ركز المؤسس السلطان عثمان الاول و ابنه السلطان اوروخان على وضع الاسس التي قامت عليها الدولة العثمانية وجعلتها دولة قوية لا يستهان بها فقد اصبحت دولة عظمى قوية الناشئة اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا و اداريا ولكنها ما زالت من المساحة صغيرة بالنسبة لدول اوربا التى تجاورها .
و جاء السلطان كراد الاول بن اورخان عام 761هـ - 1359 م خلفا لوالده السلطان اوروخان ولم يكن للدولة العثمانية اي قواعد يعتمد عليها عسكريا في اوربا عدا ميناء ((جاليبولي)) ولم يتم ضم سوى امارة ((قرة سى)) من بلاد الاناضول .
و هكذا ورث دولة مساحتها تمتد من الاناضول شرقا الى بلغاريا غربا وكان يبلغ من العمر وقت جلوسة على العرش السادسة و الثلاثين .
و سار مراد الاول على نهج ابية و جده في توسيع اراضي الدولة العثمانية على حساب الامبروطوريات الاوروبية المتهالكه وليس على حساب البلاد و الدول الاسلامية الا حين اراد توحيد بلاد الاناضول فتصدى له بعض الامراء المسلمين و على راسم علاء الدين امير القرمان فكان عقبة لنشر الاسلام في دول اوربا المسيحية و ايضا فتح القسطنطينية .
فكانت اول خطواتة الجهادية عام 762هـ قام بالانقضاض على مدينة ((ادرنة)) البلقانية وكانت اهم المدن بع العاصمة البيزنطية الكبرى القسطنطينية ثم جعلها عاصمة للدولة العثمانية حيث موقعها الحصين و الاستراتيجي وظلت عاصمة للعثمانيين حتى فتح القسطنطينية .
و كان لنقل الوجود الاسلامي الى جبهة الاوروبية اثر شديد وكبير عند النصارى اوروبا و سرعان ما سقطت مدن ((فليية)) و ((كلمجينا)) و ((وردار)) و بالتالي صارت القسطنطينية محاطة بالدولة العثمانية من كل مكان في الجبهة الاوروبية .
ووكان الهدف الملعن الذي قامت من اجله الدولة العثمانية هو فتح القسطنطينية ونشر الاسلا بأوروبا لذلك كانت كل من تحركات سلاطين هذه الدولة من اجل تحقيق هذا الهدف فلما اعتلى ((مراد الأول)) سدة الحكم العثماني جعل اولى مهامه توحيد الاناضول اي الجبهة الداخلية و قاعدة الانطلاق الاولى للتمكين و الظفر على اوروبا و اتبع ((مراد الاول)) سياسة حكيمة من اجل هذا التوحيد حيث عمل على مصاهرة و معاهدة امراء الاناضول من اجل الضم لمقاطعتهم ونشر الاسلام بها .
لكن ((مراد الاول)) اصطدم بعدو لدود اسمة ((علاء الدين)) وكان امير القرمان الذي وقف سدا منيعا امام محاولات ((مراد الاول)) التوحيدية و استنهض هذا الاميرباقي امراء الاناضول من اجل محاربة ((مراد الاول)) فاضطر ((مراد)) لقتالهم مع كراهيته لهذا القتال لكونة ضد المسلمين ولكنهم كانوا عقبة كؤودا في طريق التمكين و الفتح الاسلامي كما ذكرنا وكان لابد من قتالهم لتوحيد الاناضول و هذا ما تحقق له .
و استطاع ان يحشد جيشا قويا لمنازلة امراء الاناضول الرافضين للوحدة وهزم ((علاء الدين)) ودخل مدينة انقرة عاصمة ((القرمان)) .
و عفا ((مراد الاول)) عن عدوه الدود ((علاء الدين)) وحاول استمالته بأن يتزوج من ابنتة ليأمن شره ومكره ولكن هذه المصاهرة لم تطفئ نار الحقد في قلب علاء الدين فتامر مرة اخرى في معركة ((سهل قونية)) ووقع ((علاء الدين)) في الاسر وعفا ((مراد الاول)) عنة مرة اخرى وقام ((مراد)) بتزويج ابنة ((يزيد)) من ابنة امير كرمان فقدم فقدم الاب مدينة ((كوتاهية)) لابنتة فضمت الة الدولة العثمانية ثم الزم امير دويلة الحميد بالتنازل عن املاكه لصالح الدولة العثمانية .
وبذلك استطاع ((مراد الاول)) من توحيد بلاد الاناضول تحت لوائة استعدادا للهدف الحقيقي و الجهاد الاكبر على جبهة الاوروبية المسيحية وهو هدفه الاصلي عكس ما فعله تيمور لنك المغولي الذي جاء بعد ذلك فانقض على الدول الاسلامية ودمرها رغم كونة من المسلمين او هكذا كان يدعى .
يمم ((مراد)) وجهه الى الجهة الاصلية حيث اوروبا البيزنطية و بعد الضربة الخاطفة التي قام بها ((مراد)) بالاستيلاء على مدينة ((ادرنة)) البلقانية وحولها الى عاصمة للدولة العثمانية لجعلها قاعدة الانطلاق على اوروبا قام ((مراد الاول)) بضربات سريعة وخاطفة في منطقة البلقان فاستولى على مدينة ((فليبة)) و ((وردار)) و كان هذا السقوط نذير خطر لدى الدولة البيزنطية التي اصبحت عاصمتها القسطنطينية محاطة بالعثمانيين من كل اتجاه .
و قذفت هذه الغزوات السريعه الخاطفة الرعب في قلوب الاوروبيين و الاسل اكراء اوروبا المجاورون للدولة العثمانية رسائل استغاثة وطلب لقتالهم ضد المسلميين من بابا روما بل ذهب امبراطور القسطنطينية ((يوحنا باليوج)) لابعد من ذلك حيث ذهب بنفسة الى البابا ((اوربان الخامس)) وركع امامه وقبل يدية ورجلية وبللهما بالدموع وطلب منه اعلان الحرب الصليبية المقدسة ضد المسلمين على الرغم من الخلاف المذهبي العميق بين الطرفين فهذا ارثوذوكسي وذلك كاثوليكي و العداوة بينهما قديمة وشديدة ولكنهما على الاسلام يد واحدة .
فوافق البابا على طلب امبراطور القسطنطينية شريطة ان تخضع الكنيسة الشرقية الارثوكسية للكنيسة الغربية الكاثوليكية و اضطر ((يوحناباليوج)) لقبول بهذا الشرط الذي لا يمكن قبولة الا في مثل هذا الظروف فقد ارادوها ان تكون حربا صليبية .
و ادى اعلان البابا اوربان الخامس الحرب الصليبية على المسلمين العثمانيين لاشتعال الحمية و الحماس في قلب ملوك شرق اوروبا المجاورين للدولة العثمانية هذا الحماس جعل ملك المجر الحاقد ((اوروك الخامس)) بالاتحاد مع مع امراء من الصرب و البوسنة و رومانيا وقرر الهجوم على الدولة العثمانية دون انتظار لما سوف يرسلة البابا من امدادات ليكون له السبق ونيل الشرف في الانتصار على الدولة العثمانية و استغل فرصة انشغال السلطان ((مراد الاول)) في قمع بعض الحركات الداخلية ي منطقة ((الاناضول)) وهجم بجيش قوامة ستون الف مقاتل على مدينة ((تشير من)) عند نهر ((مارتيزا)) .
وكان القائد الحامية العثمانية في المدينة بطلا مشهورا في صفوف العثمانييين ((لاشاهين)) وكان صاحب دهاء وخبرة عسكرية كبيرة وشديد الثبات و التمرس في قتال الاوروبيين فاستطاع هو وجنوده ان ينزلوا بالتحالف الصليبي هزيمة ساحقة رغم الفارق الكبير بين الجيشين .
وغرق امراء الصرب عند فرارهم من المعركة في نهر ((مارتيزا)) ونجا ملك المجر الصليبي ((اوروك الخامس)) بصعوبة وعاد الى بلده يجر اذيال الخيبة و الهزيمة ويضمر نية المعاودة اذا سنحت له الاقدار .
كان انتصار العثمانيين على التحالف الصليبي الذي قاده ملك المجر ((اوروك)) كابوسا يقلق مضاجع ملوك و امراء اوروبا عموما وملوك و امراء البلقان خصوصا وكان الكابوس يزداد سوءا عليهم لان احد القادة الجيش العثماني هو الذي انتصر عليهم وليس السلكان مراد نفسة مما القى الرعب في قلب ((اوروك الخامس)) وجعله يحجم عن المشاركة في القتال ضد العثمانيين رغم رغبتة في الثأر من هزيمتة النكراء .
و اعد الرجلان جيشا كبيرا لقتال العثمانيين في منطقة جنوب البلقان بعد مناوشات خفيفة مع الحاميات العثمانية بالبلقان ادرك الصليبيون مدى ضعفهم مقارنة بالعثمانيين فاضطروا الى الاستسلام ودفع الحزية للسلطان ((مراد الاول)) .
وحتي يأمن ((سيسمان)) جانب العثمانيين قدم ابنتة الاثيرة زوجة للسلطان ((مراد الاول)) و بالفعل تزوجها ((مراد)) مما يوضح مدى الرعب الذي دخل في قلوب ملوك اوروبا من السلطان مراد الاول .
ونتيجة لتأخر الصرب و البلغار في دفع الجزية السنوية اندفعت الجيوش العثمانية لتأديب المتمردين وقامت بفتح بعض المدن الصربية في جنوبي ((يوغسلافيا)) اليوم ثم قامت بفتح مدينة ((صوفيا)) سنة 784هـ بعد حصار دام ثلاث سنوات ثم فتحت مدينة ((سالونيك)) المقدونية وتقع الان في اليونان .
و بلغت قوات ((مراد الاول)) درجة جعلت امبراطور ((بيزنطة)) ((يوحنا باليوج)) يقوم بقتل ولده ((اندرونيكوس)) خوفا من بطش ((مراد الاول)) ذلك لان ((اندرونيكوس)) تحالف مع بعض الخارجين على ((مراد الاول)) فضحى يوحنا بابنه حرصا على نفسة و بلاده من بطش مراد الاول .
و في عز الانتصارات التي جناها المسملون ثمارها على الجبهة الاوروبية وقعت عدة حوادث خطيرة على الجبهة الداخلية للدولة العثمانية ذلك ان الامير ((علاء الدين القرماني)) الذي ذاق مرارة الهزيمة من ((مراد الاول)) عدة مرات وكل مرة يعفو عنه ويصفح كان مازال يضمر الحقد ضد العثمانيين وعاد الى التمرد و الثورة مرة اخرى رغم العفو و الصفح و المصاهره من جانب ((مراد الاول)) و استغل ((علاء الدين)) مع امراء مقاطعات ((منتشا ايدين صاروخان)) وحقق عدة مكاسب بسيطة لم تدم طويلا حيث عاد مراد الاول مسرعا للاناضول للقضاء على هذه الفتنة الناشئة قبل ان يستفحل امرها وتهدد الدولة العثمانية .
و هذا من فقه الحاكم بترتيب الاولويات ذلك لان الترك هؤلاء المتكردين بالداخل يعصف بالدولة وهيبتها امام عدوها الخارجي وكلما كان الصف المسلم ملتحما ومتماسكا كلما كان اقوى و اجدر على منازلة عدوه فالوحدة قوة .
لكن الصليبيين بدورهم استغلوا هذه المحادثة الخطيرة و انشغال ((مراد الاول)) بحرب الاناضول وقرروا اعادة التحالف الصليبي لاسترداد ما استوى علية العثمانييين بالبلقان فتحالف الصرب و البلغار و البوسنيين و اعدوا جيشا كثسفا و استطاعوا تحقيق عدة مكاسب محدودة على الحامية العثمانية في جنوب الصرب وهكذا اصبح مراد الاول بين عدوين احدهما في الداخل وهو من المسلمين و الثاني عدو خارجي من المسيحيين .
كان الموقف عصيبا و الاحوال مضطربة وكان لا بد من اتخاذ موقف حازم وحاسم لا يقدم على فعله الا مراد الاول الذي قرر وبسرعة العمل على جبهتين وفتح عدة محاور قتالية ضد اعداء الاسلام من الطرفين ونظرا لخبرة القادة العثمانيين في قتال الاوروبيين فلقد ارسل ((مراد)) بحعض قادتة الكبار لقتال التحالف الصليبي بالبلقان .
و اتجه هو بنفسة لقتال ((علاء الدين)) ومتمردي الاناضول ذلك لان جنوده كانوا يكرهون قتال المسلمين بالاناضول فكان حتما عليه ان يقود
الجيش بنفسة ليقنع جنودة بعدالة قتالهم وشرعيتة ضد الخارجيين و المفرقيين لوحدة المسلم .
وكانت الانتصارات الصغيرة التي حققها التحالف الصليبي بالبلقان دفاعا ومشجعا لامير البلغار ((سيسمان)) لان ينقض عهده مع المسملين ويحاول الهجوم على حدود الدولة العثمانية نفسها ولكنة فوجئ بما ليس له طاقة من اجيوش العثمانية الجرارة التي داهمته كالاعصار الهادر .
ففر كالفأر المذعور ناحية الشمال و اعتصم بمدينة ((نيكوبلس)) في شمال بلغاريا ولا حقته الجيوش العثمانية وضربت على المدينة حصارا محكما حاول هو فكه عدةة مرات ولكنه فشل .
وفي النهايه وقع اسيرا بيد المسلمين وكان الواجب على ((مراد الاول)) ان يقتله جزاء خيانتة ولكنه كعادته عفا عنه عندما اخذ نصف بلاده وضمها للدولة العثمانية .
و هكذا يغلب العفو من السلطان مراد الاول عن اعدائة و ان كانوا من غير دينة .
ولم يكن عفو ((مراد الاول)) عن ((سيسمان)) الا لعلمه انه احمق ومجرد اداة في يد المحرض الاول الحقيقي ضد المسلمين راس الافعى الصليبية ((لازار)) ملك الصرب وكان هذا الحاقد قد اعد جيشا قويا و اسرع به لنجدة ((سيسمان)) المحاصر بمدينة ((نيكوبلس)) ولكنه وصل متأخرا بعدما وقع ((سيسمان)) اسيرا فانسحب بجيوشة ناحية الغرب بسرعه ليدخل بلاده ويحتمي بحصونة قبل ان يصل الية العثمانيون .
ومن الازمات التي واجهت مراد الاول تمرد ابنة ساوحجي عليه طمعا في الملك فقام الابن بمساعدة امبراطور القسطنطينية بقتال ابيه السلطان و دارت الحرب بينهما انتهت بمقتل الابن المتمرد ومعه الامبراطور ايضا .
و بعد انتهاء ((مراد الاول)) من حروب الاناضول تحول مسرعا الى الجبهة الاوروبية و اشترك في حصار مدينة نيكوبلس لذلك بعدما فرغ من تأديب سيسمان اسرع بجيوشة لادراك لازار قبل دخول بلاده .
وبالفعل ادركه العثمانيين عند سهل قوس اوه او كوسوفا الان ودارت حرب عنيفة بين الجيشيين على غيظ وحنق من كلامهما للاخر وصبر المسلمون صبرا بليغا حتى انزل الله عز وجل نصره على المسلمين وقتل الكلب الخبيث لازار بسبب ما فعله من شناعات و مذابح للاسرى المسلمين وكانت هذه المعركة سنة 791هـ .
بعد الانتصار الساحق الذي حققة المسلمون على الصرب قام السلطان مراد الاول بتفقد ساحة المعركة ليتعرف على احوال جنوده بنفسة وهو يترحم عليهم على الشهداء ويدعي للجرحى بالشفاء و في اثنا ذلك قام جندي صربي اسمه ((مليكو فيتش)) وكان قد تظاهر بالموت ليلفت من سيوف المسلمين و اسرع نحو السلطان متظاهرا برغبتة في الاسلام ومحادثة السلطان وتمكن الحراس من القبض عليه ولكن السلطان مراد الاول اشار للحرس بأن يطلقوه لينال ثواب اسلام الرجل على يديه .
لما اقترب هذا الكلب الصربي من السلطان تظاهر بأنة يريد تقبيل يد السلطان وبمنتهى الغدر اخرج هذا الكافر من كمه خنجرا مسموما وطعن به السلطان مراد الاول طعنة قاتلة و انقض الحراس علية فمزقوه بسيوفهم و استشهد ((مراد الاول)) رحمة الله في نفس يوم معركة 791 وكان عمره وقتها 65 عاما بعد ان حقق الكثير من الانتصارات على الدول الاوروبية وخاصة معركة موسوفو سنة 1389 م و هذا ما جعل الصربيون ينتقمون من مسلمى كوسوفو و البوسنة فيما بعد في القرن العشرين .
ومما يدل على مكانة هذا البطل العظيم وفضلة و ايمانة بالله عز وجل بانة قد طلب الشهادة من الله عز وجل ليلة المعركة وكانة قد شعر قبل هذه المعركة انها ستكون الاخيرة في سلسلة معارك
الطويلة و التي بلغت سبعا وثلاثين معركة كلها لاعلاء كلمة الله عز وجل ونشر دعوة التوحيد في بلاد اوروبا لذلك تكللت كلها بالنصر والظفر .
وشكرا
ارجو التقييم لانني تعبت و انا اكتبها عشانكم يا رجال منتدى الجيش العربي
المصدر
من كتاب
السلطان عبد الحميد الثاني المفترى علية اخر السلاطين المحترمين