عادت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" إلى الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له منشأة الغاز في تيغنتورين، شهر جانفي الماضي، التي كان يتواجد فيها عدد كبير من العمال الأجانب الذين حاولت الوصول إليهم، والحصول على روايتهم عن الاعتداء الإرهابي الذي مضى عليه ما يقارب 9 أشهر، لكن يبدو أنه لا يزال راسخا في اذهانهم وكأنه جرى منذ أيام قليلة.
وأبرز من ظهروا في الشريط الوثائقي الذي تم بثه نهاية الأسبوع الماضي، "لوفير" رئيس طاقم شركة الطاقة البريطانية "بريتيش بيتروليوم" في المنشأة، والذي روى كيف بدأ ذلك اليوم 16 جانفي 2013، برسالة الى زوجته التي كانت في منزلهما بالمملكة المتحدة ليبلغها أنهم يتعرضون لهجوم من طرف جماعة إرهابية في الصحراء الجزائرية، وهذا دقائق فقط بعد سماعه صوت أحد زملائه الجزائريين وهو يطرق على الباب بشدة وهو ينادي "غادروا المكان، إننا نتعرض لهجوم إرهابي"، وهو الأمر الذي قال إنه لم يكن متوقعا مطلقا بالنسبة اليه، حيث كانت المنطقة مؤمنة وهادئة منذ وصوله إليها.
ومن خلال شهادات العمال الأجانب في المنشأة، استخلص الفيلم الوثائقي، أن أول هدف لما تعرف بـ "جماعة الموقعين بالدماء" كانت حافلة تقل عمالا أجانب في مكان قريب قرب المنشأة، ليدخلوا بعدها خلف أسوارها، حيث اعتمدوا على عنصر المفاجأة ضد عناصر الأمن الجزائري الذين كانوا يتولون مهمة حماية المركب الغازي.
أما حيثيات الهجوم في داخل المنشأة، فيرويها مسؤول آخر في فريق "بي بي" وهو "نيك هيتش" الذي يشغل منصب المسير العام هناك، حيث كان يتوجد آنذاك في الجناح المخصص للمعيشة، ليفاجأ باحتجازه من طرف الإرهابيين الذين كانوا يفتشون الغرف الواحدة تلو الأخرى لاحتجاز أكبر عدد من العمال وخاصة الأجانب منهم.
وأبدى "هيتش" ثقته في أن هذه الجماعة الارهابية ما كان لها أن تتوغل في المنشأة لولا وجود أفراد ساعدوها من داخلها، لأن التعزيزات الأمنية التي قامت بها السلطات الأمنية الجزائرية التي نشرت أعدادا كبيرة من قوات الدرك الوطني لحماية المنشأة والعاملين فيها، مضيفا أن أول عمل قام به هؤلاء هو ربط الأجانب بأحزمة متفجرة من أجل استعمالهم دروعا بشرية لإفشال أي محاولة من الجيش والأمن الجزائريين من أجل إنقاذهم، وهي العملية التي تولاها أحد الإرهابيين الذي يبدو أنه مختص في هذا المجال، حيث كان يحمل كمية كبيرة من المتفجرات وحبلا أصفر طويلا، يستعمل قطعا منه في تطويقهم بالمتفجرات، ثم ربطهم مع بعض بحبل واحد وهم جالسين على الأرض. وواصل "هيتش" وصفه لليلة التي قضاها رفقة زملائه في قبضة جماعة بلمختار من دون أي طعام ولا حتى مياه، تضاف إلى حالة التعب والإجهاد التي عانوا منها، والمعاناة النفسية التي عانوها بسبب معاملة الإرهابيين لهم، خصوصا هو بالذات إذ هدده هؤلاء بأنه سيكون أول شخص سيقتل في الساعات الأولى من الصباح، معترفا أن تدخل الجيش الجزائري في الساعات القليلة التالية جنبه هذا المصير.
وواصل الشهود العيان الذين اعتمدت عليهم "بي بي سي" روايتهم للأحداث حتى الفصل الأخير منها، والذي تمثل في قرار الخاطفين مغادرة المنشأة عبر استعمال سيارات رباعية الدفع نحو أعماق الصحراء مستعملين العمال الأجانب دروعا بشرية لتجنب أي تدخل من طرف الجيش الجزائري الذي كان حاصر المنطقة في الساعات الأولى للاعتداء، لكن مروحيات الجيش الجزائري كانت لهم بالمرصاد، حيث اطلقت عليهم وابلا كثيفا من الرصاص، بصورة اعتبرها المختطفون الأجانب دليلا على تصميم السلطات الجزائرية على إنهاء الأزمة في أقصر وقت ممكن ومن دون ترك الإرهابيين يصلون إلى عمق المناطق الصحراوية المحيطة.
واعتبر مسؤول تسيير طاقم "بي بي" السابق في تيغنتورين "نيك هيتش"، أن تدخل الجيش الجزائري بهذه الطريقة لم يكن الهدف منه ريذاء العمال وهذا ما كان واضحا لديهم منذ البداية.
http://www.elbilad.net/article/detail?id=3443