أشاد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بالجهود العظيمة التى تبذلها المملكة فى خدمة الإسلام ومد يد العون لكل المسلمين فى شتى بقاع الأرض , مؤكدا أن المملكة بحرميها ومصر بأزهرها الشريف يحملان أمانة نشر مفاهيم الإسلام الصحيح الذى يحمل معنى التسامح والرحمة للإنسانية جمعاء.. وقال شيخ الأزهر لـ«اليوم»: إن الدور الذى تقوم به المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، سواء على الصعيد المحلى أو الصعيد العربي والإقليمي والدولي جعل من المملكة نموذجا يحتذى به.. وهنا نص الحوار:
هدف واحد
منذ أيام قليلة كنتم فى زيارة للمملكة ، ما هدف هذه الزيارة وما أهم نتائجها؟
نعم زرت المملكة ومعي وفد من كبار علماء الأزهر، وهذه الزيارة تأتى فى اطار دعم العلاقات الدينية والثقافية بين المملكة والأزهر الشريف، خاصة أن المملكة تتميز بخصوصية فريدة فى العالم الاسلامى، فهى قبلة المسلمين ومحضن الحرمين الشريفين، وزيارتنا للمملكة تلتقى على هدف واحد هو خدمة الاسلام والمسلمين، فالمملكة ومصر بأزهرها الشريف يحملان أمانة نشر مفاهيم الإسلام الصحيح الذى يحمل معنى التسامح والرحمة للإنسانية جمعاء، ولاشك أن نتائج هذه الزيارة مثمرة وطيبة وتحقق ما لمسناه من شغف وحماس كبير لدى قيادة المملكة فى خدمة الاسلام وقضايا الأمة الاسلامية بتفان عجيب.
كيف تنظرون الى الجهود التى تبذلها المملكة فى الداخل والخارج لخدمة الاسلام والانسانية؟
نموذج فريد
طبعا جهود المملكة فى خدمة الاسلام والمسلمين والانسانية جمعاء جعلت من المملكة نموذجا فريدا يحتذى به ، فعلى صعيد خدمة الإسلام والمسلمين نجد ان الخدمات الهائلة التى تقدم للحجاج والمعتمرين والرعاية الفائقة بخدمة الحرمين الشريفين فقد شهد الحرمان الشريفان في عهد الملك عبدالله بن عبد العزيز (حفظه الله) أكبر توسعة في التاريخ فتوسعت ساحات المسجد الحرام والمسعى كما تمت توسعة المطاف وتشييد الأوقاف حول المسجد الحرام فضلا عن انجاز توسعة كبرى لجسر الجمرات وتسهيل تنقل الحجاج بين المشاعر بعد إنشاء قطار المشاعر ، وغير ذلك من الخدمات التى يحظى بها ضيوف الرحمن، أيضا فقد أخذ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على عاتقه مهمة تنقية العمل الإسلامي مما يشوبه من خلافات، والدعوة إلى التعاون في ما يخدم الإسلام والمسلمين، ومن جهوده المميزة تحويله فكرة الحوار بين أتباع الديانات والحضارات إلى عمل مؤسسي عالمي ليكون التعايش والحوار بديلا للصراع، والتسامح بديلا للتطرف.أما على الصعيد العربي والإقليمي والدولي فكان للمملكة وقفاتها المشهودة التي تميزت بالشجاعة في قول الحق ونصرة المظلومين وتبنى قضايا المستضعفين ، فقد ناصرت المملكة ولا تزال القضية الفلسطينية العادلة، ووقفت إلى جانب الشعب السوري فى محنته.
أوقن تماما أن هناك مخططات خارجية تستهدف تمزيق العالم العربي والإسلامي وتحويلها لكيانات طائفية وعرقية وهذا الأمر هو الذي يؤدي إلى ضعف الجميع، وكم كنت آمل لو أن دول العالم العربي والإسلامي اتجهت نحو الوحدة والتضامن
فوضى الفتاوى
كيف ترون فوضى الفتاوى التى انتشرت مؤخرا بشكل مستفز عبر الفضائيات؟
هذا الأمر الذي بات يقلق الجميع ، هو مصدر قلق لنا ايضا وكثرة برامج فوضى الفتاوى الشاذة والجدال في الدين بغير علم تعد آفة كبرى، لبست ثوب الدين ونزلت إلى الناس وحسبوها العلم الذي لا علم غيره، وبسبب هذه البرامج انتقلت الخلافات التي كانت هي من سفاسف الأمور وتوافهها، إلى حياة الناس بتأثير الإعلام وانقلبت إلى دين وشريعةٍ وإسلامٍ، بل شكلت حدودا وحواجز بين من يطبقها فيكون مسلما ومن يعرض عنها فيكون خارجا أو على الأقل فاسقًا وعاصيًا ومبتدعًا.. هذه التوافه من القضايا الفارغة تخصص لها برامج إعلامية قد لا تكون الأكثر مشاهدة، لكنها بكل تأكيد الأكثر تأثيرا، لأنها ترتدي عباءة الدين وتتحدث باسمه.
ولكن كيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة على مستقبل الاسلام والمسلمين؟
أولا جزء كبير من الحل بيد اصحاب هذه القنوات التى تبث هذه البرامج عبر شاشاتها، فعليهم ان يتقوا الله وألا يجعلوا الدين مادة للإثارة وبذر بذور الشقاق والصراع بين أبناء الدين الواحد لأجل تحقيق مكاسب مادية، وعليهم ألا يستضيفوا فى البرامج التى تتحدث عن الاسلام إلا من يحسنون الحديث عنه، وأن يبعدوا عن راغبى الشهرة ، والاستعانة بالعلماء الاكفاء، خاصة من يتصدون للافتاء لان الفتوى في الدين أمر خطير ، وبالتالى فإن علماء الأمة وضعوا لها ضوابط وقواعد وآداب، وأوجبوا على المفتين مراعاتها عند القيام بالنظر في النوازل والمستجدات، رعاية لمقام الفتوى العالي من الشريعة، وإحاطة لها بسياج الحماية من عبث الجهلة والأدعياء.
مخطط أجنبي
هل تعتقد أن وراء تفتيت دول العالم العربي والإسلامي مخططا أجنبياً؟
انني أوقن تماما ان هناك مخططات خارجية تستهدف تمزيق العالم العربي والإسلامي وتحويلها لكيانات طائفية وعرقية وهذا الأمر هو الذي يؤدي إلى ضعف الجميع، وكم كنت آمل لو أن دول العالم العربي والإسلامي اتجهت نحو الوحدة والتضامن بدلاً من ان تتعرض دول عزيزة شقيقة لمخاطر التجزئة والتقسيم.
استعمار جديد
هل تعتقد ان هذه المخططات وما يسير على الأرض الآن هو استعمار جديد؟
أتفق معك في هذا.. فما عاشته الدول الإسلامية في الماضي من استعمار هو نفسه الآن أي استعمار جديد وبشكل جديد.
البعض يصف دعوة الغرب للمسلمين الى التحديث والحداثة لركوب قطار التقدم والمدنية بأنها دعوة مشبوهة، ما تعليقكم؟
الحداثة التي يزعمها الغرب خاصة فى عصر العولمة بحجة التنوير والتقدم لنا، عليها تحفّظ، لأن التنوير يعني احترام ثقافة الآخر، والالتزام بالتراث والدين والعقيدة، وأن تقف على أرض صلبة، ولهذا لابد أن يتمسك المسلمون بعالمية الإسلام ومبادئه، لأنهم ليسوا بحاجة لتنويرهم المبني على الشذوذ والتمرد بمعناه الواسع بلا ضوابط.
اليوم