الملازم الاول طيار عماد عبد الرحمن توفيق
هو أحد طياري المقاتلات القاذفة من السرب الأول الابطال التحق في السرب المذكور بقاعدة كركوك منتصف عام 1977 وكان منذ صغر سنه ورتبته مثالاً للخلق والالتزام والشجاعة وحب الطيران ، في احد المهام التدريبية ونتيجة لعطل في محرك طائرته ( سوخوي 20 ) ادى به الى القذف من الطائرة بسلام وتم اخلاؤه الى القاعدة المذكورة ، وبعد فترة زمنية قصيرة عاود الطيران ثانية بهمة عالية ، كان مميزاً بين أفراد دورته مما كان يوحي بالثقة التامة في الطيران وتحميله مسؤوليته كباقي زملاؤه المنتخبين لهذا النوع من الطائرات .
اثناء الحرب مع ايران في 23 ايلول 1980 كلف بواجب التعرض لقاعدة تبريز الجوية ( تقع شمال ايران ) ضمن تشكيل مؤلف من ست طائرات ( سوخوي 22 ) يقودة الرائد الطيار محمد حميد طه آمر السرب الخامس والملازم الاول الطيار صالح عياش والملازم الاول الطيار عبد السلام النعيمي والملازم الاول الطيار داود سلمان والملازم الطيار هاشم فزع ، كانت الحماية الجوية والارضية في هذه القاعدة كثيفة جداً ، بعد وصول التشكيل وانفتاحه لمعالجتها اصيبت طائرتا قائد التشكيل الرائد محمد حميد طه و الملازم الطيار هاشم فزع اصابات قاتلة ، قذفا على اثرها من طائرتيهما في محيط القاعدة وتم اسرهما لدى ايران اعتباراً من ذلك التاريخ ثم عادا بعد انتهاء الحرب عام 1989 ، في الوقت نفسه كانت هناك طائرة ( ف /5 ايرانية ) تطارد طائرة الملازم الأول عماد عبد الرحمن (الرقم 5 من التشكيل) وترشقه بوابل من نيران مدافعها الرشاشة اصيبت على اثرها طائرته ولكنها لم تكن قاتله ، كان الموقف يحتاج الى قرار سريع من الملازم الاول عماد لكون طائرته لا تزال بحمولتها الكاملة والهدف امامه هل يقذف حمولته خارج الهدف ويشتبك مع الطائرة المعادية أم يستمر باتجاه القاعدة المعادية وينفذ واجبه ثم يشتبك معها فكان قراره هو الأخير وفعلاً بعد أن القى حمولته من القنابر شديدة الانفجار زنه 500 كغم ،اخبر باقي اعضاء التشكيل بان موقفه صعب مما يضطره الدفاع عن نفسه ومن بعدها قام بحركة دفاعية سريعة (دوران سريع مع تسلقhard turn) ومعه الملازم الاول عبد السلام النعيمي قلل قليلاً من سرعته ودخلا في اشتباك جوي مع الطائرة المعادية ( نحن نطلق عليها في مجال القتال الجوي حركة المقص -scissors) وهي حركة يتمكن الطيار المدافع من افشال هجوم الطائرات المعادية وتغيير وضعها من الهجوم الى الدفاع لكي يسهل معالجتها ، وفعلاً تمكن هذا الطيار بعد حركتين سريعتين يسار ويمين جعل طائرة الخصم أمامه وقام بنفس الوقت تجهيز مدافع طائرته من عيار30 ملم للرمي ،
وعندما أصبحت الطائرة المعادية في مرمى طائرته وخلال ثوان قليلة طوقها بمسددة الطائرة وفتح النار عليها بمسافة قليلة لا تتجاوز (500-800 متر) وهو المدى المثالي للقتل شاهد اطلاقات طائرته وهي تلتهم الطائرة المعادية وتشعل النيران فيها وتسقطها فوق قاعدة تبريزمحققاً انتصاراً لم يسبق أن قام به طيار من قبل في مثل تلك الظروف الصعبة (وقد وثق ذلك بفلم تصوير مسددة الطائرة )لاسباب عدة اهمها:-
* الطائرة سوخوي 22 هي طائرة مقاتلة قاذفة (هجوم أرضي) وليست متصدية ، مع ذلك استطاع الطيار بايمانه وخبرته وشجاعته اسقاط طائرة مخصصة للدفاع الجوي باشتباك جوي وفي ارض العدو .
* كان الموقف العام ليس لصالح طائراتنا المهاجمة كونها لم تكن مهيأة ومسلحة بأسلحة الدفاع الجوي (جو- جو) وانما للقصف الأرضي.
في طريق العودة طاردت احدى الطائرات المعادية من طراز (ف/5) التشكيل واستهدفت هذه المرة طائرة الملازم الأول عبد السلام النعيمي وشعر الملازم اول عماد بالخطر الذي يهدد زميله فما كان منه الا ان يسحب طائرته خلف الطائرة المعادية جاعلا منها بوضع ( ساندوش )محاولاً اسقاطها بعد رشقها بوابل من نيران مدافعه الرشاشه هرب الطيار المعادي على اثر ذلك وتسلل تشكيلنا عائداً إلى ارض الوطن.
عاد التشكيل من الضربة الجوية بقوة اربع طائرات فقط وقبل وصول القاعدة بـ 10 دقائق تعرضت قاعدة كركوك إلى ضربة جوية معادية ادت إلى تعطيل وغلق مدرج المطار الرئيسي وسببت بعض الاضرار بالقاعدة... ولهذا السبب اضطررنا الى توجيه الطائرات الى مطار الرياض الثانوي( 80 كلم غرب كركوك قرب منطقة الحويجة )ولكن وقود طائرة الملازم اول عماد لم يعد كافياً للوصول الى هذا المطار مما اضطره النزول على طريق الدرج الضيق بين شظايا القنابر بعد ان هيأنا له متطلبات الهبوط الامين ، المومى اليه شارك بالعديد من المهام الجوية الناجحة واستمر عمله في القوة الجوية لحين ترقيته الى رتبة لواء طيار ركن وشغل منصب قائد لاحد القواعد الجوية في القوة الجوية السابقة وهو باندفاعه وحبه للواجب والوطن كانت لنا معه العديد من اللقاءات الرسمية وشبه الرسمية في مجال تطوير اعمال القوة الجوية نستذكر معه ذلك الموقف الذي اضطره للدفاع عن نفسه تجاه عدو غادر لاتنفع معه لغة الحوار الصادق ، هكذا هم طياروا المقاتلات القاذفة قد تربوا على الايثار بارواحهم مهما كانت التضحيات وعليه فقد حققوا انتصاراتهم على ايران بصورة مطلقة بعد عام 1983 واصبحت الاجواء الايرانية ملعباً لصقورنا البواسل دون منازع محققة نتائجها النهائية التي اطرها السيد رئيس الجمهورية بان 50% من نتيجة انتصار العراق على ايران هي لصقور القوة الجوية والدفاع الجوي .
المصدر