تقرير حكومي «سري» عن سد «النهضة»: 44.7 مليار متر مكعب عجز المياه في 4 سنوات حصلت «المصرى اليوم» على تقرير رسمى يحمل تصنيف «سرى جدا»، لتقييم
سد النهضة الإثيوبى، شارك فى إعداده 20 خبيرا ومسؤولا من وزارات الرى
والكهرباء والبيئة وأساتذة الجامعات، وشدد التقرير على خطورة المشروع على
الأمن المائى لمصر، وحدوث عجز فى إيرادات النهر، أمام السد العالى، يصل إلى
44.7 مليار متر مكعب.
وكشف التقرير عن أن امتلاء سد النهضة على فترات طويلة يؤثر على
اقتصاديات المشروع، وهذا المقترح ربما يقابله رفض من الجانب الإثيوبى،
موضحا أن أديس أبابا لن تقبل بتقليل إنتاج الكهرباء من السد، لصالح توفير
المياه لمصر.
وشدد التقرير على ضرورة النقاش مع الجانب الإثيوبى حول إنشاء سد بسعة
تخزينية أقل (عند منسوب 590 )، والذى تقابله سعة تخزينية 15 مليار متر
مكعب، (مثل سد بوردر)، لتقليل التأثيرات السلبية الشديدة على دولتى المصب
«مصر والسودان»، بينما اقترح الخبير الدولى أريس جورج أكاكو، أمريكى
الجنسية، أحد الأعضاء المشاركين فى اللجنة المصرية لتقييم السد، أن تقوم
إثيوبيا بإنشاء سد بسعة تخزينية كبيرة، ولكن فى أعالى النيل الأزرق، مثل سد
كارادوبى، ثم يتبعه إنشاء عدد من السدود التى تعتمد على السريان السطحى،
مشيرا إلى أن هذا الحل سينتج عنه نفس كمية الكهرباء، ولكن بتأثيرات ليست
كبيرة على دولتى المصب، وهو ما يتم تنفيذه فى معظم أنهار العالم.
ولفت الخبير الدولى طبقا لما ورد فى التقرير، الذى حصلت «المصرى اليوم»
على نسخة منه، إلى ضرورة اتخاذ الحكومة المصرية موقفا متشددا تجاه إنشاء سد
بتلك المواصفات، وضرورة التفاوض على تقليل السعة التخزينية، مع ضرورة
توقيع اتفاقية مع الجانب الإثيوبى تشمل قواعد الملء وتشغيل السد، قبل
استكمال أعمال الإنشاء بالمواصفات الحالية.
وطبقا للتقرير، فإن الدكتور علاء الظواهرى، خبير الرى، أشار إلى أن
الدراسات الجيولوجية توضح أن سد النهضة سيتم إنشاؤه فى منطقة فالق أرضى،
وهو ما يجعل احتمالية انهياره كبيرة، كما أن دراسات جامعة القاهرة توضح أنه
فى حالة انهيار السد فمن المتوقع حدوث آثار مدمرة، مثل انهيار السدود
السودانية وغرق مدينة الخرطوم، واحتمال تعرض السد العالى للانهيار، فى حالة
وجود مخزون كبير أو صرف مياه بصورة كبيرة خلف السد العالى تؤثر على كل
المنشآت على النيل بمصر.
وأوضح التقرير أن مصر ستواجه عجزا، حال استخدام السودان كامل حصتها، مع
احتمال توقف إنتاج الكهرباء، لعدد كبير من السنوات، فى حالة تماثل الإيراد
المائى للمائة سنة الماضية، والتعديل الذى أضيف لمحطة توربينات السد العالى
(أقل ضاغط 50 مترا).
وخلص التقرير إلى أن سد النهضة سيؤثر على نظام تصرف النهر بشكل كبير،
حيث سينتظم تصرف النهر طوال العام، وأن نتائج الدراسات الإثيوبية لملء
وتشغيل سد النهضة تعرض مصر لخطر شديد، خاصة فى فترة الجفاف كما حدث عام
1980، ونوه بأن الحل لتلافى هذه الآثار يتمثل فى تقليل السعة التخزينية لسد
النهضة.
وأوضح التقرير أنه فى حالة التنسيق بين مصر وإثيوبيا والسودان فى عملية
ملء وتشغيل سد النهضة، فهذا سيقلل من مخاطره سواء بشأن عجز الموارد المائية
أو الكهرباء المولدة، رغم صعوبة المواءمة بينها.
وشدد التقرير الرسمى على أنه يجب على مصر القيام بإعداد خطة، لمواجهة
إمكانية حدوث عجز فى الموارد المائية والكهرباء المولدة من السد العالى،
مشيرا إلى أن قواعد الملء والتشغيل المقترحة من الجانب الإثيوبى بأبعاده
الحالية تضر بالمصالح المصرية، ولا يمكن القبول بها، ويجب وضع بدائل من
خلال منظومة متكاملة تشمل شراكة إقليمية تعتمد على تحقيق المنفعة للجميع،
مع الأخذ فى الاعتبار تأثير التغيرات المناخية.
وحول مستقبل توليد الكهرباء من السد العالى، أوضح التقرير أنه وفقا
لسيناريو ملء وتشغيل سد النهضة بأبعاده الحالية، (640 مترا)، خلال 6 سنوات،
فإن منسوب السد العالى ينخفض 5 أمتار من 167.6 متر إلى مستوى 162.5 متر،
ويصل إجمالى العجز إلى 79.54 مليار متر مكعب، ويقل إنتاج الكهرباء، ليصل
إلى 5159 جيجا وات، أى بنقص قدره 28 %، ويصل عدد السنوات التى لا يتم فيها
توليد الكهرباء من السد العالى إلى 31 عاما من إجمالى الـ100 عام التى
شملتها فترة الدراسة.
وأضاف التقرير أنه فيما يتعلق بالسيناريو الثانى لمستقبل إيرادات السد
العالى من المياه والكهرباء، فإن نتائج حالة الملء والتشغيل فى فترة الجفاف
التى شهدها حوض النيل عام 1980، تشير إلى انخفاض منسوب السد العالى 6
أمتار، (من 164.2 متر- 158.8 متر)، ليصل إجمالى العجز 75 مليار متر مكعب من
المياه بدلا من 39.78 مليار متر مكعب، ويقل إنتاج الكهرباء، إلى 3512 جيجا
وات بدلا من 5433 جيجا وات، (أى بنقص قدره 35%)، ويصل عدد السنوات التى لا
يتم فيها توليد الكهرباء فى السد العالى إلى 16 عاما (من إجمالى 31 عاما)
تمثل فترة الدراسة.
ويعتمد السيناريو الثالث، وفقا للتقرير الرسمى، على أنه فى حالة الملء
والتشغيل، على أساس التنسيق بين سد النهضة والسد العالى، فإنه سيزداد
الانخفاض فى توليد الكهرباء من السد العالى، ليصل إلى 4500 جيجا وات، أى
بنقص قدره 37%، مع حدوث عجز كلى فى توليد الطاقة الكهربائية يصل إلى 41
عاما، خلال المائة عام المقبلة، موضحا أن العجز الكلى فى حصة مصر يقل ليصل
إلى 31 مليار متر مكعب، خلال 3 سنوات.
وانتهى التقرير إلى أن السيناريوهات الثلاثة تتم طبقا لاستخدامات
السودان حصتها من مياه النيل، مشيرا إلى أنه سيحدث عجز فى توليد الكهرباء
فى السد العالى يصل إلى 13 عاما، خلال المائة عام القادمة، مع وجود عجز كلى
فى حصة المياه يقدر بـ 44.7 مليار متر مكعب، على مدار 4 سنوات.