بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حين يخرج العالِمُ حامل شهادة الدكتوراة في الشريعة، ببيانه في مجازر غزة، يتناسى ما عُلمَ من الدين بالضرورة ، بأن واجب الأمة تجاه ما يحدث في بيت المقدس وأكنافه ليس فتح المعبر لدخول المواد الغذائية ، ولا المواد الطبية، وكفى الشيطان دول الطوق "خير" القتال.
حين تخرج مئات المظاهرات في شوارع المدن العربية الكبرى والصغرى، ترفع شعارات "اطردوا السفير" وأسقطوا الاتفاقات، فإن الأمة قد فقدت بوصلتها
حين تُقام "حفلات" التبرع بالمال، وبالأغذية لأهل غزة، فإن الأمة تشارك في الجريمة الكبرى ضد أهل غزة.
وحين تستخرج الفتاوى التي تُظهر للأمة أنها عاجزة وأن غاية ما تستطيعه لأهل غزة هو الدعاء ، والقنوت، وسهام الليل، فإن الله لن يستجيب لها لأنها تخالف ما علم من الدين بالضرورة من واجب الأمة تجاه بيت المقدس.
سقف المطالب هذا الذي تردده التظاهرات، من طرد السفراء، وإلغاء الاتفاقيات، وفتح المعابر هو صرف للأمة عن الوجهة الصحيحة التي عليها أن تتوجهها، وصرف للأمة عن الرسالة الصحيحة التي يجب أن تحملها
لقد دفعت الأمة مليارات الدولارات على تسليح جيوشها، فإن لم تكن تلك الجيوش لهذه الساعة فبئست الجيوش ، وبئست الرسالة التي لا تتوجه لهذه الجيوش لتقوم بواجب الجهاد الذي هو فرض معلوم من الدين بالضرورة، لتقوم هذه الجيوش بتحطيم كل أوامر في معصية الله بأن تكف عن نصرة إخوانها في غزة، بل وبتحطيم الأنظمة التي تستأثر بهذه الجيوش لأجل قمع شعوبها، ولاستعراضاتها العسكرية، ولحماية الكراسي المهترئة تحت هؤلاء الرويبضات الذين يجثمون على صدور الأمة
لقد تبين لك أيتها الأمة الكريمة أن هؤلاء الحكام هم أس البلاء، وأن قلعهم هو أول الدواء،
وها هي المصائب تترى عليك واحدة بعد الأخرى، لم تنكأ جراحنا بعد في العراق، ولا في أفغانستان، ولا في بيت المقدس، لتفتح أو تتوسع الجراح في غزة، وهم يقفون كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم
وهؤلاء العلماء الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا ترد في خطبهم ولا فتاواهم كلمة الجهاد بالنفس، هم العدو فعليكم أن تروهم أن انفصالهم عن الأمة وقضاياها لدنيا يعيشونها، أو لامرأة ينكحونها، أو لحكام يفتحون لهم قنوات الفضاء لتسميم عقول المسلمين بالفتاوى التي تصرفهم عن قضاياهم الحقيقية، وليكتفوا من الدين بأحكام الحيض والنفاس، فهؤلاء العلماء بذا يخونون الله ورسوله والمؤمنين
إن سقف مطالبنا هو أن تتحرك الأمة لتضغط لتحريك الجيوش لتقوم بالهجوم الفوري على كل حدود هذا الكيان البغيض المسمى إسرائيل لتمحو هذه الدولة البغيضة من خارطة الكرة الأرضية
وأن تضغط على العلماء ليقفوا في صف الأمة وليقولو كلمة الحق لا يخشون في الله لومة لائم
وأن يضغطوا باتجاه توحيد الأمة في دولة واحدة تطبق أحكام الاسلام وتحمي بيضة المسلمين
وأن تكف الأمة عن اللعب واللهو ساعة الجد، فتتلهى بالأعمال التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فأهل غزة لا ينقصهم إلا النصرة الحقيقية التي تزن كل نقطة دم سالت من المسلمين بشلال دم من الصهاينة
ليس مطلبنا إذن فتح المعبر، وإنما فتح الحدود لتجاهد الأمة كيان يهود البغيض وتقتلعه من الوجود
الأمر واضح والمعادلة بسيطة ... جيش ودولة يجب أن يواجه بجيش ودولة
وفرضية الجهاد في حالة الاعتداء على بلد اسلامي معلومة ..
إن المسؤول عن تحريك الجيوش هو الحاكم
فإن لم يفعل هذا الحاكم ..يجب على الجيوش أن تدفعه لذلك أو تدوسه وتمضي ..
وإن لم تفعل فعلى الأمة أن تدفعهم لذلك .. أو تدوسهم وتمضي
الأمر صعب ؟؟ .. نعم .. "أم حسبتم أن تدخلو الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا" .. الأمر ليس سهلا.. ولكن العاقبة الجنة .. وهي ليست أمرا سهلا !
عندما يتوجه جيش مسلم .. لمواجهة جيش كافر .. يكون الدعاء له بالنصر
اما ان ندعو لطفل أو شيخ او امرأة يحتمون في بيتهم لتأتيهم القذيفة من طائرة في السماء بالنصر! .. كيف يكون النصر هنا؟ هل بأن ترجع القذيفة أدراجها باتجاه عكسي .. وتفجر الطائرة التي قذفتها؟
لو كان الأمر بهذه البساطة لما عانى عليه الصلاة والسلام ما عاناه في حروبه .. وهو الذي لا يرد له دعاء ..
ما الذي يمنع الجيش المصري من دخول غزة وهو على بابها؟
ما الذي يمنع الجيش الأردني؟
..
طيب ما الذي يمنع الملايين المتظاهرة المتبرعة بأموالها والمستعدة لدفع أرواحها .. من أن تحمل هذه الجيوش على التحرك وأن تجرف بطريقها المتخاذل؟
هل رؤية الشمس بهذه الصعوبة؟؟..
ثم يخرج علينا من يتغنى ب "صمود" أهلنا في غزة!
ولا أدري ما مقصوده من الصمود
هل هو بقاء بعضهم على قيد الحياة ! وينتظر إن يقتّلوا جميعا !..
طرد السفير لا يوقف المجزرة، ولا ينهي كيان يهود، ولا يوقف تآمر الأنظمة العميلة مع كيان يهود، فقبل أن يكون هنالك سفراء، كانت الخيانات تترى من قبل الحكام والمفاوضات وتسليم بيت المقدس ومقدرات الأمة ليهود، وسيستمر بدون وجود السفير، فتقزيم القضية بطرد السفراء توجيه للأمة للوجهة الخطأ
وفتح المعبر، يدخل بعض المساعدات العينية، والطبية للمذبوحين لكنه لا يوقف سكين الجزار عن رقابهم،
وفتح المعبر إن لم يكن فتحا للحدود وتوحيدا للمسلمين وقياما على رعاية شئون مسلمي غزة من قبل إخوانهم في مصر، إن لم يكن كذلك فهو فتح في ضمن إتفاقات خيانية بين حكام مصر الخونة وحكام تل أبيب ورئيس بلدية السلطة الفلسطينية لتكريس الاحتلال
ففتحه ليس فتحا من الله!! ولا نصرا لأهل غزة
وإلغاء اتفاقيات الخيانة، لا ينهي الخيانة لأن أس البلاء هم من عقدوا هذه الاتفاقيات، وهم مسلطون على رقابنا، وهم لا يقومون بتحريك ساكن إلا بإرادة أمريكا وأوروبا أولياء نعمتهم، ولأنهم أعداء للأمة، فالأصل أن تفاصلهم الأمة مفاصلة تامة، فكيان الأردن بغيض ككيان يهود، وكيان مصر بغيض ككيان يهود، وكيان السعودية بغيض ككيان يهود، كلهم يحكم بالطاغوت، وكلهم يحارب الاسلام، ويعقد المؤتمرات لتكريس وصم الاسلام والمسلمين بصمة الإرهاب، ويدبرون ويخططون لقتل المسلمين
فمن القواعد التي أنشأت في السعودية وقطر والكويت والأردن ومصر تنطلق الطائرات القاذفة للحمم على المسلمين في بقاع الأرض، وهم من يمكن للعدو المستعمر سواء أكان أمريكا أم إسرائيل من دماء المسلمين
ومصر تزود إسرائيل بالغاز بسعر تفضيلي، وتقطعه عن أهل غزة!! فإلغاء الاتفاقيات لا يلغي هذه الأنظمة العفنة!!
والجهاد بالمال، لا يكون إلا رديفا للجهاد بالنفس، فإن لم تتحقق الكفاية بالجهاد بالنفس، لم يبرئ المرء ذمته أمام الله بأن يلقي بدريهمات من جيبه وسكين الجزار مسلطة على رقاب إخوته المسلمين في أكناف بيت المقدس وفي العراق وغيرها
ورب العزة سبحانه لم يقل " ادعو عليهم" بل قال "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين " فتبديل الكلم عن مواضعه لا يجوز، ومن استعاض عن القيام بفرض الجهاد وهو قادر، وداخل في دائرة الكفاية التي لا تتحقق إلا به، استعاض عنه بغيره لم يقبل منه، كمن يستعيض عن الصلاة وهو قادر عليها بالذكر والتسبيح والتهليل!!
ودائرة الكفاية تتحقق بتحريك الجيوش التي هي جزء من الأمة، وهي التي يجب أن تكون حامية حمى المسلمين، وضباطها مسلمون، وجنودها مسلمون، ويجب أن يضغط العلماء وتضغط الأمة ضغطا هائلا من أجل تحريكها، فتكون الأنظمة في خطر إن لم تستجب لمطالب الأمة
ذلك العالِمُ الذي يصرف الأمة عن واجبها الحقيقي، ولا يستغل ثقله في الأمة، ويوجه الأمة نحو المطالبة بطرد السفير، أو بما هو دون الجهاد بالنفس، أو ما دون استغلال ثقل الأمة وقوتها وهيبتها للضغط من أجل تحريك الجيوش
هذا العالم يكون قد أطلق بفتاواه تلك رصاصة على أهل غزة، يكون جزءا من الجريمة بل إن جرمه أعظم من جرم يهود
لأنه مسئول بما أعطاه الله من أمانة العلم أن يوجه العامة إلى ما وجب عليها فعله، ومسئول عن قيادة الأمة لتضغط بثقلها كله من أجل تحريك الجيوش
فإن نكص ورضي بالحياة الدنيا من الآخرة، فإنه يكون الشريك الأكبر في الجريمة
أكبر أمارة ، وأجلى دليل على نتن الوطنية
تُرى لو أن هذا الإعتداء كان مثلا على مصر ، أو باكستان ماذا كان سيكون موقف الجيش
الجواب قولا واحدا سيهب الجيش لنصرة بلده وحمايتها
ماذا كان سيكون موقف علماء البلد
الجواب قولا واحدا كانوا سيحرضون الجيش ويلهبون مشاعره بالخطب ليستثيروا حماسته للدفاع عن بلدهم
ماذا كان سيكون موقف الشعب - الجماهير
الجواب قولا واحدا كانوا سيهتفون للجيش بالنصر ويحفزونه على القتال
السؤال ما الذي يمنع هذا الجيش من القدوم لنصرة أهل غزة ، وما الذي يمنع العلماء من تحريض الجيش للقدوم لنصرة أهل غزة ، وما الذي يمنع الجماهير من مطالبة الجيش بالقدوم لنصرة أهل غزة .
والجواب قولا واحدا مرة أخرى إنها الوطنية
فهم الجيش والعلماء والجماهير ينظرون إلى غزة أنها بلد آخر ، وشعبها شعب آخر ، ليس مطلوب منهم نصرتهم ولا الذود عنهم
بالكثير الدعاء لهم ، وإن أمكن بعض المواد الطبية والغذائية والأموال من باب الشفقة والدافع الإنساني تماما كما يقوم بذلك أي إنسان أوربي أو أميركي بقي للقيمة الخلقية أو الإنسانية عنده شيء من وجود ،،، أي ليس من باب الأخوة في العقيدة ولا من باب وجوب نصرتهم ، ولا من باب أنهم في الأصل أمة واحدة لم تتفرق ولم تنقسم إلا عندما ضاعت خلافتهم .