ﻧﺺ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻮﺛﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺟﺮﺗﻪ »ﺍﻹﻧﺘﺒﺎﻫﺔ « ﻓﻲ ﻳﻮﻡ 19
ﺃﻏﺴﻄﺲ 2009 ﻡ ﻣﻊ ﻧﺎﺟﻴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺠﺰﺭﺓ ﺗﻮﺭﻳﺖ
..«1955» ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: ﻧﺰﻋﻮﺍ ﻣﻨﻲ ﺍﺑﻨﻲ
ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ ﻓﻀﺮﺑﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﺮﺏ
ﻣﻌﻨﺎ ﺷﺎﻱ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ
< ﺍﺟﺮﺍﻩ: ﺃﺣﻤﺪ ﻃﻪ ﺻﺪﻳﻖ
ﻋﺒﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ﻧﻌﻴﺪ ﻧﺺ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻮﺛﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺟﺮﺗﻪ
» ﺍﻹﻧﺘﺒﺎﻫﺔ « ﻓﻲ ﻳﻮﻡ 19 ﺃﻏﺴﻄﺲ 2009ﻡ ﻣﻊ ﺇﺣﺪﻯ
ﺍﻟﻨﺎﺟﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﺠﺰﺭﺓ ﺗﻮﺭﻳﺖ 1955، ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺣﺪﺍﺛﻬﺎ
ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﺘﻤﺮﺩ. ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ
ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﺟﺮﺕ ﺇﺑَّﺎﻥ ﺣﻜﻢ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ، ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ
ﺣﺎﻛﻤﺎً ﻟﻠﺒﻼﺩ.. ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﺆﻭﻻً ﻋﻦ ﻓﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ
ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ.. ﻭﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻣﻬﺪﻯ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺘﺒﺎﻛﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ
ﺑﺪﻣﻮﻉ ﺳﺨﻴﻨﺔ، ﻋﻠَّﻬﻢ ﻳﺬﺭﻓﻮﻥ ﺩﻣﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻡ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺮﺃﻭﻥ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻟﺪﺍﻣﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ.
ﺟﺎﺀ ﺍﻷﻣﺒﺎﺷﻲ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻨﺎ ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﻓﺄﻭﺩﻋﻮﻧﺎ ﺩﺍﺧﻞ
ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺐ ﺑﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ.. ﻫﻜﺬﺍ ﺍﺑﺘﺪﺭﺕ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺃﻡ
ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻘﺮﺍﻱ، ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻨﺎﺟﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﺠﺰﺭﺓ
ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺗﻮﺭﻳﺖ «1955» ﺣﻴﺚ ﺭﻭﺕ ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻟﺮﻋﺐ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺀ
ﻭﺍﻟﺴّﺤﻞ ﺑﺬﺍﻛﺮﺓ ﺣﺎﺿﺮﺓ، ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﺎﻟﻲ
ﺑﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻊ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﻋﺮﻭﺱ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ
«1954» ﻭﺗﻮﺍﺻﻞ ﺣﻜﺎﻳﺘﻬﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ: »ﺑﻘﻴﻨﺎ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺮﻛﺰ
ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﺘﺤﺖ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺻﺒﺎﺣﺎً ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻨﺎ ﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻠﻤﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﺃﺣﺪ
ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻳُﺮﻣﻰ ﺑﺎﻟﺮﺻﺎﺹ ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﻞ
ﻣﺴﺎﻋﺪﺍً ﻃﺒﻴﺎً ﻓﺎﻧﺘﺰﻉ ﻣﻨﻲ ﻃﻔﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻩ «9»
ﺃﺷﻬﺮ ﻓﻘﻂ ﻭﺃﺧﺬ ﻳﺮﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﺛﻢ ﻳﻀﺮﺏ ﺑﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﺘﻰ
ﻣﺎﺕ ﻟﻴُﺪﻓﻦ ﻣﻊ ﺃﻋﻤﺎﻣﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗُﺘﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺰﺭﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ،
ﻭﻛﻨﺎ ﻧﻌﺮﻑ ﺟﻨﻮﺑﻴﺎً ﻣﺴﻠﻤﺎً ﻳﻌﻤﻞ »ﺑﻮﺳﻄﺠﻲ « ﻓﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻲَّ
ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻲ: »ﺍﺫﺍ ﺳﺄﻟﻮﻛﻲ ﻗﻮﻟﻲ ﺇﻥ ﺃﻣﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺗﻮﻛﺎ ﻭﺇﻥ
ﻭﺍﻟﺪﻙ ﻣﺼﺮﻱ « ﻓﺠﺎﺀ ﺍﻷﻣﺒﺎﺷﻲ ﻭﺳﺄﻟﻨﻲ ﻋﻦ ﻗﺒﻴﻠﺘﻲ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ
ﺇﻥ ﺃﻣﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺗﻮﻛﺎ ﻭﺇﻥ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ: ﻫﻞ
ﺗﻌﺮﻓﻴﻦ ﺍﻟﺮﻃﺎﻧﺔ؟ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ: ﺃﻣﻲ ﻣﺎﺗﺖ ﻭﺗﺮﺑﻴﺖ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ: ﺳﻨﺬﻫﺐ ﺑﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻳﺪﻱ ﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﺼﺮﻱ ﺍﺳﻤﻪ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻌﻠﻤﺎً ﻓﻲ ﻣﺮﻳﺪﻱ ﻭﻟﻨﺮَ ﺇﻥ ﺗﻌﺮَّﻑ ﻋﻠﻴﻚ
ﻓﺄﺣﻀﺮﻭﺍ ﻋﺮﺑﺔ ﻭﺻﻌﺪﻧﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻣﻌﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻗﺎﻟﺖ ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﺰﺍﻧﺪﻱ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮﻑ ﻟﻬﺠﺘﻬﻢ .
ﻭﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺃﻣﺎﺩﻱ ﺃﺩﺧﻠﻮﻧﻲ ﺳﺠﻨﺎً ﻭﺣُﺒﺴﺖ ﻓﻴﻪ ﻟﻤﺪﺓ ﻳﻮﻣﻴﻦ
ﺃﻧﺎ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ .
ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﻣﻔﺘﺶ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﻭﻛﺎﻥ ﺟﻨﻮﺑﻴﺎً ﻭﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻘﺎﻡ ﺑﻨﺸﺮ ﻃﺒﻠﺔ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺛﻢ ﺃﺧﺬﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ،
ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﻮﻥ ﻭﺍﺣﺘﺠﻮﺍ ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻤﻔﺘﺶ ﻭﺍﺣﺘﺪُّﻭﺍ ﻣﻌﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: » ﻻ ﺗﻘﺘﻠﻮﻫﻢ ﺑﻞ
ﺧﺬﻭﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻳﺪﻱ ﻛﻤﺎ ﻭﻋﺪﺗﻤﻮﻫﻢ » ﻓﺄﺧﺬﻭﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﺔ
ﻭﺍﺗﺠﻬﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻳﺪﻱ ﻟﻴﻼً ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻧﺰﻟﻮﻧﺎ
ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻈﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺗﻤﻄﺮ ﻭﺟﻠﺴﻨﺎ
ﺗﺤﺖ ﺣﺎﺋﻂ، ﺃﻧﺎ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺷﺎﺏ ﺟﻨﻮﺑﻲ ﺻﻐﻴﺮ ﻓﺴﺄﻟﻨﺎ
ﻋﻦ ﺟﻠﻮﺳﻨﺎ ﻭﺣﻴﺪﺗﻴﻦ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻮ ﺍﻟﻤﻤﻄﺮ ﻭﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﻓﺮﻭﻳﻨﺎ
ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﺪﻋﺎﻧﺎ ﻷﻥ ﻧﺬﻫﺐ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻟﻜﻨﻨﺎ
ﺭﻓﻀﻨﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﺧﺎﺋﻔﺘﻴﻦ ﻭﻓﻀﻠﻨﺎ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﻬﻤﺎ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻨﺎ : ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺮﻳﺪﻱ ﻣﻴﺪﺍﻥ
ﻳﺴﻤﻰ » ﻃﻴﺎﺭﺓ « ﻛﺎﻧﺖ ﺍﺣﺘﺮﻗﺖ ﻓﻴﻪ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﻭﺗﻮﺟﺪ
ﻓﻴﻪ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻭﺳﺄﺫﻫﺐ ﻣﻌﻜﻤﺎ ﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻘﺴﻴﺲ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺎﺏ
ﻳﻤﺘﻄﻲ ﺩﺭﺍﺟﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻧﺴﻴﺮ ﺧﻠﻔﻪ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﻨﺎ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺣﻴﻦ ﺩﻟﻔﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻣﻌﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻋﺪﺩﻫﻦَّ 13» ﺍﻣﺮﺃﺓ « ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺴﻴﺲ ﻳُﺤﻀﺮ ﺍﻟﻌﻴﺶ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﺎﺕ ﻳﻘﻤﻦ ﺑﻄﺤﻨﻪ ﻭﺃﻋﻄﻴﻨﻨﻲ ﻣﻼﺑﺲ، ﻭﻣﻜﺜﻨﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﻳﻮﻣﺎً ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀﺕ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻻﺣﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﺘﻔﺠِّﺮ ﻭﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺟﻴﻦ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﻴﻦ. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺧﺮﺟﺖ
ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺤﺼﺎﺣﻴﺼﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺋﻲ ﻛﻦ ﻣﻌﻨﺎ ﺩﺍﺧﻞ
ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﺤﻜﺖ ﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﺃﻭﺿﺎﻋﻨﺎ ﻭﺃﻋﻠﻤﺘﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﻘﻀﻴﺘﻲ،
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﺃﻥ ﺯﻭﺟﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺣﻴﺚ
ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﺠﻨَّﺪ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻣﻌﻬﻢ.
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻊ ﺣﻜﺎﻳﺘﻲ ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻧﻨﻲ ﻣﺎﺯﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﻥ ﺗﻨﺎﺩﻳﻨﻲ ﻓﺠﺎﺀﺗﻨﻲ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻫﻨﺎﻙ
ﻋﺴﻜﺮﻱ ﻳﺮﻳﺪﻙ ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﺤﻴَّﺎﻧﻲ ﺯﻭﺟﻲ ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻢ
ﺃﻋﺮﻓﻪ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﻣﻼﺑﺲ ﻋﺴﻜﺮﻳَّﺔ ﻭﻟﻢ ﺃﺷﺎﻫﺪﻩ ﺑﻬﺎ ﻗﺒﻞ
ﺫﻟﻚ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺧﺬ ﻳﺤﺪِّﺛﻨﻲ ﻋﻦ ﺇﺧﻮﺗﻪ ﻭﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻗﺮﺑﺎﺀ
ﺗﻌﺮﻓﺖُ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺃﺧﺬﺕ ﺃﺑﻜﻲ ﻭﺃﺧﺒﺮﺗﻪ
ﺃﻥ ﺇﺧﻮﺗﻪ ﻗُﺘﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ. ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﺤﺮﻛﺖ ﺍﻟﻘﻮﺓ
ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻓﻄﻠﺐ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﻘﻮﺓ
ﻣﻦ ﺯﻭﺟﻲ ﺍﻟﻤﻜﻮﺙ ﻣﻌﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ.
ﻭﺑﻌﺪ ﺣﻮﺍﻟﻰ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺟﺎﺀﺗﻨﺎ ﻗﻮﺓ ﻋﺴﻜﺮﻳَّﺔ ﺷﻤﺎﻟﻴَّﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ
ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﻤﺸﻴﻂ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﺄﺧﺬﻭﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺛﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻓﻲ
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﻮﺑﺎ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﺎﺕ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻳﻨﻬﻤﺮ ﺑﺸﺪﺓ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ
ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺗﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ ﺗﻢ ﺗﺮﺣﻴﻠﻨﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻓﻲ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻋُﻘﺪﺕ ﻣﺤﺎﻛﻤﺎﺕ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺭﻃﻴﻦ ﻓﻲ
ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﻭﺗﻤﺖ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﻄﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺘﻞ
ﺍﺑﻨﻲ ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ ﺿﺮﺑﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺎﻹﻋﺪﺍﻡ ﻭﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ
ﺻﺪﻳﻘﺎً ﻷﺳﺮﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﺎﻟﻲ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻭﻳﺸﺮﺏ ﻣﻌﻨﺎ ﺷﺎﻱ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ!
ﻣﺠﺰﺭﺓ ﺟﻤﺎﻋﻴَّﺔ
ﻭﺗﺮﻭﻱ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﺶ ﻋﺒﺎﺱ ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ
ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻪ ﺃﺳﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﺭﻳﺖ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﺗﺎﺟﺮﺍً
ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺗﺘﻜﻮﻥ ﺃﺳﺮﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﻳﻬﺎ ﻭﺃﺧﻮﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻭﻃﻔﻠﺔ
ﺻﻐﻴﺮﺓ، ﻭﺗﻘﻮﻝ: ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺃﻏﺴﻄﺲ «1955»
ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻇﻬﺮﺍً ﻧﺘﻨﺎﻭﻝ ﻭﺟﺒﺔ ﺍﻟﻐﺪﺍﺀ ﻓﺴﻤﻌﻨﺎ ﻓﺠﺄﺓ
ﻣﻮﺍﻃﻨﺎً ﺟﻨﻮﺑﻴﺎً ﻳﻀﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻞ ﻭﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﺮﻃﺎﻧﺔ ﻣﺤﺬﺭﺍً ﻟﻨﺎ
ﺑﺄﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻳﻮﻣﺎً ﺳﻨُﻘﺘﻞ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻧﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻼﺩﻫﻢ.
ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺑﺈﺧﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺪﺗﻲ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﻓﻬﻢ ﺍﻟﺮﻃﺎﻧﺔ
ﻭﻋﻤﺮﻱ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﻮﺍﻟﻰ ﺃﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎً ﺃﻭ ﺃﻗﻞ ﺑﻘﻠﻴﻞ.
ﻟﻜﻦ ﺃﻫﻠﻲ ﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻣﺄﺧﺬ ﺍﻟﺠﺪ، ﻭﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ
ﻳﻮﻣﺎً ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻓﺠﺎﺀ ﺷﻘﻴﻘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻭﺑﻪ ﺁﺛﺎﺭ ﺿﺮﺏ
ﻭﺩﻣﺎﺀ.
ﻓﺎﻧﺘﻘﻠﺖ ﺃﺳﺮﺗﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻝ ﺁﺧﺮ ﻳﺘﺒﻊ ﻟﻨﺎ ﻓﺘﺠﻤﻌﻨﺎ ﻛﻠﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ
ﺃﺫﻛﺮ ﺍﻟﻤﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻜﺜﻨﺎﻫﺎ ﻓﻴﻪ.
ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻋﺪﺩﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﻴﻦ ﺟﺮﺣﻰ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﺇﻟﻰ
ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺻﺒﺎﺣﺎً ﺟﺎﺀ ﺃﻫﻠﻨﺎ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻓﺤﻤﻠﻮﺍ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ
ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺟﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﺭﻳﺖ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻨﺰﻻً ﻛﺒﻴﺮﺍً، ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻭﺍﻟﺪﺗﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺟﻨﻮﺑﻴَّﺔ ﻫﻲ ﻧﺴﻴﺒﺔ ﻋﻤﻨﺎ
ﻹﺣﻀﺎﺭ ﺁﺑﺮﻱ ﺃﺑﻴﺾ ﻷﻥ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺟﻮﻋﻰ.
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻹﺣﻀﺎﺭﻩ ﻗﺎﺑﻠﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺴﻼﻃﻴﻦ ﻓﺴﺄﻟﻬﺎ ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ
ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﻤﻨﺰﻝ » ﻣﻨﺪﻛﻮﺭﻭ « ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺷﻤﺎﻟﻴﻴﻦ ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﻪ ﻓﺠﺎﺀﻭﺍ
ﻭﻃﺮﻗﻮﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﻓﺨﺮﺝ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﺍﻟﻴﻬﻢ ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻌﻪ ﺟﺪﻧﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﺍﻟﻔﺰﺍﺭﻱ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﻬﻤﺎ ﺳﻠﻤﺎﻧﺎ ﺍﻟﺴﻼﺡ، ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﺭﻓﻀﺎ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ
ﻟﻬﻤﺎ ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻟﻦ ﻳﻨﻔﻌﻜﻤﺎ. ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﺃﺻﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻓﺾ
ﻓﻄﻠﺒﻮﺍ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ،
ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﺭﻓﻀﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺟﺪﻧﺎ ﺍﻟﻔﺰﺍﺭﻱ ﻟﻦ ﻧﻤﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻨﻜﻢ
ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﻬﻤﺎ: ﺇﺫﻥ ﺳﻨﺬﻫﺐ ﺑﻜﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺛﻢ ﺃﺧﺬﻭﻧﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً
ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻴﺚ ﻓﺼﻠﻮﺍ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﻛﺎﻥ
ﻛﻠﻤﺎ ﻳﺴﻤﻊ ﺍﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﻮﻥ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺑﻜﺎﺀ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ
ﻳﻄﺮﻗﻮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﺎً ﻋﻠﻰ ﺇﺯﻋﺎﺟﻬﻢ ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺟﻮﻋﻰ.
ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﻠﺮﺟﺎﻝ: ﺳﻨﻌﺬﺑﻜﻢ . ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﻭﺍﻟﺪﻱ: ﺑﻞ ﺍﻗﺘﻠﻮﻧﺎ.
ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻧﻌﺬﺑﻜﻢ ﺛﻢ ﻧﻘﺘﻠﻜﻢ. ﻓﻘﺎﻝ: ﺑﻞ ﺍﻗﺘﻠﻮﻧﺎ ﻭﻟﻜﻦ
ﺍﻗﺘﻠﻮﺍ ﻧﺴﺎﺀﻧﺎ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻰ ﻧﺴﺎﺅﻧﺎ ﻣﻌﻜﻢ
ﻭﻫﻦ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﻓﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺟﺪﻧﺎ ﺍﻟﻔﺰﺍﺭﻱ ﻭﻋﻮﺽ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﻌﻮﺽ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﻓﺄﺧﺒﺮﻭﻫﻦ ﺑﺄﻧﻬﻦ ﺳﻴُﻘﺘﻠﻦ ﻭﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ،
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻟﻢ ﻳﺨﻔﻦ ﺑﻞ ﺃﺧﺬﻥ ﻓﻲ ﺗﺮﺩﻳﺪ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﻟﻜﻨﻨﻲ
ﺑﻜﻴﺖ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﺧﺮﺝ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﻋﻨﺒﺮ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ
ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺧﺮﻭﺟﻬﻢ ﺛﻢ ﺩﺧﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺃﻣﻄﺮﻭﻫﻦَّ ﺑﻮﺍﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻓﻔﻘﺪﺕ ﻭﻋﻴﻲ ﻓﻘﺪ
ﺃﺻﺒﺖ ﻓﻲ ﻗﺪﻣﻲ ﻭﺫﺭﺍﻋﻲ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻓﻘﺖ ﻓﺠﺄﺓ ﻭﻧﻈﺮﺕ
ﻭﺟﺪﺕ ﺷﺨﺼﺎً ﺟﻨﻮﺑﻴﺎً ﻳﻀﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﺜﺚ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ: »ﺍﺭﻗﺪﻱ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﺜﺚ « ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ
ﺃُﻗﺘﻞ. ﺛﻢ ﺃﻓﺎﻕ ﺃﻳﻀﺎً ﻃﻔﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻓﺄﺧﺮﺟﻮﻧﺎ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻇﻞ
ﺷﺠﺮﺓ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺒﺮ ﻓﺄﺣﻀﺮﻭﺍ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﻭﺃﻟﺒﺴﻮﻧﻲ ﺇﻳﺎﻩ
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻣﺎ ﺇﻥ ﺷﺮﺏ ﺟﺮﻋﺔ ﻣﺎﺀ ﺣﺘﻲ ﺗﻮﻓﻲ .
ﻓﺄﺣﻀﺮﻭﺍ ﺍﻟﻨﻘﺎﻟﺔ ﻭﺣﻤﻠﻮﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ
ﺟﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﺰﺍﻧﺪﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻟﻠﻌﻼﺝ
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺎﺑﺔ. ﻭﻷﻧﻬﻢ ﺃﻟﺒﺴﻮﻧﻲ ﺻﻠﻴﺒﺎً ﻭﻛﻨﺖ ﻃﻔﻠﺔ ﻓﻘﺪ
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﻌﻼﺟﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻨﻲ ﺳﺄﻛﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﺎﻧﺘﻬﻢ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻛﺒﺮ ﻟﻜﻦ ﺟﺎﺀﺕ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺳﺄﻟﻮﻧﻲ
ﻋﻦ ﺃﻫﻠﻲ ﻓﺄﺫﺍﻋﻮﺍ ﺍﺳﻢ ﺷﻘﻴﻘﺘﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ
ﻣﺎﺗﺖ ﻣﻊ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻭﺇﺧﻮﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻨﺒﺮ .
ﻓﺄﺧﺬﻭﻧﻲ ﺑﻌﺮﺑﺔ ﻛﻮﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﻮﺑﺎ ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﻘﻠﻮﻧﺎ
ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺳﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ
ﺃﺣﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ.
ﻭﺗﻢ ﺗﻜﻴﻠﻒ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﺑﺈﻳﺼﺎﻟﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﻡ ﺩﻭﻡ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻗُﺘﻞ
ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺣﻮﺍﻟﻰ «33» ﻓﺮﺩﺍً ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ
ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﻴﻦ ﺗﺮﻛﻮﺍ
ﻋﺪﺩﺍً ﻗﻠﻴﻼً ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻤﻠﻮﺍ ﺍﻟﺠﺜﺚ ﻭﻳﻘﻮﻣﻮﺍ ﺑﺪﻓﻨﻬﻢ ﻟﻜﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ
ﻻﺫﻭﺍ ﺑﺎﻟﻔﺮﺍﺭ ﻓﺄﻃﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻤﻜﻦ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ.
ﻗﺘﻠﻮﺍ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ!
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ، ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮﺓ،: ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﺟﺎﺀﺕ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ «14» ﻣﻦ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﺧﻼﺀ
ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﻴﻦ ﺗﻢ ﻧﻘﻞ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻭﺍﺑﻮﺭ ﺇﻟﻰ
ﻛﻮﺳﺘﻲ ﺛﻢ ﺟﺎﺀﺕ ﻗﻮﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ «14»
ﻓﺮﺩﺍً ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻤﻜَّﻨﺖ ﻣﻦ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﻴﻦ ﻭﻓﺮﺽ ﺍﻷﻣﻦ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ . ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﺇﻥ ﻋﻤﻬﻢ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻛﺎﻥ ﺻﺪﻳﻘﺎً
ﻟﻠﺠﻨﻮﺑﻴﻴﻦ، ﻭﺗﻌﺠﺒﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻗﺘﻠﻮﻩ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻗﺺ ﻣﻌﻬﻢ
ﻭﻳﺘﻤﺴَّﺢ ﺑﺎﻟﺮﻣﺎﺩ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻭﻳﺮﺗﺪﻱ ﺍﻟﺴﻜﺴﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ
ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻘﺐ ﺧﻮﺍﺟﺔ ﻣﻨﻘﺎﺭ ﺃﻱ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ.
ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺍﻷﺣﻘﺎﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﻄﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺎﻫﻢ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻓﻲ
ﺗﺄﺟﻴﺠﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﺑﺪﺍً ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ. ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ
ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻔﺰﺍﺭﻱ ﻃﻠﺐ ﺑﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭﺑﺴﻜﻮﻳﺖ، ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﺰﺍﺩ
ﺍﻷﺧﻴﺮ، ﺛﻢ ﻃﻠﺐ ﺇﻣﻬﺎﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻠﻲ ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺇﻥ ﺑﺪﺃ ﻓﻲ
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﻬﺎﻟﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺈﻃﻼﻕ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻟﻴُﺼﺮﻉ ﺷﻬﻴﺪﺍً ﻓﻲ
ﻣِﺼﻼﺗﻪ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃُﺳﺪﻝ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ ﺍﻟﺤﺰﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺒﻘﻰ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﻣﻔﺼﻠﻴَّﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺏ.
ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ | ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻫﺔ