في عام 193 ميلادية حدثت أغرب صفقة عقارية في تاريخ البشرية.. ففي ذلك
العام
قتل الامبراطور الروماني «كومودس» من قبل الحرس البريطوري الخاص
بالامبراطور ونصب { برتيناكوس} امبراطورا بعده لكنه قتل في نفس العام من
طرف نفس الحرس ثم ثار هذا الحرس
مطالبين بدفع رواتبهم المتأخرة. وحين أخلى مجلس الشيوخ الروماني مسؤوليته من هذا الطلب
استولوا على مباني الحكومة وأعلنوا عن تنظيم مزاد علني لبيع الإمبراطورية
الرومانية و من يدفع اكثر يحصل على كرسي اعظم امبراطورية في الكون . وهكذا توافد الأثرياء والتجار الى روما للمشاركة في هذا المزاد
وفاز بالصفقة احد اعضاء مجلس الشيوخ الروماني و يدعى ديديوس سالفيوس يوليانوس دفع ما يوازي 150 مليون
دولار بأسعار اليوم الى الحرس البريطوري حتى ينصبه على كرسي الامبراطورية.. ولأن الرومان لايعرفون حدود إمبراطوريتهم
الكبيرة تم توقيع عقد البيع بصيغة امتلاك (كامل الكوكب) وأعطي ديديوس يوليانوس
وثيقة رسمية بذلك..ولم تنته هذه المهزلة إلا بعد عامين حين تدخلت الفيالق
الرومانية المعسكرة في البلقان فاستولت على روما وقضت على الحرس البريطوري ومن نصبوه وانتخبت قائدها
سبتيموس سيفيروس امبراطورا جديدا..
وخلال القرون التالية تكررت هذه «الحركة» كثيرا بصرف النظر عن
واقعيتها وإمكانية تنفيذها..ففي العصور الوسطى مثلا كان الفاتيكان يملك
(اعتمادا على حق الوصاية الدينية) كامل الأراضي التي تشغلها الدول التي
تدين بالمذهب الكاثوليكي (وهو ما يعني معظم القارة الأوروبية).. ولم يقتصر
احتكار الفاتيكان على مملكة الأرض بل ادعى امتلاكه لمملكة السماء وأخذ
يبيع أراضي في الجنة على الملوك والأباطرة وكل من يدفع المال (تحت مسمى
صكوك الغفران)... وحتى قرنين مضت كانت الكنيسة البرتغالية تملك فعليا ثلثي
أراضي البرتغال - بالإضافة الى حق امتلاك أي أراضٍ مكتشفة في القارتين
الأمريكيتين. وحين استقلت البرازيل عن البرتغال (عام 1822) اضطرت لدفع
أقساط سنوية كبيرة للكنيسة البرتغالية استمرت حتى مطلع القرن العشرين!! وفي نفس الفترة تقريبا (وتحديدا عام 1803) وافق نابليون
بونابرت على عرض الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون بشراء 2,1 مليون كلم مربع
(من الأراضي الفرنسية في شمال أمريكا) مقابل 15 مليون دولار. وبهذا الثمن
البخس كسبت أمريكا مساحة تفوق مساحة فرنسا ذاتها بأربعة أضعاف وتشمل اليوم
15 ولاية (أهمها لويزيانا التي اشتق اسمها من الامبراطور الفرنسي لويس آل
بوربون). والعجيب فعلا أن العقد الموقع بين الدولتين شمل - بالاضافة للأرض
- سكان مدينة نيو أورليانز وقبائل الهنود الحمر وأسماك المسيسيبي وأي
ثروات يحتمل اكتشافها لاحقا!!! وبالإضافة لهذه الصفقة العجيبة اشترت أمريكا في نفس
الفترة تقريبا ولاية فلوريدا من أسبانيا ب 5 ملايين دولار، وكامل ولاية
كاليفورنيا ب12 مليون دولار.. وفي عام 1859 اشترت ولاية آلاسكا من روسيا ب
7,5 ملايين دولار، كما عرضت على المكسيك شراء ولاية نيومكسيكو (وحين رفضت)
احتلتها بقوة السلاح!!
وبعد اكتمال الولايات المتحدة بشكلها الحالي بدأ التفكير
بشراء أراض جديدة (خارج القارة الأمريكية)..فبعد تزايد أعداد العبيد
المحررين في أمريكا بدأ بعض المشرعين ينادون بشراء ولاية جديدة (في
أفريقيا) لإعادة الزنوج إليها. وفي عام 1816 وافق الكونجرس على شراء أراض
افريقية شاسعة (تعرف اليوم باسم ليبيريا وعاصمتها مونروفيا نسبة الى
الرئيس الأمريكي جيمس مونرو)..
وباستثناء العديد من الجزر الصغيرة في المحيط الهادي تعد
(جزر هاوي) آخر ولاية تنضم لاتحاد الولايات الأمريكية عام 1959؛ ففي عام
1893 قام مرتزقة أمريكان بثورة في هاواي عزلوا خلالها الملكة كلاني عن
العرش وسيطروا على مقدرات البلاد. ولأنهم مرتزقة - وليسوا سياسيين - باعوا
الجزيرة لاحقا للحكومة الأمريكية مقابل 60 مليون دولار(!!!)..
أنا شخصياً أتساءل إن كان هناك من باعهم دولاً أخرى كالعراق وأفغانستان.. مثلاً