- المحارب كتب:
- [size=24]اما مايخص الايرانين اريد تفسيراً للإحتلال الايراني للجزر الإمارتيية .[/size]
اليكم لمحة تاريخية بسيطة عن تاريخ الجرز الاماراتية الثلاثة المحتلة من قبل ايران.
(ليس من المعقول أن تدخل بريطانيا في حرب مع إيران قبل انسحابها من الخليج بيوم واحد).
بهذه الكلمات المختصرة، برَّر المعتمد البريطاني في الخليج (جيفري آرثر) لأحد الصحافيين، سبب تخلّي بلاده عن الجزر العربية الثلاث لشاه إيران محمد رضا بهلوي، رغم أن معاهدات الحماية مع (إمارات الساحل المتصالح) لم تنتهِ بعد.. فما هي قصة هذه الجزر، وكيف كان احتلالها؟
تمهيد: الجزر العربية الثلاث، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، لم تكن في منأى عن الصراع الأزلي على الخليج العربي، وإنما ظلت مطمعاً للعديد من القوى الدولية والإقليمية التي تنافست على الاستئثار بهذا المسطح المائي منذ القرون الغابرة.
وفي إطار حرصنا على عدم إغراق هذه الدراسة بأحداث المنطقة التي ضاقت بها الأسفار بينما الكثير منها لايزال يدق عن إدراك الباحـثين عبر قـرون خلت، فسنكتفي بتناول ما يرتبط منها - بصورة مباشرة أو غير مباشرة - بتاريخ الجزر الثلاث، استجلاءً لغموضها، وتبياناً لحقائقها، بما يقود إلى معرفة مكامن الأسباب التي أدت إلى ظهور النزاع على هذه الجزر.
وقد آثرنا جعل البداية التاريخية للبحث في موضوع الجزر سالفة الذكر، إطلالة سريعة على الحقبة التي شهدت سقوط دولة اليعاربة في عمان، وبزوغ نجم قبيلة القواسم في رأس الخيمة والشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة حالياً، باعتبارهما آخر القوى العربية التي هيمنت على معظم أجزاء الخليج العربي وجزره، بما فيها الجزر الثلاث حتى وصول الاستعمار الأوروبي الحديث وعلى رأسه بريطانيا العظمى.
وبناءً عليه فإننا سنتناول الصراع الإقليمي والدولي على منطقة الخليج العربي والأحداث السياسية التي رافقت ظهور دولة القواسم، باعتبارها القوة التي اكتسبت لاحقاً حقوق السيادة على الجزر الثلاث، مستعرضين مراحل مقاومتها للنفوذ البريطاني في الخليج ونتائجه، ثم صراعها مع الفرس وبداية مطالبتهم بالجزر الثلاث، ودوافع وذرائع احتلالها من قبل شاه إيران محمد رضا بهلوي في عام 1971 .
كما سنعرّج، على الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية للجزر، ومدى إسهامها في إذكاء الأطماع الإقليمية والدولية للسيـطرة على هذه الجزر.
الصراع على الخليج العربيمثَّل سقوط دولة (اليعاربة) في عُمان عام 1741م، حدثاً سياسياً كبيراً غَيَّر منطقة الخليج برمتها، نظراً لانبعاث قوى إقليمية عربية عديدة على أنقاض هذه الدولة المنهارة، وقيامها بلعب دور بارز في إعادة صياغة تاريخ هذه المنطقة وتحديد مصيرها.
وتتمثل هذه القوى في آل بوسعيد الذين آلت إلى سلطتهم أراضي عُمان منذ ذلك الوقت وحتى الآن، وحلف بني ياس الذي ضم - مع قبائل أخرى - أهم قبيلتين هما، آل بوفلاح (آل نهيان)، وآل بوفلاسة (آل مكتوم)، والذي هيمن على أجزاء واسعة من المناطق البرية التي يقع قسم كبير منها ضمن النطاق الجغرافي لدولة الإمارات العربية المتحدة حالياً؛ وكذلك حلف القواسم الذي برز كقوة بحرية كبرى دانت لها أجزاء واسعة من الخليج العربي بضفتيه الشرقية والغربية وبعض المناطق الواقعة على خليج عمان
ظهور دولة القواسم بالرغم من النتائج المأساوية التي ترتّبت على تقسيم الإمبراطورية العمانية وتقزّمها في نهاية المطاف إلى الحدود الجغرافية التي تشكل سلطنة عمان حالياً، إلا أنه إبّان سقوط دولة اليعاربة ونشوء دولة آل بوسعيد، كانت قد ظهرت قوة محلية طموحة ممثلة بقبيلة القواسم ومن تحالف معها من القبائل العربية الأخرى. حيث تمكن القواسم من توظيف الأحداث والتداعيات التي كانت تمر بها المنطقة لصالحهم، واستطاعوا تأسيس إمارة خاصة بهم في جلفار (رأس الخيمة) والساحل الشمالي من عمان تحت زعامة أول أمرائها كايد بن عدوان القاسمي.
ولم تمضِ سنوات معدودة إلاّ وهم يبسطون سيادتهم، بفضل أسطولهم البحري الكبير الذي وصل تعداده إلى أكثر من 800 سفينة حربية، على منطقة جغرافية واسعة من الساحل الغربي للخليج العربي، تمتد من (رأس مسندم) على مضيق هرمز، وحتى السواحل القريبة من إمارة دبي
وقد ضمت هذه القوة العربية إلى ممتلكاتها عدداً من جزر الخليج العربي، كجزر قشم، وصري، وهنجام، وطنب الكبرى والصغرى، وأبو موسى، كما هيمنوا على شريط ساحلي واسع في خليج عمان، وتمكنوا من الوصول إلى البر الفارسي واحتلوا ميناء (باسيدو) في عام .1727
ورغم تمكن الفرس من إزاحتهم عن المنطقة عام 1737م، إلا أن الظروف التي نتجت عن الغزو الأفغاني لبلاد فارس ووفاة ملكها (نادر شاه) عام 1747 الذي كان يناصب القواسم العداء، شكلت مناخاً سياسياً أحسن القواسم استثماره عندما تمكنوا من العبور إلى البر الفارسي مرة أخرى في عام 1750 لمساعدة حاكم ميناء بندر عباس وهرمز الذي كان في حالة صراع مع الشاه، واستطاعوا في ما بعد تأسيس إمارة (لنجة) في الساحل الشرقي من الخليج العربي، والتي شملت عدداً من الموانئ والجزر المهمة، مثل بندر كنج، وبستانة، وشناص، ومغوه، وهنجام، وصرّي.
صراع بريطانيا والقواسم راحت بريطانيا (العظمى) مع إطلالة القرن الثامن عشر الميلادي ترنو إلى منطقة الخليج بغية السيطرة عليها لتأمين وجودها الاستعماري في الهند (درة التاج البريطاني)، وذلك بعد تأسيسها شركة الهند الشرقية (البريطانية) في عام 1600.
ولذلك فقد كانت تراقب هذه القوة العربية المنيعة التي أضحت تشكل خطراً على مصالحها في فارس والعراق، وأخذت تتربص بها الدوائر وتحوك ضدها المؤامرات بهدف تحجيم قوتها وتقليص نفوذها، فكان أن بدأ التصادم البحري بين الطرفين وكانت المعارك سجالاً بينهما، إذ تمكن القواسم خلالها من هزيمة القوات البريطانية في منازلات بحرية عديدة فضلاً عن أسر ومصادرة الكثير من سفنها الحربية، إلا أن بريطانيا قررت في نهاية المطاف حسم الأمر عندما حشدت أكبر قوة عسكرية خارج حدود مستعمراتها بهدف إخضاع دولة القواسم وضرب مرتكزاتها البنيوية؛ وهو ما عبر عنه حاكم بومباي في رسالته إلى الحاكم البريطاني العام بقوله: «على الرغم من كل جهودنا فإننا عجزنا عن تحطيم القواسم، ولم يبقَ أمامنا إلاّ إعداد حملة عسكرية قوية لتحطيم أساس قوتهم».
ومع بداية شهر يناير من عام 1819م بدأ الهجوم العنيف للقوات البريطانية على رأس الخيمة والموانئ والحصون العربية تحت شعار محاربة القرصنة في الخليج وتأمينه من خطر القواسم، والقبائل المتحالفة معهم، وهي ذريعة أشبه بالخرافة، ابتدعتها بريطانيا ورددها بعض الباحثين والكتاب الغربيين توطئة لترسيخ الوجود البريطاني وتسويغ احتلال المنطقة.
وبعد معركة استمرت أياماً عدة، وفي ظل اختلال ميزان القوى لصالح بريطانيا كدولة بحرية كبرى، انهارت قوة القواسم وسقطت رأس الخيمة وبقية المدن الأخرى التي كانت تحت سيطرتهم. وبذلك حققت بريطانيا حلمها بتدمير القوة الهجومية للقواسم، وإفشال قيام كيان عربي كبير وموحّد على ضفاف الخليج، بل وتجزئته إلى دويلات صغيرة تدور في فلكها من خلال معاهدة الصلح أو ما سُمي بالاتفاقية العامة التي أملتها على القواسم وشيوخ الإمارات الأخرى في شهر مارس من عام .1820
توطيد نفوذأما فارس فبعد فراغها من خوض حروب داخلية وخارجية عدة لتوطيد نفوذها في المنطقة، تحولت نحو حدودها الجنوبية للانتقام من عدوها اللدود المتمثل بالعرب القواسم الذين لم تفلح كل مخططاتها وحملاتها السابقة في إزاحتهم عن مدن وموانئ الساحل الشرقي للخليج العربي.
فكان أن تمكن الشاه (ناصر الدين القاجاري) من تحقيق ما عجز عنه أسلافه عندما قامت قواته باجتياح إمارة (لنجة) القاسمية على الساحل الشرقي للخليج عام 1887 واقتياد أميرها العربي الشيخ قضيب بن راشد القاسمي مخفوراً إلى طهران، ولم يُعرف مصيره بعد ذلك، باستثناء ما أشاعت فارس حينها أنه توفي في السجن.
إلا أن القواسم لم يخضعوا للتوسع الفارسي على حساب ممتلكاتهم في (لنجة)، إذْ قام أحد أمرائهم ويدعى محمد بن خليفة القاسمي، بحشد القبائل العربية والفارسية لمناصرته في استعادة العرش القاسمي هناك؛ وفي عام 1898 تمكن من تدمير الحامية الفارسية في الإمارة، وإجبار حاكمها على الاستسلام. غير أن قوات الشاه أعادت تجميع صفوفها وقامت بهجوم كبير ضم آلاف المقاتلين، بينما كانت قوات القواسم تعاني من نقص في العدد والعتاد، جراء الرقابة الشديدة المفروضة على تحركاتها من قبل القوات البريطانية، المرابطة في الخليج العربي، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى استيلاء الجيش الفارسي على قلعة المدينة وإزالة الحكم العربي عن منطقة (لنجة) بصورة نهائية في عام1899.
ولمّا كانت فارس آنذاك تعي أهمية موقعها الاستراتيجي ودورها الكبير كلاعب سياسي مهم في حلبة الصراع الدولي بين القوى الاستعمارية على منطقة الخليج، فقد زادت من حدة توجهاتها التوسعية في المنطقة، وخصوصاً باتجاه جزر الخليج العربي التي كانت ضمن سيادة القواسم. إذ أقدمت في أواخر عام 1887 على احتلال جزيرة ( صرَّي ) بذريعة أنها كانت ضمن أملاك قواسم (لنجة) الذين ادَّعت تحولهم إلى موظفين يعملون لصالحها؛ إلاّ أن بريطانيا قبلت ضمناً بواقع الاحتلال، دون أن تسحب رفضها له بصورة نهائية، ليتسنى لها استخدامه ورقةً للضغط على الحكومة الفارسية، وفقاً لمحددات علاقاتها معها في المستقبل.
أما بالنسبة لجزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى التابعة لقواسم الساحل الغربي العربي من الخليج (الشارقة ورأس الخيمة)، فتشير بعض المراجع التاريخية والوثائقية المتصلة بالنزاع، إلى أن أول ادعاء فارسي بالسيادة عليها كان بعد اجتياح قوات الشاه (ناصر الدين القاجاري) إمارة (لنجة) عام 1887م؛ ثم توالت المطالب الفارسية بها خلال الأعوام 1904 و1923 و1926 و.1928
وقد كانت مطالب الحكومات الفارسية المتعاقبة بضم هذه الجزر، تتطور بتطور أسلوب تعاطيها السياسي حيالها، إذ بدأت بمطالب كلامية، ثم انتقلت إلى مرحلة فرض الأمر الواقع على الأرض. وهو ما تحقق عندما أقدمت دائرة الجمارك البلجيكية العاملة في جنوب فارس عام 1904 على رفع العلم الفارسي على جزيرتي طنب الكبرى وأبو موسى، إلاّ أن معارضة بريطانيا الشديدة لتصرف الحكومة الفارسية أدى إلى تراجعها وتأجيل عملية الاحتلال ولو إلى حين.
وهذا ما يُفسّر قيام سلطة الجمارك الفارسية بعد سنوات عدة وتحديداً في عام 1925 بإرسال بعثة جيولوجية إلى جزيرة أبو موسى لأخذ كمية من أكسيد الحديد الأحمر (المغر) الناشئ عن تحلل خام الحديد الذي يتوافر فيها بكثرة؛ وهو ما دفع الحكومة البريطانية إلى الاحتجاج - أيضاً - على هذا التصرف ورفض الاعتراف بأية إجراءات فارسية تتعلق بالسيادة على هذه الجزيرة.
إلا أن فشل إيران في فرض سياسة الأمر الواقع على الجزر الثلاث دفعها لانتهاج مسلك مغاير لسلوكها السابق، قوامه استمالة الحكومة البريطانية للتوسط عند حاكم رأس الخيمة للموافقة على بيع أو استئجار جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وذلك ما أبانه اقتراح تقدم به وزير البلاط الفارسي (عبدالحسين تيمور تاش) في عام 1930 لاستئجار جزيرتي طنب لمدة 50 عاماً.
وعلى الرغم من رفض حاكم رأس الخيمة هذا العرض في بداية الأمر، إلا أن الضغوط البريطانية الكبيرة التي مورست عليه دفعته لقبوله ولكن بشروط كانت من الشدة في مسألة تأكيد سيادته على الجزيرتين بحيث ترتب عليها إيقاف مفاوضات التأجير.
كما أثارت إيران موضوع الجزر من جديد بعد الحرب العالمية الثانية وتحديداً في عام 1948 حينما كررت المطالبة بها على لسان سفيرها في لندن تحت ذريعة انطلاق عمليات التهريب من هذه الجزر باتجاه سواحلها مما يشكل ضرراً للاقتصاد الإيراني وهو ما يقتضي - في رأيها - السيطرة عليها لمنع تلك العمليات.
أما بريطانيا فقد أثار استمرار وجودها العسكري في الخليج لغطاً كبيراً داخل صفوف حزب العمال البريطاني الحاكم، نظراً للأموال الطائلة التي كانت تتكلفها الدولة لتغطية نفقاته، فضلاً عن تأثر شعوب منطقة الخليج وجنوب الجزيرة بحركة المد القومي العربي الرافضة للوجود الاستعماري بكل أشكاله، الأمر الذي دفع بأغلبية النواب داخل مجلس العموم البريطاني إلى التصويت لصالح الانسحاب من المنطقة؛ وهو ما تمخض عنه صدور بيان سياسي عام 1967م عبَّرت فيه بريطانيا عن نيتها الانسحاب من منطقة شرق السويس وإنهاء الاتفاقيات التعاهدية التي عقدتها مع دول المنطقة.
إلا أن بريطانيا لم تكن لترحل عن هذه المنطقة الحيوية من العالم دون زرع حليف قوي يضمن استمرار تدفق النفط إليها وحلفائها، ويحافظ على إرثها من المصالح السياسية والاقتصادية بطريقة تضمن حضورها الدائم والفاعل حتى وهي على بعد آلاف الأميال. ولهذا فقد وجدت في شاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي كان قد خلع رداء الإسلام عن الدولة الإيرانية وألبسها عباءة الغرب الرأسمالي، حليفاً استراتيجياً قادراً على حماية مصالحها، ومصالح حلفائها في المنطقة.
ولذلك فقد نُفذت خطة إخراج الجزر الثلاث من السيادة العربية القاسمية، بقيام إيران في ليلة الثلاثين من شهر نوفمبر من عام 1971م بإنزال آلاف عدة من قواتها البرمائية تدعمها الطائرات، والحوامات، والبوارج البحرية، لاحتلال جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى بعد أن اشتبكت، في معركة غير متكافئة، مع حاميتها الصغيرة من شرطة رأس الخيمة في جزيرة طنب الكبرى، والتي أسفرت عن مصرع ضابط إيراني كبير وجنديين آخرين، بالإضافة إلى 20 جريحاً، واستشهاد جنديين وجرح وأسر خمسة من أفراد الحامية العرب.