مايسة سلامة الناجي
الأحد 28 يوليوز 2013 - 00:35
إن كنا نحن المسلمون المدافعون عن الحكم بشرع الله طامعين في الكراسي، فبنفس المبدأ، هؤلاء الذين يريدون إزاحة المسلمين للحكم بالطاغوت طامعون في الكراسي، الفرق أن هؤلاء ينجحون بالانقلابات والتزوير والتوسع والاستثمارات والمسلمون نجحوا بالصناديق وبالديمقراطية وبالصدق والشفافية!
يقولون إن المسلمين يتاجرون بالدين.. نتاجر بالدين لأننا نحارب الخمر والقمر والدعارة والربا بأموال الناس، وندافع عن الطهر والعفاف والزواج ونناضل لأخذ الزكاة من أموال الأغنياء ودفعها للفقراء.. فألله الله عليها تجارة.. تجارة رابحة لن تبور. فكيف بمن يومن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يأخذ من الإسلام ما يلائم أوقاتا يبتغي فيها الروحانيات وكأن الدين "يوڭا" ويرمي بعرض الحائط باقي التشريعات، تشريعات لا تناسب أرباحه وتجارته، لا تناسب غرائزه، لا تلائم أهواءه. يقطع الدين ويفصل كما يشاء ليعيش في خلوته عيشة حيوانية وفي جهره عيشة استبدادية ويتأمل في الله حين يكتئب أو يحس بنفسه اقترب من مفارقة الحياة.. فمن هو المتاجر بالدين حقيقة؟
من يتاجر بالدين؟ هل الذي يفرض على نفسه ما فرض الله من صلاة وصوم يقوم به النفس ويعدلها كرها وغصبا ويلجم الشهوات امتثلا وتسليما وتقويما، ولا يحلل إلا ما أحل الله رضا وتسليما، يعترف بالخطأ ولو على نفسه وأهله ولا يجد في نفسه حرجا مما قضى الله ورسوله في كل أمور دنيا من فكره إلى ماله إلى سلوكه.. أم الزائغ الذي لا يحكمه هواه، الذي يكفر بآية: "إن الحكم إلا لله"، الذي يكفر بآية: "وأحل الله البيع وحرم الربا"، الذي يكفر بآية: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر"، الذي يكفر بآية: "ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون"، وآيات وآيات يتنكرون لشريعتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بدعوى العلمانية سياسيا، والليبرالية اقتصاديا، والحريات الفردية..
فمن يتاجر بالدين؟ هل يتاجر به من التزم به ودخل في السلم كافة وامتثل لأمر الله ودعى له، أم يتاجر به من يقطعه ويمزقه ويدعي أن دين الله تخلف به عن ركب الحضارة وأهانه! والعبرة لأولى الأبصار.