الوطن في القلب
من خدعة فلسطين إلى تعميم الخداع
عندما نشر الكاتب الكبير المرحوم إحسان عبد القدوس سنة1948 تحقيقه الشهير عن ''المدافع التي تنفجر في وجوه مستعمليها، الجنود العرب'' فهم جميع عشاق الحرية في العالم أن فلسطين بيعت شعبا وأرضا. كانت جيوش مصر والأردن قد دخلت فلسطين سنة 1948 للدفاع عن شعبها، فإذا بها تكتشف أن المدافع التي اشتراها قادتها من الإنجليز ''مدافع مخدوعة''. وحدث ما خطط له الإنجليز وأذيالهم ملوك العرب؛ قسمت فلسطين تقسيما.. لم يكن إلا مؤقتا! ففي سنة 1967، استولت إسرائيل على كل شيء وأضافت سيناء وجزءا من الجولان السوري بفضل ''...المعلومات المفيدة'' التي منحها لها وزير الدفاع.. المصري نفسه!
شيء لم يحدث لا في التاريخ القديم ولا في الحديث!
ثم جاء سبتمبر ,1970 فذبح جيش الملك حسين نحو 20 ألف فلسطيني على مرأى ومسمع العالم كله!
الزعيم ياسر عرفات، الذي نعترف له بنضاله، رغم كل ما حدث، وقع هو الآخر في فخاخ العرب التابعين للقوى الاستعمارية الغربية، وشيئا فشيئا وقع اتفاقيات ''أوسلو''... المخدوعة!
ماذا نقول بعد مسرحية الكاتب العبقري المرحوم كاتب ياسين المعنوية بــ''فلسطين المخدوعة''؟ أية قصيدة تسمو اليوم على قصيدة الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب: ''فلسطين عروس عروبتكم، فلسطين قـ..؟''
وماذا نكتب بعد كاتب فلسطين الشهيد غسان كنفاني الذي قال سنة 1969 أن ''الفلسطينيين لايعيشون داخلها، فهم ''رجال في الشمس'' أي في...جهنم!'' لقد روى غسان كنفاني قصة ثلاثة فلسطينيين، ''يخدعهم مهرب عربي'' كي يخرجهم من جحيم الملاجئ العربية'' إلى بلد الشمس... الكويت! يركبهم في صهريج شاحنة نقل بنزين. في الكويت يكتشف سائق الشاحنة أنهم ماتوا.. مخنوقين!
أين يذهب الفلسطينيون اليوم؟ العرب يخنقونهم والإسرائيليون يذبحونهم؟ وأين تذهب الشعوب العربية كلها وقد بات حكامها يمنعوها حتى من ''أضعف الإيمان'' أي التظاهر مساندة لأهل فلسطين المذبوحين على مرأى ومسمع العالم كله؟
قتل الكرسي ثوار الأمس فباعوا الوطن بخيراته وشعوبه فأصبحنا ننظر إلى المستقبل بخوف وتشاؤم لا نظير لهما.
لا شيء ينقذ الفلسطينيين إلا... الموت: الشهادة. قد يموت اليوم ألف ليخلق الآلاف في المستقبل. الموت؟ وهل هناك أجمل من الموت في سبيل الوطن؟ هذا شيء لا يفهمه الحكام العرب وأسيادهم الأمريكان والإسرائيليون، بيد أن أبناء الشعوب البررة يفهمونه فيطبقونه عاجلا أو آجلا!