان الثانية لتعود للواقع الصعب ".
واضاف القمدم " عميد " لا تشعر بالملل هنا اذ يمكننا إن نشاهدهم يوميا يجمعون المعلومات الاستخبارية ليس لبناء مصنع ونحن نعرف تمام كيف ميز قوات الأمن اليومي التابع لحزب الله بما في ذلك قوات النخبة التابعة للحزب ولكل راعي غنم في المنطقة وظيفة محددة يجمعون المعلومات عنا بشكل ثابت ودائم ومثابر ويحاولن دراسة روتيننا اليومي وأنا بدوري لا أقوم بإعمال الأمن اليومي بل أدافع عن موقعي ومنطقتي والمقاومة لا زالت حاضرة في المنطقة والأوضاع قد تنفجر في كل لحظة والشيء الوحيد الذي تغير هنا هو الردع الإسرائيلي الذي نشا منذ حرب لبنان الثانية ".
كيف تستعد لمواجهة عملية اختطاف جديدة في المنطقة ؟ج : قرأت جميع قوائم الملاحظات التي أعدها جنود المراقبة خلال الشهر الذي شهد عملية الاختطاف عام 2000 واعتقد بان الملاحظات إشارت بوضوح إلى ما كان سيحدث وهناك الكثير الذي يمكننا تعلمه من المعلومات التي حصلوا عليها وقلت لقادة السرايا في كتيبتي " إذا فهمت بشكل جيد المعلومات ستعرفون اية تغيرات تجري في القطاع المسؤولين عنه وستعلمون كيف تميزون بين مزارع بسيط وبين مقاتل من حزب الله ".
الجدار الحديدي المحيط بالموقع مهمته تفجير الرأس الحرب للصواريخ المضادة للدبابات الذي قد يطلقه العدو على الموقع وتفجيره خارج جدران الموقع ويبدو ان احدا ما في الجيش لا يثق بنجاعة الشبكة الحديدية لان الفجوة التي أحدثها صاروخ أطلق قبل عدة سنوات لا زالت قائمة وموجودة دون أن يصلحها احد .
يبدأ اليوم الروتيني لجنود الموقع مع ساعات الصباح الأولى عبر طابور الاستعداد الصباحي حيث يقف كل من في الموقع على قدميه ولا يبقى احد نائما أو غائبا مستعدين لاحتمالية مواجهة هجوم مباغت وبعد ذلك يطبق إجراء الصباح الاعتيادي وتنظيف قناة القتال وفتح محور المرور والمواصلات وشد شبكة التمويه والقيام بالتدريبات حيث يصل الموقع مدربة من قاعدة " الياكيم " لتدريب الجنود وإعادة تهيئتهم واستثارة قدراتهم مجددا وتخرج السرية الى مسيرة تزيد عن 6كلم ليحافظوا على لياقتهم ويقع موقعنا على ارتفاع 1500 متر لذلك يجب الحفاظ على لياقة الجنود الصاعدين والهابطين من الموقع .
ماذا يحدث لو أطلقوا صاروخا مضادا للدبابات ؟ج: سنضربهم بكل قوة أعدك بذلك ، نمتلك القوة الهائلة ونفهم جيدا طبيعة التهديد الذي يواجهنا طيلة الوقت الان هذا خط هادئ جدا إذ يمكن أن تصعد للموقع دون أن ترى شيئا لكننا نواجه خطرا وعدوا يوميا اذ تشكل فرصة خطف جنود إمكانية عالية واعرف بانني حين اخرج لمطاردة " المخربين " سأكون مع سلاحي وذخيرتي فقط دون مساعدة من احد هنا ليست الضفة الغربية انسى انها ليست الضفة ".
المصدر
http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=636112