«السيسى» يهاجم أمريكا فى عقر دارها: دعمتم أنظمة غير ديمقراطية وغير محترمة للحفاظ على مصالحكم«الوطن» تنشر النص الكامل لدراسة وزير الدفاع فى كلية الحرب الأمريكية عام 2006 (1 من 2)كتب : محمد البلاسىالإثنين 12-08-2013 09:29طباعة
أثناء دراسته بكلية الحرب فى الولايات المتحدة، عام 2006، كتب الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع بحثاً مكوناً من 17 صفحة بعنوان «الديمقراطية فى الشرق الأوسط»، تناول خلاله تأثير الديمقراطية على بلدان الشرق الأوسط، وكذلك تقييم الظروف الاستراتيجية والسياسية فى المنطقة، وسلّط الضوء على التحديات، والمخاطر، والمزايا التى يقدمها النموذج الديمقراطى، إضافة إلى وجهات نظر مختلفة لدول الشرق الأوسط، والدول الغربية نحو الثقافة وآثار الفقر، والتعليم، وغياب وجود الرؤية الاستراتيجية، ودور الدين، والطبيعة النفسية للشعوب، والحكومات، والمخاطر الكامنة فى الديمقراطيات الجديدة.
واعتبر السيسى أن منطقة الشرق الأوسط إحدى أهم المناطق فى العالم، ورصد العوامل المؤثرة على المنطقة بقوله: «الشرق الأوسط مهد الديانات الكبرى، وتأثير الطبيعة الدينية للمكان واضح فى ثقافة شعوب الشرق الأوسط، فالدين هو أحد أهم العوامل التى تؤثر فى سياسات المنطقة، وبسبب طبيعة ثقافة الشرق الأوسط، يجب على المرء أن يأخذ فى الاعتبار الطبيعة الدينية للشعب عند إجراء المفاوضات الدبلوماسية ووضع سياسة عامة، ومن الناحية الاقتصادية، أنعم الله على الشرق الأوسط باحتياطيات الغاز الطبيعى والنفط التى توفر الكثير من احتياجات العالم من الطاقة الهائلة، وبسبب ذلك فإن القوى العظمى فى العالم حريصة على المنطقة، وتحاول التأثير والهيمنة عليها، ونتيجة لذلك، فإن الشرق الأوسط تحت ضغط مستمر لإرضاء أجندات متعددة لبلدان مختلفة قد لا تتوافق مع احتياجات أو رغبات شعوب الشرق الأوسط، وعلاوة على ذلك، فإن الشرق الأوسط، من المنظور الجغرافى، هو منطقة استراتيجية بسبب قناة السويس، ومضيقى هرمز، وباب المندب، وهذه كلها ممرات تجارية مهمة، وحيوية إضافة إلى أهميتها العسكرية والطبيعة الاستراتيجية للمنطقة، إلى جانب أن الطابع الدينى للثقافة يخلق تحديات تواجه إقامة ديمقراطية فى جميع أنحاء المنطقة على المدى القريب».
- اقتباس :
ينبغى على الهيئات التشريعية أخذ تعاليم الإسلام بعين الاعتبار ولن تكون هناك حاجة لإنشاء سلطات دينية منفصلة
وعن الصراع العربى الإسرائيلى، قال «السيسى»: هذا الصراع يُعقّد مواصلة تطوير الديمقراطية فى المنطقة، فهو لا يقتصر على الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، ولكنه يؤثر على جميع العرب فى الشرق الأوسط، كما أن حقيقة أن إسرائيل تمثل مصالح الغرب تثير الشكوك بين العرب حول الطبيعة الحقيقية للديمقراطية، وهذا بدوره يبطئ من ظهور الديمقراطية فى الشرق الأوسط، وربما يبرر ظهور أى نوع من الديمقراطية التى تعكس مصالح دول الشرق الأوسط، وربما لا تتشابه مع الديمقراطية الغربية، وعلى الرغم من أن الشرق الأوسط هو فى بدايته للانتقال نحو أشكال الحكم الديمقراطى، فإنه لا تزال هناك بقايا للأنظمة الديكتاتورية، والاستبدادية، وإلى جانب التوتر الموجود بالفعل فى الشرق الأوسط بسبب الصراعات فى العراق، وأفغانستان، والمناطق المحيطة بإسرائيل، إلا أن شروط تطور الديمقراطية النامية ستكون صعبة، فهناك صراعات، وتوترات قائمة يجب حلها قبل أن تقبل شعوب المنطقة بتطبيق الديمقراطية».
وعن الأنظمة الحاكمة فى الشرق الأوسط قال «السيسى»: «هناك العديد من القادة المستبدين يدّعون أنهم يؤيدون نظم الحكم الديمقراطية لكنهم لا يرغبون فى التخلى عن السلطة، وبعضهم لديه أسباب وجيهة لذلك، فبعض البلاد غير معدة أو منظمة بطريقة تجعلها تدعم حكومة ديمقراطية، والأهم من ذلك، وجود بعض المخاوف المتعلقة بالأمن الداخلى والخارجى للبلدان، فالعديد من قوات الشرطة والجيش فى هذه البلاد موالية للحزب الحاكم، فإذا تطورت الديمقراطية مع مؤسسات ودوائر جديدة لن تكون هناك ضمانة بأن الشرطة والجيش سيدينان بالولاء للأحزاب الحاكمة الناشئة، وبالتالى فإن قوات الأمن تحتاج لتطوير ثقافة الالتزام والولاء للبلاد وليس للحزب الحاكم، وعلاوة على ذلك، فإن الشعب بحاجة إلى أن يكون مستعداً للمشاركة فى نظام حكم ديمقراطى، وهذا يتطلب وقتاً لتثقيف المواطنين، وكذلك تطوير العملية الديمقراطية التى ستمكّن الديمقراطية من التقدم بالبلاد إلى الأمام».
وعن السياسات الأمريكية فى المنطقة قال «السيسى»: «لقد كانت أمريكا قوة دافعة فى الشرق الأوسط فيما يتعلق بدعم المصالح الوطنية للولايات المتحدة، وفى إطار جهودها للقيام بذلك، دعمت الأنظمة غير الديمقراطية وبعض الأنظمة «غير المحترمة» فى الشرق الأوسط، ومن أمثلة ذلك دعمها لبعض الأنظمة الخليجية، ونظام صدام حسين وبعض أنظمة شمال أفريقيا، ولهذا يتساءل الكثيرون عن دوافع الولايات المتحدة ورغبتها فى إقامة الديمقراطية فى الشرق الأوسط الآن، وهل الانتقال الديمقراطى فى مصلحة الولايات المتحدة، أم فى مصلحة دول الشرق الأوسط، إن تطور الديمقراطية فى الشرق الأوسط لن يحدث بسهولة إذا ما اعتُبرت الديمقراطية خطوة من جانب الولايات المتحدة بهدف تحقيق مزيد من المصالح الاستراتيجية لها، كما أن هناك قلقاً من أن الحرب على الإرهاب هى فى الحقيقة مجرد قناع لإقامة الديمقراطية الغربية فى الشرق الأوسط، ولكى تنجح الديمقراطية فى الشرق الأوسط، يجب أن تعكس مصالح دول الشرق الأوسط وليس مصالح الولايات المتحدة فقط، ويجب أن يُنظر إلى الديمقراطية على أنها مفيدة لشعوب الشرق الأوسط، وأن تظهر الاحترام لطبيعة الثقافة الدينية، فضلاً عن تحسين ظروف المواطن العادى».
وعن مقاييس نجاح الديمقراطية فى المنطقة قال: «إن المعيار الرئيسى لاختبار الديمقراطية فى الشرق الأوسط هو تطور الديمقراطية فى العراق، وهل ستسمح الولايات المتحدة للعراق بأن يطور ديمقراطيته الخاصة أم أنها ستحاول تكوين ديمقراطية موالية للغرب؟ فعلى سبيل المثال، هناك طوائف مختلفة من المسلمين (الإخوان، والشيعة، إلخ)، ومن المرجح أن يظهروا فى مختلف دول الشرق الأوسط فى إطار الحكم الديمقراطى، وإذا ما نظر العالم العربى للعراق باعتباره دُمية أمريكية، فلن تسعى دول المنطقة للمضىّ قدماً نحو الديمقراطية، وإذا فعلوا ذلك فهل ستكون أمريكا مستعدة لقبول ديمقراطيات الشرق الأوسط فى شكلها الخاص، التى قد تكون أو لا تكون متعاطفة مع المصالح الغربية؟ خصوصاً أن رغبات شعوب المنطقة فى السنوات الأولى للديمقراطية، ستكون نفسها محل نظر، هل يريدون حقاً الديمقراطية؟ وهل هم على استعداد لتغيير سلوكهم لإنجاح التحول الديمقراطى؟ ذلك لأن تغيير الثقافة السياسية هو شىء صعب، ومن السهل القول بأن الديمقراطية هى الشكل المفضل للحكم، ولكن القدرة على الوفاء بمتطلبات ذلك، والقبول ببعض المخاطر هو شىء آخر، فمثلاً، أثبت التاريخ أنه فى السنوات العشر الأولى من أى ديمقراطية جديدة، من المرجح أن يحدث صراع خارجى أو داخلى باسم الديمقراطية الجديدة، وبينما تتطور الديمقراطية يجب أن يكون الشعب ملتزماً بالديمقراطية وعلى استعداد للتغلب على التحديات المختلفة».
وعن تغيير الأنظمة الحاكمة فى المنطقة قال: «إن تغيير الأنظمة السياسية المستبدة إلى حكم ديمقراطى لن يكون كافياً لبناء ديمقراطية جديدة، لأن ذلك سيتطلب تعديلاً، وتطويراً فى نظم التعليم، والاقتصاد، والدين، والإعلام والأمن والقضاء، ونتيجة لذلك، سوف يستغرق الناس وقتاً للتكيف مع الشكل الجديد من أشكال الحكومة ونظام السوق الحر الذى سوف ينشأ، وعلاوة على ذلك، فإن البلدان الديمقراطية يجب أن تدعم الديمقراطيات الجديدة، وفى رأيى فإن الديمقراطية تحتاج إلى بيئة جيدة تتمتع بوضع اقتصادى معقول، ونظام تعليم جيد، وفهم معتدل للقضايا الدينية، وفى النهاية رغبة من الأنظمة فى تقاسم السلطة مع الشعب».
وعن دور رجال الدين فى العملية الديمقراطية تابع: «بالنظر إلى أن دول الشرق الأوسط لديها قاعدة دينية قوية، فإنه من المهم بالنسبة للزعماء الدينيين إقناع المواطنين فى الشرق الأوسط أن الديمقراطية أمر جيد للبلاد، وليست فى صراع مع القيم الإسلامية المعتدلة، ويمكن لهذا النوع من الدعم الشعبى من الزعماء الدينيين الإسهام فى بناء أنظمة ديمقراطية ومباركة التغيير الذى سيصاحب عملية الانتقال الديمقراطى».
واستطرد السيسى: «إن التغيير الديمقراطى سيتطلب بعض التغيرات المصاحبة له، ولا يمكن أن نتوقع من دول الشرق الأوسط التحول بسرعة إلى حكم ديمقراطى، وهناك قلق فى الشرق الأوسط أن أمريكا -بالنظر لعدوانها على العراق وأفغانستان- فى عجلة من أمرها لـ «دمقرطة» الشرق الأوسط، إن التحرك نحو الديمقراطية بسرعة كبيرة يمكن أن يؤثر على الاستقرار فى المنطقة، كما قد ينظر إلى الدوافع الأمريكية على أنها أنانية ولا تدعم أسلوب حياة شعوب الشرق الوسط، فمن المهم أن تتحرك دول الشرق الأوسط نحو الديمقراطية بطريقة ثابتة ومنطقية ومنضبطة طبقاً لأسلوب حياة شعوب المنطقة، كما يجب أن تدعمها الديمقراطيات الغربية فى نواحى الاقتصاد، والتعليم، والتكنولوجيا للمساهمة فى تعزيز التنمية والتغيير».
- اقتباس :
نحتاج لتطوير ثقافة الولاء للوطن.. والانتقال للديمقراطية يحتاج إلى تعديل نظم التعليم والاقتصاد والإعلام
وقدم «السيسى» شرحاً لمفهوم الديمقراطية من منظور إسلامى قائلا: «من المهم أن نفهم كيف يُنظر إلى الديمقراطية من قبل الناس العاديين فى الشرق الأوسط، فالديمقراطية كالعلمانية، من غير المرجح أن تلقى ترحيباً من قبل الغالبية العظمى من شعوب الشرق الأوسط، الذين هم مسلمون متدينون، وهناك اختلاف بين الدول الإسلامية فيما يتعلق بالشكل الديمقراطى للحكومة، فمن ناحية، هناك أولئك الذين يعتقدون أن الحكم الديمقراطى يمكن أن يتماشى مع الطبيعة الدينية لمجتمعات الشرق الأوسط، ولكن من ناحية أخرى هناك من يعتقد أن الثقافة القبلية لدول الشرق الأوسط قد لا تكون مناسبة للحكم الديمقراطى الذى سيؤدى إلى الكثير من الخلافات، ولهذا فإن النتيجة ستكون مجتمعاً منقسماً لا يمكن توحيده بفعالية، علاوة على أن هناك أيضاً خطر أن يؤثر ذلك على وحدة الدين الإسلامى والإيمان به، وعلى الرغم من أن المخاوف موجودة وظاهرة فإن النسبة الأكبر من المواطنين ينظرون لروح الديمقراطية، أو الحكم الذاتى، باعتباره شيئاً إيجابياً ما دام يبنى البلد، ويحافظ على أسس الدين فى مواجهة عدم الاستقرار وعدم الاهتمام بالدين وسيخلق هذا التوازن تحدياً كما حاولت معظم الديمقراطيات الغربية الحفاظ على الفصل بين الكنيسة والدولة، وهذا يوضح أن الديمقراطية فى الشرق الأوسط ليس بالضرورة أن تكون مشابهة للديمقراطيات الغربية، فيمكن أن يكون لها شكلها الخاص إلى جانب وجود أسس دينية قوية».
وتابع: «إن الديمقراطية لا يمكن أن تُفهم فى الشرق الأوسط دون فهم مفهوم الخلافة التى يعود تاريخها إلى عهد النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فخلال حياته ويليها 70 عاماً بعد وفاته كانت الدولة مثالية، فقد خلقت الخلافة طريقة للحياة والتعايش بين الناس وداخل الهيئات الإدارية، وتعتبر تلك الفترة من الزمن خاصة جداً، إذ إنها جسدت النموذج المثالى للحكومة، وهو نموذج معترف به على نطاق واسع وتتطلع إليه أى حكومة وهى مشابهة للأهداف التى تتبعها وتسعى إليها الولايات المتحدة مثل الحق فى الحياة، والحرية والسعى لتحقيق السعادة، ومن وجهة نظر شعوب الشرق الأوسط، فإن الكلمات التى تحدد شكل الديمقراطية ستكون على الأرجح، الإنصاف والعدالة، والمساواة والوحدة والتكافل، وعلى الرغم من أن تحقيق المثل العليا كان دائماً ضمن أولويات المجتمع، لكن بعد وفاة الرسول بفترة زمنية، بدأ الحكام الذين كانوا يمثلون الخلافة فى الابتعاد عن المثل العليا التى رسخها النبى، وبدأوا فى استخدام سلطاتهم لتحقيق رفاهيتهم الخاصة وبدلاً من السعى لرفاهية شعوبهم حاولوا إحكام قبضتهم على السلطة من خلال تعيين الأقارب، وأهل الثقة عوضاً عن أهل الكفاءة المؤهلين، ولهذا ازداد السخط تجاه إدارة الدولة، ما أدى إلى ظهور صراعات قبلية وعرقية فككت الدولة، واليوم لا نزال نعانى من تداعيات الانقسامات التى حدثت فى وقت مبكر داخل المجتمع الإسلامى، حيث يوجد فى المنطقة مختلف الفصائل القبلية والعرقية، ونظراً لهذا الوضع، يصبح توحيد تلك الفصائل أحد التحديات التى تواجه محاولات إعادة إقامة الخلافة الرشيدة من جديد».
وتناول السيسى فى رسالته بعض مفاهيم الحكم الإسلامى قائلاً: «هناك مسائل ذات علاقة بموضوع الخلافة مثل البيعة والشورى، ويرجع تاريخهما للسنوات الأولى من الإسلام، وبالتالى فهى مفاهيم مهمة ومحترمة، فالبيعة هى عملية انتخابية لاختيار الخليفة، بينما الشورى تعتبر هيئة استشارية، وظيفتها أن يكون الحكم متوافقاً مع تعاليم الإسلام، وعلى الرغم من أن هذه العمليات لها خلفيات تاريخية دينية، فإنها تمثل أيضاً الآليات التى يمكن أن تتطور الديمقراطية من خلالها، ونظراً للطبيعة الدينية لثقافة الشرق الأوسط، كيف يمكن أن نبنى دولة ديمقراطية فى الشرق الأوسط؟ هل سيكون هناك 3 أو 4 فروع للحكومة؟ وهل ينبغى أن يضاف فرع دينى إلى السلطتين التنفيذية، والتشريعية والقضائية لضمان توافق القانون مع الدين؟ قد يكون الجواب بنعم، ولكن هذا ربما لا يكون أفضل وسيلة، من الناحية المثالية، ينبغى على الهيئات التشريعية، والتنفيذية والقضائية أخذ تعاليم الإسلام بعين الاعتبار عند القيام بواجباتها، وعلى هذا النحو، لن تكون هناك حاجة لإنشاء سلطات دينية منفصلة، ومع ذلك، فإنه لتقنين المبادئ الرئيسية للعقيدة الإسلامية، ينبغى أن يكون ذلك مذكوراً فى الدستور أو وثيقة مشابهة، وهذا لا يعنى تأسيس دولة دينية، بل يعنى أنه سيتم تأسيس ديمقراطية مبنية على المعتقدات الإسلامية».
وعن مفهومه للديمقراطية، قال: «ينبغى تمكين ديمقراطية الشرق الأوسط من الظهور، قد لا تكون على نفس النمط الغربى، لكنها ستكون بداية، والقاعدة العامة هى أن الشرق الأوسط هو الأكثر تأييداً لروح الديمقراطية، وسيعتمد عليها طالما أنه يسعى إلى الوحدة الشاملة، وهذا يشمل السماح لبعض الفصائل التى قد تعتبر راديكالية، لا سيما إذا كانت مدعومة بأغلبية، بالمشاركة فى انتخابات حرة، فالعالم لا يمكن أن يطالب بالديمقراطية فى الشرق الأوسط، ثم يستنكرها لأن الفائزين فى الانتخابات أقل تأييداً للغرب، على سبيل المثال، فإن الفلسطينيين المنتخبين مؤخراً من حركة حماس ليسوا على علاقة طيبة مع الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، ولكنهم قد انتُخبوا بطريقة شرعية، والأمر الآن متروك لحماس وبقية دول العالم للعمل على تسوية خلافاتهم السياسية، ومن المهم أن ندرك أنه على الرغم من وجود فروق ذات دلالة إحصائية، فيما يتعلق بوضع إسرائيل، فإن الأحزاب الفائزة فى الانتخابات الإسرائيلية تشكل الحكومة المنتخبة وتعطى فرصة للحكم، وإذا لم تتوفر فرص مماثلة فى الانتخابات الخاصة ببلدان الشرق الأوسط، فإن دول المنطقة ستشكك فى مصداقية الدول الغربية، ونواياهم الحقيقية فيما يتعلق بالحكم الديمقراطى وما يمثله».
- اقتباس :
العالم لا يمكن أن يطالب بالديمقراطية فى الشرق الأوسط ثم يستنكرها لأن الفائزين فى الانتخابات أقل تأييداً للغرب
ورأى السيسى وجوب التعاون بين الأطراف المختلفة قائلاً: «فى تلك المرحلة فى تاريخ الشرق الأوسط، فإن مسألة الديمقراطية هى مسألة مهمة يجب وضعها فى الاعتبار، فالكثيرون فى الشرق الأوسط يشعرون بأن النظم المستبدة التى كانت موجودة سابقاً وحالياً لم تحقق التقدم الذى توقعته شعوبها، خاصة عند المقارنة مع بعض الدول الأخرى فى العالم الإسلامى مثل ماليزيا، وباكستان، وإندونيسيا؛ ناهيك عن بعض الدول الغربية، فمسألة إقامة ديمقراطية على النمط الإسلامى لا يجب طرحها على هذا النحو، فالديمقراطية والإسلام يمكن أن يتعايشا معاً، فعندما تم تأسيس الديمقراطية فى الولايات المتحدة كان ذلك على أساس القيم المسيحية واليهودية، وبالنظر إلى التأثير المفرط للكنيسة فى بريطانيا قررت الولايات المتحدة أن تدرج بعض المواد فى الدستور لفصل الكنيسة عن الدولة، ولكن لم يُستبعد الدين من الحكم على الرغم من اعتقاد البعض بذلك، وفى السنوات الأولى من نشأة الولايات المتحدة، كان الدين مهماً وشكّل قيم الأمة الأمريكية، وفى الشرق الأوسط، فإن هذا النهج لا يختلف كثيراً باستثناء أن الإيمان الإسلامى هو الأساس الذى يقوم عليه شكل ديمقراطية الشرق الأوسط للديمقراطية التى ستُبنى، كما هو الحال مع التقاليد الأمريكية، سيُسمح للأديان الأخرى بالوجود، لكن الدين السائد فى الشرق الأوسط هو الإسلام، ولذلك فمن المنطقى أن نفترض أن الشكل الديمقراطى للحكومة سيؤسَّس على تلك المعتقدات، والتحدى القائم هو ما إذا كان باقى العالم سيكون قادراً على قبول الديمقراطية فى الشرق الأوسط طبقاً للمعتقدات الإسلامية، من الناحية العملية، لا ينبغى أن يشكل ذلك مشكلة لأن المعتقدات الإسلامية تؤدى إلى سلوك أكثر تشابهاً مع سلوك المتدينين الآخرين».
وعن التحديات التى تواجه الديمقراطية فى الشرق الأوسط قال السيسى: «داخلياً، هناك عدد من التحديات التى من شأنها إعاقة العملية الديمقراطية مثل الفقر، والتعليم، وممارسة الشعائر الدينية، والطبيعة النفسية للمواطنين والحكومة، فالدخل القومى لمواطنى دول الشرق الأوسط (الناتج القومى) مجتمعين 700 مليار دولار سنوياً وهو أقل من دخل مواطنى بلد واحد مثل إسبانيا، وعند النظر إلى جميع البلدان الإسلامية، بما فيها البلاد التى تقع خارج منطقة الشرق الأوسط، فإن دخلها بأكمله هو أقل من دخل دولة مثل فرنسا، وأسباب الفقر فى الشرق الأوسط متعددة وعلى رأسها الصراعات ومنها الصراع العربى الإسرائيلى، والحرب بين إيران والعراق، ونزاع الصحراء المغربية، والخلافات بين سوريا ولبنان، هذا على سبيل المثال لا الحصر، ما زاد من الدين الداخلى والخارجى على حد سواء، وحال دون تحقيق نمو اقتصادى إضافة إلى أن السياسات الاقتصادية السيئة والقرارات السياسية الخاطئة قد تسببت فى تفاقم الأمور».
غلاف دراسة السيسى
الديمقراطية من المنظور الإسلامى
إعادة إحياء الخلافة الرشيدة
صفحة توضح ملخص موضوعات الدراسة
المصدر