القنابل الموجهة، أو ما يعرف بالأدب الإنكليزي بالقنابل الذكية "SMART BOMB" وهي نوع من أسلحة الطائرات الموجهة ضد الأهداف الأرضية، والتي هي عبارة عن قنابل جوية مجهزة بنظام توجيه وإدارة. تجدر الإشارة إلى أن أهم ما يميز الأسلحة الجوية هي نسبة كتلة المادة المتفجرة إلى الوزن الكلي للقنبلة/صاروخ. ويتراوح هذا المؤشر للصواريخ المضادة للطائرات، 0.2-0.5 (وهذه النسبة المنخفضة بسبب وجود خزانات الوقود وأنظمة التصويب داخل محرك الصاروخ)، أما بالنسبة للقنابل غير الموجهة فإن هذا المؤشر يقترب من قيمة الواحد، في حين أنه يتراوح للقنابل الموجهة 0.7-0.9. وفي حال كانت الكتلة ومدى الإطلاق واحدة (مقارنة مع الصاروخ)، فإن القنابل الموجهة يمكن أن تحمل كميات من المتفجرات أكثر من ذلك بكثير.
الأسلحة الأمريكية عالية الدقة- القنابل من فئة SDB
نبدأ قصة الأسلحة الحديثة عالية الدقة بالحديث عن القنابل الأمريكية من فئةSDB (Small Diameter Bomb). والممثلة بنوعين من القنابل الأساسيةGBU - 39 GBU -40 . وهذه القنابل الموجهة قادرة على ضرب حظائر الطائرات والملاجئ، مع العلم أن هيكلية القنبلة مزودة بأجنحة قابلة للطي أثناء الطيران، وهذا يسمح بزيادة مدى الأهداف المراد تدميرها. وهذا النوع من القنابل موجود في الخدمة لدى الجيش الأمريكي منذ شهر أيلول/سبتمبر من عام 2006. يشار إلى أن المقاتلة الأمريكية الحديثة من الجيل الخامسF- 22A رابتور قادرة على تثبيت وتعليق 8 قنابل من هذه الفئة.
وقد كانت القنبلة SDB I المعروفة أيضاً بالقنبلة GBU -39من أول القنابل في سلاح الجيش الأميركي، وهي صغيرة يصل وزنها نحو 130 كغ، ويبلغ قطرها حوالي 190 ملم، وطولها حوالي 1.8 متر. وبالمقارنة مع الذخيرة التي استخدمت خلال الحرب العالمية الثانية، فإنه يمكن ملاحظة انخفاض الوزن والقطر نسبياً مع زيادة كبيرة في طول القنبلة. مع أن هذه القنبلة قادرة على ضرب أهداف مختلفة بدقة عالية، حيث يقدر قطر دائرة الخطأ المحتمل 5-8 متر. ويتحقق هذه الدقة عن طريق نظام المراقبة المثبت على متن الطائرة والمزود بقنوات القصور الذاتي ونظام GPS لتحديد المواقع، مع الاشارة إلى أن قنوات القصور الذاتي قادرة على تأمين ظروف العمل في إطار التشويش المكثف من قبل العدو. كل هذا من أجل إيصال 17 كغ من المتفجرات بدقة إلى الهدف. وهذه اللعبة تكلف دافع الضرائب نحو 70 ألف دولار للقنبلة الواحدة (ضعف متوسط الأجور السنوية في الولايات المتحدة).
على الأرجح، فإن أي رجل عادي حاصل على شهادة في علم الأدب سوف يهرع لدى سماعه هذه الأرقام لتوجيه الإدانة للبنتاغون ولكل من يتعاقد معها. ولكن كل شيء في هذه الحياة نسبي. على كل حال تثبت القنابل من فئة SDB على الطائرات التالية: القاذفات من طراز B- 52ستراتوفورتيس، وB- 1 لانسر، وB- 2 سبيريت، وعلى المقاتلات من طرازF- 15E سترايك ايغل، وF- 16 فالكون، وF -22 رابتور، وF -35 لايتنينغ الثاني، وكذلك طائرات الهجوم A-10 ثاندربولت الثانية. وإذا وضعنا جانباً طائرات الجيل الأول وألقينا نظرة على أسعار الطائرات الجديدة سوف يصبح كل شيء في مكانه الصحيح. على سبيل المثال، فإن تكلفة المقاتلة الأمريكية من طراز B- 2 سبيريت، والمزودة بتقنية ستيلس أو ما يعرف بالشبح، أكثر من 1 مليار دولار للواحدة بدون الأخذ بعين الاعتبار أعمال البحث والتطوير. في حين أن المقاتلة ذات البصمة الشبحيةF -22 رابتور المصممة عام 2008، والتي تنتمي للجيل الخامس تقدر بنحو 137.5 مليون دولار. أما تكلفة المقاتلة القاذفة F -35 لايتنينغ الثانية فتبدأ من 83 مليون دولار. إذاً نرى بالمقارنة مع هذه الأسعار الفلكية بأن تكلفة القنابلSDB مجرد قروش عديدة.
تتوضع القنبلة SDB GBU -39 التي تتمتع بنظام برمجة خاص وتتجه نحو الهدف وهي مطوية الأجنحة، ضمن علبة خاصة BRU -61 / Aتستوعب لأربعة من هذه القنابل الموجهة. مع الاشارة إلى أن المسافة التي يمكن أن تفصل القنبلة عن الهدف يمكن أن تصل إلى 110 كم، وهذه المسافة تقلل من خطر مواجهة الطائرات المكلفة بشكل مخيف من مقاتلات وقاذفات القنابل، مع منظومات الدفاع الجوية للعدو. وكلما كانت الطائرات بعيدة عن أنظمة الدفاع الجوي، كلما كانت فعالية هذه الطائرات أكبر من خلال تحقيق تقنية التخفي في تصميمها، حتى أنها يمكن أن تكون بعيدة عن نيران المدفعية العادية التي توجه بصرياً.
كما يمكن للمقاتلات من الجيل الخامس من طراز F-22 رابتور، والتي تتمتع بسرعة تفوق سرعة الصوت، أن ترمي بقنابلها على أنظمة الدفاع الجوية هذه. ففي هذه الحالة تحلق القنابل SDB إلى مسافات أبعد نظراً لعامل رفع قوة الأجنحة كما بإمكانها أن تحلق على مسافات عالية أيضاً. يشار إلى أن صاعق القنبلة يمكن التحكم به من قمرة القيادة وفق عدة أنظمة، الأول حسب الوضع التقليدي والثاني وضعية الانفجار مع التباطؤ والثالث الانفجار الهوائي. بالطبع فإن وجود نظام الانفجار مع التباطؤ يفسر حقيقة أن المتفجرات لدى هذا النوع من القنابل أقل من القنابل القديمة والحديثة أيضاً. الحقيقة هي أن حوالي 70 كغ من كتلة القنبلة متمركزة بجسم القنبلة المتين والذي يلعب دور القذيفة والذي يسمح للقنبلة الانخراط في عمق الجدران البيتونية المسلحة لمسافة 1 م. أما القنابل الموجهة من طراز SDB-1 يمكنها قصف الأهداف الثابتة فقط، وقد تم استخدامها في العمليات العسكرية أثناء حملة العراق وأفغانستان، في حين أن الأجيال التالية من هذه القنابل SDB-2 أو GBU-40 مزودة بنظام الكشف عن الأهداف والاستشعار الحراري، وهذه تسمح بدورها للقنابل الموجهة تدمير الدبابات والعربات الأرضية الأخرى، مع العلم تكلفة هذه الأنواع من القنابل تصل إلى نحو 90 ألف دولار للواحدة.
القنابل الموجهة- 250 أسلحة روسية عالية الدقة
قدمت روسيا مؤخراً أكثر أنواع القنابل المدمجة من طراز KAB-250 والتي تم إنتاجها من قبل شركة "ريغيون" الروسية علماً أن هذه القنبلة الموجهة تتمتع بجميع خصائص القنابل التقليدية غير الموجهة، وعلى الأرجح مزودة بنظام توجيه تلفزيوني. أما عن أبعادها فإن قطرها حوالي 225 ملم وطولها 3.2 م ووزنها 250 كغ منها 127 كغ وزن المادة المتفجرة. يشار إلى أن هذا النوع من القنابل يمكن أن تثبت في أسفل الطائرة أو داخل مقصورات في بطن المقاتلة نفسها. جدير بالذكر أن هذه القنابل تم عرضها في المعرض الجوي ماكس-2011 مع الإشارة إلى أن الشركة المصنعة "ريغيون" لم تقدم أي معلومات مفصلة حولها، ولذلك يمكن للمواطنين العاديين التكهن فقط حول فعالية هذه القنابل. على الرغم من كل ذلك، يمكن الافتراض أن القنابل KAB250 مزودة بنظام مركب من التوجيه الفضائي والليزري، كما يمكننا أن نلفت انتباه المشاهدين إلى الشكل الممدود للقنبلة الجديدة والتي على الأغلب تم تصميمها بهذا الشكل لتتلاءم مع المقصورة الداخلية لطائرات الجيل الخامس.
يشار إلى أن القنابل الموجهة التي تم إنتاجها في روسيا سابقاً كانت تقوم بتدمير الأهداف الموجودة فوق الماء وتحت الماء. على سبيل المثال يمكن لقنابل "زاغون-1" تدمير غواصات العدو على عمق يصل حتى 150 م وبدرجة اضطراب البحر تقدر بـ6 درجات مع العلم أن هذه القنبلة تستخدم بشكل أساسي في الخلجان والمضايق وغيرها من المناطق التي يصعب فيها استخدام أنواع أخرى من القنابل الموجهة.
وعندما يتم استخدام هذه القنابل ضد هذه الأهداف تحت المائية يتم رمي القنبلة بواسطة مظلة، وعندما تلمس القنبلة سطح الماء تنفصل المظلة عنها وتتجه القنبلة نحو الهدف بفضل قانون الجاذبية ونظام تحكم بالحركة وبفضل وجود سونار خاص للكشف عن الأهداف تحت الماء. وبحسب المعلومات التي نشرتها شركة "ريغيون" فإن القنابل الموجهة من طراز "زاغون-1" تستخدم للطائرات من طراز إيل-38 المضادة للغواصات ومن طراز تو-142، والمروحيات من نوع كا-28.
تجدر الإشارة إلى أن القنابل الوطنية تثير الاهتمام من ناحية السعر والفعالية والبساطة في التصنيع وسهولة في الاستخدام، حتى أن هذه القنابل لا تتطلب اليوم في روسيا صيانة فنية خاصة.
وفي الختام يمكن الإشارة إلى أن المقارنة بين القنابل الروسية والأمريكية أمر لا منفعة منه وغير مجدي لأن هذه القنابل مختلفة تماماً عن بعضها البعض. فكما أشرنا سابقاً فإن القنابل الأمريكية هي بحد ذاتها قذائف صاروخية دون محرك وبإمكانها قطع مسافات كبيرة عبر نظام خاص والهدف الأساسي منها هو ضرب الملاجئ ومراكز القيادة والمباني عن طريق اختراق الجدران وإحداث انفجار داخلي. أما القنابل الروسية التقليدية فهي أقل تكلفة، إلا أنها تتمتع بوزن أكبر بكثير بالإضافة إلى أن قطر دائرة الاستخدام يصل إلى نحو 9 كم وهو أقل من الأمريكية الذي يصل إلى نحو 110 كم.
منقول من صوت روسيا