هيئات التنقيط تطلب من حكومة “هولاند” تنازلات في الأنفاق والسياسات الاجتماعية
نبه خبراء اقتصاديون إلى حساسية فقدان ثاني أكبر الاقتصاديات الأوروبية فرنسا لتصنيفها الائتماني الممتاز من قبل مؤسسة “فيتش”، بالنظر لانعكاساتها السلبية على مستوى مؤشرات اقتصادها الكلي، مشيرين إلى أن فرنسا تواجه ضغوطا على المدى القصير لحملها على إحداث تغييرات في سياساتها المهنية والاجتماعية، وأن توجهات هيئات تتقاطع مع منظمات “بروتون وودز” وأرباب العمل الفرنسيين للخروج من هاجس النفق المظلم اقتصاديا.
رهان جديد سيواجهه “فرانسوا هولاند” والحكومة الاشتراكية خلال الأشهر المقبلة بعد أن أقدمت “فيتش” على تخفيض تصنيف فرنسا من 3 أ إلى 2 أ، وبررت الهيئة هذا القرار بتباطؤ وتيرة انخفاض الدين العمومي وتواضع نسب النمو.
وصرح الخبير المالي كاميل ساري لـ “الخبر” أن قرار فيتش له عدة أبعاد، فهي هيئة مقربة من فرنسا وخاصة من اليمين الفرنسي ولم تشأ التحرك طوال حكم “نيكولا ساركوزي”، لذلك فإن هناك بعدا سياسيا أيضا في القرار الذي سيمثل عامل ضغط على الحكومة الاشتراكية التي يترأسها “جون مارك أيرو”، مضيفا أن تخفيض التصنيف عادة ما يؤثر على مستويات نسب الفوائد على الديون العمومية، ولكن في ظل وجود سيولة كبيرة تم ضخها من قبل البنوك المركزية الأوروبية، فإن هذا الاحتمال مستبعد. ومع ذلك فإن فرنسا ستعاني من ضغوط لحملها على تقديم تنازلات، خاصة وأن الإحصائيات تكشف عن سلبية المؤشرات الاقتصادية العامة الفرنسية.
ورأى الخبير المالي “كاميل ساري” أن هيئات التنقيط فقدت نوعا من وزنها وتأثيرها المباشر في السوق، ومع ذلك فإن هذا الإجراء سيشكل عامل ضغط كبير على الحكومة الفرنسية التي يطلب منها المزيد من تحرير مجالات تتفادى الخوض فيها لأنها حساسة، فقد تمت الإشارة على عدم بذل الحكومة لجهود في مجال تحرير العمل، إذ يتحاشى الرئيس هولاند التطرق إلى السماح بتسريح الموظفين والأجراء، كما يعاب على الحكومة عدم تفعيل القدرة التنافسية للمؤسسات التي تعاني أعباء التحويلات الاجتماعية، فالحكومة الفرنسية تخصص 65% من الناتج للتحويلات الاجتماعية في التعليم والضمان الاجتماعي والبطالة فضلا عن اقتطاعات للضرائب تزيد من ضعف القدرة التنافسية للمؤسسات، والحكومة لا تريد الذهاب بعيدا في هذا المجال.
بالمقابل، أكد دكتور الاقتصاد محجوب بدة أن دلالات قرار فيتش هامة لأن هيئة التنقيط مرتبطة بالشركة المالية القابضة الفرنسية “فيمالاك” التي يتزعمها “مارك دولاشاريير”، والتي تبقى مرتبطة بدورها بالمصالح المالية والاقتصادية الفرنسية رغم وجود مقرها الرئيسي بلندن وتوسعها في الولايات المتحدة، وقد أخرت أكثر من سنة مراعاة التصنيف الائتماني الفرنسي بعد قيام “ستاندار ان بورز” و “موديز” بذلك، فمجرد مراجعة التصنيف الفرنسي في هذا الظرف سيعطي حسبه مؤشرا سلبيا لثاني اقتصاد أوروبي،خاصة أن الاقتصاد الفرنسي يواجه عددا من التحديات الهيكلية بما فى ذلك التراجع التدريجي للقدرة التنافسية وضعف الربحية وجمود أسواق العمل والسلع والخدمات، وعليه فإن فرنسا ستواجه ضغوطا خاصة وسط توقعات ببلوغ معدل الدين العام إلى 96% من إجمالي الناتج الفرنسي وعدم تراجعه إلى غاية آفاق 2017.
ونبه دكتور الاقتصاد على أن مستويات البطالة تشكل أيضا تحديا للحكومة الفرنسية باقترابها من 11% وهو أعلى مستوى تبلغه مند 15 سنة، يضاف إليه ضعف نسبة النمو وهي بالتالي تدفع إلى تخفيض تصنيف فرنسا في سياق أزمة تمس معظم بلدان منطقة اليورو، ومؤشرات سلبية بالنسبة للسنة الحالية بالخصوص. وعن الفرق بين التقييم الأمريكي والفرنسي أشار الدكتور إلى أن إبقاء الولايات المتحدة رغم مستوى مديونيتها العالية يرجع أساسا إلى قدرتها على اللجوء إلى طبع الدولار الذي يبقى العملة الاحتياطية العالمية والهوامش التي تتمتع بها لتسيير مديونيتها، عكس الحالة الفرنسية التي ستعاني خلال السنتين المقبلتين من مستوى مديونية عال ومستوى بطالة مرتفع أيضا يقوض جهود الحكومة الفرنسية على المدى القصير لحقيق إنعاش اقتصادي مأمول، ويضاف إلى ذلك تدهور التوازنات المالية وخاصة الحساب الجاري الذي يساهم في ارتفاع الديون الخارجية لفرنسا، ما يقوض إمكانية انتعاش الاقتصاد الفرنسي سريعا.
http://www.elkhabar.com/ar/economie/344455.html
فرنسا ضاعت يا جدعان