معاوية كان ملكاً و لم يكن خليفة و هو ترك سنة أبي بكر و عمر و إستّن بالكسرى و قيصر ( إتخاد القصور و الأبّهة ؛ جعل الخلافة في ولده يزيد و في الأمة ما فيها من الصالحين )
هذا هو فكر الخوارج..حذو النعل بالنعل..لا أدرى كيف يقول كل جاهل متعالم ما يقول عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويستدرك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذى رواه أَبِو هريرة وأبو سعيد الخدرى رضى الله عنهما قالا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ"..ومع ذلك يصف خال المؤمنين معاوية بأنه استن بسنة كسرى وقيصر..بل ويستدرك على رب العزة - جل وعلا- فى حكمه حين قال فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - ومعاوية رضى الله عنه منهم - فى سورة البينة ( رضى الله عنهم ورضوا عنه )
..ثم يأتى من الجهلاء من ياتى ليسب أصحاب رسول الله متعالما بجهله أو مدسوسا مبغضا لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ..والسؤال الآن لكل مسلم سنى..ماذا بعد الطعن على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين نقلوا لنا الوحيين ( الكتاب والسنة ) عن الرسول الخاتم - صلوات الله وسلامه عليه- ..؟؟!! فإذا كان أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم- بهذا الوصف الذى يزعمه أولئك الجهلة أو الخونة ..فهل نثق فى كتاب ربنا وسنة نبينا وقد نقله أناس بهذا الوصف - بزعم الزاعمين -..؟؟!! أقولها بملىء فمى..الطعن فى أصحاب رسول الله هو بداية الطعن فى دين الله.. وفى كتاب الله وفى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو سبيل الروافض قديما وحديثا..لست بصدد الاساءة لشخص لكن اقول ان معاوية حارب عليا
لكن معاوية لم يكن ذلك الخليفة العادل بالادلة والبراهين ويكفي انه حارب عليا الذي قال عنه الرسول صلوات ربي وسلامه عليه (((قال: إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها ثلاث مرات، وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرات ثم قال: اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبَّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب، ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا. فقال رسول الله صلى الله عليه)) وكذلك قوله علي مع الحق والحق مع علي
وأخرج الحافظ ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق قال : ( أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أنبأنا محمد بن يعقوب ، حدثنا إبراهيم بن سليمان بن علي الحمصي ، حدثنا إسحاق بن بشر ، حدثنا خالد بن الحارث ، عن عوف ، عن الحسن ، عن أبي ليلى الغفاري قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : "
ستكون من بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب ، فإنه أول من يراني وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو معي في السماء الأعلى ، وهو الفاروق بين الحق والباطل" ) (34)
لكن معاوية لم يلزم وحارب عليا الذي يكون الحق معه وهو مع الحق والرسول قال اللهم وال من والاه وعاد من عاداه
الخلاصة ان معاوية لم يكن بذلك الحاكم العادل او الصحابي الجليل بل كان ملكا عاديا على المؤمنين
السلام عليكم وارجز ان تسمحو ويغفر الله لنا ان كلان بكلامنا اي اسائة
وأما حديث السفهاء المتسفهين عن الفتنة بين على ومعاوية - رضى الله عنهما- فأحيلهم إلى فضيلة الكف عما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم:
فقد أجمع أهل السنة قاطبة على الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة والسكوت عما حصل بينهم من قتال وحروب، وعدم البحث والتنقيب عن أخبارهم أو نشرها بين العامة لما لها من أثر سيئ في إثارة الفتنة والضغائن وإيغار الصدور عليهم، وسوء الظن بهم، مما يقلل الثقة بهم.
والواجب على المسلم أن يسلك في اعتقاده فيما حصل بين الصحابة الكرام مسلك الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، وهو الإمساك عما حصل بينهم.
وكُتُبُ أهل السنة مملوءة ببيان عقيدتهم الصافية في حق الصحابة الكرام، وقد حددوا موقفهم من تلك الحرب التي وقعت بينهم في أقوالهم الحسنة التي منها: سُئل عمر بن عبد العزيز عن القتال الذي حصل بين الصحابة، فقال: (تلك دماء طهّر الله يدي منها؛ أفلا أُطهر منها لساني؟ مَثَلُ أصحاب رسول الله—مَثَلُ العيون؛ ودواء العيون ترك مسها).
وسئل الحسن البصري عن قتال الصحابة فيما بينهم فقال: (قتال شهده أصحاب محمد—وغبنا، وعلموا وجهلنا، واجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا).
وقال الإمام أحمد بعد أن قيل له: ما تقول فيما كان بين علي ومعاوية؟ قال: (ما أقول فيهم إلاّ الحسنى).
وقال ابن أبي زيد القيرواني في صدد بيان ما يجب أن يعتقده المسلم في أصحاب رسول الله—وما ينبغي أن يُذكروا به فقال: (وأن لا يُذكر أحد من صحابة الرسول إلاّ بأحسن ذكر، والإمساك عمّا شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويُظن بهم أحسن المذاهب).
وقال أبو عبد الله بن بطة أثناء عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة: (ومن بعد ذلك نكفّ عما شجر بين أصحاب رسول الله—وقد شهدوا المشاهد معه، وسبقوا الناس بالفضل؛ فقد غفر الله لهم، وأمرك بالاستغفار لهم، والتقرب إليه بمحبتهم، وفرض ذلك على لسان نبيه وهو يعلم ما سيكون منهم أنهم سيقتتلون؛ وإنما فُضلوا على سائر الخلق؛ لأن الخطأ العمد قد وُضِعَ عنهم وكل ما شجر بينهم مغفور لهم). وقال أبو عثمان الصابوني في صدد عقيدة السلف وأصحاب الحديث: (ويرون الكف عمّا شجر بين أصحاب رسول الله—وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم ونقصاً فيهم، ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافتهم).
وقال أبو عبد الله القرطبي : (لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به؛ إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأراد الله عز وجل. وهم كلهم لنا أئمة، وقد تُعبّدنا بالكف عمّا شجر بينهم، وألاّ نذكرهم إلا بأحسن الذكر لحرمة الصحبة، ولنهي النبي—عن سبهم، وأن الله غفر لهم وأخبر بالرضى عنهم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة فيما شجر بين الصحابة : (ويمسكون عما شجر بين الصحابة ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص، وغُيّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون).
وكذلك ما ذكره شيخنا ابن عثيمين حيث قال: (وهذا الذي حصل أي بين الصحابة موقفنا نحن منه له جهتان:
الجهة الأولى: الحكم على الفاعل، والجهة الثانية: موقفنا من الفاعل. أما الحكم على الفاعل فقد سبق، وأن ما ندين الله به أن ما جرى بينهم فهو صادر عن اجتهاد، والاجتهاد إذا وقع فيه الخطأ فصاحبه معذور مغفور له. وأما موقفنا من الفاعل فالواجب علينا الإمساك عما شجر بينهم. ولماذا نتخذ من فعل هؤلاء مجالاً للسب والشتم والوقيعة فيهم والبغضاء بيننا؟ ونحن في فعلنا هذا إما آثمون، وإما سالمون ولسنا غانمين أبداً).
فهذه طائفة من كلام أكابر علماء الإسلام من سلف هذه الأمة والمعاصرين؛ تبيّن منها الموقف الواجب على المسلم أن يقفه من الآثار المشتملة على النيل من أحد من الصحابة أجمعين بسبب ما وقع بينهم من شجار، وخلاف، ومقاتلة؛ خاصة في حرب الجمل وصفين، وهو صيانة القلم واللسان عن ذكر ما لا يليق بهم، وإحسان الظن بهم، والترضي عنهم أجمعين، ومعرفة حقهم ومنزلتهم، والتماس أحسن المخارج لما ثبت صدوره من بعضهم، واعتقاد بعضهم أنهم مجتهدون؛ والمجتهد مغفور له خطؤه إن أخطأ، وأن الأخبار المروية في ذلك منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه أو نقص منه حتى تحرّف عن أصله وتشوّه. كما تبين من هذه النقول المتقدم ذكرها أن عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة فيما شجر بينهم هو الإمساك.
فإذا تبين لنا أن الإجماع قد وقع من علماء المسلمين على السكوت عما شجر بين الصحابة، وعدم التنقيب أو التنقير عما حصل بينهم من حروب وقتال؛ ولو حسنت نية المتكلم أو السامع، كان من المناسب أن نعرف معنى السكوت نحوهم.
معنى السكوت: أما معنى السكوت عما شجر بين الصحابة : فهو عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب والخلافات على سبيل التوسع وتتبع التفصيلات ونشرها بين العامة بطريق أو آخر وقد أشار إلى ذلك الإمام الحافظ الذهبي تعالى قائلاً: (إن كثيراً مما حدث بين الصحابة من شجار وخلاف ينبغي طيّه وإخفاؤه بل إعدامه، وإن كتمان ذلك متعين على العامة بل آحاد العلماء).
وأما الآثار السلبية في نشر أحاديث الفتنة وأخبار النزاع بين الصحابة فهي: أنها أوقفت المسلمين على ما لا ينبغي لهم أن يقفوا عليه. أن في بثها والحديث عنها عند عامة الناس مخالفة لما عليه السلف الصالح. أنها تفسد على المسلمين سلامة صدورهم، وصفاء قلوبهم على الصحابة، ولا يخالف في ذلك إلا مكابر أو جاهل. أنها تثير بين الناس الشبهات، وتضاعف لديهم الأوهام حول الصحابة الكرام ؛ وتتزعزع منه الثقة بالصحابة عند كثير من الناس. أن في نشرها بهذه الطريقة خلافاً للحكمة الدعوية، والطرق التعليمية، كما قال علي : (حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يُكَذّبَ اللهُ ورسولُه؟).
الإيرادات: قبل الانتهاء والخروج مما أردت بيانه، أرى من الواجب أن أجيب عن بعض الأسئلة التي هي في حكم الإيرادات والشبهات حول هذا الموضوع.
الإيراد الأول: لعل قائلاً يقول: قد سلمنا لكم بما ذكرتموه وقرّرتموه آنفاً، لكنّ هذا محمول على من أراد ذكر ما شجر بين الصحابة على وجه التنقيص والبغض، وسوء الظن بهم ونحوه مما هو مثار للفتنة عياذاً بالله. أما من أراد ذكر ذلك على وجه المحبة للجميع، مع سلامة الصدر والترحم عليهم وحسن الظن بهم؛ فهذا ليس محل نزاعنا!!
أقول: نحن لا نسلّم لك ما قلته لعدة مخالفات شرعية؛ منها: 1-أن هذا القول خلاف الأصل المقرر عند عامة السلف والخلف، وهو السكوت عما شجر بين الصحابة، سواء كان الحديث عنهم عن حسن ظنٍ أو سوء ظن لما في ذلك من درء للمفسدة الحاصلة وسدّ للذريعة المفضية للشبه والفتنة كما هو معلوم من الواقع بالضرورة. فهذا العوام بن حوشب يقرر هذا الأصل: (أدركت من صدر هذه الأمة بعضهم يقول لبعض: (اذكروا محاسن أصحاب رسول الله—لتأتلف عليها القلوب، ولا تذكروا ما شجر بينهم فتحرّشوا الناس عليهم)، وبلفظ آخر قال: (.. فتجسّروا الناس عليهم).
2-وكذلك هو أيضاً خلافٌ للأصل المحقق وهو الوقوع في الفتنة؛ ولهذا لا يجوز لك أن تخالف أصلاً محققاً رجاء سلامة صدرٍ مظنونة! فقد قال رسول الله : (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه؛ ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي: القلب). وعن الحسن بن علي قال: حفظت من رسول الله : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
3-أيضاً في ذكر ما حصل بين الصحابة مع ادعاء أمن الفتنة وسلامة الصدر؛ أمنٌ من مكر الله، عياذاً بالله فقد قال الله في سورة الأعراف: ((أََفَأََمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَاً مَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ)) [الأعراف: 99]. وكذلك فيه تعرّض للفتن التي طالما استعاذ منها النبي؛ فعن المقداد بن الأسود قال: وأيم الله! لقد سمعت رسول الله—يقول: (إن السعيد لمن جُنّب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر فواها).
4-لو سلمنا أن أحداً خاض فيما شجر بين الصحابة ؛ ثم خرج من ذلك بسلامة صدر وصفاء قلب؛ لكان هذا تحصيل حاصل ونوع عبث، ومخالفة لمنهج السلف الصالح تجاه هذه الفتنة، بل هو في الحقيقة ضرب من الخيال، وخلاف الواقع المألوف.
5-ثم إذا كان الأمر كذلك كما ذكر المعترض فهذا يكون لآحاد العلماء خاصة لا عامة الناس كما ذكره الإمام الذهبي ؛ فليت شعري هل هذا هو محل نزاعنا، أو هو فيما انتشر بين أيدي الناس كافة عالمهم وعامّيّهم وصغيرهم وكبيرهم؟ والله المستعان!
الإيراد الثاني: ولعل قائلاً يقول: إننا نجد كثيراً من كتب التاريخ المشهورة المرضية عند عامة المسلمين قد ذكرت ما جرى وحصل بين الصحابة بكل تفصيل وتحليل؛ فلنا فيهم أسوةٌ حسنة، فيسعنا ما يسعهم!!
أقول: إن هذا القول حقّ لا شك فيه؛ فقد ذكرت كتب التاريخ بعامة ما شجر بين الصحابة بيد أنها لم تذكر ذلك للاستئناس، والتشوّف لأخبارهم والتفكه بحروبهم وقتالهم، ونحو ذلك؛ فحاشاهم فهم أبعد الناس عن ذلك. ولا ننسَ أيضاً أنه كما ثبت في كتبهم ما شجر بين الصحابة ؛ فكذلك قد ثبت تقريرهم لمعتقد السلف عن الكف والإمساك عما شجر بينهم؛ وهذا لم يكن منهم تناقضاً كما يزعمه من ليس له أدنى علم بحالهم؛ فهؤلاء الأئمة قد ذكروا ذلك وسطّروه في كتبهم لأمور مهمة منها:
1- إبراء للذمة؛ فكان من الأمانة العلمية أن يذكروا ذلك حفظاً للتاريخ الإسلامي من عادية المحرفين أهل البدع والأهواء؛ كي لا يُدخَلَ فيه ما ليس منه، أو يُخرج ما هو منه؛ لذا جعلوا من أنفسهم حراساً على تاريخ الأمة الإسلامية.
2- كان هذا منهم إتماماً للتاريخ الإسلامي، فكما بدأوا بكتب أوله فكذلك ساروا إلى آخره دون نقص أو ثلب؛ مما قد يجعل للطاعنين علينا سبيلاً. فهذه الأمم أجمع لا تعتز إلا بعزّ تاريخها، ولا تُذل إلا بضياع تاريخها أو بعضه؛ فتأمل هذا يا رعاك الله.
3- كذلك أرادوا من ذكر أخبارهم وحفظها العبرة والعظة لمن بعدهم، كما ذكر ذلك أبو الفرج ابن الجوزي : واعلم أن في ذكر السير والتواريخ فوائد كثيرة؛ أهمها فائدتان: إحداهما: أنه إن ذكرت سيرة حازم ووصفت عاقبة حاله علمت حسن التدبير واستعمال الحزم، وإن ذكرت سيرة مفرط ووصفت عاقبته خفت من التفريط. ويتضمن ذلك شحذ صوارم العقول، ليكون روضة للمتنزه في المنقول. الثانية: أن يطلع بذلك على عجائب الأمور وتقلبات الزمان، وتصاريف القدر، والنفس تجد راحة بسماع الأخبار. وبهذا نعلم أن بعض الأحكام الشرعية قد تبينت من خلال ما حصل بين الصحابة ؛ فمن ذلك: أحكام قتال أهل البغي كما قرر ذلك علي مع المخالفين، وهذا باب واسع ومهم، ولولا ما حصل بينهم من قتال لما علم ذلك؛ والله أعلم.
4- كذلك نجدهم لم يذكروا أخبار هذه الفتنة وحوادثها سرداً بلا زمام أو خطام! بل أسندوها إبراء للذمة، في حين نراهم لم يغفلوا هذا الجانب بل لهم عناية بنقد كثير من الروايات والأخبار مع بيان صحيحها من سقيمها، وتوجيه ما أمكن توجيهه.
5- كذلك لم يكن قصدهم من ذكر وكتابة ما شجر بين الصحابة نشرها وترويجها بين الخاصة والعامة من المسلمين، لا، ما هذا الذي أرادوه بل غاية علمهم أن الذي سيقف مستفيداً من كتبهم هم العلماء خاصة دون عامة المسلمين كما هو مألوف لدى المجتمع. وبعد هذا: هاك أخي المسلم الكريم ما قاله الإمام المحدث أبو بكر الآجرّي ؛ كي تقرّ عينك ويطمئن قلبك لما سطرنا لك آنفاً؛ حيث نراه يردّ على بعض الاعتراضات والإيرادات نحو ما شجر بين الصحابة : قال : (ينبغي لمن تدبر ما رسمنا من فضائل أصحاب رسول الله --، وفضائل أهل بيته أجمعين أن يحبهم، ويترحم عليهم، ويستغفر لهم، ويتوسل إلى الله لهم، ويشكر الله العظيم إذ وفقه لهذا، ولا يذكر ما شجر بينهم، ولا ينقر عنهم، ولا يبحث.
فإذا عارَضَنا جاهل مفتون قد خطي به عن طريق الرشاد، فقال: لِمَ قاتل فلان لفلان؟ ولِمَ قتل فلان لفلان وفلان؟! قيل له: ما بنا وبك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا اضطررنا إلى علمها. فإن قال قائل: ولِمَ؟ قيل: لأنها فتن شاهدها الصحابة، فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها، وكانوا أعلم بتأويلها من غيرهم، وكانوا أهدى سبيلاً ممن جاء بعدهم؛ لأنهم أهل الجنة، عليهم نزل القرآن، وشاهدوا الرسول—وجاهدوا معه، وشهد لهم عز وجل بالرضوان، والمغفرة، والأجر العظيم، وشهد لهم الرسول—أنهم خير قرن، فكانوا بالله عز وجل أعرف، وبرسوله --، وبالقرآن، وبالسنة، ومنهم يؤخذ العلم، وفي قولهم نعيش، وبأحكامهم نحكم، وبأدبهم نتأدب، ولهم نتبع، وبهذا أمرنا. فإن قال قائل: وما الذي يضرنا من البحث عن أخبارهم ومعرفتنا لما جرى بينهم؟ قيل له: الضرر لا شك فيه، وذلك أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا، وعقولنا أنقص بكثير، ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم فننزل عن طريق الحق ونتخلف عما أمرنا فيهم. فإن قال قائل: وبِمَ أُمرنا فيهم؟ قيل: أُمرنا بالاستغفار لهم والترحم عليهم والمحبة لهم والاتباع لهم.. فإن قال قائل: إنما مرادي من ذلك لأن أكون عالماً بما جرى بينهم فأكون على ما كانوا فيه لأني أحب [ أن أعلم ]ذلك ولا أجهله. قيل له: أنت طالب فتنة؛ لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك، ولو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبّدك به من أداء فرائضه، واجتناب محارمه كان أوْلى بك. وقيل له: ولا سيما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة(25). وقيل له: اشتغالك بمطعمك، وملبسك من أين هو؟ أوْلى بك، وتمسكك بدرهمك من أين هو؟ وفيم تنفقه أوْلى بك. وقيل: لا نأمن أن تكون بتنقيرك وبحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك فتهوى ما لا يصلح لك أن تهواه، ويلعب بك الشيطان فتسب وتبغض من أمرك الله بمحبته والاستغفار له وباتباعه، فتزل عن طريق الحق، وتسلك طريق الباطل.
سئل شيخ الإسلام ابن تيميه عما شجر بين الصحابة علي ومعاوية هل يطالبون به أم لا
فَأَجَاب:قد ثبت بالنصوص الصحيحة أن عثمان وعليًا، وطلحة، والزبير، وعائشة، من أهل الجنة، بل قد ثبت في الصحيح أنه لا يَدْخُل النارَ أحَدٌ بايع تحت الشجرة.وأبو موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، هم من الصحابة، ولهم فضائل ومحاسن وما يحكى عنهم كثير منه كَذِب، والصدق منه إن كانوا فيه مجتهدين، فالمجتهد إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر، وخطؤه يغفر له وإن قُدِّرَ أن لهم ذنوبًًًًا، فالذنوب لا توجب دخول النار مطلقًًًًا، إلا إذا انتفت الأسباب المانعة من ذلك وهي عشرة: منها التوبة، ومنها الاستغفار، ومنها الحسنات الماحية، ومنها المصائب المكفرة، ومنها شفاعة النبي ، ومنها شفاعة غيره، ومنها دعاء المؤمنين، ومنها ما يهدي للميت من الثواب والصدقة والعتق، ومنها فتنة القبر، ومنها أهوال القيامة وقد ثبت في الصحيحين عن النبي أنه قال: «خَيْر القرونِ القرنُ الذي بُعِثْتُ فيه، ثم الذين يَلُونَهُم، ثم الذين يلونهم» وحينئذ، فمن جزم في واحد من هؤلاء بأن له ذنبًا يدخل به النار قطعًا، فهو كاذب مفتر. فإنه لو قال ما لا علم له به لكان مبطلًًًًا، فكيف إذا قال ما دلت الدلائل الكثيرة على نقيضه؟ فمن تكلم فيما شجر بينهم وقد نهى الله عنه؛ من ذمهم أو التعصب لبعضهم بالباطل فهو ظالم معتد. وقد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: «تَمْرُقُ مارقة على حين فُرْقَة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق»، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال عن الحسن: «إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» وفي الصحيحين عن عمار أنه قال: «تقتله الفئة الباغية»، وقد قال تعالى في القرآن: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف على أنهم مؤمنون مسلمون، وأن عليَّ بن أبي طالب والذين معه كانوا أولى بالحق من الطائفة المقاتلة له، والله أعلم وإن كان المختار الإمساك عما شجر بين الصحابة فلا يجب الاعتقاد بأن كل واحد من العسكر كان مجتهدا متأولا قال شَيخُ الإِسْلاَم ابن تَيْمِية: ومما ينبغي أن يعلم: أنه وإن كان المختار الإمساك عما شَجَرَ بين الصحابة، والاستغفار للطائفتين جميعًا وموالاتهم، فليس من الواجب اعتقاد أن كل واحد من العسْكَر لم يكن إلا مجتهدًا متأولًًًًا؛ كالعلماء، بل فيهم المذنب والمسئ، وفيهم المقصر في الاجتهاد لنوع من الهوى، لكن إذا كانت السيئة في حسنات كثيرة كانت مرجوحة مغفورة وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم، وتستغفر لهم، لكن لا يعتقدون العِصْمَة من الإقرار على الذنوب، وعلى الخطأ في الاجتهاد، إلا لرسول الله ، ومَنْ سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ، لكن هم كما قال تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ} الآية. وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها.