ويظهر من الاحداث ان اصحاب المصارف العالميين كانوا يتعمدون خلق حالة من الفشل والفقر والياس فى الولايات المتحدة لايجاد مناخ ملائم للحركة الثورية العالمية،التى تعتبر وسيلة بايديهم للعمل. ويؤيد هذا الاتهام رسالة صادرة عن جمعية اصحاب المصارف الاميركبين وموجهة الى جميع الاعضاء ،وقد ثبت ان لهذه الجمعية اوثق الصلات بالاحتكار الاوروبى الذى يتزعمه روتشيلد ان لم تكن واقعة تحت سيطرة آل روتشيلد فى ذلك الوقت. وتقول الرسالة
سيدى العزيز
"ان المصلحة الملحة للمصارف الوطنية تتطلب تشريعا جديدا فوريا من الكونغرس . يجب سحب الشهادات الفضية والاوراق التابعة للخزينة من التداول فورا ليحل محلها اوراق مالية جديدة يكون اساس غطائها الذهب. وهذا يتطلب اصدار سندات جديدة تتراوح قيمتها بين 500 مليون دولار ومليار دولار تكون هى اساس التداول فى العملة الجديدة ،وهذا يفترض من جانبكم سحب ثلث العملة المتداولة كما يفترض الغاء نصف القروض الممنوحة . كما يجب ان تولو العناية اللازمة لخلق شعور بالضغط الاقتصادى عند الكبار من المتنفذين ويعتمد وجود المصارف الوطنية باكمله ،كما يعتمد دورها فى التوظيف المالى المضمون ،على خطوات فورية من جانبكم لان الدلائل تشير الى وجود عاطفة متزايدة واتجاه قوى لتبنى سياسة الحكومة تجاه العملة الفضية".
وانصاع اصحاب المصارف الاميركيون للامر وكانت النتيجة حالة من الذعر الشامل عمت الشعب الاميركى عام 1893. وحاول وليم جيننغز برايان ان يقاوم مؤامرة اصحاب المصارف الا ان الدعاية الضخمة التى رافقت العملية جعلت الشعب الاميركى يصدق الاتهامات الموجهة للحكومة فنجا المرابون مرة ثانية من الاتهام . وكان المواطن العادى ينحى باللوم على الحكومة ولم يخطر فى باله مرة الشك فى الدور الذى لعبه اصحاب المصارف فى الفوضى الضاربة التى استخدموها لتجميع الاموال اما برايان فلم يكن قادرا على القيام باى شئ. وكان صوته مع اصوات العديد من المواطنين الشرفاء صرخات فى الصحراء.
عام 1899 عقد فى انكلترا مؤتمر كبير لاصحاب المصارف فى العالم وحضره عن اميركا مندوبان هما ج. ب مورغان وانطونى دريكسل. وعند عودتهما الى اميركا عهدت مؤسسة روتشيلد الى مورغان بتمثيل دورها وادارة مصالحها. وقد برهن مورغان على كفاءته لهذا المنصب عندما تمكن من بيع بعض الاسلحة الفاسدة للحكومة الاميركية.-قال المؤلف فى الهامش:عالج ذلك الموضوع بالتفصيل فوستافوس مايرز. وعلى الاميركيين ان يعلموا انهم بيعوا كالعبيد فى منتصف القرن الماضى(القرن التاسع عشر). ونورد فى فصل آخر تفاصيل المحادثات التى عقدت فى لندن فى هذا المؤتمر حيث كان الماليون مجتمعين فى احدى ضواحى لندن بينما كان قواد الحركة الثورية العالمية مجتمعين فى ضاحية اخرى.ا.ه.
وكانت النتيجة التى تمخض عنها مؤتمر لندن هى انشاء احتكار عالمى يضم المؤسسات التالية :ج . ب مورغان وشركاه من نيويورك،دريكسل وشركاه من فيلادلفيا ،غرنفيل وشركاه من لندن ،مورغان هارجيس وشركاه من باريس ،مؤسسة م. م واربوغ فى المانيا وامستردام-تذكروا هذه الاسماء جيدا لانها ستاتى فى انشاء البنك الدولى فبيل الحرب العالمية الثانية- وكانت المؤسسة المشرفة على هذا الاحتكار هة مؤسسة روتشيلد.
واندمجت شركتا مورغان ودريكسيل واسستا هيئة التامينات الشمالية عام 1901 التى كان الهدف منها افلاس شركة هاينز -مورس. وكانت شركة هاينز-مورس تسيطر على قطاعات مهمة من الصيرفة والشحن وصناعة الفولاذ وصناعات اخرى. وكان من المتعين افلاسها واخراجها من السوق الاميركيىة لتستطيع مؤسسة مورغان -دريكسيل السيطرة على الانتخابات الاتحادية.
ونجحت مؤسسة مورغان ودريكسيل فى ايصال تيودر روزفلت الى منصب رئاسة الجمهورية عام 1901. وكان هذا هو السبب فى تاخير اصدار الحكم عليهم بشان الاتهامات التى تدينهم باستعمال وسائل غير مشروعة للتخلص من المنافسة. وكانت الخطوة التالية هى ربط مؤسسة مورغان -دريكسيل بمؤسسة كوهن -لوب . وكما ان قامت المؤسستان بتجربة مشتركة لاختبار قواهما مجتمعة. وكانت التجربة عبارة عن "مجزرة"اقتصادية جديدة. فقد نظمت المؤسستان ما عرف ب"الرعب فى وول ستريت 1907". وكانت ردة الفعل الشعبية لوسائل العصابات المشروعة تلك كافية لحث الحكومة على اتخاذ بعض الاجراءات . ولكن الاحداث التى تلت بينت ان الشعب كان مخدوعا.
وقامت الحكومة بتعيين لجنة خاصة اسمها "لجنة النقد الوطنى" وعهد الى السناتور نيلسون الدريك برئاسة هذه اللجنة. وانيطت بالدريك مراجعة النشاطات المالية الكبرى ثم تقديم اقتراحات بشكل مشاريع قوانين الى الكونغرس. وتبين فيما بعد ان الدريك كان مرتبطا باحتكارات المطاط والتبغ القوية. وكان الدريك آخر من يمكن ان يعهد اليهم بهذه المهمة فى الكونغرس . وعلى اثر تسلمه لرئاسة اللجنة اختار الدريك بعض الضباط وسافر واياهم الى اوروبا . واثناء اقامتهم باوروبا اعطيت لهم كل التسهيلات الممكنة لدراسة الطرق التى يعتمدها اصحاب المصارف فى السيطرة على اقتصاديات الدول . وقضى الدريك فى اوروبا سنتين صرف خلالها مبلغ 300 الف دولار من الشهب الاميركى ثم عاد الى الولايات المتحدة . وكان كل كا حصل عليه الشعب مقابل الاموال التى دفعها لتمويل دراسة الدريك هو ان الدريك صرح لهم بعد عودته انه لم يكن قادرا على الوصول الى اية خطة محددة تكفل عدم تكرار الازمات المالية التى كانت تعصف بالولايات المتحدة ناشرة البطالة ومبددة الثروات ورؤوس الاموال الصغيرة.
كان الدريك منذ الحرب الاهلية مقربا من آل روكفلر حتى ان احد الشباب آل روكفلر تزوج من ابنته آبى. وقد تلقى الدريك قبل سفره الى اوروبا نصيحة باستشارة بول واربوغ. وكان بول واربوغ هذا شخصا فريدا ،فقد نزل فى الولايات المتحدة عام 1902 مهاجرا الى المانيا ، وتبين فيما بعد انه لم يكن الا عضوا فى مؤسسة م.م واربوغ الاوروبية المالية فى هامبورغ وامستردام. وكانت هذه المؤسسة كما اسلفنا تابعة لمجموعة روتشيلد . وكان المذكور قد درس الاقتصاد فى المانيا وفرنسا وبريطانيا وهولندا قبل مجيئه الى الولايات المتحدة تحت صفة مهاجر المانى. وكانت اقاماته فى الولايات المتحدة فرصته الذهبية فقد تمكن فى وقت لا يذكر من شراء حصة فى مؤسسة كوهن-لوب وشركاهما فى نيويورك. ومنح مرتبا يبلغ النصف مليون الدولار سنويا. وكان من الشركاء الجدد فى المؤسسة يعقوب شيف الذى كان قد ابتاع له حصة فيها بذهب روتشيلد . وكان يعقوب شيف هذا ،كما تثبت البراهين ،هو من مول الحركات الارهابية فى روسيا خلال الاعوام 1883-1917.
ولقد قام شيف Schiff بعمل استفاد منه بنفسه وافاد شركاءه. فقد تمكن من الوصول الى سيطرة كاملة على حركات النقل ووسائل المواصلات وخطوط الامدادات فى الولايات المتحدة باسرها. وقد ثبت ان السيطرة على تلك المرافق من اشد الضرورات اللازمة لنجاح اى حركة ثورية فى بلد من البلدان--اضاف الكاتب فى الهامش: دلت التحقيقات التى اجريت فى بلدة من البلدان على ان المؤسسات التى تسيطر على النقليات فى البر والبحر والجو كانت تتعمد صنع حالة تؤدى الى اضراب عام قبيل موعد اى ثورة فى البلد المعنى. ومن الواضح ان هذه المؤسسات لن تستطيع السيطرة على الحكم فى ذلك البلد الا فى حال قلب الحكومة القائمة . وهذا ما حدث فى روسيا --ومصر!--مما سيجرى تفصيله فى هذا الكتاب---ا.ه
فى ليلة 22 تشرين الثانى عام 1910 كانت عربة سكة حديد خاصة تنتظر فى محطة هوبو كن فى نيوجيرسى. ووصل الى هناك السناتور الدريك وبصحبته ا. بيات اندروز وهو خبير اقتصادى واحد كبار موظفى وزارة المالية ،وكان قد تربى وتلقى تعليمه فى اوروبا . كما وصل ايضا سكرتير الدريك الخاص ،شيلتون. ولحق بهم فرانك فاندرليب ،رئيس مصرف نيويورك الوطنى. وكان هذا المصرف هو الممثل لمصالح آل روكفلر النفطية ومصالح شركة كوهن-لوب فى سكة الحديد. وكان مدراء هذا المصرف قد اتهموا علنا بمحاولة اثارة الحرب بين الولايات المتحدة واسبانيا عام 1898. وبصرف النظر عن صحة هذه الاتهامات او بطلانها فقد كان هذا المصرف اثر انتهاء الحرب مسيطرا على زراعة قصب السكر فى كوبا وصناعته . وكان الاخرون الذين انضموا الى الاجتماع ه .ب دافيسون وهو احد المساهمين الكبار فى شركة مورغان وشركاه فى نيويورك ،وشارل د.نورتون رئيس المصرف الوطنى فى نيويورك التابع لشركة مورغان. وهؤلاء الثلاثة الاخرون بمحاولة السيطرة على العملة والحسابات فى الولايات المتحدة الاميركية باسرها. وكان آخر الواصلين بول واربوغ وبنجامين سترونغ . وكان واربوغ من الغنى والنفوذ بحيث يقال انه كان وراء المسرحية الفكاهية "آنى اليتيمة"التى تصور آل "واربوك"اغنى رجال العالم وباستطاعتهم حماية انفسهم ومصالحهم بوسائل قوية. اما بنجامين سترونغ فقد اشتهر خلال المناورات المالية التى قادت الى الازمة الكبرى عام 1907 والتى سبق ذكرها. وكان ستروغ احد الكبار المتنفذين لدى شركة ج.ب مورغان وقد اشتهر فى ذلك المنصب بكفاءته فى العمل وتنفيذه الاوامر دون سؤال.
يتبع...
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=6114