أصبحت منظومة العربات المزودة بأسلحة مختلفة، السمة المميزة في النزاعات والصراعات المحلية خلال السنوات الأخيرة. وبما أن الحديث يدور عن تجهيز وتثبيت أسلحة على مركبات قتالية، فإن أي عربة يمكن أن تصلح لهذه المهمة. ولذلك تقوم مختلف أنواع المجموعات المسلحة بإعمار العربات المجهزة برشاشات الدوشكا والمدافع والقواذف الصاروخية في ورشات خاصة باعتمادهم على أنفسهم فقط. وكما تبين الممارسات العملية فإن مثل هذه التقنيات، عند استخدامها بشكل سليم، قادرة على إحداث تأثير كبير في سير العمليات العسكرية. وفي إطار هذه الرؤية ومن خلال النتائج الإيجابية التي تحرزها هذه العربات المسلحة، قررت شركة "ستارت" الإنتاجية الروسية في مدينة يكاترين بورغ تصميم نموذج خاص مثيل لتلك التكنولوجيات، لكن على قاعدة مكونات عسكرية أصلاً مصممة للعمليات القتالية.
لذا قامت شركة "ستارت" خلال معرض التسليح الروسي اكسبو-2013 بتوزيع منشورات دعائية حول تصميمها الجديد وهو عبارة عن مشروع أطلق عليه اسم "ميني غراد" والذي يتضمن تصميم منظومة قواذف صاروخية على أرضية العربات المدرعة الموجودة، مثل تلك السيارة المدرعة التي ظهرت في هذه المنشورات من طراز "تيغر" وتعني النمر، وهي من إنتاج محلي الصنع. كما يمكن، بناءً على طلب الزبون، تركيب وتثبيت الأسلحة على أي عربة أخرى تتمتع بخصائص مناسبة.
المواصفات الرئيسية:
للأسف لا توجد معلومات كافية حتى الآن عن مشروع منظومة ميني-غراد، ولم يتم الحصول إلا على صورة لعربة مدرعة افتراضية مع بعض من خصائص أسلحتها. ومع ذلك فإن هذا الشح من المعلومات يسمح لنا بتشكيل صورة تقريبية عن العربة القتالية، بالإضافة إلى استنتاج بعض الافتراضات حول آفاق استخدام مثل هذه المنظومة.
ويمكن أن نرى من خلال هذه الصورة الوحيدة التي حصلنا عليها لمنظومة القواذف الصاروخية أنه تم تركيب قاعدة إطلاق صاروخية صغيرة على عربة قتالية من طراز "تيغر" تسمح، وفقاً لأبعادها، بتثبيت قاعدة قتالية لعشرين صاروخ من عيار 81.5 أو 105 ملم، لذا يمكن تصميم نظامين مختلفين للقواذف الصاروخية التي تستخدم مجموعة متنوعة من الذخيرة علماً أن قيمة المدى المجدي لإطلاق النار تقدر بنحو 10 كم، مع العلم أن الفترة المطلوبة لتكون العربة جاهزة لاطلاق نيرانها هي حوالي 20 ثانية، كما يمكن للعربة القتالية أن تحمل 40 صاروخاً كذخيرة إضافية. في حين وكما يزعم الأخصائيون، فإنه لا ينبغي أن تستغرق فترة إعادة تلقيم القاعدة الصاروخية إلى أكثر من 3 دقائق. ووفقاً للمنشورات المتوفرة فإن منظومة "ميني-غراد" مصممة لوحدات الاستطلاع وقوات وزارة الداخلية وقوات الإنزال الجوية وحرس الحدود، حيث تكمن مهمتها في تدمير القوات المعادية والمركبات المدرعة الخفيفة ومعدات العدو. وبالتالي ينبغي على المدرعة الجديدة أن تعزز من قدرة الوحدات القتالية التي تم ذكرها آنفاً. ولكن فإن شكل منظومة "ميني-غراد" تختلف كثيراً عن منظومات الصواريخ الأخرى وهذا من شأنه أن يسبب تساؤلات عديدة.
على كل حال، وأياً كان الأمر، يمكننا استخلاص بعض النتائج من خلال المعلومات المتاحة، والتي تبين أن لمنظومة "ميني-غراد" جوانب إيجابية وأخرى سلبية، وهذا الغموض المحيط بالمشروع يمكن أن يكون سبباً للكثير من الجدل بين صفوف الخبراء والأخصائيين.
فيما يتعلق بالجوانب الإيجابية نخص بالذكر القدرة الضاربة لهذه المنظومة، حيث يمكن لها من خلال قاعدة الإطلاق المكونة من 20 صاروخ، أن تؤدي مختلف أنواع المهام التي كانت تقوم بها أنظمة كبيرة من قواعد الإطلاق الصاروخية. وهنا لابد من التنويه إلى أن المنظومة الجديدة التي تتمتع بحجم صغير نسبياً وقدرة على التنقل بشكل سريع بحيث تكون قادرة على التعامل بسرعة مع الأهداف على مسافة مطلوبة للطلق الناري. وبالتالي فإن المهمة الرئيسية لمنظومة "ميني-غراد" الجديدة يمكن أن تكون الهجوم على الأهداف الصغيرة والتي تتمتع بحماية ضعيفة نسبياً.
لكن بالمقابل، يشير بعض المراقبين أن ميزات هذه المنظومة الجديدة يمكن أن تثير بعض الشكوك حول وجود عربات عسكرية مناسبة لها، مع العلم أن الخبراء يؤكدون بأن العربة المدرعة المزودة بقاعدة إطلاق صواريخ هي بحد ذاتها أمر غريب ومجهولة الآفاق. فعلى سبيل المثال هناك شكوك كبيرة حول هذه التقنيات وجدواها في بنية القوات المسلحة وقوات حفظ النظام. فمن خلال الإطلاع على مواصفات منظومة "ميني-غراد" الجديدة يتبين أنها لن تكون قادرة أن تحل محل نظم إطلاق الصواريخ الحالية المتعددة النماذج وأداء مهماتها. وبالتالي يبقى هناك مهام وحيدة أمام هذه المنظومة الجديدة مرتبطة بأسلوب قتالي يسمى الكر والفر.
هناك تساؤلات أخرى في سياق قدرة وآفاق هذه المنظومة الجديدة متعلقة باختيار الأهداف والعمليات التي يمكن تنفيذها. وربما أن تكون هناك وسائل أخرى بما فيها سلاح المدفعية والطيران قادرة على القيام بالمهام نفسها التي ينبغي أن تقوم بها "ميني-غراد".
بشكل عام فإن مشروع "ميني-غراد" وآفاقه المستقبلية يثير تساؤلات عديدة في الوقت الراهن، هذا في الوقت الذي تظهر فيه حالات عدم جدوى تطبيق هذه التقنية واستخدامها، وبالتالي فإن هذه المنظومة من غير المرجح أن تتخذ مكاناً مناسباً في القوات المسلحة الروسية. لكن في الوقت نفسه يرى البعض أن هذا النوع من التقنيات التي تتميز بصغر حجمها وقوة نيرانها، يمكن أن تكون محط أنظار واهتمام قوات الإنزال الجوية التي تحتاج إلى العربات القتالية الخفيفة.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون هذا النوع من الأسلحة ذو فائدة لبلدان ثالثة. ففي سياق الصراعات المحلية التي تشهدها مناطق عديدة من مختلف أنحاء العالم في السنوات الأخيرة، أصبحت تستخدم وبنشاط كبير عربات القتال بدائية الصنع، مزودة ليس فقط بأسلحة خفيفة، كالبنادق والرشاشات. وأصبح من الممكن أحياناً مشاهدة مركبات مدنية مزودة بمنظومة توجيه للصواريخ في ساحات المعارك على طول الشريط من بريدنيستروفيا حتى سوريا. فعلى الرغم من خصوصية هذه التقنيات إلا أنها قادرة على رفع القدرات القتالية للوحدات العسكرية المزودة بمثل هذه المركبات بشكل كبير. وبالتالي، قد يكون مشروع "ميني-غراد" محط اهتمام بعض البلدان الصغيرة ذات الدخل المنخفض الذين يحتاجون إلى تحديث لقواتهم المسلحة بأبخس تكلفة ممكنة.
من الصعب تحديد الدول التي قد تكون مهتمة بمنظومة "ميني-غراد" الجديدة. واستنادا للمعلومات المتوفرة، فإن المشروع الجديد لديه العديد من الخصائص المميزة، ولكنها في الوقت نفسه لا تخلو من العيوب. وبسبب هذا فإنه ينبغي على الزبون المحتمل أن يقوم بتقييم خصائص المركبة القتالية، والخروج باستنتاجات حول جدوى شراء مثل هذه التكنولوجيا بهذه المواصفات. وعلى ضوء ذلك من المرجح أن تظهر أولى الحجوزات لشراء منظومة "ميني- غراد" في المستقبل القريب. ومع ذلك، نأمل أن نرى في المستقبل القريب مدى جدوى مشروع "ميني-غراد" الجديد.
المصدر http://arabic.ruvr.ru/2013_10_19/123123590/