لم تكن الحرب الإسرائيلية الغاشمة علي غزة أواخر عام 2008 مفاجئة في وحشيتها المتناهية في وقتها. في مدتها . حيث كانت حالة الحرب لها أسبابها.
1- أهمها هو قرب الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية. حيث تدنت شعبية كل من حزبي العمل وكاديما بعد اختفاء شارون وبعد اتهامات الفساد لأولمرت. فكانت هذه الحرب بمثابة البطاقة الانتخابية الرابحة للحزبين. فأولمرت يطمع في أن تختفي اتهامات الفساد خلف هذه الحرب. أما تسيبي ليفني فهي التي تطمع أن تقدم نفسها للشعب الإسرائيلي كخليفة لشارون ولا تقل عنه قوة وشجاعة وعدوانية. وبذلك تستحق مقعدي رئاسة الحزب والحكومة عن جدارة أما باراك فهو يود أن يسترجع صورة السفاح من جديد يقدمها للشعب الإسرائيلي طمعا في رجوع حزب العمل للسلطة. كل هذه العوامل لتجميع أصوات الشعب الإسرائيلي الذي يتسابق الجميع لإرضائه علي ساحة المذبح الفلسطيني حيث صار الشعب الإسرائيلي عدوانيا مستبيحا لكل الدماء والأعراض والأراضي والممتلكات لكل من يراه عدوا.
وعلي الجانب الآخر يقف الذئب نتنياهو متربصا للانقضاض علي الحكم. حيث يقف في أول طابور العدوانيين حيث كانت فترة حكمه السابقة عامرة بالعدوانية وجمود القضية.
2- قرب اعتلاء أوباما كرسي الرئاسة الأمريكية. حيث ينتظر منه الجميع -حتي الآن- تغييرا في السياسة الأمريكية. والأمر المحتم أن هذا التغيير المحتمل سيكون لمصلحة الأمريكيين وليس العرب إلا ما جاء بطرق غير مباشرة مثل الانسحاب من العراق في ظرف 16 شهرا كما وعد وبهذه الحرب الأخيرة تقدم إسرائيل أوراق اعتمادها لأوباما علي أنها السفير الرسمي والحافظ الأمين علي المصالح الأمريكية ومكانة وهيبة أمريكا. كذا توجه رسالة لأوباما أنها القوة الوحيدة صاحبة الكلمة والنفوذ فلا داعي لتغيير سياسة أمريكا في الشرق الأوسط فتبقي علي حمايتها وتحيزها لإسرائيل ولو وصل هذا إلي حد الضلال.
3- بهذه الحرب تبعث إسرائيل رسالة إلي الفلسطينيين وبالذات إلي حماس: إن مصيركم وفناءكم بين إسرائيل. فإن أردتم الفناء فما عليكم إلا إطلاق صواريخ الأطفال التي لا تؤدي إلا لفزعهم كذلك فإن إسرائيل هي الأقوي في المنطقة وأنتم وراءكم من وراءكم من العرب أو من إيران فإنهم لا يقدمون لكم شيئا سوي الصيحات والمظاهرات. التي لا تقف أمام أسلحتنا الفتاكة.
4- الرسالة الأخيرة للعرب جميعا: أنكم لن تستطيعوا لنا ضررا. أما أصحاب الحناجر فإن صيحاتهم لا تتعدي أنوفهم. أما مبادرتكم فاسحبوها أو لا تسحبوها. فلا فارق عندنا. أما مجلس الأمن فالفيتو دائما بجانبنا. أما المجتمع الدولي فإنه لا يحترم إلا القوي. وأنتم حتي الآن تتشرذمون. تضيعون إمكانياتكم في الحرب بينكم. وتحسنون لنا صنعا بمهاجمة مصر. القوة التي تزيدكم قوة. وتظلل عليكم. ونشكركم ثالثا علي أكبر خدمة ومعروف قدمتموه لإسرائيل فيما سبق بخلعكم مصر من جامعة الدول العربية. فأصبحت جامعة بلا قوة. وأصبحتم ظلا بلا ظليل. والآن فقد أنهينا اسطورة العراق القوية حيث أصبحت هشيما تذروة الرياح. فماذا بقي لكم سوي الحناجر تحطمون بها بعضكم البعض. فأنشأتم 400 فضائية مسلحة بألسنة الدمار الشامل تدمرون بها ما بقي لكم من قوة خاصة الذي البلد الذي يؤازركم جميعا وحاربتنا وحدها منذ عام 1948 حتي 1973 وهي ضمانكم الوحيد للحياة حتي الآن. وهي التي حققت الانتصار علي إسرائيل وحطمت اسطورة إسرائيل الكبري واستطاعت بقوتها وحكمتها أن تسترد كل حبة رمل مما فقدته.
أعود من حيث انتهت إسرائيل وشماتتها في العرب. ليعلم الجميع ماذا يحدث؟ ولما يلقي الاتهام علي مصر؟ ولماذا تساق المظاهرات ضدها حيث وصل الأمر إلي مهاجمة سفاراتها للدول العربية ولم تهاجم سفارة لإسرائيل أو لأمريكا أو لغيرهما. الآتي فيه الإجابة علي هذه الأسئلة:
1- إيران تحلم بعودة الإمبراطورية الفارسية. ولتحقيق هدفها فإنها تود أن تزيل من أمامها أكبر منافس لها وأكبر قوة عربية وحتي تحقق هذا الحلم فإنها تستغل المذاهب فتستقطب أصحاب المذهب الشيعي في سوريا والعراق ودول أخري. وتستخدم التبشير مع أصحاب السنة.
2- دول عربية لها ظروف خاصة فسوريا لم تستطع تحرير الجولان حتي الآن واتهمت بمساعدة الإرهاب خاصة في العراق واتهمت بمحاولة تصنيع أو امتلاك أسلحة دمار شامل وقامت إسرائيل بتدمير الموقع المشتبه به وتسعي للتفاوض المباشر مع إسرائيل كل هذه العوامل جعلتها تتخذ من إيران واليا وسندا يوفر لها الحماية من إسرائيل والولايات المتحدة مما جعلها تسير في ركب إيران وتسخر أبواقها لمهاجمة مصر أما حزب الله الذي تسبب في دمار ثلث البنية التحتية للبنان بلا مقابل. فاليوم يدعون للتذمر والتظاهر كل هذا لن يؤدي إلي تدمير حجر من إسرائيل وإنما سيزيد الضعف العربى والتفرق اكثر واكثر.