قبل أن تتخلف مصر إليكترونيا!
الكاتب الكبير محمد عبد المنعم
في شهر يونيه من عام1975 فوجئت بإتصال تليفوني من روبرت هوتز رئيس تحرير مجلة أفييشان ويك الأمريكية التي هي أكبر مجلة علي مستوي العالم متخصصة في شئون الطيران والفضاء, وتعتبر الحجة الأساسية في كل الأمور المتعلقة بالطيران والصواريخ والأليكترونيات, سواء في مجال الإستخدامات العسكرية أو السلمية, ومن المعروف أن روبرت هوتز كان ضابطا طيارا في سلاح الطيران الأمريكي, وأن شهرته تعود أساسا إلي خدمته في سرب النمور الذي كان متمركزا في الصين خلال الحرب العالمية الثانية, والذي ساعد الهجوم الجرئ الذي قام به الكولونيل طيار دوليتل في غارته الشهيرة علي اليابان بواسطة قاذفات القنابل( ب17) وذلك ردا علي الغارة اليابانية الأشهر علي بيرل هاربور وتدمير الأسطول الأمريكي بأكمله فيما كان أكبر نكسة عسكرية بالنسبة للأمريكيين!
وخلال هذا الإتصال التليفوني عرفت أن هوتز يطلب مقابلتي في القاهرة التي يمكن أن يصل إليها خلال أيام, وبالطبع كان أن وافقت فكان أن تم اللقاء بعد ذلك بثلاثة أيام في فندق شيراتون القاهرة وكان بصحبة هوتز روبرت روبلوسكي مدير مكتب الأفييشان ويك في باريس, ومن خلال الحديث الذي دار بيننا علمت أنه من المقرر أن يقوم بزيارة لعدد من الوحدات العسكرية المصرية, ويلتقي ببعض القادة, أما عن السبب وراء مقابلته لي فقد كان أساسا بسبب الكتاب الذي قمت بتأليفه بعنوان6 أكتوبر: الحرب الإليكترونية الأولي, وهو الكتاب الذي صدرت طبعته الأولي في أكتوبر عام1974. قال لي هوتز وزميله روبلوسكي وهذا هو ملخص للحديث الذي دار بيننا, فقد كان الرجل يتمتع بنشاط بالغ ويتجنب الثرثرة من قريب أو من بعيد, ومن ثم فقد بادرني بقولة إن حرب أكتوبر هي أول حرب إليكترونية في تاريخ العالم, وأرقي حرب عرفها البشر من حيث المستوي التقني, والأساليب الفنية والعلمية التي أستخدمت في عمليات القتال, ثم أضاف هوتز قائلا إن مختلف الدوائر العالمية أجمعت علي أن المصريين يتمتعون بمهارات مرموقة في مجال الإليكترونيات, وأن الجميع يتساءلون عن سر هذه الظاهرة, ثم كان أن وجه نفس السؤال لشخصي ظنا منه أنني أعرف السبب طالما أنني قمت بتأليف كتاب كان محوره الأساسي تفوق المصريين في مجال الإليكترونيات!
وهنا كان أن شعرت بالحرج وذلك لأنني لم أكن أتصور أن المسألة وصلت إلي هذا الحد من الإهتمام العالمي, وردا علي هذا السؤال الذي وجههه لي هوتز مباشرة كانت الإجابة المعهودة التي نلجأ إليها جميعا: لعل السبب وراء ذلك هو أن كل إنسان مصري مهما كانت درجة تعليمه يقف خلفه7 آلاف سنة من الحضارة والخبرة في الحياة وهنا رد علي الرجل بجدية وثقة من بحث طويل في هذا الشأن إن الفراعنة لم يعرفوا أي شئ عن الإليكترونيات ثم أضاف قائلا: عليك أن تعرف أن كبري الشركات عندنا لاحظت أن العاملين المصريين يتفوقون علي سائر الجنسيات الأخري بما فيهم الأمريكيون في مجال الإليكترونيات فما كان مني إلا أن التزمت بالصمت التام ولكنه كان صمتا مليئا بالزهو والإفتخار بهذه المعلومة التي أكتشفها الأجانب عن أبناء مصر الذين لايعرف البعض منا مدي قيمتهم وتفردهم!.
وهنا أتذكر الراحل العظيم الأستاذ أحمد بهاء الدين الذي استشف قيمة الإليكترونيات, وكيف أنها ستشكل ثورة جديدة في التاريخ الإنساني, وأنها ستكون أقوي من الثورة الصناعية, وكل ما شهدته البشرية من ثورات علمية, ولكن للأسف الشديد لم يتنبه المسئولون عندنا لهذه الدعوة التي كان أول من أطلقها الأستاذ بهاء رحمة الله تعالي, ورغم علمنا جميعا بحجم الجهود التي تبذلها الدولة من أجل مواكبة العملية التعليمية لهذا السباق المحموم علي صعيد الإليكترونيات في العالم, إلا أن الخوف كل الخوف من أن تجنح جهودنا تلك إلي الأساليب التقليدية المعيقة في التدريس, كمثل ما حدث في مناهجنا التعليمية الأخري, فإذا بنا بدلا من أن ندفع بأجيالنا إلي الأمام, نكون سببا في تخلفهم عن هذا الركب, ونحن الذين نملك ثروة من عقول احتار العالم في تفسير تفوقها إليكترونيا.
http://www.ahram.org.eg/News/969/10/236543/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%B9%D9%86-%D8%B6%D8%B1%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7%E2%80%8F%E2%80%8F.aspx
اختلف مع الكاتب الكبير قليلا
صحيح قد ينقصنا الكثير من الامكانات و القدرات المالية و المادية
لكن العقول و الافكار هى كنوزنا و جواهرنا التى نملكها و بابسط الامكانات ظهر العديد من الشباب و الفتيات بمشروعات
حديثة و مبتكرة نافسوا بها على جوائز محلية و اقليمية و دولية و الامثلة كثيرة لمن يريد البحث و الاطلاع