اتفاقية الجزائر عبارة عن اتفاقية وقعت في 6 مارس عام 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه ايران محمد رضا بهلوي وباشراف رئيس الجزائر آنذاك هواري بومدين.
شكلت حدود العراق مع ايران احد المسائل التي تسببت في اثارة الكثير من النزاعات في تاريخ العراق. في عام 1937 عندما كان العراق تحت الهيمنة البريطانية تم توقيع اتفاقية تعتبر ان نقطة معينة في شط العرب غير خط القعر هي الحدود البحرية بين العراق وايران لكن الحكومات المتلاحقة في ايران رفضت هذا الترسيم الحدودي واعتبرته "صنيعة امبريالية" واعتبرت ايران نقطة خط القعر في شط العرب التي كان متفقا عليه عام 1913 بين ايران والعثمانيين بمثابة الحدود الرسمية ونقطة خط القعر هي النقطة التي يكون الشط فيها باشد حالات انحداره. في عام 1969 بلغ العراق الحكومة الأيرانية ان شط العرب كاملة هي مياه عراقية ولم تعترف بفكرة خط القعر.
في عام 1975 ولغرض اخماد الصراع المسلح للاكراد بقيادة مصطفى البارزاني الذي كان يدعم من شاه ايران محمد رضا بهلوي قام العراق بتوقيع اتفاقية الجزائر مع ايران وتم الاتفاق على نقطة خط القعر كحدود بين الدولتين ولكن العراق مزق هذه الأتفاقية في عام 1980 وبدات حرب الخليج الأولى.
خلفية تاريخيةبعد قيام ثورة يوليو عام 1968 في العراق اتسمت العلاقات الإيرانية العراقية بظاهرتين متعاكستين فمن جهة كان نظام الشاه في ايران قد اعد له بمساعدات كبيرة من الغرب وعلى الاخص من الولايات المتحدة الامريكية ليمارس دور الشرطي في المنطقة ومن جهة اخرى كان النظام الجديد في العراق يجاهد من اجل بناء مجتمع جديد وتثبيت الاستقلال الوطني ، وهكذا وجد النظام الايراني سياسته في بسط النفوذ تلقى المعارضة من العراق اذن لابد من زعزعة الوضع في العراق وكانت البداية حملة إعلامية متنوعة الصور صعدت الى ازمة سياسية صاحبها سياسة ثابتة معتمدة في التدخل في شؤون العراق الداخلية سواء عن طريق تصدير المؤامرات او دعم التمرد والعصيان.
لقد بدأ الشاه أولا بتركيز تجاوز إيران اقليميا على حدود العراق البرية فدفع بمخافره الحدودية الى داخل الأقليم العراقي وشق الطرق بينها بصورة تدخل أراضي عراقية شاسعة في داخل ايران معززا كل ذلك بقوات عسكرية ثم بدأ يطالب بتعديل الحدود في شط العرب خلافا للوضع القانوني للحدود السائدة عندئذ فعندما لاقى ذلك رفضا من جانب العراق عمد الى إلغاء معاهدة الحدود لعام 1937 من طرف واحد الموقعة في 4 تموز بين البلدين التي تنص على البروتوكول المتعلق بتحديد الحدود التركية - الايرانية والموقع عليه في الاستانة في 4 -11-1913 إبان الدولة العثمانية ومحاضر جلسات لجنة تحديد الحدود لسنة 1914 وان يبقى شط العرب مفتوحا للسفن التجارية العائدة لجميع البلدان ووقعها عن الجانب العراقي المرحوم ناجي الاصيل وزير الخارجية العراقي وعن ايران وزير خارجيتها المرحوم عناية الله سميعي. ومن اجل تحقيق هذه المطالب والتجاوزات الاقليمية قام المرحوم الشاه بممارسة الضغط العسكري المباشر وغير المباشر متجاوزا في ذلك الصيغ التقليدية التي اعتاد ممارستها سابقا لتحقيق مطامعه اعتقادا منه بان الوسائل العسكرية كفيلة بتحقيق أهدافه ومطامعه التوسعية وهكذا قامت ايران بعدونها المسلح على بعض المناطق الحدودية في وسط وجنوب العراق عام1974 والتي قدم العراق بشأنها شكوى لمجلس الامن.
كما بدأ الشاه بالتعاون على نطاق واسع مع حركة التمرد الانفصالي في شمال العراق الذي قاده المرحوم ملا مصطفى البارزاني وأصبح بذلك يمارس الدور الميداني المباشر من اجل تجزأة العراق وتقسيمه وبلغ الوضع العسكري حدا خطيرا عندما قام الشاه باشراك قواته العسكرية مرات عديدة في القتال ضد الجيش العراقي من اجل اسناد قوات المتمردين وقد خسر الجيش العراقي بين آذار 1974 وآذار 1975 ستة عشر الف شهيد وجريح وستون الف شهيد وجريح بين صفوف الشعب كما نفذت مخازنه من الاسلحة والاعتدة الضرورية لديمومة القتال ومع الموقف الخطير من مشاركة العراق في حرب تشرين على الجبهة السورية عام 1973 وانشغال القوات العراقية لحماية دمشق من السقوط بأيدي جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي كان على بعد 40 كم من دمشق.
وفي عام 1975 بادر الرئيس الجزائري هواري بومدين بالاتصال بالعراق وايران مقترحا التفاوض المباشر بينهما في الجزائر حول القضايا المختلف عليها ووافق العراق على هذه المبادرة تلبية منه لانقاذ امن العراق ووحدته الوطنية وتكللت المفاوضات بعقد اتفاقية الجزائر في 6 مارس 1975 حيث وقعها عن الجانب العراق يالمرحوم صدام حسين وكان انذاك نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة والمرحوم شاه ايران وهي من الحالات النادرة أن يوقع رئيس دولة او ملك اتفاقية مع نائب رئيس دولة اخرى حيث يخالف ذلك الاعراف الدبلوماسية هذه الاتفاقية مثلت تسوية يتوازن فيها الجانب السياسي والقانوني بصورة تجعل المساس باي عنصر من عناصرها اخلالا بذلك التوازن وسببا لسقوط هذه الاتفاقية وايقاف العمل بها وقد نص على ذلك صراحة في بندها الرابع الذي يترتب منطقيا على ذلك هو ان يحقق الطرفان عند تنفيذ التسوية المشار اليها ما تعاهدو عليه من مكاسب متوازنة غير ان الذي حصل فعلا هو ان ايران حققت مكسبا فوريا مباشرا بمجرد دخول اتفاقية الجزائر حيز التنفيذ اذ صار وضعها في شط العربي بمثابة الشريك في السيادة على الجزء الأكبر منه استنادا الى إعادة تحديد الحدود فيه على أساس خط الثالوك حيث نصت معاهدة الحدود الدولية وحسن الجوار بين العراق وايران الموقعة في 13 يوليو 1975 في بغداد:
" ان الطرفين قد اجريا اعادة التخطيط النهائي لحدودهما البرية على اساس بروتوكول القسطنطينية لسنة 1911 ومحاضر جلسات قومسيون تحديد الحدود لسنة 1914 حيث ثبتت 126 دعامة قديمة و593 دعامة جديدة بموجب اتفاقية الجزائر وحددا حدودهما النهرية حسب خط الثالوك ووقعا عن الجانب العراقي المرحوم سعدون حمادي وزير الخارجية وعن ايران المرحوم عباس علي خلعتبري وزير الخارجية الذي اعدم شنقا من قبل حكومة الخميني."
وبعد مجيء الحكومة الجديدة بقيادة خميني قاموا باستدعاء قيادة زمرة التمرد البارزاني واعوانه واولاده من امريكا الى ايران وبعد وفاه الملا مصطفى في واشنطن قدم النظام الايراني المساعدات لزمرة التمرد وجعل الأراضي الأيرانية نقطة انطلاق لتهديد أمن العراق الداخلي له والمساس بوحدته الوطنية كما انها قامت للفترة من حزيران الى ايلول 1980 بـ 187 انتهاكا واعتداءا عسكريا واستخدمت المدفعية عيار 175 ملم الامريكية الصنع لقصف مدينتي خانقين ومندلي منطلقة من الأراضي العراقية التي يجب إعادتها بموجب اتفاقية الجزائر الى العراق وبذلك فان الحكومة الايرانية قد قامت بانتهاك عناصر التسوية الشاملة التي تضمنتها اتفاقية الجزائر وبالغائها من جانبها ولذلك قررت الحكومة العراقية اعتبار الاتفاقية المذكورة ومالحقها من اتفاقات استندت اليها ملغاة من جانب العراق وطالبت ايران ان تعترف بسيادة العراق على اراضيه ومياهه كما كان عليه الوضع قبل اتفاقية الجزائر حيث قرر مجلس قيادة الثورة بالخطاب الذي اعلنه الرئيس الشهيد صدام حسين في 17 ايلول 1980 اثناء انعقاد جلسة المجلس الوطني الغاء الاتفاقية.
وبالعودة الى التصرف الفعلي ازاء اتفاقية الجزائر من جانب ايران نجد انها الغتها ولاتعترف بها فقد نشرت صحيفة اطلاعات الصادرة في طهران في 19-6-1979 حديثا للدكتور صادق طباطبائي المساعد السياسي لوزارة الداخلية الايرانية وهو ممثل الخميني في هذه الوزارة قال فيه ( إن الحكومة المركزية الايرانية لاتتمسك باتفاقية الجزائر).
وفي 15 سبتمبر 1980 صرح الجنرال فلاحي مساعد رئيس اركان الجيش الايراني عبر شبكات التلفزيون الايرانية والاذاعة باللغتين الفارسية والعربية بان ايران لاتعترف باتفاقية الجزائر وبان منطقة زين القوس وسيف سعد مناطق ايرانية وكذلك شط العرب.
وأدلى أبو الحسن بني صدر رئيس جمهورية ايران آنذاك بتصريح لوكالة الصحافة الفرنسية في 19-9-1980 قال فيه ( على الصعيد السياسى لم تقم ايران بتنفيذ اتفاقية الجزائر الموقعة عام 1975 وان نظام الشاه نفسه لم ينفذها).
وقد قام الجيش الايراني قبل قيام العراق بالغاء اتفاقية الجزائر بالتحرك صوب الحدود العراقية وقد اصدر اربعة بلاغات رسمية عسكرية بذلك منها البلاغ رقم 3 يوم 19-9-1980 باعتراف ايران باستخدام القوة الجوية وفي البلاغ رقم 4 يوم 19-9-1980 تباهى الايرانيون باشعال النيران في حقول نفط خانة في العراق كما قامت المدفعية الايرانية برمي النيران على الطائرات المدنية التابعة للخطوط الجوية البريطانية والفرنسية التي كانت تنوي الهبوط في مطار البصرة كما اغلقت ايران شط العرب بوجه الملاحة البحرية الاجنبية.
كما ان التدخل في الشؤون الداخلية للعراق بلغ مستوى عاليا على كل الصعد الايرانية بداءا من الخميني ومرورا بالسلطات السياسية والدينية والعسكرية التي طالبت بتغيير النظام السياسي بالعراق واستخدام السلاح لتحقيق ذلك وانشاء تنظيمات سياسية تحت غطاء ديني استخدمت الارهاب للقيام باعمال ضد ابناء الشعب العراقي ودوائره الحكومية.
وبعد وقف اطلاق النار بين العراق وايران الذي دخل حيز التنفيذ في 8-8-1988 وافق العراق بموجب قرار مجلس الامن الذي صدر في 28-8-1980 بالعودة الى طاولة المفاوضات لغرض وضع اتفاقية جديدة تنظم العلاقة الحدودية والامنية بينهما
نص الاتفاقيةأسباب إنقضاء الاتفاقيةللمعاهدات الدولية قدسية خاصة توجب على أطرافها احترامها وتنفيذ أحكامها في حسن نية غير انها كغيرها من العقود يطرأ عليها سبب من أسباب الانقضاء يؤدى الى فقدان أحكامها وصف الألزام وإنهاء الرابطة التي قامت بين عاقديها وأسباب انقضاء المعاهدات الدولية متعددة يمكن إجمالها فيما يلي ومدى مطابقتها على اتفاقية الجزائر:
1- التفيذ الكلي: وهو الوسيلة الطبيعية لانقضاء المعاهدات – ولا يشمل اتفاقية الجزائر لانه نفذ البند الاول منها والخاص بشط العرب ولم ينفذ بند الحدود البرية و بند منع التدخل بالشؤون الداخلية.
2- الرضا المتبادل بين اطرافها على انهائها ولم يتم الرضا بين العراق وايران على ذلك بل ان ايران اعلنت عدم اعترافها بها لانها حسب قولهم عقدت بين الشاه وصدام برعاية امريكية وقال جلال الطالباني انها عقدت بين صدام والشاه ورفضتها القوى الاسلامية والقومية والوطنية لذا فاننا كعراق لا نعترف بها.
3- حلول الأجل فاذا حل الاجل ولم يجددها اطرافها زالت المعاهدة وانقضت واتفاقية الجزائر لم تحدد اجل لها.
4- سقوط المعاهدة اذا زال موضوعها وموضوع اتفاقية الجزائر لم يزل فشط العرب موجود والحدود البرية موجودة او اذا زال احد اطرافها فالحكومتان العراقية والايرانية موجودتان.
5- انقضاء المعاهدة بارادة احد الطرفين وحدة اذا نصت الاتفاقية على ذلك واتفاقية الجزائر لم تذكر هذا الشرط.
6- البطلان واسبابه عيوب الرضا كالغلط والتدليس والرشوة والاكراه ومخالفة النصوص القانونية والدستورية وتعارض المعاهدة مع قاعدة امرة. ولا تنطبق هذه العيوب على اتفاقية الجزائر.
7- رضاء اطراف المعاهدة على انهائها.
8- قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية فالأصل أن العلاقات هذه لاترتبط من حيث المبدأ باية رابطة قانونية مع العلاقات الاتفاقية ومن العجيب أنه رغم نشوب الحرب بين العراق وإيران فان العلاقات الدبلوماسية بقيت قائمة ولم تنقطع الى بعد ست سنوات من نشوبها وهي ظاهرة فريدة في العلاقات الدبلوماسية بين الدول التي تنشب بينها حروب.
إذاً ماذا ينطبق من شروط انهاء الاتفاقيات على اتفاقية الجزائر:
1- تحقق الشرط الفاسخ اذا تضمنت المعاهدة المنعقدة بين الدولتين شرطا فاسخا وتحقق هذا الشرط فان ذلك يكون سببا في انقضاء المعاهدة ونص البند الرابع من اتفاقية الجزائر على ما يأتي: يؤكد الطرفان الساميان المتعاقدان إن أحكام البروتوكولات الثلاثة وملاحقها المذكورة في 1 و2 و3 من المعاهدة والملحقة بها والتي تكون جزءا لا يتجزأ منها هي احكام نهائية ودائمة وغير قابلة للخرق باية حجة كانت وتكون عناصر لاتقبل التجزئة لتسوية شاملة وبالتالي فان أي انتهاك لأحد مكونات هذه التسوية الشاملة يكون مخالفا بداهة لروح وفاق اللجزائر.
2-الحرب ، والتي تعد سببا من أسباب انقضاء المعاهدات التي كانت تربط الدول المتحاربة وقت السلم ومن المباديء المجمع عليها ان الحرب تقضي على المعاهدات التي كان الخلاف في شانها سببا في اثارة الحرب وقد اصدر مجمع القانون الدولي العام سنة 1912 ( اجتماع كريستيانيا ) قرار ينظم اثر الحروب على المعاهدات وقال ان قيام الحرب ينهي فورا جميع المعاهدات التي كان الخلاف على تنفيذها او تفسيرها سببا في قيام الحرب.
وهذا ما ينطبق على اتفاقية الجزائر فخمسة وسبعون ألف شهيد عراقي سقط في حرب الثماني سنوات ( حسب احصائيات مديرية التقاعد العامة التابعة لوزارة المالية الحالية في العراق ) ومليون قتيل ايراني ( حسب اعتراف وزارة الدفاع الايرانية تكفي لجعل هذه الاتفاقية سببا للحرب بين العراق وايران.
3- التغير الجوهري للاحوال او اثر تغير الظروف في المعاهدات وهذا فيه آراء مختلفة بين الفقهاء منهم من يعتبره مساسا خطيرا بمبدأ الوفاء للعهد ولايمكن الاخذ به لانقضاء المعاهدات الدولية ومنهم من المدرسة الايطالية يوجب تحقق شرطين اولهما مى تأثير التغير الجوهري في الظروف على قيام المعاهدات ويؤدي الى انقضائها وثانيا من له الحق في التقرير بان الشروط الضرورية للدفع بشرط بقاء الشيء على حاله قد استوفيت ويقول فريق ثالث ان يجب انطواء المعاهدات على شرط ضمني مؤداه بقاء المعاهدات قائمة ما بقيت الظروف التي لابست انعقادها وفسخها متى زالت هذه الظروف أو تغيرت تغيراً جوهرياً. فإيران بعد انتصار الثورة على الشاه أعلنت عدم التزامها بالاتفاقية لانها في ضروف جديدة لايحكم بها من وقع الاتفاقية مع العراق والعراق اعلن نقضه للاتفاقيه لان الظروف تغيرت بعد مجيء الحكومة الجديدة والطالباني اعلن عدم التزام العراق لأن العراق الجديد ليس فيه صدام والشاه.
المصدرhttp://www.mideastweb.org/algiersaccord.htm
واذا كان الموضوع مخالف لقوانين المنتدى فارجو حذفه بدون عقوبات