قال علماء أثار إنهم عثروا على ميدان معارك روماني قديم في شمال ألمانيا،
يشير إلى أن معركة تويتوبورج الشهيرة ربما لم تكن نهاية التوسع الروماني في شمال اوربا كما كان يعتقد، مشيرين إلى أن هذا الاكتشاف قد يعيد كتابة تاريخ
أوروبا. أعلن علماء
آثار ألمان أنهم أكتشفوا ميدان معارك قديم في ألمانيا، يشير إلى أن الجيوش
الرومانية ظلت تتقدم داخل الاراضي الجرمانية حتى القرن الثالث الميلادي، أي بعد
مائتي عام مما هو معتقد حتى الآن. ويتصادف هذا الاكتشاف مع اتخاذ
الاستعدادات للاحتفال في أيلول/سبتمبر 2009 بالذكرى الألفين لمعركة غابة
توتوبيرج الشهيرة والتي صدف فيها أن ثلاثة فيالق من القوات الرومانية
قد تعرضت خلالها للإبادة على يد مقاتلي حرب العصابات الجرمانيين. لكن يبدو
أن الجيوش الرومانية ، ظلت لمدة أطول وهي تتوسع على حساب
القبائل الجيرمانية.
واعتبرت
بيترا لونه، عالمة الآثار المسئولة عن المنطقة هذا الكشف "أهم كشف أثري
أوروبي خلال هذا القرن"، كما أشار الدكتور هيننج هاسمان، مدير إدارة
الحفاظ على الآثار التاريخية في ولاية سكسونيا السفلى، من جانبه إلى أن
"هذا الكشف سوف يغير بالتأكيد من الأفكار التاريخية عن تلك الفترة". فهذا
الميدان قد يكشف النقاب عن أسرار الغزوات الرومانية، حسب هاسمان، حيث أنه
يعني أن الجيوش الرومانية لم تتوقف بعد خسارتها في معركة تويتوبورج
الشهيرة، وهو ما يعني أن الإمبراطورية الرومانية لم تكن قد تخلت عن طموحاتها في شمال اوربا كما كان
يعتقد حتى الآن. وكان علماء التاريخ يستندون على هزيمة الرومان في معركة
تويتوبورج وتوقفهم في ليمز جنوبي ألمانيا ليثبتوا توقف التوسع الروماني في تلك الحقبة.
هزيمة جيوش فاروس كانت نقطة التحول في تاريخ أوروبا كذلك اعتقد علماء التاريخ حتى الآن أن هزيمة القوات الرومانية التي كان
يقودها القائد بوبليوس كوينكتليوس فاروس غيرت مسار الحضارة الغربية. فبعد
أن قام الإمبراطور أوغسطس قيصر قبل عام 9 ميلادي بعمليات توسع عسكرية
في منطقة الراين وفي وسط وشمالي أوروبا، أصبحت الراين منطقة حدودية بين
العالم الروماني "المتمدن" والأراضي "البربرية" الواقعة إلى الشرق والشمال.
وكان قائد قوات القبائل الجرمانية زعيما قبليا يدعى أرمينيوس، تعلم في
روما وخدم في الجيوش الرومانية وأصبح صديق ثقة لفاروس.
هذه
الثقة في أرمينيوس هي التي أدت بفاروس إلى قيادة قوة استكشافية في عمق
غابة مستنقعات منيعة دون حراس أو تعزيزات بناء على نصائح من صديقه
أرمينيوس، محل ثقته. لكن الفيالق السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر Legio XIX / Legio XVIII /Legio XVII من
جيوش فاروس هُزمَت هزيمة ساحقة، إلى حد جعل هذه الفيالق لا تظهر أبداً
فيما بعد في تاريخ النظام الحربي للجيش الروماني.
وصُدمَ
أوغسطس صدمة مذهلة لفقده الفيالق الثلاثة حتى أنه مزق ملابسه ورفض حلاقة
شعره شهورا كما أن الناس كانوا يسمعونه لسنوات بعد ذلك يردد متأوها "
كوينكتليوس فاروس، أعد لي فيالقي".
varus give me back my legions
ونتيجة لهذا لم تندمج ألمانيا أبدا في الإمبراطورية الرومانية، مما ترك
المنطقة أرض تكاثر للغزوات وأعمال التسلل البربرية التي أدت في نهاية
المطاف إلى انهيار الإمبراطورية. وظهر أرمينيوس المعروف لدى الألمان باسم
هيرمان في التاريخ الألماني، بطلا للحرية ورمزا للقوة الوطنية. وفي
التفسير الشعبي الألماني للتاريخ، صد هيرمان قوات الاحتلال الرومانية
للأبد. وفي أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، استخدم الزعماء
الألمان هيرمان شخصية حشد للجماهير في حروب الغزو.
ويُظهر
نصب تذكاري قرب موقع ميدان معركة غابة توتوبورج، هيرمان كبطل قومي. وقد
حدد الأثريون في السنوات الأخيرة بالضبط موقع المعركة بالقرب من قرية
إنجتر الحديثة شمال مدينة أوسنابروك. وتوجد عظام وأسلحة وأعتدة من بقايا
الجنود الفارين من الفيالق السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر متناثرة
على طول منطقة من غابات المستنقعات ممتدة بطول 17 كيلومترا.
هل يغير هذا الكشف من قراءة تاريخ أوروبا؟ لكن الكشف الأثري الجديد، قد يعني أنه لابد من إعادة كتابة كتب التاريخ،
ذلك أن ميدان المعارك المكتشف حديثا والعائد إلى القرن الاول الميلادي
يقع على بعد 160 كيلومترا إلى أقصى الشمال من غابة توتوبورج. يؤكد ان هزيمة الامبراطورية في تويتبورج لم تعني توقف التوسع الروماني في المانيا بل انا الاكتشاف يؤكد انا الرومان وصلوا تقدمهم داخل الاراضي الرومانية بعدها حتى الحدود الشمالية لالمانيا اي حتى بحر البلطيق كما انا اثار الثقافة الرومانية والبنايات الرومانية المكتشفة تؤكد انا التوسع الروماني لم يكن مرحلي ومؤقت بل تدل على استقرار الرومان في المناطق التي احتلوها و احكام سيطرتهم عليها,وهذا يعني انا النظرية السابقة التي كانت تقول ان نهر الراين شكل الحد الفاصل بين العالم الروماني و البرابرة هي نظرية خاطئة و انا روما ضمت المانيا الى امبراطوريتها بصورة شبه كاملة في مراحل لاحقة من تاريخها ويقول ميشيل
فيكمان وهو مسئول في مدينة نورتهايم، التي جرت فيها أعمال التنقيب على
مدار شهور أنه تم حتى الآن الكشف عن 600 عمل من نتاج تلك الفترة يوثق
بوضوح لأصولها الرومانية في القرن الثالث الميلادي. وظل موقع الكشف موضع
تعتيم للحيلولة دون اقتحامه من قبل الفضوليين واللصوص. وصرح فيكمان
للصحفيين عند إعلانه نبأ الكشف بأنه "من المعتاد تماما العثور على شواهد
تخص الثقافة الرومانية في كل مكان حتى في اسكوتلاندا لكن كشفا كهذا في
شمالي ألمانيا أمر مذهل بحق. إنه محفوظ جيدا وبصورة رائعة".
وأفادت
التقارير الأولية بأن بصمات الحمض النووي تشير إلى أن بعضا من السهام كان
مصنعا من أخشاب الأشجار الأفريقية، التي كانت مفضلة في تصنيع السهام
الرومانية. لكن هاسمان قال إنه لا يمكنه تأكيد هذه التقارير. ويأتي الكشف
الأخير، بينما يواصل الأثريون التنقيب في موقع ما يبدو أنه كان موقعا
عسكريا رومانيا متقدما لاحدى الفيالق او الحاميات الرومانية.
خريطة الامبراطورية الرومانية في اقصى اتساعها