"وإذا غزة سئلت بأي ذنب قتلت؟!".. من له الجرأة الآن على الإجابة عن هذا السؤال الرهيب؟.. هي ليست موؤودة واحدة، بل بلد بناسه وحيواناته وشجره وحجره ومائه وهوائه يُوأدُ أمام أنظارنا كما وُئد العراق وقبله المسجد الأقصى..
من يستطيع الآن أن يرفع رأسه وناظره أمام أطلال غزة؟ من يستطيع الآن الإدعاء أنه سليل خير أمة أخرجت للناس؟ بل من يستطيع الآن الركوع والسجود والدعاء بأن يأتيه الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وأن يقيه عذاب الهوان وهو الذي أمره بأن يجعل العزة له وحده فارتضاها لأعدائه؟
الآن وقد تساوى عالي غزة بسافلها وأحياءها بأمواتها وليلها بنهارها، الآن وقد صارت الصهيونية تصفعنا بأكفّنا وتذبحنا بذلنا وتقتل أبناءنا وتستحيي نساءنا بنفطنا وبأشباه الرجال فينا.. الآن فقط صار طلب الاعتذار من غزة كبيرة أخرى في حق الأخلاق.
مدّت غزة يدها، فتركناها وربها يقاتلان وبقينا ها هنا قاعدون.. ذرفت دموعها، توسلت ورسمت كل ملاحم العزة وهي تدافع عن شرفنا، ظلت تبيت في الظلام تلتهم "الجوع والعراء" حد التخمة، وتقدم القرابين من الشهداء في لوحات أشبه بالخيال ولم تجد أمامها إلا الخشب المسندة.
غزة أعطتنا كل شيء ولم نعطها أي شيء، ماعدا بكاء لا يختلف عن بكاء المذيعات الإسرائيليات ومظاهرات لا تختلف عن مظاهرات سيراليون والهندوراس وطونغا.
وبيانات وفتاوي كان واضحا أن إمضاء صاحبها أهم منها.
بأي "وجه" نبحث لأنفسنا عن أعذار وبأي "وجه" نطلب منك يا غزة الآن السماح!!
فأرجوك يا غزة .. لا تعذرينا...
صحيح أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.. ولكن الصحيح أيضا أننا أشركنا به الأمريكان.. والخوف والجبن والذل والهوان.