العمليات العسكريةدامت الحرب أربع سنوات تحولت خلالها من حرب أوروبية إلى حرب عالمية .
الحرب الأوروبية (1914-1916)شهدت هذه المرحلة فترتين عرفت الأولى بحرب الحركة والثانية بحرب الخنادق .
حرب الحركةامتازت التحركات العسكرية في خلال هذه الفترة بسرعة الحركة على كل الجبهات وكانت
الانتصارات الأولى لفائدة دول التحالف الثلاثي بزعامة ألمانيا غير أن دول الوفاق تمكنت من وضع حد لتقدم قوات التحالف بعد معارك حاسمة أهمها معركة فردان و معركة السوم بفرنسا سنة 1916 .
حرب الخنادق اتخذت الحرب على الجبهتين الغربية والروسية خاصة طابع الثبات في المواقع وقامت الجيوش
المتقابلة على الجبهات بحفر الخنادق وتحصينها وتجهيزها مستخدمة في مواجهاتها أسلحة جديدة مثل الدبابات والطائرات .
وقد دخلت أطراف أخرى الحرب مثل إيطاليا والدولة العثمانية التى انضمة إلى الوفاق الثلاثى
الحرب الأوروبية تتحول إلى حرب عالمية التحول في مسار الحرب (1917)أقامت دول الوفاق الثلاثي حصارا بحرياً ضد دول التحالف الثلاثي بهدف خنقها اقتصاديا فرد
الألمان بحرب غواصات استهدفت كل السفن حتى المحايدة منها بهدف منعها من الوصول إلى
بريطانيا وكان من بين السفن التي تم إغراقها عدد من السفن الأمريكية الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة الأمريكية إلى الدخول في الحرب إلى جانب دول الوفاق فأصبحت الحرب عالمية .
العودة إلى حرب الحركة (1917-1918)كان لخروج روسيا من الحرب بعد نجاح الثورة البلشفية أكتوبر 1917 وتوقيع زعيمها لينين
معاهدة سلام منفصلة مع ألمانيا (معاهدة بريست ليتوفسك 1918) دور حاسم في دفع ألمانيا إلى شن هجوم مكثف على فرنسا بغية احتلالها قبل وصول الدعم الأمريكي غير أن توحد القوات
البريطانية والفرنسية بقيادة الجنرال الفرنسي فوش مكن من إيقاف زحف الألمان والانتصار عليهم في معركة المارن في شمال شرق فرنسا .
انتصار دول الوفاق الثلاثيشكل وصول القوات الأمريكية إلى فرنسا في يوليو 1917 تحولا هاما في مسار الحرب لأنها
ساعدت جيوش الوفاق على شن هجوم مضاد على الألمان فتراجع هؤلاء مئات الكيلومترات وفي الوقت الذي كانت جيوش الوفاق قد قضت على قوات العثمانيين في سوريا و مصر وتقدمت نحو
آسيا الصغرى نفسها . وفي البلقان أجبرت قوات الوفاق بلغاريا على الاستسلام في سبتمبر 1918 فطلبت الدولة العثمانية الصلح في أكتوبر من نفس السنة وكذلك فعلت النمسا في بداية نوفمبر . فلم
تجد ألمانيا بدا من الاستسلام ووقعت الهدنة في 11 نوفمبر 1918 بعد أن فشلت في مواجهة تكتل الوفاق الثلاثي بمفردها .
الحرب عام 1915
استطاع الألمان عام (1334هـ= 1915م) تحقيق مزيد من الانتصارات على الحلفاء، فألحقوا
الهزيمة بالروس في معركة "جورليس تارناو" في (رجب 1333هـ= مايو 1915م)، واحتلوا بولندا ومعظم مدن لتوانيا، وحاولوا قطع خطوط الاتصال بين الجيوش الروسية وقواعدها للقضاء
عليها، إلا أن الروس حققوا بعض الانتصارات الجزئية على الألمان، كلفتهم (325) ألف أسير روسي، الأمر الذي لم يتمكن بعده الجيش الروسي من استرداد قواه.
وأدى النجاح الألماني على الروس إلى إخضاع البلقان، وعبرت القوات النمساوية والألمانية نهر الدانوب لقتال الصرب وألحقوا بهم هزيمة قاسية.
واستطاع الألمان في ذلك العام أن يحققوا انتصارات رائعة على بعض الجبهات، في حين وقفت الجبهة الألمانية ثابتة القدم أمام هجمات الجيشين الفرنسي والبريطاني، رغم ظهور انزعاج في
الرأي العام الإنجليزي من نقص ذخائر الجيش البريطاني ومطالبته بتكوين وزارة ائتلافية، وحدثت تغييرات في القيادة العسكرية الروسية.
الحرب عام 1916
تميز ذلك العام بمعركتين كبيرتين نشبتا على أرض فرنسا دامت إحداهما سبعة أشهر، والأخرى أربعة أشهر، وهما معركة "فردان" و"السوم"، خسر الألمان في المعركة الأولى (240) ألف قتيل
وجريح، أما الفرنسيون فخسروا (275) ألفا. أما معركة السوم فقد استطاع خلالها الحلفاء إجبار الألمان على التقهقر مائة ميل مربع، وقضت هذه المعركة على الجيش الألماني القديم، وأصبح الاعتماد على المجندين من صغار السن، وخسر الجيش البريطاني في هذه المعركة ستين ألف قتيل
وجريح في اليوم الأول.
وظهرت في هذه المعارك الدبابة لأول مرة في ميادين القتال، وقد استطاع الروس خلال ذلك العام القيام بحملة على النمسا بقيادة الجنرال بروسيلوف، وأسروا (450) ألف أسير من القوات
النمساوية والمجرية؛ فشجع هذا الانتصار رومانيا على إعلان الحرب على النمسا والمجر، فردت ألمانيا بإعلان الحرب عليها، واكتسح الألمان الرومانيين في ستة أسابيع ودخلوا بوخارست.
حرب الغواصات والولايات المتحدة
وجرت في ذلك العام حرب بحرية بين الألمان والإنجليز عرفت باسم "جاتلاند"، خرج خلالها الأسطول الألماني من موانيه لمقاتلة الأسطول الإنجليزي على أمل رفع الحصار البحري المفروض على ألمانيا، وانتصر الألمان على الإنجليز وألحقوا بالأسطول الإنجليزي خسائر فادحة،
ولجأ الألمان في تلك الفترة إلى "حرب الغواصات" بهدف إغراق أية سفينة تجارية دون سابق إنذار، لتجويع بريطانيا وإجبارها على الاستسلام، غير أن هذه الحرب استفزت الولايات المتحدة، ودفعتها لدخول الحرب في (رجب 1335هـ= إبريل 1917م)، خصوصًا بعد أن علمت أن
الألمان قاموا بمحاولة لإغراء المكسيك لكي تهاجم الولايات المتحدة في مقابل ضم ثلاث ولايات أمريكية إليها.
وكانت الولايات المتحدة قبل دخولها الحرب تعتنق مذهب مونرو الذي يقوم على عزلة أمريكا في
سياستها الخارجية عن أوروبا، وعدم السماح لأية دولة أوروبية بالتدخل في الشؤون الأمريكية، غير أن القادة الأمريكيين رأوا أن من مصلحة بلادهم الاستفادة من الحرب عن طريق دخولها.
وقد استفاد الحلفاء من الإمكانات والإمدادات الأمريكية الهائلة في تقوية مجهودهم الحربي، واستطاعوا تضييق الحصار على ألمانيا على نحو أدى إلى إضعافها.
الحرب عام 1917
ومن الأحداث الهامة التي شهدها عام (1336 هـ= 1917م) قيام ونجاح الثورة البلشفية في روسيا، وتوقيع البلاشفة صلح برست ليتوفسك مع الألمان في (جمادى الآخرة 1336هـ= 1918
م)، وخروج روسيا من الحرب. وشهد ذلك العام ـ أيضًا ـ قيام الفرنسيين بهجوم كبير على القوات الألمانية بمساعدة القوات الإنجليزية، غير أن هذا الهجوم فشل وتكبد الفرنسيون خسائر مروعة
سببت تمردًا في صفوفهم، فأجريت تغييرات في صفوف القيادة الفرنسية.
ورأى البريطانيون تحويل اهتمام الألمان إلى الجبهة البريطانية، فجرت معركة "باشنديل" التي خسر فيها البريطانيون (300) ألف جندي بين قتيل وجريح، ونزلت نكبات متعددة في صفوف
الحلفاء في الجبهات الروسية والفرنسية والإيطالية، رغم ما حققه الحلفاء من انتصارات على الأتراك ودخولهم العراق وفلسطين.
الحرب عام 1918 ونهاية المأساة
شجع خروج روسيا من الحرب القيادة الألمانية على الاستفادة من (400) ألف جندي ألماني كانوا على الجبهة الروسية وتوجيههم لقتال الإنجليز والفرنسيين، واستطاع الألمان تحطيم الجيش البريطاني الخامس في (جمادى الأولى 1336هـ= مارس 1918م)، وتوالت معارك الجانبين
العنيفة التي تسببت في خسائر فادحة في الأرواح، والأموال، وقدرت كلفة الحرب في ذلك العام بحوالي عشرة ملايين دولار كل ساعة.
وبدأ الحلفاء يستعيدون قوتهم وشن هجمات عظيمة على الألمان أنهت الحرب، وقد عرفت باسم
"معركة المارن الثانية" (شوال 1336هـ= يوليه 1918م) وكان يوم (1 من ذي القعدة 1336 هـ = 8 أغسطس 1918 م) يومًا أسود في تاريخ الألمان؛ إذ تعرضوا لهزائم شنيعة أمام البريطانيين والحلفاء، وبدأت ألمانيا في الانهيار وأُسر حوالي ربع مليون ألماني في ثلاثة شهور،
ودخلت القوات البريطانية كل خطوط الألمان، ووصلت إلى شمال فرنسا، ووصلت بقية قوات الحلفاء إلى فرنسا.
واجتاحت ألمانيا أزمة سياسية عنيفة تصاعدت مع توالي الهزائم العسكرية في ساحات القتال، فطلبت ألمانيا إبرام هدنة دون قيد أو شرط، فرفض الحلفاء التفاوض مع الحكومة الإمبراطورية القائمة،
وتسبب ذلك في قيام الجمهورية في ألمانيا بعد استقالة الإمبراطور الألماني، ووقعت الهدنة التي
أنهت الحرب في (6 من صفر 1337هـ= 11 نوفمبر 1918م) بعد أربع سنوات ونصف من القتال الذي راح ضحيته عشرة ملايين من العسكريين، وجرح (21) مليون آخرين