الثامن عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2008، دمرت البارجة الهندية “تابار” سفينة للقراصنة بالقرب من سواحل الصومال، كانت تبحر برفقة زورقين.
وقد اشترت نيودلهي البارجة “تابار” في العام ،2004 وبدأت نشاطها في بحر العرب أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وهي مزودة بأسلحة اشتباك متقدمة، كما تحمل على متنها مروحيات عسكرية. وكانت الهند في طليعة الدول التي أرسلت قوات مسلحة للتصدي لظاهرة القرصنة في المنطقة. وقالت وزارة دفاع الهند في بيان: “إن وجود البحرية الهندية في المنطقة سوف يساعد في حماية تجارتنا البحرية وغرس الثقة لدى بحارينا”.
وتبحر 25 سفينة هندية شهرياً، على الأقل، في خليج عدن.كما تنطلق من الهند في الوقت الراهن غالبية السفن الدولية، التي تقوم بدوريات في بحر العرب. وكان قراصنة صوماليون قد خطفوا في خليج عدن، في سبتمبر/ أيلول الماضي، سفينة تجارية مملوكة لليابان، تقل طاقماً مكوناً من 22 فرداً، بينهم 18 هندياً.
ويمثل التحرك الهندي نحو الصومال خطوة جديدة، على طريق تأكيد دور الهند الإقليمي والدولي، خاصة في بحر العرب، والقطاع الغربي للمحيط الهندي. وكانت البحرية الهندية قد أقامت قيادة عسكرية إقليمية، في سلسلة جزر “نكوبار واندمان” (Andaman & Nicobar)، التي تبعد نحو 1190 كيلومتراً عن الأراضي الهندية. ويعد هذا المشروع جزءاً من البرنامج الاستراتيجي الهندي، الذي يركز على صيانة المصالح الهندية في غرب آسيا، أي سواحل باكستان ومياه بحر العرب، وصولاً إلى الشرق الأقصى، أي سواحل إندونيسيا وماليزيا، بل وفيتنام. ويعني هذا أن النفوذ البحري الهندي سوف يُوسّع حتى مضيق ملقا، الذي يعتبر خطاً حيوياً لتجارة دول شرق آسيا.
والأمر الملحوظ في هذا الخصوص هو أن الهند قد دخلت في اتفاق أمني مع فيتنام يمهد الطريق لوصولها إلى بحر الصين الجنوبي. ويمكن ملاحظة أيضاً أن معظم السلاح والمعدات العسكرية التي طلبتها الهند من “إسرائيل” وروسيا سوف يتم نشرها في قاعدة “نكوبار واندمان”، ومن بين ذلك حاملة الطائرات الروسية، المقرر حصول البحرية الهندية عليها في السنوات القليلة القادمة، وثلاث فرقاطات روسية متطورة، ومنظومة الدفاع البحرية “الإسرائيلية” من طراز “باراك”، وغواصات روسية من طراز كيلو، وخمسة أسراب من مقاتلات ميغ و(Mig-29) و(Su-30). وتتضمن خطط القوات البحرية الهندية كذلك نشر صواريخ باليستية قصيرة المدى من طراز (Prithvi)، واستحداث غواصات لإطلاق الصواريخ، وتوسيع القاعدة المحلية لإنتاج غواصة إطلاق صواريخ كروز (ساجاريكا). ومن بين أبرز صواريخ سطح سطح الهندية الصاروخ (PJ-10 BrahMos)، الذي يبلغ مداه ثلاثمائة كيلومتر، والصاروخ (Nag)، الذي يبلغ مداه ستة كيلومترات، والصاروخ (Trishul) الذي يبلغ مداه تسعة كيلومترات.
ومن المقرر أن تسلم روسيا حاملة الطائرات “الأميرال غورشكوف” إلى الهند في نهاية العام ،2012 ويتم تطوير هذا الطراد حالياً في مصنع “سيفماش”، الواقع في مدينة سيفيرودفينسك الروسية.وينص العقد بين “روس أوبورون أكسبورت” والقوات البحرية الهندية على تصليح وتطوير الطراد، وتجهيزه بأنظمة تسليح حديثة، ومجموعة طائرات محمولة. وسوف يطلق على هذا الطراد عند الانتهاء من إنجازه اسم “فيكراماديتيا”، بدلاً من “الأميرال غورشكوف”.
وكانت قيمة عقد تحديث الطراد، الذي تم توقيعه في عام ،2004 قد قدرت ب 970 مليون دولار. وأعلنت إدارة مصنع “سيفماش” عن تزايد تكاليف عملية التحديث في العام الماضي، مقدرة الزيادة بمليار دولار. ووافق الجانب الهندي على تغطية نفقات إضافية تبلغ 500 مليون دولار، لكنه أمل بأن تقدم الحكومة الروسية هذا المبلغ إلى مصنع “سيفماش” في صورة قرض، لأن الدولة الهندية كانت قد أقرت قانون الموازنة للعام الجاري، ولا يمكن إجراء أي تغييرات عليه.
وإضافة إلى حاملة الطائرات، تسعى الهند لاقتناء مجموعة حديثة من الغواصات. وكان أحد الخيارات التي تم التداول فيها قد تمثل في استئجار غواصة روسية عاملة بالوقود النووي. وفي آب/ أغسطس الماضي، أعلن قائد الأسطول الهندي، الأميرال سورش ميهتا، بأن الهند سوف تستأجر من روسيا، لمدة عشرة أعوام، الغواصة “نيربا/971 إي”، التي تعرف في الغرب باسم (Akula )، مقابل مبلغ قدره 650 مليون دولار أمريكي، وستحمل هذه الغواصة النووية حينها اسم “تشاكرا”. وقالت تقارير غربية إن الهند وروسيا وقعتا صفقتين إضافيتين، قيمتهما الإجمالية ،8 1 مليار دولار، لاستئجار غواصة أخرى من نفس الطراز، وطائرتي (TU - 142 MR) المطلوبتين لتأمين الاتصال بالغواصتين أثناء ذهابهما إلى بحار بعيدة.
وقد أدى حادث، نجم عن خطأ بشري، على متن الغواصة “نيربا” إلى مصرع عشرين فرداً وإصابة 21 آخرين، وذلك في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني، عندما كانت الغواصة تخضع لاختبارات تحت سطح الماء في بحر اليابان، وعلى متنها 208 أشخاص، هم 81 عسكرياً، ومجموعة من المهندسين والفنيين.
وبعد التقارير العديدة، التي تداولتها وسائل الإعلام حول تأجير الغواصة “نيربا”، وخاصة بعد الحادث الأخير، سارع رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، الجنرال نيكولاي ماكاروف، للإعلان بأن الغواصة “نيربا” ستنضم إلى البحرية الروسية، بعد أن يتم استكمال الاختبارات التي تخضع لها. وبذلك تكون موسكو قد نفت احتمالات بيع أو تأجير هذه الغواصة إلى البحرية الهندية.
وكانت الهند تستأجر غواصة نووية سوفييتية، خلال الفترة من 1988 إلى ،1991 وقد تم إنهاء هذه الاتفاقية، إثر ضغوط مورست على روسيا.
وبصفة عامة، فإنّ الهند تعد اليوم قوة كبرى بحرية، وقوة عسكرية متقدمة بالكثير من المعايير، فلديها سلاح غواصات، كما ستمتلك قريباً حاملة طائرات.وهي قوة نووية، ولديها صواريخ ناقلة للرؤوس النووية، باليستية وجوالة. وقد دخلت في مشروع مشترك مع روسيا لإنتاج طائرة مقاتلة من الجيل الخامس.
وتملك الهند اليوم ثاني أكبر جيش في آسيا بعد الصين. ويبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الهندية 1،4 مليون شخص. وقد خصصت الهند ،4 6_ مليار دولار للشؤون العسكرية، في السنة المالية 2008 الماضية التي بدأت في نيسان/ أبريل الماضي، من المقرر أن يُوجّه 12 مليار دولار منها لشراء الأسلحة الجديدة. وتعتزم الهند شراء أسلحة ومعدات عسكرية جديدة، تقارب قيمتها 30 مليار دولار، خلال الفترة من 2007 إلى 2011. ومن المنتظر أن يشهد السوق الهندي منافسة شديدة بين منتجي الأسلحة، من روسيا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا و”إسرائيل”.