| |
|
| من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد | |
| |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:22 | | | من ملفات المخابرات الفلسطينية الاختراق الهالة الإعلامية التي أحاطت بجهاز المخابرات الإسرائيلية , ولاسيما بالفرع الخارجي " الموساد " المسؤول عن عمليات الاغتيالات للرموز الوطنية الفلسطينية والعربية في بلدان أوروبية وعربية , كانت جزء من الحرب النفسية الموجهة ضد العالم العربي منذ بداية الصراع العربي – الإسرائيلي . وقد حاولت الدعاية الصهيونية التي تسيطر على جزء كبير من وسائل الإعلام العالمية , ترسيخ عدة مفاهيم في ذهن الإنسان العربي , لخلق حالة من الإحباط والخوف , يسهل معها تنفيذ المخططات العدوانية الإسرائيلية . وقد أرادت الأجهزة المعادية تحقيق الهزيمة في العقل العربي قبل تحقيقها على أرض الواقع وفى ميدان المعركة فأخذت تروج لفكرة " إسرائيل الكبرى " و
"الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر " وجهاز " الموساد " الغير قابل للاختراق وأقوى أجهزة المخابرات في العالم . ورغم هذه الدعاية لم تستطع أجهزة المخابرات الإسرائيلية إخفاء فشلها في جولات عديدة . وللتخلص من عقدة الهزيمة أخذت تروج لدعاية تقول " إن أجهزة المخابرات العربية والفلسطينية لم تستطع في تاريخ الصراع تجنيد أي ضابط أو عامل في المخابرات الإسرائيلية . إلا أن أجهزة الأمن الفلسطينية تقول عكس ذلك وهذه القصة الواقعية , تؤكد بالأدلة كذب الادعاءات الإسرائيلية . وهى قصة تجنيد المخابرات الفلسطينية لضابط إسرائيلي برتبة " نقيب " في جهاز " الموساد " " الاختراق " تروى فصلاً من فصول الصراع الدموي بين أجهزة المخابرات الفلسطينية والموساد انطلق من داخل الأرض المحتلة ليمتد إلى بلدان عربية ولأوروبية , وتدور أحداث هذا الصراع ما بين عامي 1976 , 1988 وصولاً إلى الانتفاضة في الأراضي العربية المحتلة كلها تحكى عن دور أجهزة الأمن الفلسطينية في تصفية العملاء وضباط المخابرات الإسرائيلية في الداخل . يتبع من التفاصيل ان شالله
ملاحظة هامة ( تفاصيل الموضوع شيقة ورائعة ولكنها طويلة جدا )
عدل سابقا من قبل بحري من عكا في السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:50 عدل 1 مرات |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:24 | | | الفصل الاول ليالي الموساد في نتانيا كانت طفولته عادية في ظروف عائلية غير طبيعية , فالمال بين يديه و " الدلال القاتل " خلق منه شخصيات غريبة وشاذة . كان وحيداً لأبويه يعيش في منزل خلا منه الحب والتفاهم , فالخلافات العائلية تتزايد يوماً بعد يوم بين الأب والأم التي تسيطر سيطرة مطلقة وتبعد أي دور للأب في التربية والعلاقة مع الأقارب . في قرية " قباطيا " وعلى بعد 8 كيلومترات من مدينة جنين جنوباً , عاش أحمد طفولته في عائلة ميسورة تملك الأراضي والسهول الشاسعة في القرية و " قباطيا " ما تزال معقلاً من معاقل المقاومة الوطنية الفلسطينية , شهدت أحداثاً عديدة منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي , وكانت حديث الأهالي ومبعث اعتزازهم وفخرهم قبل اندلاع المقاومة الفلسطينية المسلحة في الأراضي المحتلة . خلال عامي 1947 , و1948 دارت المعارك في كافة أرجاء فلسطين ولكن الهجوم العسكري الإسرائيلي على مناطق جنين وقباطيا والمثلث فشل فشلاً ذريعاً وتوقف عند تخوم " جنين " وسقط عدد من الشهداء في تلك المعارك واقيم نصبا تذكاريا للشهداء في قرية " المثلث " وأطلق عليها اسم " مثلث الشهداء " نسبة إلى الشهداء الفلسطينيين والأردنيين إلى قضوا في تلك المعارك . بعد إعلان الهدنة اضطر قسم كبير من الشعب الفلسطيني اللجوء إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة بسبب المجازر الجماعية التي تعرضت لها عدة قوى فلسطينية وبفعل عمليات الطرد الجماعي التي نفذتها العصابات الصهيونية بقوة السلاح . محطة القادمين
وكانت سهول " جنزور " في منطقة جنين محطة للقادمين من " حيفا " وقراها شمال فلسطين المحتلة , وأطلق هذا الاسم على السهول نسبة إلى بئر حفره الأتراك أثناء حكمهم للمنطقة . استقر اللاجئون الفلسطينيون عدو شهور تحت الخيام , حتى بدا الشتاء ذلك العام , فاجتاحت المنطقة الثلوج واضطر اللاجئون إلى الرحيل إلى مناطق أخرى من فلسطين بحثاً عن مأوى , واقامت لهم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين مخيمات بنيت بمواصفات رديئة للغاية , ولكنها كانت افضل من الخيام على كل حال . وأقيمت هذه المخيمات في مناطق مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة ولفترة عشر سنوات على أمل أن تجد القضية الفلسطينية حلاً لها إلى مدنهم وقراهم . وفى 5 حزيران 1967 كان لواء من الدبابات الأردنية يرابط في منطقة " جنين " حيث تصدى للعدوان الإسرائيلي ودارت معركة ضارية لم يستطع الجيش الإسرائيلي التقدم فيها إلا بفعل تدخل الطيران الإسرائيلي الذي حسم المعركة على كافة الجبهات لصالح إسرائيل . وبعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة وتنامى أعمال المقاومة الفدائية ضد الاحتلال , أقامت سلطات الاحتلال في كافة المدن الفلسطينية مراكز ضخمة تشمل الشرطة والمخابرات وحرس الحدود وسجن , وكل مركز يشبه قلعة من قلاع العصور الوسطى . سقوط عميل
في صيف عام 1968 كان أحمد لا يتجاوز الثانية عشرة من عمره خرج من منزله في الصباح كسائر الأطفال حتى تقع عيناه على مشهد مخيف . كان يسير في الشارع أمام المنزل رجل في الثلاثين من العمر وكان الشارع خالياً في تلك الساعة . وفجأة اقترب رجل يلف رأسه بالكوفية الفلسطينية , واستل مسدساً وأطلق النار على الميل الذي سقط صريعاً يتخبط بدمائه خلال لحظات اختفى
" الفدائي " بينما وقف أحمد مسمراً في مكانه والعرق ينصب من جبينه خوفاً . خرجت والدته على صوت إطلاق الرصاص فشاهدت الرجل ممددا في الشارع وأحمد واقفاً كالتمثال . وتعرفت على القتيل وهو معروف بعمله مع المخابرات الإسرائيلية فأمسكت بولدها ودفعته داخل المنزل وأغلقت الباب . كان الفتى تحت تأثير صدمة كبيرة , فاندفع إلى سريره وغطى نفسه وراحت حرارته ترتفع وتنخفض بسبب الرعب الذي أصابه . لم يفارق المشهد مخيلته وراحت تنتابه الكوابيس المزعجة في الليل , وكلما سأل والدته : " لماذا قتل هذا الرجل " ؟ كانت إجابتها واحدة : " هذا الأمر لا يعنيك , ولا يعنينا " . كانت إجابة والدته هي حبل المشنقة الذي سيلتف حول رقبته فيما بعد فالتربية فى الأسرة هي التي تحدد هوية النشء ومستقبلهم , ووالدة أحمد وضعت قدم ابنها على أول طريق الانحراف – بحسن نية – لأنها كانت تعتقد أنها بهذا النمط من التربية الخاطئة تحافظ على ابنها ووحيدها . بعد سنوات نسى أحمد الحادثة تماما , ولم يجد من حوله ما يذكره بها , فأصبح يهمل دروسه كما أصبح يقضى معظم وقته خارج المنزل مع أصدقاء السوء بسبب انعدام الرقابة والمتابعة من قبل الأب , وتشجيع الأم لابنها بأن يعيش حياته ويستمتع بها فلديه من المال ما يكفيه وهو ليس بحاجة إلى الدراسة حسب رأيها. وفى أحد الأيام جرى نقاش فقال " أبو أحمد " لزوجته بلهجة يائسة : " .. انك ستوصلين ابنك إلى الهاوية بهذا الأسلوب " ؟ ردت زوجته قائلة : " لسنا بحاجة إلى الدراسة , لدينا من المال ما يكفى أحمد ليعيش كيفما يريد "
بلغ أحمد سن المراهقة وأخذ ينحرف عن عادات وتقاليد عائلته المحافظة . كان كل واحد من أهله يحاول جذبه إليه بمده بمزيد من النقود التي كان يحصل عليها يومياً وأصبح الفتى يتردد على المقاهي ودور السينما ويتسكع في الشوارع ويتعاطى الخمر . وانعكس هذا الأسلوب على دراسته فأهملها وأصبح يرسب في المدرسة حتى طرد منها في الصف الثالث الإعدادي بعد أن رسب عامين متتاليين . وكان لحادثة طرده من المدرسة وقع كبير على والده , ولكنه اكتفى بنصحه ليبدأ حياته العملية بشكل جاد . ولكن أحمد كان سعيداّ بخروجه من المدرسة كما كان سعيداً بدفاع والدته المستمر عنه . ولا سيما بعد أن بدأ والده يتخذ موقفاً متشدداً معه بشأن سلوكه خارج المنزل . غير أن الفتى اعتبر انقطاعه عن الدراسة فرصة لا تعوض ليتصرف كما يريد . في المستودع تململ أحد الرجال الجالسين حول الطاولة في المقهى وقال موجها حديثه ل "أبو أحمد" ألا تلاحظ ما يفعله ابنك يوميا ؟ فتح الرجل عينيه بدهشة وقال : " ماذا تقصد " ؟ قال الرجل : انه يتردد على الحانات ويعاكس الفتيات .. ونحن عرفناك رجلاً فاضلا ولا تقبل بمثل هذا السلوك المشين . انتفض " أبو أحمد " من مكانه كالملدوغ وخرج من المقهى وهو يردد " أعوذ بالله أعوذ بالله " ؟ لم يكن أبو أحمد يتصور أن سلوك ابنه سيصل إلى هذا الدرك فعاد إلى المنزل والشرر يتطاير من عينيه , بحث عن " أحمد " ولم يجده وبقى في انتظاره حتى ساعة متأخرة من الليل . وانزوى الرجل في ركن من أركان المنزل , جلس على كرسى خشبي , وبقى في مكانه لا يتحرك كالتمثال , ولم تسأله زوجته عن حاله فقد تعودت ذلك وهى تعتبر أن مشاكله لا تعنيها .كان الظلام يخيم على المنزل , وعند الساعة الحادية عشرة ليلاً سمع أبو أحمد صوتاً خفيفاً قادماً من ناحية الباب , فأصغى إليه ثم وقف ليشاهد " أحمد " وهو يدخل المنزل مترنحاً في مشيته . صاح والده بعصبية " أين كنت " ؟ لم يكن أحمد يتوقع أن يجد والده صاحياً , فهو ينام مباشرة بعد صلاة العشاء , فقال متلعثماً : " كنت .. مع أصدقائي " . اقترب والده منه فإذا رائحة الخمر تفوح , فهوى على ابنه يصفعه وهو يصرخ: " أنا برئ منك .. لست ابني " . صحت " أم أحمد " على هذا الصراخ ودخلت في معركة كلامية مع وزجها وكان الرجل مغلوباً على أمره وزوجته لم تقدر مخاطر موقفها فأثر الانسحاب بعد أن تأكد أنه غير قادر على السيطرة على زوجته وابنه . فجأة قرر الانسحاب بعد أن أدرك أنه لا يستطيع أن يواصل ولا يستطيع حسم " الصراع " لصالحه , وبعد أن يأس من إصلاح ابنه في ظل حماية والدته له . في تلك اللحظة استبد به الغضب وحسم الموقف فتردد في جنبات المنزل وهو يقول لزوجته : " أنت طالق طالق طالق " . استدار الرجل وسار خطوات وهو يستغفر الله فسمع صوت زوجته خلفه تقول لابنها : " ولا يهمك ارتحنا منه .. بعد انفصال أبويه تمادى أحمد في سلوكه واستهتاره , حتى أصبح معزولاً في قريته , ولم يجد حوله سوى الأصدقاء الذين دفعوه إلى هذا الطريق . بلغ الشاب العشرين من العمر . والدته التي ضحت بكل شئ لا تراه إلا فيما ندر , وحتى عندما مرضت لم يزرها إلا مرة واحدة كأي غريب , فشعرت بالندم على ما فعلته بحق زوجها وكيف تسببت في انحراف ابنها . إلى نتانيا
وفى أغسطس ( آب ) 1976 اقترح عليه أحد أصدقائه أن يعمل شفى مستودع لشركة باصات " ايجد " الإسرائيلية في مدينة " نتانيا " فأبدى الشاب استغرابه من هذا العمل وهو ليس بحاجة ماسة إلى المال , ولكنه في الوقت نفسه لم يعد يحصل على كل ما يريد من والدته . وأراد صديقه " مصطفى " المنحرف أيضاً , أن يقنعه فقال : " وهل ستعتقد أنك ستعمل في المستودع من أجل العمل أو المال ؟ انك ستكون في نتانيا يا صديقي .. ستعمل في المستودع ليلاً وطول النهار في الملاهي وعلى الشاطئ آه لو ترى بنات نتانيا " ؟ لمعت عيني أحمد وهو يستمع إلى هذا الكلام وتداعت في ذهنه صورة والده وهو يؤنبه ويصفعه على سلوكه وكيف أصبح أهل البلدة يتحدثون عنه بامتعاض , خصوصاً بعد أن شاهدوه أكثر من مرة في " جنين " يتسكع ثملاً . رفع رأسه , وقال : " وهل المستودع بحاجة إلى عمال ؟ " قال مصطفى : " نعم إنني اعمل بالقرب منه , ولكن في النهار في بلدة " نتانيا " ويومياً أمر بالقرب منه وأعرف بعض الشباب العرب واليهود الذين يعملون
هناك " . انتابت الشاب مشاعر متناقضة ما بين الخوف من المجهول والحماس .. سيعيش في وسط غريب , ولكنه حسم الأمر وقال في نفسه : " إنني غريب هنا أيضاً فلم لا ؟ "
في صباح اليوم التالي وعند الساعة السادسة صباحاً كان " أحمد " ينتظر في محطة الأتوبيس في قرية " قباطيا " حسب الموعد المتفق عليه مع صديقه للتوجه إلى نتانيا . مضت دقائق وأحمد يحملق في وجوه العمال القادمين المحطة حتى لمح"مصطفى " وهو يسير بخطى متثاقلة , في تلك الأثناء كان أحد الأتوبيسات " ايجد " المخصص لنقل العمال العرب قد توقف في المحطة , فسارع إليه مشيراً لأحمد أن يصعد بسرعة . انطلق الأتوبيس باتجاه مدينة " جنين " حيث كان في انتظاره عدد من العمال ثم خرج من المدينة باتجاه " نتانيا " ونزل عدد كبير من العمال في المنطقة التي تقع بين أحياء " الفاتيكيم " و " بيت اسحق " من جهة وسجن " بيت ليد " من جهة نتانيا المدينة . كان الباص يسير على " الأوتوستراد " الذي يبدأ من المنطقة الصناعية ويشق المدينة حتى الشاطئ وقرب المستودع توقف الأتوبيس ونزلا منه , وسارا باتجاه الباب الرئيسي , وكانت الشوارع شبه خالية في تلك الساعة باستثناء حركة العمال وسيارات النقل . كان احمد مرتبكاً , متردداً ينظر حوله فلم يسبق له أن عمل على الإطلاق . تبع
" مصطفى " الذي دخل بخطى ثابتة متوجهاً إلى أحد العمال في المستودع
وسأل : " أين الياهو ؟ " رد العامل بدون اكتراث وكأنه متعود على مثل هذه الأسئلة " لا أعرف "
اعتقد أنه لم يأت بعد "
التفت مصطفى لأحمد وقال : " انتظر المعلم الياهو , وعندما يأت قل له أريد أن اعمل كحارس ليلى " لا أستطيع البقاء معك فقد تأخرت عن عملي . أمسك به محمد متوسلاً : " أرجوك لا تذهب أنا لا أعرف أحدا هنا ابق نعى " . مصطفى : " وعملي " ؟ محمد : يا آخي خذ إجازة اليوم . تذمر صديقه وقال : " أمري لله سأبقى معك " . بعد ساعة من الانتظار قرب البوابة وبين الأتوبيسات التي تجرى عليها عمليات الصيانة , أطل رجل طويل القامة , أشقر اللون قوى البنية يسير في ساحة المستودع مثل المصارع على الحلبة , يرتدى قميصاً أزرق فاتح اللون صيفي وسروال قصير من نوعية رديئة . دخل إلى المستودع ومر بالشابين وكأنه لم يشاهدهما فاستوقفه مصطفى قائلاً " مناهيل " معلم " الياهو " . توقف الياهو ونظر الياهو ونظر إليه ثم قال : ماذا تريد ؟ ابتسم مصطفى وقال وهو يقترب منه : " صديقي أحمد " يريد العمل في المستودع كحارس ليلى " . التفت الياهو إلى أحمد وقال : " هل تستطيع السهر " ؟ أحمد : " نعم " .. الياهو : كله يقول نعم .. وبعدين ينام " . تدخل مصطفى قائلاً : " إنني أعرف شاب نشيط وجيد ويلتزم بالعمل . الياهو : " سنرى , الشغل شغل في المساء تعال واستلم عملك " . خرجا من الباب الرئيسي للمستودع وأخذ مصطفى يحدثه عن الياهو قائلاً : " كان الياهو في الجيش الإسرائيلي ووصل إلى رتبة ملازم أول قبل أن يتقاعد , وبعد تقاعده أصبح مسؤولاً عن هذا المستودع الذي تراه .. وأعتقد أنه في المخابرات "
صاح به احمد قائلاً : " طيب وأنا شو دخلي ؟ كلها شغلة في الليل ويرتاح الواحد من القرف في القرية " . في نهاية الشارع انحرف مصطفى يساراً فقال " أحمد " أين ستذهب ؟ "
مصطفى : " أريد إن أعرفك على بعض الأماكن في المدينة الشاطئ أجملها , أخذ يسيران في الشارع الذي يتصل في نهايته " بالأوتوستراد " القادم من المنطقة الصناعية , إلى الشاطئ فبينما راح " مصطفى " يتحدث دون انقطاع عن الشاطئ ونتانيا والملاهي ... دورية مفاجئة في نهاية الشارع الفرعي بدت ساحة مبلطة بالأسمنت بشكل هندسي جميل , لا تدخلها السيارات رغم اتساعها , وقد أقيمت على مداخلها المرتبطة بشوارع المدينة حواجز من الأعمدة الإسمنتية القصيرة بشكل هندسي يتناسب والطابع السياحي للمنطقة . على طول شاطئ " نتانيا " تمتد الساحة المبلطة بالإسمنت وتنتشر المطاعم والملاهي . بينما تمتد المتنزهات والحدائق العامة بمحاذاة الشاطئ تماماً وترتفع عن مستواه حوالي أربعة أمتار تقريباً . أعجب " أحمد " بهذا المنظر فطلب من صديقه أن يجلسا في أحد الكازينوهات ولكن " مصطفى " رفض الفكرة قائلاً : " أرى أن نذهب للسباحة ألم تجرب السباحة في الصباح ؟ إنها شئ جميل ومنعش " . رد مصطفى وقد أصيب بخيبة أمل " إذن نتجول على الشاطئ الآن , وفيما بعد سأعلمك السباحة . قطعا الساحة الإسمنتية ودخلا إلى الحدائق العامة المحاذية للشاطئ ثم نزلا من إحدى المداخل إلى الشاطئ الرملي حيث تنتشر المظلات والمصطافين ونقاط المراقبة . أخذا يتسكعان على الرمال وفجأة توقفت أمامهما فتاة إسرائيلية تبدو في الخامسة والعشرين من العمر , ترتدى سروالاً قصيراً بنياً وقميصاً من لون " الكاكى " أخرجت من جيبها بطريقة آلية بطاقة زرقاء عليها شعار الشرطة الإسرائيلية
" سنبلتان تحيطان بالنجمة السداسية " وقالت وهى تبرزها في وجه الشابين , باللغة العبرية " مشتراه " همس " مصطفى " لصديقه : " تقول إنها من الشرطة
" أخرج بطاقتك " تفحصت البطاقتين , ثم قالت : " انتظرا لحظة " . توجهت إلى أحد أكشاك المراقبة القريبة غابت حوالة خمس دقائق ثم عادت , وأعادت البطاقتين إليهما ثم انصرفت . تذمر " محمد " من هذه الحادثة وقال : " ما هذا بدأنا بالمشاكل " . ضحك مصطفى وقال : " لا تقلق هذا إجراء روتيني " .
كان مصطفى يعرف بمثل هذه الإجراءات التي يتعرض إليها باستمرار أثناء تجواله في المناطق الإسرائيلية , فالمخابرات الإسرائيلية تفرض إجراءات عديدة منها محلات التفتيش المستمرة فعلى الشاطئ مثلاً , تقوم دوريات الشرطة الإسرائيلية بطلب بطاقات العرب الذين يتواجدون يومياً في هذا المكان , وتسجل المعلومات لديها في الأكشاك المنتشرة هناك والمخصصة للأمن , وإذا حصلت عملية فدائية فان الشرطة تقوم بتحديد وحصر المشبوهين وتستدعى الأشخاص العرب الذي وجدوا شفى المكان خلال 24 ساعة . هذه الإجراءات تعكس حالة الفزع التي يعيشها الكيان الإسرائيلي من الداخل , فقد خلق العمل الفدائي هذه الحالة التي امتدت إلى كافة مرافق الحياة في إسرائيل شفى الشارع والمصنع والملهى والمنزل والفندق . بعد خروجهما من الشاطئ جلسا حوالة ساعة فى إحدى الكازينوهات ثم واصلا سيرهما داخل المدينة ,, حتى حل المساء فاستلم " أحمد " مكانه في العمل فى المستودع وعاد " مصطفى " إلى منزله فى القرية . فى المصنع بدأ أحمد يتفحص الوجوه ويتعرف على الموجودين فى مكان العمل , وسرعان ما تحلق العمل فى أحاديث وسمر حتى ساعات الفجر . تعرف على معظم زملائه من العرب واليهود , وفى تلك الليلة جرى حادث بسيط بينه وبين زملائه من العرب الذي حاول منعه من شرب الكحول مع الشباب اليهود , فقد ظن ذلك الزميل الذي يدعى " عدنان " أن هذا الوافد الجديد يريد الشرب لأول مرة كما أظهر للجماعة , وعندما عرفه يتعاطى الكحول منذ فترة طويلة اعتذر منه وحاول التعرف على ظروف ساب صغير فى مقتبل العمر , يتعاطى الكحول منذ سنوات , فهذه ظاهرة غريبة وليست عادية . كان " عدنان " فى مثل سنه تقريباً ولكنه نمط مختلف فهو يميل إلى الصمت والعزلة ويضع حداًَ بينه وبين بعض التصرفات المشينة لزملائه مثل تعاطى الكحول والمخدرات . فى ساعات الفجر , جمعت جلسة " عدنان " و " أحمد " بينما كان معظم الشباب ينام فحاول عدنان معرفة تفاصيل عن الحياة فى جنين وظروف الناس هناك ولكنه اكتشف أن أحمد لا يعرف شيئاً وكان قادم من عالم آخر , عندها فقط فهم لماذا أقدم على تعاطى الكحول منذ سن مبكرة . الشيء الوحيد الذي يتقنه أحمد هو الشتم والتأفف من الناس الذي سببوا له ضيقاً فى حياته . " عدنان " الذي فضل العمل فى هذا المستودع بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة , بسبب ظروف عائلته المادية , أثر أن يحدثه عن المدينة التي يسكن فيها وهى " نابلس " . بعد أسبوعين من عمله فى المستودع , انتقل " مصطفى " للعمل فى " تل أبيب " فترك فراغاً لدى أحمد الذي اعتاد أن يذهب معه فى أوقات عديدة إلى الملاهي بعد انتهاء العمل . فى أوائل أيلول كان " أحمد " يجلس فى إحدى الكازينوهات القريب من الشاطئ كعادته , فى مثل تلك الساعة من الصباح , وبعد برع ساعة دخل رجل أسمر البشرة , متوسط القامة ممتلئ الجسم , شعره خفيف فى الأربعينات من العمر , جلس حول إحدى الطاولات خلفه وطلب فنجاناً من القهوة ثم أخرج علبة سجائر فرنسية من نوع " جيتان " وأشعل السيجارة . مرت دقائق كان فيها " أحمد " شارد الذهن يلاحق بعينيه الفتيات خارج الكازينو , وفجأة قام الرجل من مكانه واقترب منه ثم تعثر بكرسي قريب من طاولة " أحمد " صاح الرجل قائلاً : " ما هذا " ! ثم التفت إلى " أحمد " قائلاً : أنا آسف , يبدو إنني لم أنتبه " أكرر أسفي رد أحمد " لا شئ يدعو للأسف لم يحصل شئ " . أبدى الرجل دماثة أخلاق ولطف كبيرين فقال : " أعتذر مجدداً " ! ثم استدرك قائلاً : " الأخ عربي ؟ "! سحب الرجل الكرسي وجلس وهو يقول : " هل تسمح لي " ؟. أحمد : " تفضل " . قدم الرجل نفسه قائلاً : " أنا زاهر من عكا ولدى شركة سياحية وجئت إلى هنا للاتفاق مع أحد الفنادق لوفد سياحي إيطالي , عمل مزعج والسياح يا أخي طلباتهم لا تنتهي صحيح عمل الشركة السياحية مربح ولكنه متعب أيضاً " . دخول زاهر هكذا اقتحم " زاهر " حياة " أحمد " وفجأة بدل " أحمد " من لهجته , فقد كان مستاء من هذا الرجل الغريب الثرثار , عندما خطرت فى ذهنه فكرة : " لماذا لا اعمل معه والفرصة قد أتت " ! واصل " زاهر " حديثه عن السياحة ومشاكلها والفنادق , فقاطعه " أحمد " قائلاً : " هل أستطيع أن أجد لي عملاً معك فى شركتك " ؟ فكر الرجل ملياً ثم رفع رأسه وقال : " ماذا تستطيع أن تعمل ؟ هل عملت سابقاً فى شركة سياحية " ؟ "أحمد " : كلا ولكن أستطيع أن أتعلم بسرعة " . زاهر : " ولكن المشكلة أنني لا أعرفك . على كل حال لن أخيب رجاءك ,أنت شاب لطيف , وسأجد لك عملاً يناسبك .. مثلاً الاتصال بالفنادق والاتفاق معها , تعمل معي فى البداية حتى تتعلم , ثم بعدها تقوم بالعمل بمفردك " . كاد أحمد يطير من الفرح , فقال زاهر : " ولكن يجب أن أجربك فى البداية , لا تغضب منى , الشغل شغل , هذه وفود سياحية والمعاملة والأسلوب عنصران أساسيان فى العمل " . أحمد : " ابدأ هذا من حقك , وستجدني عند حسن ظنك " . زاهر : " إن صلحت للعمل , ستصبح نائباً لي , نائب مدير الشركة " . أحس احمد بأن الحظ قد بدأ يبتسم له , نائب مدير دفعة واحدة ! نهض " زاهر " من مكانه فاستوقفه " أحمد " قائلاً : " كيف سأتصل بك " ؟ . عاد " زاهر" للجلوس ثانية وقال معتذراً : آسف لقد نسيت , على كل حال ما رأيك لو تزورني فى شقتي الليلة .. قد يأتيني ضيوف وستتعرف عليهم لأن هذا جزء من العمل أيضاً . أحمد وعملي فى المستودع ؟ قال " زاهر" بسخرية : تريد أن تصبح مسؤول فى الشركة وبتدور على
الباصات " ؟ اندفع " أحمد " خلف هذا الحلم قائلاً : " بلا حراسات بلا بطيخ " ! زاهر : " انتظرني فى الكازينو واستغرق الشاب فى أحلامه : ما أجمل هذا اليوم الذي ساق إليه هذا الرجل الطيب ... فى الموعد المحدد وعند الساعة السابعة مساء , كان " أحمد " فى انتظار " زاهر " وكان الكازينو يعج بالزبائن فى تلك الساعة وبعد حوالي 20 دقيقة جاء الرجل وقال له : " هيا بنا " ! خرج " أحمد " معه وكانت سيارة " زاهر " الفيات البيضاء تقف على جانب الشارع . انطلقت السيارة فى شوارع نتانيا , حتى توقفت قرب إحدى العمارات السكنية فى وسط المدينة , ثم صعدا إلى شقة فى الطابق الثالث . فتح " زاهر " الباب ودخل خلفه الفتى , كانت شقة زاهر لا تدل على ثراء , فجلس " أحمد " فى الصالون فى حين أحضر زاهر شراباً وجلس يتحدث معه , بعد نصف ساعة قرع جرس الشقة فقام " زاهر " وفتح الباب , وراح يرحب بالزائر بالإنجليزية . دخلت فتاة شقراء , طويلة القامة ابتسامتها لا تفارق شفتيها وحيت بالإنجليزية . جلست الفتاة فقدم لها زاهر شراباً , وكان يترجم الحديث بالعبرية ل" أحمد " فأخبره أنها فتاة سويسرية لا تجيد إلا اللغتين الإنجليزية والألمانية , كانت " تريز " تتصرف بشكل عادى فى الشقة , وكأنها فى بيتها , كما لاحظ " أحمد " أنها تعرف زاهر معرفة جيدة , وتتحدث معه بدون تكليف . قال له " زاهر" إنها تعمل فى شركة سياحية سويسرية ولدينا علاقات عمل معها وتتردد على إسرائيل . فى صباح اليوم التالي كان " أحمد " ما يزال يغط فى نوم عميق ففتح عينيه على صوت " زاهر " وهو يهزه من يده ويقول " الساعة عشرة " ! حاول أحمد أن ينهض ولكنه لم يستطع فقد كان يحس بصداع شديد فى رأسه , وضع يديه على رأسه وقال بصوت خافت : " رأسي .. رأسي " . زاهر : " أنتا ذاهب لعملي , إن أردت أحضر لك طبيباً " ! أحمد : " لا داعي " . وألقى برأسه على الوسادة , ثم عاد يغط فى نوم عميق . عند الظهر بدأ يشعر بتحسن , ولكنه كان يحس بدوار خفيف فى رأسه وبالغثيان . فى المساء عاد إلى عمله , وقد بدأ يستعيد عافيته , وهناك جاءه عدنان يستفسر عن صحته فقد كانت علامات الإعياء بادية على وجهه , ولكنه استغرب لماذا لم يسأل عنه الياهو فذهب إليه وقال له : " لقد كنت تعباً بالأمس , ولم أستطع المجيء " . قال الياهو بكل لطف وعلى غير عادته : " إذا كنت مريضاً باستطاعتك التغيب عن هذه الليلة أيضاً " . ظن الفتى أن المعلم يسخر منه فقال : " أقسم لك أنني كنت مريضاً " . الياهو : " أنا لا أسخر منك " عاد الفتى إلى حيث يجلس " عدنان " وهو لا يصدق ما سمعه ورآه , كيف انقلب الرجل فجأة , فجلس وهو يقول : " سبحان مغير الأحوال " ! " عدنان " ما بك ؟ " أحمد : " لقد جئت اليوم وأنا أتوقع أن يطردني من العمل , فهو رجل كما تعرفه لا يعرف الرحمة , وفجأة أخذ يستفسر عن صحتي وطلب منى التغيب اليوم أيضاً إن كنت لا أزال متعباً . صمت عدنان قليلاً ثم قال : " أين كنت بالأمس ؟
أخذ أحمد يروى قصة لقائه بزاهر فى الكازينو والعمل الموعود به والفتاة السويسرية الشقراء " تريز " التي التقاها بشقة " زاهر " . قال عدنان : " هل هو عربي ؟ "
قال " أحمد " بلهجة لا تخلو من الحماس : " انه عربي من عكا . صحيح يتكلم العربية بلكنة أجنبية , ولكن هذا الأمر عائد لاحتكاكه المستمر بالأجانب والشركات فى أوروبا وإسرائيل " . هز " عدنان " رأسه وقال " ممكن " . ثم قال : ط متى ستراه مرة ثانية " ؟ أحمد : بعد غد الساعة عشرة صباحاً فى الشقة . شريط فيديو
فى تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً كان أحمد يقرع جرس الباب , مرت دقائق فخيل إليه أن الشقة فارغة وان " زاهر " قد نسى الموعد . هز رأسه بيأس وقال لنفسه : " لماذا سيتذكرني , أنا مجرد موظف أطلب عملاً لديه " . كاد أن يعدو لولا أن سمع المفتاح يدور فى القفل من الداخل فتنفس الصعداء انفتح الباب فتحة صغيرة وظهر وجه زاهر فابتسم وقال : " لحظة ! ثم فتح الباب
وقال : " تفضل " . دخل شاب وجالت عيناه فى الشقة كان واضحاً انه لا يوجد بها أحد جلس على مقعد فى الصالون , بينما جلس " زاهر " بقربه مسترخياً فى مقعده , فسأله أحمد : " ماذا حصل بالنسبة لعملي " ؟ ابتسم " زاهر " ابتسامة صفراء وقال : " حسناً عماك الآن بين يديك " . ثم قام باتجاه جهاز التلفزيون الذي كان يبث برنامج للأطفال باللغة العربية , أدار جهاز الفيديو وهو يقول : " لقد حضرت لك مفاجأة ما رأيك بشريط فيديو يعجبك " ! مرت دقائق والشريط لا يطهر شيئاً على الشاشة وفجأة بدت المناظر تجهو وجه الشاب وهو يشاهد مناظر الشقة من الداخل وغرفة النوم وفيها أحمد وتريز . فقفز من مكانه كأنما أصابه مس من الجنون وصرخ : ما هذا , كيف فعلت هذا , هذا شريط مزور " أنت لا تعمل فى شركة أنت تعمل فى عصابة سأشكوك للشرطة " . كان " زاهر " صامتاً يشاهد الشريط وينفث دخان السجائر فى الهواء علامة استمتاعه بالمشاهد وكأنه لم يسمع شيئاً ولكنه التفت إليه عندما سمعه يقول سأشكوك للشرطة . واصل الشاب ثورته وقال : " لن أسكت " ! وهجم الشاب باتجاه الشريط لانتزاعه من الفيديو فسمع زاهر يقول : " أنت تتعب نفسك , لدى عشرين نسخة أخرى . عاد الفتى إلى أحد المقاعد وارتمى وهو ينتفض من الغضب وقال : " ماذا تريد منى " ؟ قام " زاهر " وأطفأ الجهاز وهو يقول : " الآن بدأت تفهم أقدم لك نفسي " زاهر " من المخابرات الإسرائيلية . أخذ الشاب يتصبب عرقاً وقال ويداه ترتعشان من العصبية " لم أفعل شيئاً ولا دخل لي بالسياسة " . زاهر : " اعرف هذا " .. أحمد : " ماذا تريد منى إذن ؟ " . زاهر : " أن تعمل معنا " . أحمد : " أنا لا أفهم فى عمل المخابرات , ولن تستفيدوا منى " ! زاهر : ط هذه مسألة نحن نقررها وليس أنت . الآن اسمع كلامي , أفضل لك من الفضيحة .. إن سمعت كلامي لن ير أحد الشريط , وإلا تتحمل المسؤولية يا بطل
أحمد : " ماذا سأفعل " ؟ زاهر : " سأكلفك بمهمة وستحصل على مبلغ كبير من المال , والآن سنبدأ
يتبع ان شالله |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:26 | | | الفصل الثاني عميل فاشل وآخر مزدوج وقع في الفخ وقام ضابط المخابرات الإسرائيلية بالسيطرة عليه من خلال شريط الفيديو الذي تم تصويره بالكاميرات السرية المزروعة في الشقة وهى"البيت الآمن" الذي تستخدمه " الموساد " لعمليات الإسقاط والسيطرة كما تستخدمه للمقابلات في إدارة العملاء . هذه الكاميرات الدقيقة تعمل بشكل أتوماتيكي وعادة تكون مزروعة مع أجهزة التصنت في غرف النوم , وعملها يتم من خلال لمسة بسيطة لمزهرية أو منفضة بجانب السرير . ومن عادة ضباط المخابرات الإسرائيلية أن يطلقوا على أنفسهم أسماء عربية (حركية) وذلك لاعتبارات نفسية حتى يكونوا مقبولين لدى العربي الذين يتعاملون معهم . في تلك الجلسة بين الضابط زاهر وأحمد , طلب الأول من الثاني أن يجمع معلومات عن أحد أصدقائه دون تحديد , والمعلومات المطلوبة هي ما إذا كانت له انتماءات سياسية , وهل لديه سلوك شاذ , وكذلك دراسته وطفولته ووضعه بين زملائه في الدراسة , ومعلومات عن أصدقائه القدامى وخلفيته السياسية , وحالة أهله المادية سابقاً وحالياً , وتحصيله العلمي ومهنته وقدراته التي يتقنها , فزواجه وحالته الاجتماعية وجيرانه وسمعته بين الناس , أصدقائه الحاليين وأسفاره خارج البلد ولماذا ؟ وهل هو كريم أم بخيل ؟ وهل هو نشيط أم يتأخر في النوم , ونظرته إلى الأمور. بعد أن استوعب أحمد هذه النقاط قال له زاهر : نلتقي الأسبوع المقبل يوم الثلاثاء الساعة الحادية عشرة صباحاً . ثم أضاف قائلاً : ولكن ليس هنا . رفع الشاب عينيه مستفسراً : أين ؟ زاهر : هل تعرف تل أبيب جيداً ؟ حرك رأسه علامة النفي , فقال الضابط باستطاعتك الاستفسار , وهى مسألة سهلة . احفظ العنوان في رأسك ولا تكتب شيئاً . قرب الشاطئ وبشارع مواز له يوجد استراحة مطلة على بعد على البحر قرب فندق " الأمباسادور " اسمها " مسعدات دالية " أي " استراحة دالية " وقبل أن تصلها هناك من أتوبيس على بعد 50 متر في الشارع ذاته . ابحث في المحطة ستجد سهماً مرسوماً . إن كان لونه أخضر فيعنى ذلك أن المقابلة استراحة دالية في موعدها وتتوجه فوراً إلى هناك , وان كان السهم أحمر فذلك يعنى أن المقابلة قد تأجلت 24 ساعة وفى المكان نفسه , وتبقى تتردد حتى يتغير لون السهم ويشير إلى أن المقابلة فى موعدها . قال أحمد بضجر : ولماذا كل هذا التعقيد ؟ الضابط : هذا جزء من العمل والتدريب الذي يجب أن تتعرف عليه . تناول الضابط من جيبه ظرفاً صغيراً وقال له : خذ هذا المبلغ لنفقاتك خلال الأسبوع المقبل . ثم لا تنسى أن لا تخبر أحداً بما حصل هنا يجب أن يكون العمل سرياً . حمل أحمد الظرف ودسه في جيبه وانصرف . وأخذ يسير في الشارع فأحس بالجوع فتوجه إلى أحد المطاعم الصغيرة وطلب ساندويتش . ولكنه لم يسطع أن يأكل شيئاً , فالدنيا مسودة في وجهه لا يدرى أين يذهب . نزل إلى الحدائق العامة قرب الشاطئ وجلس على أحد المقاعد وهو يفكر : كيف حصل ذلك ما سر الصداع واللقاء المفاجئ ؟ هل كان مراقباً من المخابرات الإسرائيلية ؟ هل يعمل معهم أم يهرب ؟ ولكن إلى أين ؟ كيف سيتصرف ؟ في مساء ذلك اليوم عاد إلى عمله ولكن علامات التفكير العميق كانت بادية عليه وهو شارد الذهن صامت لا يشعر بما يدور حوله .
لاحظ عدنان ذلك , فسأله عن السبب , واكتفى بالإجابة قائلاً : لا شئ ألح عليه بالسؤال لكن إجابته لم تتغير لا شئ أنا متعب . شك عدنان بالأمر فسأله : ماذا حصل لعملك في الشركة السياحية ؟ وفجأة انفجر أحمد غضباً وقال : لا أريد العمل في الشركة . عدنان : ماذا حصل ؟ تنبه احمد فعاد يقول : لا شئ لم أجد الرجل . أدرك عدنان أن أمراً خطيراً حصل لأحمد فتركه وشأنه , ولكن أحمد عاد بعد ساعة ليقول له : لا تغضب منى , فأعصابي متعبة قليلاً اليوم . وجلس يتحدث معه , وفجأة أخذ يحدث عدنان بأمور لم يتحدث بها من قبل , وراح يستفسر عن حياته وعلاقاته وعائلته في نابلس وتأكدت الشكوك لدى عدنان فأخذ يجيبه بشكل حذر . عميل مزدوج
في صباح اليوم التالي خرج عدنان كعادته من المستودع وهو غالباً ما يعود إلى منزله في مدينة نابلس فتوجه إلى المحطة المركزية في نتانيا " تحنا مركزيت " ومنها استقل الأوتوبيس إلى طولكرم التي لا تبعد عن نتانيا سوى 18 كيلومتراً . وفى طولكرم تجول قليلاً ثم توجه إلى المحطة حيث تعمل شرطة باصات " الشخشير " في النقل بين المدينتين . وصل إلى منزله في حي رافيديا قرب مستشفى رافيديا ومكث ساعة ثم نزل إلى السوق يتجول . وبعد حوالي نصف ساعة انحرف في شارع وسط البلدة وسار على الرصيف الأيسر وكان يسير قليلاً ويتوقف أمام الواجهات حتى مر من أمام مكتبة واجهتها زجاجية , عرضت فيها مجموعة كبيرة من الكتب منسقة بعناية وتدل على ذوق واهتمام صاحبها . مر من أمام المكتبة ذهاباً وإيابا ثم واصل سيره إلى منزله . عند الساعة الواحدة تماماً كان يطرق طرقات خفيفة على باب شقة في وسط المدينة , بعد ثوان فتح الباب وأطل رجل في الثلاثينات من العمر وقال همساً : تفضل ادخل . جلس عدنان وراح يتحدث إلى عبد الرحمن عن شكوكه في أحمد , وكان رد الرجل بأن يواصل مراقبته ثم زوده بتوجيهات وطلب منه أن يذكر له في معرض حديثه وبطريقة غير مباشرة بعض المعلومات حوله أي " عدنان " التي ستلفت نظر المخابرات الإسرائيلية إليه .
بعد انتهاء المقابلة خرج عدنان متبعاً الإجراءات الأمنية اللازمة , كان عبد الرحمن هادئ الطباع , يتكلم همساً حتى يظن سامعه أنه يحدث نفسه . دمث الأخلاق متدين يؤدى الصلوات في أوقاتها , بدون تعصب , درس الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة , وحصل منها على شهادة البكالوريوس ثم عمل في إحدى البلدان العربية كمدرس لمدة عامين ثم عاد إلى مسقط رأسه في نابلس حيث افتتح مكتبة كساتر وغطاء لنشاطه بعد أن تلقى دورات تدريبية عديدة في أجهزة الأمن الفلسطينية . بعد عودته إلى الداخل استقطب مجموعة من الشباب الفلسطيني المميز من أمثال عدنان , وهى مجموعة لا يزيد عددها عن أصابع اليد ولكنها فاعلة وتعمل بنظام دون حدوث أي خلل يذكر وعمله بعيد عن الارتجال , وهو على اتصال دائم بمقر قيادة أجهزة الأمن الفلسطينية في بيروت بوسائل اتصال موثوقة . أثبت عبد الرحمن كفاءته في العمل الأمني وعمل بنجاح فائق داخل الأرض المحتلة سنوات طويلة , وكانت المقابلات تتم بينه وبين أفراد مجموعته بشكل منفصل ولا يعرف أحدهما الآخر كإجراء أمنى . وكانت المقابلات تتم بالجدولة , أي يحدد موعد اللقاء المقبل أثناء المقابلة الأخيرة . وفى حال الضرورة القصوى , كانت لكل منهم إشارة معينة , فعدنان كان عليه أن يسير في الشارع ذهاباً وإيابا مرة واحدة من أمام المكتبة , وهذه الإشارة تعنى اللقاء بعد ساعتين , وفى حال عدم حصوله لسبب أو آخر تتكرر الإشارة بعد 24 ساعة , أي في اليوم التالي . في هذا اللقاء طرح عبد الرحمن الاحتمالات وهى إما أن تنصب " الشين- بيت " لعدنان فخاً في أحد" البيوت الآمنة " أو يستدعى إلى مكتب المحقق الإسرائيلي في نابلس فهوية الجهاز لم تكن واضحة هل هي " الشين-بيت " ( الأمن الداخلي ) أو
" الموساد " ( الفرع الخارجي للاستخبارات الإسرائيلية ) . في مساء ذلك اليوم عاد عدنان إلى عمله في المستودع وكان مكلف أيضاً بجمع بعض المعلومات عن أحمد لكنه كان مرتبكاً فهو لم يتوقع أن يدخل في مغامرة كهذه , فالاعتبارات النفسية في العملية تلعب دوراً هاما فشاب وطني مثله من الصعب غليه أن يقوم بالتعامل مع العدو حتى في إطار لعبة تجسسية لم يتقبل المسألة بسهولة إلا أن تأثير عبد الرحمن عليه كان كبيراً وأقنعته الهواجس التي انتابته بأن ما سيفعله هو في إطار العمل الوطني وليس العكس . استراحة دالية عند الساعة العاشرة والنصف تقريباً , أي قبل الموعد المحدد بنصف ساعة كان أحمد ينزل من الأتوبيس في المحطة القريبة من " استراحة دالية " وقف في المحطة ولم يكن هناك سوى امرأة يهودية عجوز تنتظر الأوتوبيس , أخذ ينظر في المحطة حتى وجد سهماً صغيراً مرسوماً على العمود الحديدي للمحطة باللون الأخضر ولا يزيد طوله عن أربعة سنتيمترات . أدرك أن المقابلة في موعدها , فسار مشياً نحو الاستراحة التي كانت قريبة منه . كانت الاستراحة تتألف من طابق أرضى وصالتين واحدة خارجية مكشوفة والأخرى داخلية . جلس حول إحدى الطاولات في الصالة الخارجية ووجهه إلى الشارع حيث تطل الاستراحة على البحر , فهي تقع فوق ربوة صغيرة وعلى اليسار يظهر فندق " الامبسادرو " وعلى بعد حوالي 500 متر من الفندق جنوباً يقع حي المغاربة وهو حي يهودي فقير وبائس وبناياته قديمة ومتداعية . بعد أن جلس حول إحدى الطاولات في الصالة الخارجية المكشوفة ,جاءت فتاة في العشرينات من العمر سمراء ممتلئة الجسم , فطلب منها فنجاناً من القهوة , بعد دقائق عادت بالقهوة فأخذ يتحدث معها فعرف أنها مغربية يهودية مغربية , وقدم لها نفسه وراحت تحدثه عن الحي الفقير الذي تسكن فيه وهو الملاصق لفندق الأمباسادور وأخذت تشير إلى أماكن المحيطة وتثرثر معه . عند الحادية عشرة وعشرين دقيقة , أطل زاهر فرأى أحمد يجلس بمفرده فقال : هيا بنا .. ادخل معي . دخلا معاً وجلسا حول إحدى الطاولات وكانت الصالة شبه فارغة . جاءت الفتاة وقالت : ماذا تريد يا أحمد ؟ حدق زاهر في أحمد بغضب وقال موجهاً حديثه إلى الفتاة : فنجانين من القهوة . انصرفت الفتاة وصاح به قائلاً : ماذا فعلت يا غبي ؟ دهش الشاب من هذه اللهجة وقال : ماذا ؟ لم أفعل شيئاً . زاهر : لماذا أخبرتها عن اسمك ؟ ارتبك احمد وقال : المسألة عادية وكنا نتحدث عن تل أبيب . زاهر : أنت هنا في مهمة سرية , ويجب أن لا يعرف أحد اسمك ولا طبيعة عملك وأي شئ عنك وإلا ما فائدة الإجراءات الأمنية المعقدة التي أدربك عليها ؟ أحمد : وهل أكذب عليها ؟ زاهر : أذكر لها اسماً آخر أنت الآن تعمل مع المخابرات الإسرائيلية لا حارس مستودع . يجب أن تفهم ! أحس الضابط بأن الشاب غضب من هذا التأنيب ؟ فبدل لهجته وقال وهو يبتسم : هيا يا بطل .. ماذا فعلت الأسبوع الماضي ؟ أخذ الشاب يسرد المعلومات التي حصل عليها فيما كان الضابط زاهر يصغي باهتمام حتى وصل إلى نقطة تقول إن عدنان لديه أخر يدعى خلدون وقد انضم إلى صفوف الثورة الفلسطينية منذ 1974 في لبنان كمقاتل . قاطعه زاهر قائلاً : بالمناسبة يجب أن نتعلم مسألة مهمة في العمل السري , أولاً يجب أن تذكر لي كل هذه الأمور بتفاصيلها الدقيقة كتابة حتى لا أنسى , وثانياً تبدأ بالأهم ثم المهم . وفى أي مقابلة عليك أن تبدأ الحديث بالموضوع الأهم والأخطر وتتدرج نحو الأقل أهمية فمثلاً لو انقطعت المقابلة لسبب ما أكون قد حصلت على أهم المعلومات . كما أن هذه المقابلات جزء من التدريب الذي يجب أن تحصل عليه . فأنت ستتعلم من خلالها أشياء هامة جداً . بطبيعة الحال لم يكن قصد الضابط من كتابة التقارير سوى المزيد من توريط أحمد خاصة أن معظم المقابلات كانت مسجلة صوتياً لديه . وفى نهاية المقابلة قدم زاهر إلى أحمد مبلغاً من المال لينفقه كما يريد ثم قال : موعدنا سيكون يوم الأحد الساعة التاسعة صباحاً في مركز الحاكمية العسكرية في مدينة نابلس .
اصفر وجه الشاب بعد سماعه هذه الجملة فقال : هل فعلت شيئاً ؟ ضحك زاهر وقال : لا تخش شيئاً , لن تسجن هناك . كل ما في المسألة أنني سأقدم لك صديقاً لتتعرف عليه . هم الضابط بالانصراف فقال : لا تخرج الآن بل بعد خروجي بربع ساعة تغادر المكان . وتوجه إلى الحاسبة ودفع الحساب ثم دس الوصل في جيبه وانصرف . بعد يومين من تلقى عدنان وهو في منزله في نابلس استدعاء من المخابرات الإسرائيلية إلى مقر الحاكمية العسكرية في المدينة , الذي تقع في نهاية شارع عمان بالقرب من مخيم بلاطة , قبالة مديرية صحة نابلس . كان الموعد المحدد في ورقة الاستدعاء الساعة الثامنة صباحاً من يوم الأحد تأكدت الشكوك وأصبحت العملية واضحة تماماً , وفى الموعد المحدد توجه إلى مركز الحاكمية العسكرية بعد أن تزود بتوجيهات عبد الرحمن وكيفية التصرف . وأمام باب المركز أبرز بطاقة هويته وورقة الاستدعاء للجندي الذي يقف أمام الصغير الملاصق للباب الكبير المخصص لخروج السيارات العسكرية ودخولها . نظر الجندي في بطاقة الاستدعاء ثم أشار إليه أن يتوجه إلى الاستعلامات حيث قدم أوراقه . وبعد حوالي ربع ساعة من الانتظار مع بقية المراجعين العرب . جاء مراسل مع بقية المراجعين العرب جاء مراسل واصطحبه إلى المبنى الرئيسي في الطابق عند الساعة التاسعة والنصف تقريباً , وبعد حوالي ساعة ونصف من الانتظار في قاعة المراجعين , جاء مراسل وناداه بالاسم فخرج يسير خلفه حتى وصل إلى غرفة بابها مفتوح أطل المراسل داخل الغرفة وأشار إلى عدنان بالدخول , دخل الشاب فوجد رجلا يرتدى ملابس مدنية يجلس خلف مكتب ويبدو عليه الانشغال بالكتابة وقف الشاب قليلاً ينظر في الغرفة الصغيرة التي لا تحتوى إلا على المكتب الخشبي الذي يجلس خلفه الضابط , وأمام المكتب ثلاثة كراسي خشبية لونها بنى . بعد دقائق جلس الشاب واقفاً وارتبك فأكمل الضابط صراخه قائلاً : من أنت ؟ من أتى بك إلى هنا ؟ قال الشاب : أنا عدنان وأتى بي المرسل إلى هنا , يبدو أنه أخطأ . قهقه الضابط عالياً وهو يقول : آسف . لم أنتبه . تفضل بالجلوس . كان الشاب مدركاً هذه الأساليب وبقى متنبهاً ويقظاً فقام الضابط من وراء المكتب وتوجه إلى الباب و أغلقه ثم عاد وهو يقول بسخرية : عدنان رمضان .. أنت صاحب مشاكل . رفع الشاب رأسه وقال : كيف ؟ ماذا تقصد ؟
جلس زاهر وتناول قلماً عادياً وأخذ يسوى الأوراق أمامه وهو يقول : نحن نعرف كل شئ . صمت الشاب في حين بدأ زاهر يطرح أسئلته : ما اسمك ؟ عدنان : عدنان رمضان . زاهر : كم عمرك ؟ عدنان : عشرون عاماً . زاهر : ماذا تعمل ؟ عدنان : حارس ليلى في مستودع شركة باصات " أيجد " في نتانيا . زاهر : أين أخوك خلدون ؟ عدنان : لقد سافر منذ سنوات . زاهر : ماذا يعمل ؟
عدنان : مقاتل في الثورة الفلسطينية في لبنان . زاهر : لا تذهب لزيارته ؟ عدنان : كلا . زاهر : لماذا ؟ عدنان : ظروفي المادية لا تسمح بذلك . زاهر : إذن كيف تعيش ؟ عدنان : قلت لك أنني اعمل في المستودع ليلاً . زاهر : وفى النهار ماذا تفعل ؟ تقوم بالمظاهرات والتفجيرات أليس كذلك ؟ عدنان : هذا ليس صحيحاً ؟ زاهر : وما هو الصحيح إذن ؟ عدنان : أنا إنسان بسيط أعمل لأعيل أهلي ونفسي لا أكثر .. التفت الضابط إلى أوراق مكتوبة على يمينه باللغة العبرية وأخذ يهز رأسه
ويقول : أنت تكذب , ولدينا معلومات حولك . أنت تخطط لتفجير باصات " أيجد " عدنان : هذا غير صحيح . صرخ الضابط في وجهه قائلاً : هل تعتقد أنني كاذب يا وغد ؟ عدنان : لم أقصد ذلك . ولكنني لا أخطط لتفجير الباصات . زاهر : ما هي علاقتك بالثورة الفلسطينية ؟ عدنان : لا علاقة لي بالثورة لا من قريب ولا من بعيد . زاهر : لا تريد الاعتراف أنت حر يوجد شهود عليك , هل تعرف أنك ستحل ضيفاً علينا ؟ وقضية تفجير الأتوبيسات عقوبتها ... عقوبتها ( يتظاهر بالتفكير ) أولاً تحقيق مفتوح قد يستغرق عاماً أو اثنين أو أربعة ثم المحكمة والمحكمة قد تقرر عشرة أعوام سجن وربما اكثر , هذا يعود إلى مزاج المحكمة . أخذ عدنان يتظاهر بالخوف والارتباك وكان يعرف أن كل ذلك مقدمة للموضوع قال : لم افعل شيئاً أرجوك لماذا تظلمني هكذا ؟ ألقى الضابط بالقلم على المكتب . ثم قام ليتمشى في الغرفة وهو يقول : أريد أن أساعدك ولكن كيف ؟ القانون قانون . عدنان : ولكنني لم افعل شيئاً . زاهر : عندي حل . عدنان : كيف ؟ زاهر : أن تتعاون معنا , وأعتبر القضية انتهت وسأساعدك مالياً وستحصل على كل ما تريد . عدنان : لا أستطيع أنا لا أفهم في هذه الأمور . زاهر : لديك حلان , إما السجن أو العمل معنا , ماذا قررت ؟ عدنان : لا أستطيع أرجوك . زاهر : أنت حر . وعاد إلى مكتبه وجلس على الكرسي ورن الجرس فجاء المراسل فقال الضابط بالعربية موجهاً حديثه إلى المراسل وهو ينظر إلى عدنان : الجماعة جاهزون . عدنان : الجماعة جاهزون. قال المراسل: من هم ؟ الضابط: يوجد شخص هنا أود كسر رأسه. قال عدنان: أرجوك ، دعني وشأني . الضابط: أجب بسرعة قبل أن يذهب المراسل و إلا لا أستطيع أن أفعل لك شيئا و سيخرج الموضوع من يدي . هل تقبل باقتراحي ؟ عدنان : نعم . صرف زاهر المراسل وقال لعدنان : الآن بدأت تفهم . ثم اخذ يقنعه قائلا : لماذا تعرض نفسك و أهلك للسجن و التشرد ؟ أنت تعرف أن باستطاعتي سجنك دون توجيه أي تهمة إليك و لن تستفيد شيئا الآن ستربح و لن تضايقك الشرطة لأنك ستعمل بحماية المخابرات و ستحصل على المال . على كل حال ، ستعود إلى عملك بشكل طبيعي في المستودع و لا تذكر لاحد عن استدعائك إلى هنا . وان سالك أقاربك أو أهلك قل لهم انه تحقيق روتيني . قام الضابط زاهر و غاب لحظات ثم عاد و معه أحمد . و ما أن شاهده عدنان حتى أبدى استغرابه و دهشته وقال : ماذا تفعل هنا ؟ أجاب زاهر : الآن ستعملان معا . وضحك أحمد وقال : لقد أصبحت مثلي .. ألم أقل لك أن النتيجة واحدة ؟
عندئذ قام عدنان يصيح في وجهه : لقد ورطتني .. هل قلت لك أنني سأفجر باصات " أيجد " ؟ لماذا تكذب ؟ استغرب أحمد هذا الاتهام وقال : لا أعرف عن ماذا تتحدث وهل كنت بالفعل ستنوى تفجير الباصات . صاح به عدنان : تريد أن تلبسني تهمة ؟ لم يكن احمد يعلم بهذا الأمر فقد اخترعه زاهر ليضغط على عدنان . وحسم زاهر النقاش قائلاً : هيا اجلسا لنتفق على العمل . أنا لم أجمعكما لتتشاجرا هنا . وأضاف ستكون لقاءاتنا في الشقة " البيت الآمن " في نتانيا بطبيعة الحال عدنان لا يعرفه . ( موجهاً حديثه إلى عدنان ) سيرشدك أحمد إليه . ويوم الخميس الساعة الثانية بعد الظهر نلتقي هناك . ويجب أن تقوما بجمع المعلومات عن الأشخاص الذين لهم علاقة بمنظمة التحرير الفلسطينية والذين يقومون بالتظاهرات في نابلس وجنين .قاطعه أحمد قائلاً : لكنني لا أذهب كثيراً إلى قباطيا وجنين . قال الضابط بسخرية : وهل ستبقى في نتانيا ؟ يجب أن تتردد باستمرار على بلدتك وتتعرف على الناس أكثر . ثم تناول زاهر مبلغاً من المال ورماه على الطاولة أمامهما وقال : هذا لكما مناصفة هيا الآن , موعدنا الخميس المقبل الساعة الثانية بعد الظهر . معلومات تافهة ! في صباح اليوم التالي عاد أحمد إلى قباطيا وأخذ يتردد بشكل يومي على قريته محاولا الاحتكاك بالشباب في القرية لكنه لاحظ نفورا من الناس تجاهه لم يستطع تفسيره , واستغرب أبناء القرية عودته المفاجئة وتقربه المفضوح من الناس والشباب تحديدا بينما كانت والدته غاضبة عليه بسبب سلوكه المنحرف ولاسيما بعد أن مرضت شهورا ولم يسأل عنها . قبل الموعد المحدد مع ضابط " الشين-بيت " بيوم واحد جلس في أحد المقاهي مع شاب في مثل سنه فقال له أحمد : يا أخي لماذا يتهرب الناس منى ؟ ماذا حصل ؟ تردد الشاب ثم قال : قد تغضب منى , ولكن سأقول لك الحقيقة . بصراحة لم يطمئن الشباب إليك بسبب تصرفاتك وسلوكك . وبعضهم يشك في عودتك المفاجئة , وقد تركت والدتك مريضة شهور ولم تسأل عنها . قاطعه أحمد وقد انزعج من هذا الكلام الذي أكد له أن الناس لديهم حس أمنى طبيعي وليسوا أغبياء كما كان يتصور فقال : أنا مظلوم . ظروفي لم تسمح لي بالمجيء إلى هنا . رد الشاب : هل كنت مسجوناً ؟ هل كنت طريح الفراش ؟ ما الذي يمنع إنسانا من أن يزور ولدته ؟ لقد تسببت في انفصال أبويك بسبب سلوكك الشاذ . انتفض أحمد وهو يقول : أنتم لا تعرفون إلا النصح وخرج من المقهى غاضباً . أخبار وتكتيك
في الوقت نفسه وبعد تجنيد عدنان من قبل الضابط زاهر التقى بالضابط الفلسطيني عبد الرحمن الذي وضع خطة لتعزيز موقف عدنان ولتركيز اهتمام المخابرات الإسرائيلية عليه . فقد زوده ببعض المعلومات الهامة والقليلة بحيث لا يشك زاهر أن هناك من يزود الشاب بالمعلومات . وكانت المعلومات تتناسب والفترة الزمنية المخصصة لجمعها وهى أقل من أسبوع , كما تتناسب مع قدرة عدنان على اعتبار أنه ما يزال جديداً في العمل مع المخابرات الإسرائيلية . وفى الموعد المحدد للمقابلة مع ضابط المخابرات الإسرائيلي أخذ زاهر يستعرض المعلومات التي حصل عليها كل من أحمد وعدنان . وما إن أنهى ذلك حتى رفع رأسه موجهاً حديثه إلى احمد هذه معلومات تافهة . قال أحمد مدافعاً عن نفسه : لم أستطع أن أحصل على أكثر منها .
الضابط : ولكن عدنان معلومات معقولة . أحمد : عدنان محترم بين الناس وأنا عكس ذلك . زاهر : ألا تستطيع إقناعهم بأنك تغيرت وأصبحت صالحا ؟ أحمد : لقد حاولت ولم أنجح . صمت ضابط المخابرات الإسرائيلية لحظات ثم قال : اسمع كفى ثرثرة . لديك جواز سفر بطبيعة الحال , هيئ نفسك للانتقال إلى الخارج . استغرب أحمد وقال بدهشة ": إلى أين سأسافر؟الضابط : سأقول لك فيما بعد . ثم أضاف الضابط : على كل حال , يجب أن تواصل جمع المعلومات من جنين وقباطيا لا تيأس فقد تتغير نظرة الناس إليك وان لم تغير فلدى حل وجيد . التفت الضابط إلى عدنان وقال له : سأزودك الآن بمجموعة أسئلة وهى تدور حول المعلومات التي يجب أن تجمعها خلال عشرة أيام من نابلس . كما أن هناك معلومات مطلوبة يجب أن يحصل عليها أحمد واللقاء المقبل في الشقة بعد عشرة أيام . الفصل الثالث مهمة ملغومة في بيروت في إحدى المقابلات التي أجراها ضابط " الشين-بيت " في الشقة في نتانيا مع أحمد وعدنان في فبراير ( شباط ) 1977 , وبعد عدة أشهر من العمل , كانت النتائج جيدة بالنسبة إلى عدنان , بينما تعرض أحمد لانتقادات من زاهر . وفى النهاية اقتنع بأنه لا يستطيع العمل في الداخل . في ذلك اللقاء اتفق الضابط مع أحمد على لقاء منفصل في الشقة بعد ثلاثة أيام . استغرب عدنان هذا الطلب , لكن أبدى عدم اهتمامه بالأمر , لاسيما عندما قال له الضابط نريد أن نعمل أنا وأحمد فلا تأت يوم الأربعاء المقبل وموعدي معك سيكون يوم الأحد الساعة الرابعة بعد الظهر . انتهت المقابلة وعاد الاثنان إلى عملهما في المستودع في تلك الليلة , جلسا يتهامسان كعادتهما فقال أحمد : لست أدرى لماذا طلبني بمفردي لهذا اللقاء ؟ ضحك عدنان وقال : هل فعلت شيئاً مشيناً كعادتك ؟ أحمد : كلا . ولعله من أجل السفر لكنه حدثني عن الأمر قبل فترة ولم يعد إلى الموضوع . أدرك عبد الرحمن أن الأمر يتعلق بمهمة خطيرة سيقوم بها أحمد بمفرده وخشى الضابط الفلسطيني من أن يتعلق الأمر باغتيال أحد الرموز الوطنية في الداخل . وكان توقعه إما مهمة خارجية أو عملية خطيرة وعادة في المهمات الخارجية , لا يتحدث ضابط المخابرات الإسرائيلية مع الشخص المعنى أمام أعضاء الشبكة . طلب عبد الرحمن من عدنان أن يركز جهوده ليعرف الأمر من أحمد بشتى الوسائل . وفى الموعد المحدد عند الساعة الحادية عشرة صباحاً من يوم الأربعاء , دخل أحمد إلى الشقة وكان واضحاً أنه غير مطمئن إلى هذا الموعد . انتابته مشاعر مختلفة من عدم الاكتراث والخوف في آن واحد وهو يقرع جرس الباب . فتح الباب ودخل فيما علامات وجهه تشير إلى أنه يريد أن يقول للضابط : ماذا تريد منى ؟ وما إن وقعت عيناه على صالة الجلوس حتى شاهد رجلاً يرتدى قميصاً أبيض وسروالاً أسود , قام الرجل الذي تبدو ملامحه وكأنه في الثلاثينات من العمر , أبيض البشرة وأصلع الرأس , وممتلئ الجسم ومتوسط القامة , وصافح أحمد وهو يقول : أهلاً بك كف حالك ! أدرك الشاب أن الرجل يعرفه فقطع زاهر التساؤلات قائلاً : زميلي الكابتن جورج من " الموساد " فرحب احمد به وجلس صامتاً , تاركاً المجال لزاهر كي يتحدث حتى يفهم سر هذا اللقاء . راح زاهر يستفسر عن صحته وأحواله وكان الشاب مستاء من هذا الحديث فكان يجيب باقتضاب عن أسئلة زاهر الروتينية . انتقل زاهر إلى لهجة أخرى فى الحديث فقال : أحمد شاب ممتاز ونشيط ويعجبك حتماً . ثم أضاف : من الآن ستعمل مع زميلي جورج لأن عملك سيكون من اختصاصه وأرجو أن نتعاون فقد انتهت مهمتي وأتمنى لك التوفيق . نهض زاهر قائلاً : سأغادر الآن حتى تعملا بحرية . إلى اللقاء . وصافح أحمد وغادر الشقة . بعد انصراف زاهر قال جورج : من الآن ستكون علاقتك معي وسنبدأ العمل بمهمة خارجية في بيروت . قال الشاب بدهشة : وما علاقتي ببيروت ؟ جورج : لأنك ستسافر إلى بيروت . أحمد : لكنني لا أعرف أحداً هناك . ابتسم جورج وقال : هذه ليست مشكلة ستتعرف على أناس كثيرين هناك , وسنسهل لك المهمة فالمهم أن تسمع كلامة جيداً . راح الكابتن جورج يشرح لأحمد المهمة قائلاً : ستسافر إلى عمان كأي مسافر عادى . وهناك نقيم في أحد الفنادق من الدرجة الثانية , ولا تتصل إطلاقا بأقاربك ولا تكثر من الحركة , كما لا تنفق بشكل ملفت للنظر , تصرف كأي إنسان عادى إمكاناته المادية متوسطة , وتجنب الفنادق الكبيرة ولا تحاول أن تقوم بأي عمل ضد القانون مثل تعاطى المخدرات . قاطعه احمد قائلاً بدهشة : كيف عرفت أنني أتعاطى المخدرات ؟ ضحك جورج وقال : يجب أن تعرف أمراً وهو أنني أعرف كل شئ عنك , ومثل زاهر تماماً . وتابع ضابط " الموساد " قائلاً : تمكث عدة أيام في عمان ثم تسافر بالطائرة إلى لارنكا وتتحول بالسيارة إلى نيقوسيا وهناك تنزل في فندق
" كليوباترا " حيث يتردد رجال منظمة التحرير الفلسطينية . وتبقى في الفندق فترة بحجة السياحة , وتحاول التعرف على النزلاء من الفلسطينيين , وارتبط معهم بعلاقة صداقة كما حدثهم عن الأرض المحتلة . وإذا حاول أحدهم أن يغريك بالعمل مع الثورة الفلسطينية فأقبل ذلك , لكن بتردد ولا توافق بسرعة , وبطريقتك الخاصة , حاول أن تسافر إلى بيروت عن طريق هؤلاء الأشخاص . وأظهر حماسك للعمل الوطني في إسرائيل , وان طلبوا منك البقاء في بيروت ابق هناك . قاطعه احمد قائلاً : وكيف سأراك ؟! جورج : قبل سفرك , سأحدد لك وسائل الاتصال مع كافة الاحتمالات المهم أن تنجح في المهمة يا عزيزي . كما لا تنس أن هذا الموضوع سرى ولا تتحدث
عنه .
حدد معه موعداً في الأسبوع اللاحق لترتيب موضوع السفر , وخرج الشاب وهو يفكر بهذه الرحلة المجهولة . في المساء أحس عدنان أن صديقه قد تغير فهو بدا شارد الذهن تنتابه حالات متناقضة من السرور والفرح والقلق والتفكير , وأدرك عدنان أن هذا الصديق لا يريد الحديث لكنه كان مهتماً بمعرفة تفاصيل المقابلة السرية . مظاهر غير عادية
في صباح اليوم التالي خرج أحمد للتسكع في نتانيا , فاقترح عدنان أن يذهبا إلى تل أبيب للتنزه . وافق أحمد دون تردد مما أثار استغرابه أكثر , فهذا يعنى أنه يريد أن يبقى معه لكن دون أن يحدثه عن شئ . وبدأت الشكوك تراوده : هل اكتشف أمره وكلف أحمد بمتابعته ؟ ما هي طبيعة المقابلة الخاصة ؟! صلا تل أبيب وراحا يتجولان في شوارع قريبة من الشاطئ . وأثناء تسكعهما ظهرت استراحة " مسعدا دالية " فقال أحمد : أرى أن نذهب إلى الاستراحة فهناك فتاة يهودية جميلة أعرفها . وافقه عدنان واتجها إليها . وأخذ أحمد يتحدث ويثرثر عن لقائه بالضابط زاهر في الاستراحة وكيف وضع لهم السهم الأخضر في محطة الأتوبيس بعد دقائق وصلا إلى الاستراحة وسرعان ما جاءت الفتاة وراحت تثرثر مع احمد الذي كان سعيداً جداً ومنتشياً فطلب شراباً له وفنجان قهوة لعدنان . كان إحساس عدنان أن الشاب غير طبيعي ولديه أشياء يريد أن يقولها , لكنه لا يفعل ذلك , وبعد برهة راح يتحدث عن لقائه بجورج وموضوع المهمة في
بيروت , كان أحمد في كامل وعيه وهو يتحدث لكن تأثير الفتاة اليهودية كان بدا كبيراً . وبعد ساعتين استأذن عدنان في العودة لكن احمد طلب منه أن يذهبا إلى فندق " الهوليدى إن " القريب وهو لا يبعد عن المكان أكثر من مائتي متر , فرفض صديقه متعللاً بأعذار شتى , وعاد معه إلى نتانيا . ترك احمد في نتانيا وعاد الشاب إلى نابلس ليبلغ عبد الرحمن بالمعلومات الخطيرة التي حصل عليها فطلب عبد الرحمن منه معرفة موعد السفر وابلاغه فور وصوله على ذلك . كما كان واضحاً أن وضع عدنان ما يزال سليماً ولا توجد حوله أي شكوك . وبعد عدة أيام تحدد موعد سفر أحمد إلى الخارج وكان في أوائل مارس ( آذار ) 1977 , وبالسرعة القصوى أرسل عبد الرحمن هذه المعلومات إلى مقر أجهزة الأمن الفلسطينية في بيروت . قبل أن يسافر الشاب قام ضابط " الموساد " جورج بإعطائه مبلغا كافيا من المال لنفقاته في المحطات التي سيمر بها وكذلك للإقامة وتذاكر السفر , واتفقا على أن تكون وسيلة الاتصال في نيقوسيا السفارة الإسرائيلية هناك , كما اتفقا على شيفرة معينة وهى أن يتصل بالسفارة في أي بلد أوروبي هاتفياً ويقول : " أنا سميث أريد جورج , وهذا رقم هاتفي " . وكان شرط الاتصال أن يتم في حالة الضرورة القصوى أو في حال استقراره في بيروت وذلك لتتاح الفرصة للسفر إلى الخراج فتبدأ مرحلة ترتيب اتصالات أخرى
ثم راح جورج يدربه على احتياطات أمنية يجب اتخاذها أثناء سفره أو إقامته في بيروت , إن تم له ذلك غير أنه لم يستوعب شيئاً من ذلك . وعلى الأثر أحضر له ضابط " الموساد " تصريح سفر عادياً من مركز الحاكمية العسكرية الإسرائيلية في مدينة جنين . وكان من المفروض أن يذهب بنفسه لكن إجراءات سفره تمت بسرية نظراً إلى سمعته السيئة وخوفاً من أن يراه أحد من معارفه . في أوائل مارس ( آذار ) سافر الشاب ووصل إلى الجسر فقدم تصريح سفره وبطاقة هويته مثل سائر المسافرين , وكانت معاملته عادية وعادة لا تجرى المخابرات الإسرائيلية أي اتصال مع عملاءها في النقط الحدودية الإسرائيلية على الجسر في نهر الأردن . في ذلك اليوم وبعد أن تجاوز الإجراءات الأمنية الإسرائيلية , صعد أحمد مع الركاب العرب في الأتوبيس حيث كان معهم جندي مسلح وقف قرب السائق .
ولما وصل إلى آخر نقطة إسرائيلية قرب الجسر مباشرة نزل الجندي وواصل الأتوبيس سيره . وكان المطر غزيراً والماء يتدفق تحت الجسر ويكاد يلامس الألواح الحديدية التي كانت تهتز بفعل عجلات الأتوبيس الذي كان يتهادى
ببطيء .أكمل إجراءاته في مركز الأمن الحدودي الأردني على الجهة المقابلة واستقل سيارة متجهاً إلى عمان . كانت الرحلة في مرحلتها الأولى بين الجبال الشاهقة في أغوار الأردن , والشوارع معلقة تنساب بشكل حلزوني مثل الأفعى لكن الرؤيا لم تكن واضحة بفعل الأمطار الغزيرة والضباب , ولاسيما أن الأردن كان قد شهد ثلوجاً قبل يومين من سفره , ولم تكن قد ذابت بشكل كامل في تلك المنطقة الجبلية . وفجأة انزلقت السيارة بشكل كامل لو لم يسيطر السائق عليها في أحد المنعطفات
الخطيرة . بلغت القلوب الخناجر واصفر وجه أحمد , وربما بدأ يعود إلى رشده , فراح طوال الطريق المؤدى إلى عمان يفكر كيف أضر أهله وشعبه , وكيف انزلق إلى الانحراف والمعاصي والعمالة في النهاية . وتحت تأثير الصدمة , راح ضمير أحمد يؤنبه . وكانت امرأة عجوز فى السيارة تتحدث عن أبنائها وكيف انهم يطيعونها ويحسنون معاملتها . وبدا عليها الاعتزاز من هذا النمط المشرف من الأبناء فأحس الشاب أن الأرض تميد به . حاول أن لا يسمع حديثها لكنه كان يدخل أذنيه رغما عنه . لم تكن المرأة تعرفه أو تعرف عنه شيئا , بل كانت تتحدث بشكل طبيعي مثل كل الأمهات . أحس أحمد بالخجل ثم بالنقمة على نفسه وعلى الناس , انتهت الدوامة والصراع النفسي الذي دهمه بفعل الحادث وحديث المرأة العجوز , وذلك لدى وصوله كراج السيارات في العبدلى في عمان . نزل من السيارة وهو يتأفف من الضجر والضيق . كان يحس أنه مخنوق , فكلمات المرأة العجوز كانت تلتف حول رقبته مثل حبل قوى وما إن وضع قدميه على الأرض حتى أشار إلى إحدى سيارات التاكسي فتوقفت ثم صعد إليها ووضع أمتعته في المقعد الخلفي وقال للسائق الذي كان يبدو في الخمسينات من العمر بدوي اللهجة يعتمر كوفية حمراء : أريد الذهاب إلى أحد الفنادق . سأله السائق : فندق كبير أم صغير ؟ قال الشاب : وسط . سارت السيارة وقال السائق : " جراند بالاس " فندق جيد . أخذ السائق يتحدث بعفوية عن الشباب والدين والأخلاق , لكن لم يعجبه هذا الكلام وبقي صامتاً , توقفت السيارة في ساحة الفندق الذي يقع قرب المدينة الرياضية وتناول أحمد أمتعته واتجه إلى موظف الاستقبال حيث قام بإجراءات حجز الغرفة. مكث الشاب أربعة أيام في الفندق ثم قام لحجز تذكرة ذهاب وإياب إلى قبرص , وفى العاشر من مارس ( آذار ) وصل إلى لارنكا . ومن هناك استقل سيارة باتجاه نيقوسيا حيث نزل في فندق " كليوباترا " وحسب تعليمات ضابط " الموساد "
أخذ يتردد على صالون الفندق بشكل دائم ويحاول الاحتكاك بالنزلاء حيث بدا كريم هو الآخر يتقرب منه . خطة معاكسة وصلت المعلومات إلى أجهزة الأمن الفلسطينية في بيروت , وهناك تمت دراستها في القسم المختص على ضوء ظروف العملية بشكل عام . وبعد نقاشات بين المسؤول على بسيونى وجواد حسين تم الاتفاق على استدراج أحمد إلى بيروت للمزيد من التأكيد أمام " الموساد " على نجاح مهمته , وكان استدراجه إلى بيروت يمثل الجزء الأول من الخطة , حيث تم الإيعاز إلى أحد عناصر الأمن الفلسطيني العامل في قبرص بتأمين وصول الشاب , كما تم تحديد نقاط معينة ومحددة ليتحرك من خلالها كريم .لم يكن كريم يقيم في فندق " كليوباترا " , وانما كان يرتاده لزيارة أصدقاء له . وفى صالون الفندق بدأت العلاقة مع أحمد الذي كان بدوره حريصا عليها تنفيذا للمهمة الموكلة إليه من قبل " الموساد " . وسرعان ما كشف كريم هويته للسائح بأن يعمل على تنظيم خلايا فدائية في الداخل . وبطبيعة الحال لم يكن هذا عمله ولا كان هذا اسمه وحسب خطة جورج كان احمد يسرد بطولات وهمية قام بها فيما تظاهر الآخر بتصديقه وبالإعجاب بهذا المواطن الفذ !! وبعد خمسة أيام من تعارفهما همس كريم لأحمد في أذنه وكأنه لا يريد أحدا أن يسمع الحديث : لا تتحرك في قبرص كثيراً , كما لا تحتك بالناس هنا . فالبلد ملئ بعملاء "الموساد " وأنت عائد إلى الداخل , فتحاشى أن يقبضوا عليك . وبدت علامات الارتياح على وجه أحمد فقد تأكد لديه أن كريم قد بلع الطعم بغباء
فقال معلقاً : " له يا زلمى .. شو هل الحكى ؟ " كريم : كما أقول لك وأنا حريص عليك . أحمد : لا تخف أنا حذر جداً . بعد يومين طلب كريم من الشاب أن يخرجا من الفندق ليتمشيا في الشوارع القريبة فأخذ رجل الأمن الفلسطيني يدردش في أحاديث عامة وكانت الساعة تشير إلى الثامنة مساء , لكن سقوط المطر جعلهما يدخلان إلى أحد المطاعم حيث طرح كريم على أحمد دخول التنظيم . فتظاهر الأخير بالدهشة وقال : ولكن هذا العمل خطير . ابتسم كريم قائلاً : " ما أنت عامل الأهوال هناك .. وبتخاف ؟! على كل حال إذا كنت لا تريد ذلك فأنت وشأنك " . تراجع محمد فوراً وقال : " المسألة مش خوف . بس الواحد بدو يفهم شو الحكاية "
كريم : " إذا كنت موافقا يجب ترتيب المسألة وكل ما تريده تطرحه على " الجماعة " في بيروت . أحمد : وهل سأسافر إلى بيروت ؟ كريم : قبل سفرك سأعطيك اسم أحد الأشخاص . عاد أحمد يستفسر : هل بإمكاني أن أعمل في بيروت ؟ كريم : تطرح كل هذه الأمور عليهم . والقرار هناك . أنا سأساعدك . بعد عدة أيام قام محمد بإجراءات الحجز إلى بيروت بالطائرة على متن
" الميدل ايست " وقبل سفره مباشرة طلب اسم وعنوان الشخص الذي سيتصل به في العاصمة اللبنانية فقال له كريم تسافر إلى بيروت وهناك تنزل في فندق " الروشة " وهو فندق جيد ومطل على البحر . وفيه سيتصل بك مساء شخص يدعى أبو خليل . محمد : لماذا لا تعطيني رقم هاتفه ؟ أليس أسهل ؟ كريم : العمل في الداخل سرى وأبو خليل لا يعطى أرقامه لأحد . محمد : وان لم أجد غرفة محجوزة باسمك لا تقلق . بدا الشاب منزعجا , فلم يقتنع بهذا الترتيب , وسافر وهو يتوقع أن يضيع فى بيروت فيما هو يبحث عن شخص يدعى أبو خليل . وصل إلى بيروت واتجه إلى فندق " الروشة " وبطبيعة الحال كان مشهد المدينة غريبا حيث الحواجز والمتاريس في كل مكان وحتى الفندق كانت سوره متاريس وأكياس الرمل والمسلحون . وكانت هذه المظاهر قد اتخذت من قبل القوى الوطنية خوفا من احتلال الأماكن العالية مثل الفنادق والبنايات الأخرى حيث يتمترس القناصون لا سيما بعد حوادث عديدة سقطت بسببها ضحايا كثيرة . وجد غرفة محجوزة فعلاً باسمه وتناول مفتاحها الرقم 109 فبدأ يطمئن إلى أنه لن يضيع في هذه المدينة الغريبة . كان الفندق يطل على صخرة الروشة المعروفة ولا يبعد عن السياح سوى أمتار تفصله عن البحر والشارع الرئيسي . وكان اختيار الغرفة موفقاً أيضاً فهي إلى جهة البحر وكانت بموازاة الصخرة الصغيرة تقريباً . في ذلك اليوم لم يتصل به أبو خليل . وفى صباح اليوم التالي عند الساعة العاشرة , هاتفه إلى الغرفة وقال له : أنا في الصالون وبعد التعارف جلسا وراح أبو خليل يستفسر عن الوضع في الداخل وعن رحلة أحمد . ثم قال له : يجب أن لا تطول إقامتك هنا حتى لا تتعرض للتحقيق لدى عودتك وسنكفلك ببعض المهام
قال أحمد : ألا يوجد مجال للعمل هنا ؟ رد أبو خليل : من الصعب إيجاد عمل هنا , لكن نحن بحاجة إليك في الداخل أهم بكثير من وجودك هنا . ووعد أبو خليل ( ضابط الأمن الفلسطيني جواد حسين ) أحمد بالاتصال به في اليوم التالي وحذره من الاقتراب من الشوارع التي يكثر فيها إطلاق النار والقناصون . كان أبو خليل قد قدم نفسه على أنه مسؤول في أحد أجهزة منظمة التحرير الفلسطينية المتخصصة في قطاع الأرض المحتلة والعمل الفدائي وفى الحقيقة لم تكن للرجل أي علاقة بمثل هذا العمل . في مساء ذلك اليوم , كان رجل متوسط القامة بدين يجلس في صالون الفندق ويثرثر مع العاملين فيه . وكأن ضحكاته تسمع من بعيد وهو يتحدث اللهجة اللبنانية " لهجة بيروتية " وكان يتظاهر بأنه قد بدا يفقد وعيه من الشراب . كان أحمد جالساً هناك , فعرف أن خير دليل له إلى أحد الملاهي هو هذا الرجل الثرثار . لكنه تراجع عن تردده وحسم الأمر واقترب من الرجل يسأله : " وين في ملهى كويس قريب من هون " ؟ ضحك الرجل الذي قدم نفسه باسم سامي وقال : " لقد وجدت لنفسي رفيقاً هذه الليلة , فأنا ذاهب الآن إلى ملهى ممتاز . دفع أحمد الحساب وخرج مع سامي الذي قاده إلى ملهى في شارع الحمراء , وهو ملهى كبير وضخم ويقدم برامج موسيقية وراقصات . طلب سامي شراباً وبعد جلوسهما بنصف ساعة أخرج علبة سجائر وتلفت حوله ثم مد لصديقه سيجارة مغلقة . لمعت عينا أحمد فعرف أنها " ملغومة " فأشعلها وهو في غاية السعادة حتى بدأ يحس بالدوار . ولم يلاحظ أن سيجارة صديقه كان عادية وان كانت مغلقة أيضا حتى لا تلفت انتباهه . وبعد قضاء هذه السهرة عاد أحمد إلى الفندق واتفق مع سامي على سهرة كهذه كل ليلة . في اليوم الثاني طلب أبو خليل منه أن يكتب قصة حياته منذ ولادته حتى وصوله إلى بيروت ,فاستغرب الشاب هذا الطلب فقال أبو خليل : هذه إجراءات روتينية . فعملنا سرى ويجب أن نعرف عن عناصرنا كل شئ ولا تغضب فأنا كتبت مثل ذلك لدى انضمامي إلى الثورة . وافق أحمد على الطلب ووعد أبو خليل بتقديم المطلوب صباح اليوم التالي . في تلك الليلة كان سامي في انتظاره في صالون الفندق , واصطحبه إلى " ملهى الشاطئ " في شارع الحمراء , وقال له : تجد في هذا الملهى شراباً لا تجده في السوق لكنه غال إلا أنه جميل وخدماته ممتازة وسيعجبك حتماً . وكان احمد قد أمضى النهار وهو يكتب ما طلبه أبو خليل وفى الصباح قدم الأوراق التي تصفحها ضابط الأمن الفلسطيني فوجد أن هناك حلقة مفقودة في كل ما كتبها وهى تجنيده من قبل المخابرات الإسرائيلية . فطوى الأوراق وقال له : حسناً سنتفق على برنامج العمل الآن , وهذا مبلغ تغطى به نفقاتك . قدم أبو خليل إلى أحمد برنامجاً وهمياً ووسائل اتصال " محروقة " وقال له : تسافر خلال أيام إلى لارنكا ومنها إلى عمان ثم إلى الداخل . وراح يوصيه بأن يكون حذراً ثم قال له : إذا استدعيت من المخابرات الإسرائيلية للتحقيق ماذا ستقول لهم ؟ أحمد : سأقول كنت في سياحة . ابتسم أبو خليل وقال لنفسه " مبرر معقول جداً وقال له : إذن كما اتفقنا ونريد سماع أخبارك الطيبة . وانتهى هذا الجزء من الخطة وبقى الجزء الآخر الذي تولى تنفيذه سامي . وفى تلك الليلة أخبره احمد بأنه مسافر فأبدى الرجل انزعاجه وقال : لماذا تسافر ؟ ابق هنا واستمتع بالسفر . أحمد : انتهى المبلغ المالي الذي أحمله معي , ولم يبق إلا القليل . وهنا وجد سامي الفرصة المناسبة لطرح الموضوع الرئيسي حول هذه العلاقة . اقترب منه وهمس قائلاً : ما رأيك بصفقة لا تحلم بها ؟ اندهش أحمد من هذه اللهجة وقال : ماذا تقصد ؟ قال سامي وهو يتلفت حوله : أنا تاجر مخدرات . أبدى أحمد عدم اكتراثه وقال : وهل هذا شئ مخيف ؟ سامي : أنت شجاع . أنت رجل وأنا أحب الرجال , ولا أتعامل إلا مع الرجال . بدا أحمد منتشياً لهذا الإطراء وقال : هل تريد خدمة ما أسديها لك ؟ سامي : خدمة بسيطة جداً , وستكسب منها مالاً كثيراً . أحمد : كيف ؟ سامي : طرد صغير إلى عمان وتقبض أجرتك . دفعة أولى هنا في بيروت ألف دولار , وهناك البقية أربعة آلاف دولار . ماذا تقول ؟ ولم يدعه يفكر فواصل قائلاً : فرصة فرصة لا تعوض . أنت غير معروف لدى الشرطة وبعد هذه العينة سنضرب ضربتنا الكبيرة وستحصل على أموال لم تحلم بها . لمعت عينا أحمد وأعجبه العرض , لكنه تخوف من المغامرة , فعاد وقال لنفسه : لقد أتيت ولم يكتشفنى أحد . والتعامل مع " الموساد " عقوبته الإعدام فمسألة بسيطة وسأتدبر أمري . ورفع رأسه وقال : كيف سيتم التسليم وأين ؟ سامي : التسليم في عمان , وهناك تحصل على المبلغ المتفق عليه ... ولا تسلم حتى تحصل على فلوسك . ثم قال : اسمع يا صديقي .. إياك أن تلعب معي .. باستطاعتي أن أصل إليك ولو كنت في آخر الدنيا .. هذه عصابات يا حبيبي ..!! أحمد : لا تقلق .. سأتصل بمن في عمان .. سامي : سأعطيك رقم هاتفي في بيروت .. وعندما تصل عمان تتصل بي وأنا سأرسل لك من يأخذ البضاعة . أعطاه رقم هاتف أحد الفنادق وقال له تطلبني في غرفة "213" , فاستغرب من وجوده في الفندق , فقال سامي : هذه إجراءات واحتياطات .. عصابات يا حبيبة مش مزح .. في اليوم التالي وقبل سفره , جاءه إلى الغرفة وأعطاه الطرد الصغير الذي يحتوى على كمية من " الأفيون " والمبلغ المتفق عليه كدفعة أولى . أخفى الطرد بشكل جيد داخل أمتعته وسافر إلى لارنكا ومنها إلى عمان .. وقبل أن تصل الطائرة إلى المطار في عمان , كان مجهول من " نيقوسيا " يتصل بسلطات الأمن الأردنية ويبلغهم أن المسافر " أحمد " يحمل كمية من المخدرات داخل أمتعته . تلقت أجهزة أمن المطار المكالمة , وسجلت المعلومات لديها , وأوكلت مهمة مراقبة المسافر القادم إلى عدد من رجال الأمن . بعد وصول الطائرة تقدم مثل باقي المسافرين إلى موظف الجوازات الذي قام بختم جوازه فبحث في القائمة فوجد إشارة باسمه . وبإشارات خاصة بين رجال الأمن ودون أن يشعر " احمد " توجه إلى قسم الجمارك حيث قام الموظف بتفتيش أمتعته وعثر على الطرد ... اصفر وجهه وكاد أن يسقط من الصدمة .. اعتقل في المطار وتم التحقيق معه ثم تم تحويله إلى فرقة " مكافحة المخدرات " التي حولت الطرد إلى " البحث الجنائي " وقد تقريره بأنه يحتوى على مادة " الأفيون " المخدرة . بعد فترة تمت إحالته إلى المحكمة العسكرية حيث قضت بسجنه لمدة سبع سنوات بتهمة تعاطى المخدرات والاتجار بها , حيث حل ضيفاً على السجن في وسط عمان . بسجنه اكتملت أجزاء الخطة التي وضعت لابعاده عن طريق " عدنان " الذي أرادت أجهزة الأمن الفلسطينية تعزيز موقفه من جهة , ومن جهة أخرى لإيقاع عقوبة بالعميل دون التأثير على سير وسلامة العملية .. كان " عدنان " خلال تلك الفترة يواصل لعب دور العميل المزدوج , ولم يكن يعلم لما يحصل لأحمد في رحلته , ولم يكن لدى الموساد معلومات حوله أيضاً , ولم يكن لديها ما يشير إلى أنه نجح أو فشل في مهمته فقد انقطعت أخباره كلياً منذ سفره . بعد شهور من سفره وفى حزيران 1977 وردت معلومات على جهاز المخابرات الإسرائيلية " الموساد " من عميل مزدوج لصالح أجهزة الأمن الفلسطينية في قبرص تقول أنه اعتقل بسبب حيازته لكمية من المخدرات . كانت الموساد خلال تلك الفترة قد ألحت في الأسئلة وكلفت عملاءها بتقصي المعلومات حوله , فأبلغتها أجهزة الأمن الفلسطينية تلك المعلومة عبر العميل المزدوج في قبرص .. بقى " عدنان " مرتبطاً بالعمل مع ضابط " الشين-بيت " زاهر الذي التقاه بعد حصول المعلومات وأبلغه أن أحمد في السجن .. استغرب الشاب من الحادث وتظاهر بالخوف قائلاً : هذا يعنى أننا يجب أن نوقف كل شئ ... لقد اكتشف أمري .. زاهر : من قال لك هذا ؟ عدنان : ما دام قد سجن .. يعنى انه اعترف بكل شئ .. زاهر : لا تقلق .. لقد سجن بسبب حمله كمية من المخدرات ولا علاقة لاعتقاله بعمله معنا .. هذا ولد تافه لم يسمع كلامنا .. لقد نبهناه من الاقتراب من الممنوعات ولكنه لا يفهم .. كذلك صدر الحكم عليه ونشر في الصحف .. سبع سنوات سجن .. بيست |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:29 | | | الفصل الثالث مفاجآت العميل المزدوج في رحلة البحث عن أخيه
أدرك الضابط الفلسطيني " عبد الرحمن " أن الغرض من المقابلة القادمة هو تسليم " عدنان " لضابط في الموساد , لأن المخابرات الإسرائيلية على ما يبدو قد قررت تكليفه بمهام خارجية . طلب منه رفض الغرض وان لا يقبل بسهولة , خصوصاً أن وضع " عدنان " في الداخل أصبح مفيداً للعمل الوطني الفلسطيني في الداخل , فمن خلال احتياجات المخابرات الإسرائيلية , استطاع " عبد الرحمن " أن ينقذ العديد من الشباب الفلسطيني من الاعتقال , ثم تم تنبيه خلايا فلسطينية عديدة لخلل ما حصل لديها , وتم التمويه على " الشين-بيت " في قضايا عديدة , واكتشف عدد من العملاء الذين يعملون لصالح أجهزة المخابرات الإسرائيلية وأرسلت تقارير بالأدلة تثبت تعامل هؤلاء إلى بيروت . ولكن " زاهر " كان يلح في الفترة الأخيرة على " عدنان " لترشيح عدد من الشباب للعمل , بينما رفض العميل المزدوج هذا الطرح وأقنع " زاهر " بأن التجربة الماضية كانت سيئة وهى عمله مه " أحمد " الذي اعتقل بسبب تعاطيه واتجاره بالمخدرات , وكان " عدنان " يعلق على هذه المسألة بالتحديد قائلاً : " مش كل مرة تسلم الجرة " . وهذا الرفض كان بإيعاز من " عبد الرحمن " الذي كان يدير العملية في الداخل . وفى الواقع ومنذ ظهور قوة عسكرية علنية في لبنان لمنظمة التحرير الفلسطينية وبعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان في نيسان عام 1975 , عمدت الموساد إلى زج عدد كبير من العملاء في الثورة الفلسطينية حتى خروج القوات الفلسطينية من بيروت عام 1982 . بطبية الحال , لم تكن هذه العمليات الأولى من نوعها , فقد طاردت الموساد الثورة الفلسطينية في كافة أماكن وجودها بالعملاء , ولم يكن جميع هؤلاء عملاء فاعلين , وكانت أجهزة الأمن الفلسطينية لديها تقديرها الخاص لمدى خطورة هؤلاء التي تتفاوت حسب كل حالة . كان دور أجهزة الأمن الفلسطينية محاولة إعادة هؤلاء الشباب إلى الصف الوطني , ولعبت المعلومات المسبقة والعملاء المزدوجون دوراً بالغ الأهمية في كشف حالات الاختراق . لم تكن عملية مكافحة التجسس الإسرائيلي سهلة على الإطلاق , فهذا العدد من العملاء يتطلب معالجة حكيمة , فليس من المعقول أن تقوم الثورة بإعدام كل من تورط بالتعامل مع الموساد تحت الضغط والابتزاز , وبالتالي كانت حالات يتم البت فيها من قبل القضاء الثوري , وكانت حالات الإعدام للقضايا الخطيرة التي أضرت بأمن الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني . المجهودات الجبارة التي كانت تبذل لاعادة قسم كبير من هؤلاء العملاء للصف الوطني سواء بلعب دور العميل المزدوج بالنسبة لحالات مميزة أو العمليات الفدائية التي كان ينفذها أشخاص , وكانوا صادقين فقاموا بعمليات فدائية جريئة أوقعت ضحايا في صفوف العدو وذلك باستغلال التسهيلات التي تقدمها أجهزة المخابرات الإسرائيلية لعملائها .
لم تكن معظم العمليات الفدائية قد نفذت من قبل شباب ارتبطوا بالأجهزة الإسرائيلية ولكن بعضها كان كذلك , وكانت مفاجأة قاسية للموساد التي راهنت على دور تخريبي لهذه الفئة , فحصلت على نتائج عكسية تماماً ودموية . بعض الشباب الفلسطيني الذي أجبر على التعامل مع المخابرات الإسرائيلية , كان يتبرع بتصفية ضابط الموساد الذي يقوم بتشغيله وكانوا صادقين في ذلك وحوادث كثيرة حصلت من هذا النوع . من ناحية أخرى , لم تكن مواجهة الموساد عملية سهلة على الإطلاق , فهي تتطلب رد فعل معاكس يتمتع بإمكانات الموساد إن لم نقل أكثر , من جميع النواحي , ولكن الواقع يؤكد أن أجهزة الأمن الفلسطينية تعمل بظروف صعبة للغاية كجهاز لا يعمل على أرضه, ولا يتمتع بالإمكانات المادية للمخابرات الإسرائيلية التي تفوق موازنات بعض الدول في العالم الثالث , فإسرائيل تعطى أهمية بالغة لأجهزتها الأمنية أولاًَ والعسكرية ثانياً وهى سياسة " طبيعية " تعبر عن خوف القاتل من الضحية . كما أن التسهيلات التي تقدم للمخابرات الإسرائيلية في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية تسهيلات ضخمة وتتحرك الموساد على أراضى تلك الدول بحرية تامة بعلم سلطات تلك البلدان أو بغير علمها . وتحصل على أحدث المعدات الإليكترونية في مجال التجسس في حين تحارب الشركات العالمية المنتجة لمثل هذه الأجهزة منظمة التحرير الفلسطينية وتفرض حظراً عليها بإيعاز من الحركة الصهيونية في العالم التي تسيطر مالياً على مثل هذه الشركات . ولكن الإرادة كانت قوية لرجال الأمن الفلسطيني الذين انطلقوا من مقولة " الحاجة أم الاختراع " فاخترعوا وسائل وأساليب مميزة تتناسب وظروف الساحة الفلسطينية حتى أصبحت في مرحلة من المراحل ساحة مغلقة في وجه الموساد . لم تكن الموساد تزج عملاءها في منظمة التحرير الفلسطينية بشكل عشوائي , فكل حالة كانت تخضع لدراسة معينة تبدأ بعملية حسابية للربح والخسارة . من حيث تكلفة هذه العملية ونفقاتها والمردود المتوقع منها , وصولاً إلى باقي تفاصيل العملية الأمنية . كما لاحظنا في محاولة دفع العميل " أحمد " على الثورة الفلسطينية في بيروت . وفى مرحلة من المراحل أصبحت الموساد تدفع بعملائها بالشكل التالي , حيث يكلف العميل بالتوجه إلى أحد مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية ويطلب منه الاعتراف بأنه قد جند من المخابرات الإسرائيلية , وفى هذه الحالة من المفروض أن تعامله منظمة التحرير الفلسطينية كرجل وطني اعترف بتعامله مع العدو ورفض العمل في آن واحد , وذلك حتى تستفيد الموساد من التسهيلات التي تقدم للعميل من قبل منظمة التحرير وحتى يعمل أيضاً بحماية الثورة الفلسطينية , ولكن هذه الأساليب كانت أجهزة الأمن الفلسطينية متنبهة لها تماماً وقد تصدت لها بأسلوب معاكس . وقد اتبعت الموساد هذه الأسلوب بعد فشل أساليبها السابقة , ولكن الصراع لا يتوقف والأساليب الجديدة تتواصل وفى الوقت نفسه تجد أساليب مضادة لإفشالها . غير أن الاعتبار المعنوي كان يلعب دوراً هاماً في مثل هذا العمل , فالأجهزة الفلسطينية تنظر لهذا العميل على انه من الشعب الفلسطيني وتقدر ظروفه التي اضطرته للعمل , وتحاول إعادته للصف الوطني والحالات القليلة التي فشلت فيها , كان العميل يتلقى الجزاء الملائم , ولكن الموساد لا يتوافر لديها مثل هذا الاعتبار فإعدام العميل من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية يعنى بالنسبة لهم البحث عن بديل لا أكثر ولا أقل , فهو لا يشكل لديهم أكثر من " رقم " في الموساد يحصل على المال ويقدم المعلومات , ما دام ليس اسرائيلياً . " البيت الآمن " تجول الشاب في عدة شوارع في ناتانيا متبعا الإجراءات الأمنية العادية التي تسبق موعده مع الضابط " زاهر " ثم انحرف داخل إحدى العمارات حيث يقع " البيت الآمن" وقرع الجرس .. بعد لحظات تحرك المفتاح من الداخل في قفل الباب وانشق بهدوء .. دخل الشاب وزاهر يقول له في الممر : كيفك يا بطل .. كان الكابتن " جورج " جالساً على أحد المقاعد في الصالون , فقام من مكانه وصافح " عدنان " كأنه يعرفه منذ فترة طويلة . بعد قليل أخذ " زاهر " يحدث عدنان ويستفسر عن صحته وأحواله ثم فوجىء به يقول : كيف أخوك " خلدون " ؟! استغرب الشاب من هذا السؤال المفاجئ فقال : "لا أعرف عنه شيئاً " . قال زاهر : وكيف خطيبتك "الهام" ؟ عدنان " بخير .. زاهر : لماذا لا تتزوج ؟ ( ضاحكاً ) .. هل تريد ان تعيش في الحب أطول فترة ممكنة .. أنت خبيث .. فعلاً الحب ينتهي بعد الزواج لتحل محله المشاكل والأولاد. عدنان : أنت أدرى .. بقى جورج صامتاً يستمع إلى هذا الحديث بينما لم يفهم سر هذا الحديث الودي . ثم واصل زاهر دعاباته قائلاً : " يا الله يا زلمى شد همتك بدنا نشوف عندك
عيال " . عدنان : حسب الظروف .. أنت لم تدع لي وقتاً لا للزواج ولا حتى لحلاقة ذقني .. قهقه زاهر وهو بقول : " .. له .. له .. شو لهذا الحد متحامل على .. " تبدلت ملامح وجه زاهر قليلاً وكان واضحاً أنه يريد الدخول في حديث هام .. على كل حال , ظروف العمل تحتم علينا أشياء كثيرة .. لقد عملنا بنجاح خلال الفترة الماضية , ولكن قراراً صدر بأن تعمل من الآن مع زميلي " جورج " من الموساد .. وهذه قرارات من فوق لا نستطيع الاعتراض عليها , وثقتي بك كبيرة أن تتعاون مع الكابتن . وبعد ربع ساعة استأذن " زاهر " وصافح عدنان مودعاً لأنه لن يلتقي به مرة أخرى وانصرف . بعد خروج " زاهر " أخذ جورج يتحدث مع عدنان بشكل عام عن العمل والحياة في إسرائيل , وأخذ يشرح له أسلوب العمل الجديد حيث أنه سيكون خارج إسرائيل ويتطلب سفراً مستمراً ووسائل اتصال مختلفة وكذلك حذراً أكبر وإجراءات أمن أكثر . وكان جورج لطيفاً , مبتسماً , بدا للشاب وكأنه يتحدث بعفوية ولا يتكلف ولا يتصنع .. على العكس تماماً من " زاهر " الذي كان لئيماً وقاسياً لدرجة غير معقولة , يتحدث عن الفلسطينيين بكراهية شديدة .. إلا أن " جورج " لم يحاول أن يستفز مشاعر الشاب , ولكنه قال لنفسه : كلاهما وجهان لعملة واحدة . فلم يحدث أن تحدث "زاهر" معه بهذه الطريقة إلا في الجلسة الأخيرة ولم يفهم لماذا تحدث معه بهذا الأسلوب الودي .. عاد جورج إلى صلب الموضوع فقال : هل تعرف شيئاً عن " خلدون "؟ عدنان " كلا – كل ما أعرفه أنه انضم للثورة الفلسطينية في بيروت قبل عدة أعوام .. جورج : .. ولكن ليس صعباً أن تجده هناك ؟ عدنان " أين ؟ جورج " في بيروت ! عدنان " ماذا تقصد ؟ ! جورج " ما رأيك بزيارة لبيروت .. لزيارة أخيك وحتماً لن يشك أحد بطبيعة هذه الزيارة . عدنان : إذن هي ليست زيارة عادية .. ضحك جورج وقال : لسنا مؤسسة اجتماعية لنرسل الناس لزيارة ذويهم .. لدينا عمل كبير هناك .. عدنان : لا أستطيع .. جورج : لماذا ؟! سنعطيك الفلوس اللازمة وستحصل على امتيازات مالية اكبر بكثير مما تحصل عليه هنا .. ستسافر وستزور بلداناً كثيرة .. هذه فرصة لأي شاب .. عدنان : وأحمد .. انه في السجن ولا أعرف بماذا تحدث هناك .. وقد يكون اعترف بكل شئ .. جورج " لا تقلق من هذه الناحية , قضية " أحمد " مخدرات وليست أمنية ولا أحد يعلم بعلاقتك بنا .. لقد صدرت تعليمات بسفرك ويجب أن تنفذ . قال " عدنان " كيف سأسافر ؟ كيف سألتقي بأخي ؟! جورج : إنني متأكد من نجاحك في هذه المهمة , فأنت نمط مختلف عن " أحمد "
فقد كان متهوراً , وأنت العكس من ذلك متزن .. ولديك مفتاح هام جداّ في بيروت .. وهو " خلدون " سيساعدك حتماً .ز ثم أضاف قائلاً : ستسافر إلى عمان ومنها إلى لارنكا ثم تواصل سيرك إلى بيروت بالطائرة أو بالباخرة , وتبدأ عملية البحث عن " خلدون " وعندما تجده .. طبعاً البحث سيتم في مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية , وبما أنك ستسأل عن أخيك لن يشك أحد بالأمر وإلا قد تتعرض لتحقيق لو سألت عن شخص آخر ... قد تستغرق عملية البحث أياماً قليلة أو قد تطول المدة .. أنت والظروف ولا يوجد محدد ثابت لهذه المسألة .. الحظ يلعب دوراً كبيراً في مثل هذه المسائل . اذاً بعد وصولك إلى بيروت تنزل في أحد الفنادق العادية حتى تجده وعندها تطرح عليه أن يساعدك في إيجاد عمل في بيروت وتخبره أن ظروف الحياة قد أصبحت سيئة في إسرائيل حتى يقتنع ويساعدك . ان حاول أحد الأشخاص مثلاً تنظيمك للعمل في الداخل اقبل العرض , إذا فشلت في الحصول على عمل في بيروت . بطبيعة الحال تستطيع السفر أيضاً مباشرة من عمان لبيروت ان أردت وأفضل أن لا تمر بقبرص , وفى مرحلة لاحقة ستزورها كثيراً .. بعد ان تستقر أمورك في بيروت تنتهز فرصة ما وتسافر إلى إحدى البلدان الأوروبية ومن الأفضل أن تكون نيقوسيا . بالنسبة لوسيلة الاتصال ان بقيت في بيروت ستكون عبر رسائل بالحبر السري ترسلها على عنوان سأزودك به في أثينا , وسنجرى لك التدريب اللازم قبل سفرك . وعندما تسنح لك الفرصة للسفر إلى قبرص أو أثينا أو أي بلد أوروبي تتصل بالسفارة الإسرائيلية وتترك لي ماسيج تقول : " أنا شارل أريد جورج ورقم هاتفي كذا .. " . لا تحدث عاملة الهاتف بأكثر من هذا , ورقم الهاتف سنتفق على شيفرة معينة بشأنه ,بحيث لا يعرف أحد من هو شارل ورقم الهاتف سوى اثنين .. أنا وأنت . بعد ان تترك لي الماسيج تجدني عندك خلال 48 ساعة على أكثر تقدير , آتيك من أي بلد أكون فيه . انتهت المقابلة وتم الاتفاق على موعد آخر بعد عشرة أيام في الشقة لترتيب موضوع السفر . كان واضحاً أن " الموساد " متريثة هذه المرة أكثر بالنسبة " لعدنان " فقد تلقت ضربة قوية في قضية " أحمد " وكان تقييم العملية أن تسرعت في إرساله وأن نوعيته لا تصلح لمثل هذه المهمات . توجيهات فلسطينية كان توجيه الضابط الفلسطيني " عبد الرحمن "بأن يسافر وأن يفعل كل ما يطلب منه بدقة وأن يذهب للأماكن التي يطلبون منه ارتيادها , وفى هذه الحالة أصبحت مهمته تنحصر في تأمين وصوله إلى بيروت لا اكثر , وهناك تتولى مسؤولية توجيهه . في الموعد المحدد , أخذ جورج يشرح للشاب بعض المبادئ في الأمن الشخصي حتى يستفيد منها أثناء وجوده في بيروت , مثل اختبارات كشف المراقبة وهى ان يسير في شارع قليل الازدحام واستعراض من هم خلفه بطريقة طبيعية لا تلفت النظر ثم العودة إلى نقطة البدء أثناء السير ومعرفة الذين يسيرون خلفه . وقال له : يمكنك الدخول في شارع مسدود وملاحظة الذين يسيرون خلفك , وإسقاط شئ من الجيب بحيث يبدو سقوطه طبيعياً جداً مع ملاحظة أن مثل هذا الاختبار خطير جداً إذا لم تكن الحركة طبيعية جداً . الإسراع أو الإبطاء أثناء السير بمبرر أو ساتر لكل حركة من الحركات ثم التوقف وملاحظة من ذا الذي يتأثر بذلك . التوقف أمام فترينات المحلات لمراقبة من يقف وراءك أو يسير خلفك . وإذا اكتشفت أنك مراقب .. فالإجراء الصحيح الذي يجب عليك اتخاذه هو إيقاف المهمة التي تقوم بتنفيذها , وتضليل المراقب بحيث لا تجرى أي اتصال مع أي شخص له علاقة بالعمل السري , لأنه قد نطلب منك تشكيل شبكة في بيروت وثق تماماً أن الموساد تنظر إليك باهتمام بالغ . تساءل عدنان قائلاً : لماذا كل هذا الاهتمام ؟ جورج: المعلومات التي تصلنا من لبنان ضعيفة ونريد تركيز شبكة قوية هناك .. ونحن نراهن عليك .. لديك مفتاح ذهبي هناك , وهذا المفتاح هو ساتر أيضا يمنع عنك الشكوك على الأقل خلال المرحلة الأولى وبعدها سنجد الغطاء المناسب لك . على كل حال العمل سيسير مرحلة مرحلة , والتدريب اللازم لكل مرحلة ستحصل في الوقت المناسب , وهذه الجلسة جزء من التدريب ويجب أن تستوعب جيدا ما أقوله لك ... عليك الابتعاد عن رجال الأمن المضاد عند أداء أي مهمة , فلا تجر مقابلة ما في مقهى مليء بالمخبرين مثلاً , كما عليك الابتعاد عن المشاكل بشكل عام سواء في الحي الذي تسكنه أو في مركز العمل الذي تعمل فيه .. أو أثناء المهمة التي تؤديها حتى لا تلفت الأنظار إليك حيث يهتم الناس بمعرفة من يثير المشاكل ويراقبونه ولو من باب الفضول وقد يؤدى التدخل في مشكلة أثناء مهمة سرية إلى كشفها أو تعطيلها . عليك الابتعاد عن الممنوعات الأمنية , وهذا خطأ " أحمد " الذي أودى به , فلا تصور في مكان ممنوع التصوير فيه ولا تقف طويلاً أمام ثكنة عسكرية أو معسكر لأن ذلك من الأمور الممنوعة . كذلك لا تتعود على العادات التي تسهل مراقبتك والقضاء عليك , كأن تتعود على طريق معين عند العودة إلى البيت , وأن تتعود على إتمام الاجتماع في نفس المكان والزمان دائماً . يجب أن تشغل جهاز راديو أو مسجلاً أثناء الحديث السري بغية القضاء على إمكانية عمل أي جهاز تسجيل سرى أو التحدث في الهواء الطلق وليس في غرفة مغلقة . لا تنس أمراً مهماً أن في لبنان أجهزة أمن عديدة ويجب أن تكون متنبهاً لهذه المسألة . هنالك إجراءات اختبارات التفتيش السري يجب أن تقوم بها باستمرار في شقتك , مثل حساب وضع كرسى معين بالسنتم أو استعمال البودرة لرؤية وجود آثار أقدام في مكان معين . بالنسبة إلى الكتابة بالحبر السري سيقوم خبير بتدريبك عليه الأسبوع القادم , أما إتلاف الأوراق فيكون عن طريق الحرق وصب الماء لاخفاء الأثر لان الكتابة تظهر إذا ما حرقت الورقة وتركت كما هي . فلابد من هرسها وصب الماء عليها كما يجب أن لا يظهر في المكان أن ورقة ما قد أحرقت لأنه يشير إلى أن شيئاً ما سريا قد تم إتلافه . - نظر الكابتن " جورج" إلى ساعته وقال أوه .. لقد تأخرنا ... نلتقي بعد غد صباحا الساعة التاسعة حتى يكون لدينا متسع من الوقت كي يدربك الخبير على الحبر السري . خطيبة عدنان كانت "الهام " تبدو غير طبيعية , فلم تفهم سر سفر خطيبها المفاجئ ... ماذا يعنى هذا السفر ؟ ولماذا يتكتم عليه عدنان ؟ ... أسئلة عديدة كانت تدور في ذهنها , فكتمت الخبر عن أهلها وان كانت غير مقتنعة بهذا الموضوع .. كان يسير معها " عدنان " في أحد شوارع مدينة " بيرزيت " .. يحدثها عن كل شئ إلا عن نفسه , وبعد عامين من خطبتها اكتشفت أنها ما تزال تجهله ..كانت فتاة متفوقة في دراستها ولا سيما في مادة اللغة الإنجليزية , وفور حصولها على شهادة الثانوية العامة تقدم لخطبتها ولم يعترض أحد في عائلتها .. فقد ربطت العائلتين علاقة الجوار منذ سنوات طويلة وكان
" عدنان " مثالاً للأخلاق العالية , كان شاباً وسيماً أشقر .. هادئ الطباع , مثقف يطالع الكتب باستمرار وحريق على اقتناء أفضلها .. متدين يخاف الله في أقوله وأعماله ..
قد يكون والد " الهام " الرجل المتدين الذي يعمل إماماً بأحد المساجد في المدينة , أشد المتحمسين لهذا الشاب لدينه وأخلاقه وقد تكون الهام رأت فيه أشياء كثيرة جعلت العاطفة النبيلة تتفجر في قلبها لتجمعها الخطبة على أمل الزواج . لم يمانع الشاب في إكمالها لدراستها فتقدمن " لجامعة بيرزيت " وحصلت على مقعد بكلية الآداب فرع آداب إنجليزي وكان هذا الفرع رغبتها . لم يكن الشاب أقل قلقاً منها , وهو يلتقي خبر سفره المفاجئ عليها
كالقنبلة ..
قالت الفتاة : لقد تغيرت كثيراً لقد كنت أعرفك ترفض السفر إلى الخارج للعمل .. والآن ماذا حصل ؟! أجاب وهو يتحاشى أن ترى عينيه : الظروف .. أمامنا مصاريف كثيرة .. والزواج لا يرحم ! ابتسمت وهى تقول : أي ظروف تتحدث عنها .. والدي لم يطلب منك أموراً تعجيزية .. وأنا لم اطلب منك شيئاً وتعرف رأيي في هذه المسألة , السعادة في التفاهم وليس في التحف والأثاث والجواهر .. ثم ما يزال أمامك عامان , فأنا أشرفت على إنهاء السنة الثانية في الكلية .. عملك جيد .. قال : في الخرج فرص عمل أكثر .. الهام : هذا غير صحيح .. على المدى البعيد هنا أفضل .. تلك اللحظة لم يتمالك نفسه وقال بعصبية : أنا قررت وانتهى .. لم تقتنع بمبرراته وأدركت انه يكذب عليها .. ولكن كان واضحاً لديها أن حالته النفسية سيئة , فهو يريد السفر وكأنه مجبر على ذلك .. ولأول مرة يتحدث معها بهذا الأسلوب .. صمتت الفتاة ولم يقل كلمة , فقد كان شارد الذهن ولا يعرف المسافة التي سارها دون ان يتنبه إلى أنها تسير معه .. كانت ترقبه وهى مدركة أن خطيبها يمر في أزمة ما .. ولكنه لم يصارحها بشيء .. فحاولت أن تخفف عنه قائلة : على كل حال الله معك .. سافر وستجدني في انتظارك .. تنبه الشاب وأخذ يعتذر إليها ثم قال : قد لا أجد عملاً وأعود .. فقالت وهى تبتسم : ما دمت مقتنعاً بصحة ما تفعله .. لا تتراجع .. توكل على الله . أحس براحة نفسية كبيرة وهو يسمع هذه الكلمات حيث شكلت له دفعاً معنوياً كبيراً .. فالرحلة نحو المجهول أفرزت لديه حالة من القلق والتوتر , ولكنه تغلب على ضعفه ليبدأ رحلة نادرة .. في الحمراء توجه الشاب إلى مركز الحاكمية العسكرية في نابلس وقدم طلباً عادياً كسائر المواطنين العرب للحصول على تصريح سفر , فحصل عليه بدون تعقيدات وغادر في منتصف تموز 1977 إلى عمان بالسيارة . مكث في عمان عدة أيام في فندق " الكومودور " دون حوادث تذكر , ثم حجز على متن " الميدل ايست " إلى بيروت مباشرة . قبل سفره من نابلس كان قد التقى بالضابط الفلسطيني " عبد الرحمن " الذي أعطاه اسم الضابط " جواد حسين " ليتصل به في بيروت . ثم زوده بتوجيهاته وكيف سيتصرف لكافة الاحتمالات . وصل بيروت , وتوجه إلى فندق " أوروبا " في شارع الحمراء ., وهو فندق متوسط يمتلكه أحد الأثرياء العرب . وصل مساء , وفى الصباح اتصل بالضابط " جواد " فوجده في مكتبه ... -فقال له جواد : لا تتحرك ... سآتيك إلى الفندق . عند الظهر جاءه شاب في الثلاثينات من العمر , يبدو أنه رياضي , عيناه تتحركان بسرعة وتبحثان في كل مكان .. وبعد التعارف خرجا فوراً إلى سيارة الضابط إلى أخذت تسير في شوارع بيروت , ثم توقفت بالقرب من أحد المطاعم حيث توجها إليه لتناول طعام الغداء . أخذ " عدنان " يتحدث عن تجربته في العمل بحذر فقال له جواد : تحدث بكل شئ فأنا مطلع على كافة التفاصيل .. في نهاية المقابلة طلب منه جواد أن يكتب بالتفصيل الدقيق قصة حياته بالكامل منذ ولادته ومروراً بعمله مع الضابط " عبد الرحمن " وصولاً الى بيروت .. استغرب عدنان فقال : ولكن عبد الرحمن يعرف كل هذا . ضحك جواد وقال : " وأنا أعرف ذلك .. ولكن شو بدك تعمل اليوم .. اتسل بالكتابة " .. عدنان : كما تريد ! في تلك الليلة عكف الشاب على كتابة قصة حياته وعمله مع المخابرات الإسرائيلية حتى وصوله إلى بيروت , وفى صباح اليوم التالي التقى بجواد وقدم له الأوراق , طوى الرجل مجموعة الأوراق وقال : انتبه لنفسك .. وبدأ بالبحث عن " خلدون ".. عدنان : ألا تعرف أين يوجد ؟ جواد : كلا .. بدا على " عدنان " الامتعاض من هذه الإجابة .. كيف لا يعرف الضابط الذي تولى قضيته أين يوجد أخوه !! صمت " عدنان " قليلاً ولم تعجبه الإجابة فقال : معقول .. ما بتعرف وين موجود ؟ ! قال جواد بحزم : يجب أن تنفذ تعليماتهم بدقة وأن تذهب إلى الأماكن التي يطلبون منك الذهاب إليها .. كما يجب أن تنفذ تعليماتي بدقة .. وبالنسبة للفندق ستدفع الحساب أنت .. قال عدنان : لدى من المال ما يكفيني .. جواد : ولدينا من المال , ولكن ستسدد نفقات الفندق بنفسك وأنا سأعطيك المبلغ .. يجب أن لا يكون هناك أي أثر لعلاقتي بك .. هل فهمت .. ولا أريد اجتهادات .. تصرف كما أطلب منك ... عدنان : متى سأتصل بك ؟ جواد : لا تتصل بي إطلاقا .. إلا في حالة الضرورة القصوى .. وفيما عدا ذلك سنجدول المواعيد .. عاد " عدنان " إلى تذمره قائلاً : ولكن كيف سأبحث عن " خلدون " هذه مهمة مستحيلة .. ضحك جواد وقال : اذاً لماذا وافقت عندما طلب منك ذلك " جورج" ما دمت تعرف أنها مهمة مستحيلة كان يجب أن ترفض . عدنان : أرفض .. كيف ؟ جواد : لأنك لو رفضت سيضع لك خطة للبحث .. وهذه الخطة ستفيدنا كثيراً .. على كل حال , ابحث عنه كأنك أتيت إلى بيروت ولا تعرفني .. أنا قادر أن أوصلك إلى مكانه خلال ربع ساعة ولكن يجب أن تجده بنفسك .. كاد عدنان يقفز من الفرح فقال : هل هو بخير ؟ ابتسم جواد وقال : اطمئن .. عدنان : الحمد لله .. بدأ الشاب رحلة البحث عن أخيه بين مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية ولم يستطع الوصول إلى شخص يعرفه كما كان موظفو هذه المكاتب لا يتعاونون معه , فهم بطبيعتهم لا يقدمون معلومات لأى غريب مهما كانت بسيطة . أخذ الشاب يتردد يومياً على المكاتب حوالي أسبوع , فبدأ اليأس يحل محل الحماس والاندفاع تدريجياً ولم يعرف السر .. حتى جاءه جواد وقال له : لن تهتدي إليه لأنه لن تجد احداً يعرفه باسمه خلدون لديه اسم حركي " كامل " وحتماً ستجد من يعرفه .. ثم تناول جواد مجموعة من الصور وأخذها يبرزها واحدة ..واحدة بيده وهو يخفى قفا الصورة بذكاء قائلاً : أي صورة تعرف صاحبها .. أخبرني . لم يتعرف على أي صورة فحمل الصورة وانصرف . في حين عاد الشاب مجدداً للبحث عن أخيه , وفى اليوم التالي دخل أحد المكاتب وسأل عن " كامل " .. فقال أحد الشباب : كامل الغربي .. استغرب عدنان من هذه التسمية وقال : لا أعرف .. اسمه " كامل " .. كان أحدهم يعرفه معرفة شخصية فأخذ يصفه لعدنان .. فعرف أنه يتحدث عن أخيه .. قال هو بعينه .. أرشده الشاب للمكتب الذي يمكن أن يجد فيه أخاه .. فأسره إليه فقال له أحدهم أنه الآن غير موجود .. ولم يقل له هذه العبارة إلا بعد أسئلة واستفسارات .. فقال انه أخوه ويريد ان يراه .. فترك له ورقة صغيرة يبين فيها مكان إقامته .. في مساء ذلك اليوم جرى لقاء بين جواد حسين والمسؤول في جهاز الأمن الفلسطيني على بسيونى , فقال جواد : لم يتعرف على هذه الصور .. قال بسيونى : إذا كان برتية نقيب " كابتن " يعنى ان عمره لا يقل عن 40 سنة .. فالموساد " شحيحة " في مسألة الرتب العسكرية .. حتماً سيكون لجورج صور عندنا .. جواد : سأعرض عليه مجموعة ثانية .. بسيونى : يجب ان نعرف من هو جورج هذا .. نريد الاسم الحقيقي .. في الصباح , حمل جواد مجموعة أخرى من الصور وتوجه إلى " عدنان " الذي ما ان شاهد إحدى الصور حتى قال : انتظر .. أخذ يدقق في الصورة وهى بيد جواد وبعد لحظات قال : انه جورج .. فقد كانت الصورة تجمع جورج مع فتاة شقراء في حفلة راقصة .. نظر جواد إلى الصورة من الخلف فهز رأسه وقال له : هل ترى الصورة مطابقة للشخص أم هنالك اختلاف ؟! عدنان : يوجد اختلاف بسيط فهو يبدو في الصورة أصغر من الواقع . سجل جواد الملاحظات ثم انصرف , وعاد " عدنان " إلى الفندق وهو تحت تأثير الصدمة التي أحدثتها الصورة .. كيف حصل جواد على صورة ضابط الموساد .. كلن لهذه الحادثة تأثير كبير على الشاب حيث رفعت معنوياته , وأوشك أن ينسى أخاه " خلدون " لولا رن جرس الهاتف في غرفته فسمع صوتاً على الطرف الآخر يقول : ممكن أشوفك .. أنا في الصالون . سأل عدنان : من أنت ؟ عاد الصوت يقول إنني أنتظرك .. أقفل الخط , ثم حمل مفتاح الغرفة وهو يفكر من يكون هذا الرجل ... أمر محير .. وصل إلى الصالون ليجد نفسه وجهاً لوجه مع أخيه " خلدون " .. كاد يصعق من الفرحة .. أحس بسعادة كبيرة وهو يراه بعد هذا الغياب الطويل .. كانت لحظة مؤثرة للغاية .. أحس " خلدون " بأنه يرى أهله وبلده ... سيل من الأسئلة التي تعبر عن تعلقه بأهله وأرضه .. لم يكن ينتظر إجابة من " عدنان " .. يسأل ويسأل دون انقطاع .. وفجأة نظر إليه " خلدون " وقال : لماذا أتيت إلى بيروت ؟ ! |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:31 | | | الفصل الخامس الأمن الفلسطيني يقرر تجنيد ابن جولدا مائير ! وكان والده يعمل في إحدى الحرف الدقيقة التي يمتهنها اليهود في تلك المناطق وهو متعصب للحركة الصهيونية ول" أرض الميعاد " وكان والده يعمل في تجارة الأغنام أيام الحكم القيصري , قبل انتصار الثورة البلشفية عام 1917 . في تلك الفترة كان اليهود يحتكرون سوق الربا وتجارة الأغنام . فقام الحكم القيصري بالتضييق عليهم بضغط من أصحاب رأس المال المسيحي في روسيا القيصرية . ومع بداية الثورة البلشفية ركب عدد كبير من اليهود الموجه . وشهدت فترة ما قبل انتصار الثورة وجود 15 حزبا روسيا . وكانت الأحزاب الثلاثة الرئيسية : البلاشفة والمناشفة والاشتراكيون الثوريون . هذه الأحزاب كانت تنقسم إلى أجنحة : اليمين والوسط واليسار باستثناء الاشتراكيين الذين انقسموا إلى ثلاثة أحزاب معتدلة وليبرالية وراديكالية . إلا أن البلاشفة كانوا يمثلون اليسار المتطرف بين جميع هذه الأحزاب . وبعد انتصار الثورة مباشرة تحسن وضع اليهود وتغلغلوا في جميع الأحزاب لكنهم شكلوا تياراً نظرياً متطرفاً ضد اليسار لاعاقة تنفيذ سياسات الحزب والدولة , وتحديداً ضد سياسة لينين وستالين بحجة أن هذه السياسة لا تتفق مع نظرة كارل ماركس . ولكن لينين اتخذ قراراً في أحد الاجتماعات بطردهم من اللجنة المركزية , وبعد هذا القرار وكان واضحاً أنهم بدءوا تشكيل تيار معارض لسياسة الحزب . فاتخذ قرارات أخرى عديدة لمنع تطورهم ووصولهم إلى مواقع قيادية وأصبح اليهود أعداء تقليديين للحزب الشيوعي السوفييتي . لكنهم نبغوا في العلوم فحاول الاتحاد السوفييتي استغلال طاقاتهم العلمية في برامجه الصناعية والعسكرية , إلا انهم اخذوا ينشقون ويهربون إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية , فزج بهم في معسكرات العمل في سيبيريا . وقد حاول ستالين التوصل إلى اتفاق مع اليهود من خلال طرح اليهودية كدين لا كقومية , إلا أنهم رفضوا هذا الطرح فسحقهم . وكان بريجنيف أكثر تطرفاً فسمح لليهود المحكومين بقضايا جنائية وأخلاقية من غير العلماء , بالهجرة إلى الولايات المتحدة التي أخذت تتذمر من هذه النوعية التي زادت مآسي المجتمع الأمريكي . وكان والد نيكولاى جورج من المتعصبين لأهداف الحركة الصهيونية , وعمل على هجرة عدد من اليهود إلى إسرائيل . وكان يرتبط أيضا بعلاقة وثيقة مع جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل في ما بعد ( 1969- 1974 ) لا سيما أنها مولودة في كييف . وقد توطدت علاقتهما أكثر أثناء وجودها في الاتحاد السوفييتي كسفيرة لإسرائيل في موسكو عامي 1948 و 1949 في تلك الفترة ألح والده الذي تجاوز الستين من العمر على هجرة ابنه الوحيد نيكولاى إلى إسرائيل وقامت جولدا مائير بمساعدته . وبعد عودتهما إلى إسرائيل مباشرة تولت منصب وزيرة العمل حتى عام 1956 . وبعد عودتهما إلى إسرائيل توفى والد نيكولاى فتبنت جولدا مائير رعايته , إذ دخل إحدى الجامعات الإسرائيلية ودرس القانون .. ثم التحق بالجيش , وتم ترشيحه للعمل في " الموساد " .
كان جورج نيكولاى محظوظاً في حياته ولم يعان من أي مشكلة مادية سوى تأثره بأفكار والده , وان كانت تحفظات على بعض هذه الأفكار , لكنه لم ينج من تعليقات زملائه الذين كانوا يصفونه ب" الابن المدلل لجولدا مائير " وكان يتردد عليه باستمرار لاسيما بعد زواجه عام 1968 من فتاة يهودية جميلة من أصل أوروبي في فرنسا . اقتحام منزل ماهر
لم تكن مفاجأة لماهر أن يقتحم أن يقتحم الجنود الإسرائيليين منزله عند الساعة الثالثة صباحاً من يوم 28 إبريل ( نيسان ) 1974 فقد كان يتوقع هذا الأمر بعد أن حصلت مشادة كلامية بينه وبين أحد العملاء في قريته فتوعده العميل . كان الشاب الذي لم يتجاوز العشرين من العمر , منسباً إلى الثورة الفلسطينية وقام بتنفيذ عمليات فدائية ناجحة خلال عامين في جبال نابلس والخليل وبعد أن استفزه العميل وشتمه , عرف انه سيتعرض للاعتقال رغم أن العميل لا يعرف شيئاً فقدم تقرير مزوراً إلى المخابرات الإسرائيلية ينسب فيه إلى الشاب تهماً خطيرة لا تستند على أدلة .
عند الساعة الثالثة صباحاً , كان ماهر يقظاً يتوقع الاعتقال بين لحظة وأخرى , حتى سمع صوت طرقات قوية على باب المنزل في إحدى القرى الصغيرة التي تتناثر بيوتها الثلاثون على قمم إحدى الجبال القريبة من نابلس . استيقظ والده على الصوت فأسرع إلى الباب الخارجي وصاح : من خلف الباب ؟ كان الرجل يعرف تماماً أن مثل هذا القرع العنيف على الباب لا يمكن أن يتأتى إلا من الجيش الإسرائيلي بأعقاب البنادق . كان الظلام حالكاً والرؤيا صعبة والسماء متلبدة بالغيوم . سمع صوتاً من الخارج يقول : افتح .. جيش ! فتح الرجل الباب وهو يتمتم قائلاً : سترك يا رب ! ولم يكد يفعل حتى اندفع عدة جنود إلى ساحة المنزل الريفي , مثل الذئاب الجائعة , فقال الرجل : ماذا تريدون ؟ صاح به ضابط قائلاً : لماذا لم تفتح الباب ؟ أجاب الرجل بهدوء : لقد ظننت أن الأمر يتعلق بلصوص أو قطاع طرق . قال الضابط : أين ماهر ؟ الرجل : موجود , لا داعي لإزعاج الأطفال , سآتيكم به فوراً . كان ماهر صاحياً لكنه يتظاهر بالنوم . خرج الشاب إليهم بثياب النوم وهو يفرك عينه من النعاس , سحبه أحد الجنود إلى الخارج . وما أصبح ماهر خارج الباب حتى انهالوا عليه ضربا بأعقاب البنادق واللكمات والعصى ونزلوا إلى أسفل الجبل حيث تنتظرهم السيارات العسكرية . كان يمكن قطع المسافة بين المنزل ومكان السيارات خلال عشر دقائق فقط , لكن الجنود والضباط أوصلوه إليها بعد ساعة تقريبا وهو يتعرض للضرب الشديد ثم ألقوا به في إحدى السيارات العسكرية التي انطلقت باتجاه مركز المخابرات الإسرائيلية في نابلس . ألقى ماهر على أرضية السيارة وحوله الجنود ينهالون عليه ضربا فأفلتت فردة من حذائه التقطها ضباط المخابرات ويدعى ليفي وراح يهوى بها وجه ماهر وعينيه . كان ماهر يصرخ بصوت عال فتناول أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية قطعة من القماش وضع عليها مادة كيماوية ودفعها بقوة إلى حلق ماهر ثم سحبها فلم يعد يستطيع أن يسمع الشاب صوته على الإطلاق . ولاحظ ليفي أن الشاب يريد أن يقول شيئا , فأعطاه كأسا من الماء شرب جرعة فاسترد صوته الذي خرج ليشتم المخابرات الإسرائيلية والجيش والحكومة . لم يعترف ماهر بشيء وتواصلت عملية التعذيب حتى مركز الحاكمية العسكرية الإسرائيلية في نابلس . ادخل إلى الساحة الكبيرة وكان لا يستطيع الوقوف على قدميه . وكان الجنود والضباط الذين يمرون به وهو ملقى على الأرض في شبه غيبوبة ينهالون عليه بالضرب دون معرفة " جريمته " . عند الساعة السابعة صباحا , جاءه جندي مراسل قصير القامة , ممتلئ الجسم يحمل بندقية من نوع كلاشينكوف واقتاده أمامه وهو يضربه من الخلف بعقب البندقية . توقف المراسل أمام إحدى الغرف وكان الباب مفتوحا وأدخل ماهر الذي وقعت عيناه على ضابط بالزي المدني . وسمع المراسل يقول : كابتن جورج .. لقد أتينا به يا سيدي ! توقف المراسل أمام إحدى الغرف و كان الباب مفتوحا و أدخل ماهر الذي وقعت عيناه على ضابط بالزي المدني و سمع المراسل يقول : كابتن جورج لقد أتينا به يا سيدي !
كان الضابط يقف أمام مرآة ويحلق ذقنه , التفت الكابتن جورج إلى الشاب الواقف أمامه فشاهد منظراً أذهله وجهه ملئ بالدماء وعينه اختفت تماماً وحلت مكانها بقعة زرقاء داكنة من شدة الضرب الذي تعرض له . عندئذ رفع جونى يده في وجه ماهر وانقضوا عليه مجددا بالضرب الوحشي وفجأة فتح الباب ودخل رجل في الخمسين من العمر , أبيض البشرة , قصير القامة , أشيب الشعر , فصاح : لماذا تضربون هذا الرجل الطيب ؟ هذا صاحبة منذ عشرين سنة . اتركوه لم يستجب الجلادون لطلب " المنقذ " فدخل في صراع بالأيدي معهم ليخلص ماهر . وتلقى عدة ضربات على كتفه وظهره وهو يحاول تخليصه منهم وأبعادهم عنه وإخراجهم من الغرفة . أخذ الشاب وأجلسه على الكرسي وطلب له كأساً من الماء . ثم جلس الضابط
" أبو جميل " وقال لماهر : لماذا تضع نفسك في هذا الموقف ؟ ألا ترى أهلك كيف يعيشون في الجوع ؟ أخوتك والدتك , إنها تبكى عليك . والدك المسكين ما ذنبه يتحسر عليك ؟ المنظمات تفعل بكم هكذا وتخرب بيوتكم . والمثل يقول " مئة أم تبكى ولا أمي تبكى " . واصل أبو جميل محاضرته للتأثير على معنويات الشاب . لكن ماهر كان واعياً لها تماماً , وفى نهاية حديثه قال : هيا . أريد السبحة . قال ماهر : ماذا تقصد ؟ أبو جميل : التنظيم يا صبى . رد الشاب : أنا لا أعرف شيئاً . عندئذ انتفض أبو جميل ونهض من مكانه وصرخ في وجهه قائلاً : بعد ثلاثة أيام ستطلب لقائي لتقول لي عن المعلومات التي لديك . ولن أتنازل للحديث معك . قال ماهر : لا شئ لدى . خرج أبو جميل وعاد الجلادون إلى جولة جديدة من التعذيب . في أقسام التحقيق لدى المخابرات الإسرائيلية يوجد ضباط متخصصون يدخلون على المتهم , لحظة عجز الجلاد عن نزع اعتراف من المعتقل , للتأثير عليه بأسلوب عاطفي ولتذكيره بأهله حتى تنهار معنوياته ويعترف بما لديه . ولكن رجال المقاومة يلتقون تدريبات لمواجهة أساليب المحقق الإسرائيلي , وكان ماهراً متنبهاً ل" أبو جميل " لحظة دخول الغرفة وهو يصيح بالجلادين كي يبتعدوا عنه . في اليوم التالي , بدأ برنامج آخر من التعذيب النفسي والجسدي , فجاء الضابط أبو غزالة وهو يهودي عراقي يتميز بآثار جرح عميق في وجهه . أحضر معه حقنة طبية وقال لماهر : هذه الحقنة تفقدك رجولتك . وأخذ يعد الحقنة حوالي ساعة وهو يخرج من الغرفة ويعود ويمسك بالحقنة يملأها ويفرغها للتأثير على أعصاب ماهر , ولكنه لم يحقنه . وبعد أن فشل هذا الأسلوب , دخلت فتاة إسرائيلية " مجندة " وخرج أبو غزالة من الغرفة حاولت الفتاة إغرائه فأشاح بوجهه عنها . ولم ينجح هذا الأسلوب الذي كان القصد منه إثارة الشاب حتى يقوم الضابط المحقق بضربه على مواقع حساسة . بعد أسبوعين لم يعترف بشيء فأحيا مجدداً إلى الكابتن جورج الذي أجرى معه تحقيقاً روتينياً في مكتبه . وبعد أن أوقع على المحضر الذي لم يشمل اعترافاً ابتسم جورج وقال له : باستطاعتك أن تعود إلى بلدتك . نظر الضابط إلى حالته وآثار التعذيب على جسده وقال : ماعليش بعد أن قرا على بسيونى هذا التقرير بالكامل , قال لمساعده : ما رأيك في جورج ؟ جواد : لا أعتقد ـنه يختلف كثيراً عن باقي ضباط " الموساد " انه صهيوني بالوراثة . بسيونى : وهذه نقطة هامة جداً على كل حال نحن بحاجة إلى مؤشرات أخرى فإما أن تسقط نظريتنا حوله واما تدعم فكرتنا . ثم أضاف : المهم الآن أن نرتب لعدنان وضعا ًما داخل المنظمة التحرير الفلسطينية كان يعمل في أحد المكاتب التي لها علاقة بالعمل داخل الأراضي المحتلة مثلاً . ولكن يجب أن نتعبه قليلاً في هذه المسألة حتى يأتي التدخل لصالحه عن طريق خلدون . لم يقتنع خلدون بمبررات عدنان لمجيئه إلى بيروت كما لم تصل به الظنون إلى الأسوأ . لكنه في النهاية وافق على رغبة أخيه ووعده بالتدخل لصالحه لدى المسؤولين وطلب منه أن يقدم طلباً لهذا الغرض . وفعلاً قام بذلك وبقى في انتظار الموافقة . لم يكن خلدون يعرف أي شئ مطلقاً عن علاقة أخيه بأجهزة الأمن الفلسطينية والدور المزدوج الذي يلعبه مع " الموساد " وبعد حوالي شهر ونصف من المتابعة استطاع أن يحصل على موافقة كي يعمل في أحد المكاتب لجهاز " الغربي " الذي كان يترأسه الشهيد أبو جهاد . وكان مكتباً هامشياً بعيداً عن العمل الأمني أو العسكري , وقد تمت الموافقة بتسهيل غير مباشر من جهاز الأمن الفلسطيني في أوائل شهر أكتوبر ( تشرين الأول ) 1977 , وبعد أن استقر وضعه في بيوت قام بنقل الرسالة الأولى بالحبر السري على العنوان الذي زوده به جورج في أثينا . وقد حملت الرسالة مجموعة من المعلومات المطلوبة لرسالة كهذه , بدون أي ذكر لاسم أو عنوان المرسل , حسب تعليمات " الموساد " وباسم حركي هو شارل . ثم تواصلت الرسائل بمعدل واحدة كل أسبوع لمدة شهرين تقريباً . وفى ديسمبر ( كانون الأول ) 1977 سافر عدنان بالطائرة إلى لارنكا ومنها إلى نيقوسيا حيث نزل في فندق " أوروبا " في شارع لاكيوس . وحسب تعليمات " الموساد " وبعد أن استقر في الفندق ذهب إلى هاتف عمومي واتصل بالسفارة الإسرائيلية تاركاًًُ رسالة للضابط جورج وهى " أنا شارل . أريد جورج . ورقم هاتفي .. " وفى مساء اليوم التالي اتصل به جورج وقال : أهلاً بك . الحمد لله على سلامتك غداً صباحاً أتصل بك . كان صوته ضعيفاً بعيداً عن الهاتف , وكان واضحاً أن يتحدث من مكان بعيد وعند الساعة الحادية عشرة صباحاً اتصل به مرة أخرى وقال له : أنتظرك في السفارة الإسرائيلية اليوم الساعة السابعة مساء . في الموعد المحدد كان عدنان يقرع الجرس وأدخل بعد أن قال للحارس أنه يريد جورج . بعد التفتيش الدقيق وبآلة كشف المعادن دخل إلى ممر طويل ثن انحرف المراسل يميناً وقرع الباب إحدى الغرف ودخل عدنان . قام جورج من خلف المكتب وصافحه بحرارة ثم جلس يتحدث معه عن بيروت والحرب والحياة في لبنان , وأخرج عدنان من جيب معطفه عدة أوراق وقال لجورج : هذه الأوراق فيها معلومات كثيرة حصلت عليها خلال الفترة الماضية . أمسك جورج بالأوراق وألقى بها على الطاولة , وقال : دعك الآن من هذه الأمور كيف خلدون ؟ عدنان : بخير . جورج : كيف وصلت إليه ؟ فشرح له المصاعب التي واجهته حتى وجد بالصدفة شخصاً يعرفه واهتدى إلي مكان أخيه بعد عشرة أيام من البحث المتواصل . جورج : كيف المعلومات ؟ عدنان : معلومات لم تحصل عليها " الموساد " !
ضحك جورج وقال : أتمنى ذلك !
قرأ الأوراق بسرعة ثم قال : غداً نتقابل ظهراً في أحد المطاعم وسنتناول الغداء معاً . وأرشده إلى أحد مطاعم المدينة . واستغرب عدنان عدم اهتمام جورج بالمعلومات وتساءل قائلاً :
هل كشف اللعبة ؟ ! ولكنه لم يستطع تفسير ما حصل . فذهب إلى الموعد في المطعم ولم يجد جورج وانتظره إلى أن وصل . واعتذر عن التأخير ودار الحديث بينهما حول بيروت كان جورج متأثراً للقاء الأخوة لكن عدنان كان حذراً في إجاباته . راح عدنان يسأله عن أهله وأخوته وخطيبته الهام فقال له : كلهم بخير وان أردت أن ترسل إليه رسالة , سأوصلها بكل تأكيد . قال عدنان : سأرسلها من هنا بالبريد العادي . لاحظ الشاب أن جورج غير مهتم بعمله في " الموساد " وبالمعلومات وكان يعامله بلطف كبير . قال عدنان : لا أستطيع المجيء إلى هنا مرة أخرى , أو على الأقل قبل فترة طويلة . لأنني لا أستطيع أن آخذ إجازة سأصبح موضع شك من قبل رؤسائي وزملائي . جورج : حاول أن تجد غطاء للسفر ؟ عدنان : كيف ؟ جورج : نعطيك سلفاً من المال وتفتح شركة سياحية مثلاً في بيروت . عدنان : ممكن ولكن في هذه الحالة سأتخلى عن عملي في منظمة التحرير . جورج : كلا ابق كما أنت . إلا تستطيع أن تأخذ إجازة كل شهر أو شهرين أو لمدة ثلاثة أيام ؟ إجازة مرضية , أو لأي سبب آخر ولا تبلغ أحداً انك مسافر . عدنان : لكن جواز سفري سيختم وبعد فترة ستكون كارثة عندما يطلع أحد المسؤولين على الجواز ويعرف أنني أسافر سراً . صمت جورج قليلاً ثم قال : لقد وجدت لك حلاً . سأعطيك جواز سفر . نظر إلى وجه عدنان وقال : ملامح وجهك غريبة وسأعطيك جواز سفر كندياً . ما رأيك ؟ عدنان : ألا يكتشف أمري ؟ جورج : أنت تتحدث الإنجليزية . أليس كذلك ؟ عدنان : نعم . جورج : عندما تسافر بجواز السفر الكندي لا تتحدث بالعبرية مطلقاً ولن يشك أحد في الأمر . عدنان : جواز مزور أم أصلى ؟ ضحك جورج وقال : طبعاً مزور . لكن لا يستطيع أحد أن يكتشفه وتستطيع أن تسافر به إلي كل بلدان العالم ما عدا كندا . هل لديك صور شخصية ؟ عدنان : كم صورة تريد ؟ قهقه جورج وقال : صورة واحدة هل تظننا دائرة الجوازات !
عدنان : لا توجد معي صور . جورج : اذهب الآن إلى أحد محلات التصوير وصور نفسك وتعال بسرعة , أنا قادر على تصويرك بالسفارة . ولكنني لا أريد أن تتأخر حتى أعطيك جواز سفرك غداً . خرج الشاب من المطعم وعاد بعد حوالة ربع ساعة وهو يحمل عدة صور صغيرة . فأخذ جورج صورة وقال : غداً نلتقي الساعة الخامسة في السفارة . حقيبة سرية كان جورج يجلس خلف المكتب , فتناول حقيبة صغيرة سوداء وقال لعدنان : فتش الحقيبة . فتش الحقيبة وقال : لم أجد شيئاً . جورج : ألم تلاحظ شيئاً ؟ عدنان : كلا
جورج : فيها جيب سرى . أظهر جورج الجيب أمام عدنان وقال له : تخفى أوراقك السرية وفلوسك في الجيب السري ولا يستطيع أحد في المطارات اكتشافه . ثم ناوله ورقة عليها بعض الأسئلة وثمن تذكرة السفر والإقامة ومبلغاً إضافيا قدره ألف دولار . وقال : بعد شهر أو شهرين تأتى إلى قبرص وكلما وجدت فرصة سانحة سافر فوراً واتصل بي فآتيك . فتح جورج درج مكتبه وأخرج جواز سفر وقال له : انظر إلى هذا الجواز . تصفح عدنان الجواز فوجده كندياً وصورته ملصقة عليه باسم جاك وايت هيد . قال جورج : هذه أسماء كندية , ويجب أن تحفظ كل المعلومات الواردة في جواز سفرك . لا تنسى اسمك . جاك وايت هيد . وعندما تسافر بالجواز الكندي انس تماما أن اسمك عدنان .. حمل عدنان أغراضه ووضعها في الحقيبة ثم ودع جورج وانصرف , عاد إلى بيروت والتقى بجواد حيث حصل منه على تقرير مفصل حول رحلته إلى قبرص ولقائه مع جورج . ثم أخذ منه جواز السفر الكندي وأوراق الأسئلة والحقيبة السرية لدراسة الرحلة ونتائجها , كان تقييم الرحلة إنها ناجحة تماماً , والمؤشرات تؤكد أن " الموساد " بدأت مرحلة جديدة في العمل , لاسيما بعد أن أعطت عدنان جواز سفر مزوراً لتسهيل رحلاته من بيروت إلى قبرص وغيرها من البلدان الأوروبية , ثم درست احتياجات " الموساد " التي كانت معظمها عسكرية وأمنية . لكن على بسيونى كان يريد أن يتأكد من مسألة واحدة تتعلق بطبيعة ضابط " الموساد " شخصيا . كانت أجهزة الأمن الفلسطينية قد جمعت معلومات وافية حول جورج خلال الفترة الماضية مصادر مختلفة , وأكدت هذه المعلومات أن جورج يعيش أزمة نفسية , فقد عمل داخل المؤسسة الإسرائيلية واطلع عن قرب على ممارسات المخابرات ضد المدنيين الفلسطينيين , ولم يستطع أن يتقبل الوضع داخل إسرائيل رفع على بسيونى تقريرا حول هذه " الحالة " إلى مدير أجهزة الأمن الفلسطينية طارحاً عليه موضوعاً رئيسياً : تجنيد الكابتن جورج وكان رد المدير أنه لابد أن يدرس هذا الموضوع بشكل موسع لأنها مغامرة كبيرة . قد تؤدى بحياة عدد كبير من رجال المقاومة . بسيونى : سنقترب من جورج أكثر وبشكل تدريجي . وبعدها سنقرر , ولن يشعر بشيء . وافق مدير أجهزة الأمن الفلسطينية على تفاصيل الخطة التي سيعهد بتنفيذها إلى الضابط جواد حسين . وبدأ جواد يستعد , وأحيطت العملية بإطار بالغ السرية ولم يطلع على ملف القضية سوى ثلاثة أشخاص : المدير وعلى بسيونى والضابط جواد حسين . في حين كانت العملية مكلفة مالياً وتحتاج إلي جهد كبير من الإعداد والدراسة . وكان جواد قد تخرج من جامعة موسكو حصل فيها على الماجستير في الدراسات الشرقية , وأقام في الاتحاد السوفيتي سنوات دراسته وهو يعرف البلد بشكل جيد ويتقن اللغة الروسية ويتكلمها بطلاقة . وبعد انضمامه إلى الثورة الفلسطينية وترشيحه للعمل في أجهزة الأمن الفلسطينية , تم ايفاده في دورات أمنية إلى الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا . ويعتبر جواد من الضباط المميزين في أجهزة الأمن , فهو يتمتع بذكاء كبير وسرعة البديهة , ويتقن اللهجة اللبنانية , وقد لعب أدواراً مهمة في الحرب الأهلية واللبنانية في ضبط شبكات " الموساد " من خلال عمله في فرقة "مكافحة التجسس" الفلسطينية وعلى الرغم من أن شكله لا يوحي بما يتمتع به هذا الرجل من جرأة ودهاء فالحديث معه يعكس انطباعاً بأنه شخص وديع وأبعد ما يكون عن صفاته الحقيقية .
بعد عودة عدنان من نيقوسيا بحث عن أخيه فلم يجده . وبعد حوالي شهر , أي في أواخر يناير ( كانون الثاني ) 1978 , أجمعه به لقاء خاطف فأخذ خلدون يستفسر عن أهله وأخوته . وكأنه يرى عدنان لأول مرة أحس الأخير بأن أخاه لديه الكثير مما يريد قوله , لكنه لسبب ما كانت الكلمات تتوقف شفى حنجرته فلا يبوح بشيء وصدر عنه بكلام مبهم غير مفهوم , وكان يسأله عن أهله ثم يوصيه في الوقت نفسه بأن يبقى ملتزماً خط الثورة الفلسطينية النضالي ويوصيه بأن يبقى وفياً لأهله وخطيبته الهام . أحس عدنان بأن أخاه يودع الدنيا . فما الذي حصل لخلدون ؟ !هذه التساؤلات أقلقت عدنان لأيام عديدة , ولم يستطع تفسير ذلك اللقاء الذي انتهى بوداع خلدون وهو يقول : أنا ذاهب إلى معسكر في الجنوب . وقد أعود . وإذا سافرت إلى الأرض المحتلة بلغ تحياتي إلي والدتي ووالدي واخوتي وكل أحبائنا , والهام لا تنساها . إنها طيبة وتحبك . رأى عدنان سعادة في عيني أخيه لم يرها طوال حياته . لقد تغير خلدون كلياً وسعادته بادية تماماً على وجهه وعينيه وحركاته وهو ذاهب إلى الجنوب . أدرك عدنان سبب فرح خلدون وتأكدت شكوكه , فعاد إلى غرفته وهو يفكر : هل يقول لأخيه ألا يذهب , كيف ؟ لا يمكن فالواجب أهم من العواطف . وانحدرت دمعة من عينه , ثم انتفض من مكانه وكأنه يريد إبعاد الهواجس عن نفسه . في أوائل مارس ( آذار ) 1978 كان عدنان يستعد للسفر إلى نيقوسيا , وكان ميخائيل ( جواد حسين ) يستعد بدوره للسفر بدون علم عدنان مع فريق من جهاز الأمن الفلسطيني . الفصل السادس ابن جولدا مائير يعتبر مناحيم بيجن قاتلاً وصل عدنان إلى نيقوسيا بجواز سفر كندى مزور حصل عليه من المخابرات الإسرائيلية ونزل شفى أحد فنادق العاصمة القبرصية . وفى الوقت نفسه طار فريق من جهاز الأمن الفلسطيني في رحلات طويلة وعبر محطات ترانزيت مختلفة , ونزل أعضاؤه في عدة فنادق . وقبل أن يسافر عدنان زوده جواد بتوجيهات كالمرة السابقة , وماذا سيطرح على ضابط " الموساد " . كما أوصاه بأن لا يتحدث في قبرص إلى أحد يعرفه وأضاف مؤكدا : لو شاهدتني في أي مكان فلا تحدثني ولا تتكلم معي , إلا إذا تحدثت إليكم . وكان جواد يخشى المفاجآت , وهى واردة في حالات كهذه. وبعد مرور أسبوعين على هذه التوجيهات سافر عدنان دون أن يتبادر إلى ذهنه أن جواد يقصد نيقوسيا من خلال عبارته " في أي مكان "
وبعد وصوله اتصل عدنان بالسفارة الإسرائيلية كالعادة , وترك رسالة لجورج لكنه منقبض النفس ومتشائما من الرحلة . وهو كان قبل أن يصعد إلى الطائرة قرر العودة بعدما شعر أن هذه الطائرة ستسقط . وهو إحساس لم يشعر به في حياته . وكانت هواجس الموت قد سيطرت عليه ولم يصح منها إلا عندما حطت الطائرة في مطار لارنكا . إذ لم يصدق أنه وصل سالما . سار في ممر الطائرة باتجاه الباب ليخرج فسيطر عليه إحساس بأن الطائرة ستنفجر قبل خروجه منها . في الباخرة في تلك الليلة , السبت مارس ( آذار ) كان الجو عاصفاً والبحر هائجاً والرؤية سيئة , وجميع من في الباخرة نيام عدا الربان وعدد من الرجال الذين نذروا أنفسهم للقضية , ومع خيوط الفجر الأولى كان فدائيو مجموعة دير ياسين " ينادون بعضهم البعض همساً وبالإشارة لتبديل اللباس وتفقد السلاح والذخيرة والعتاد الحربي الفلسطيني , وهى الزوارق المطاطية . لم يستطع عدنان النوم تلك الليلة فاستبد به الأرق وسيطرت عليه الكوابيس والاكتئاب , وهو إحساس غريب يربطه بعزيز في عرض البحر نذر نفسه لقضيته , كما لم تغمض عينا أبو جهاد في تلك الليلة التي ودع فيها أبناءه سراً وتحت جنح الظلام ليقدم إسرائيل " هدية " في يوم السبت الذي اكتوا بناره قبل خمس سنوات . لبس الفدائيون ثياب الميدان بسرعة , وتخلصوا من كل الأمتعة . وكان ذلك في يوم 11 مارس ( آذار ) 1978 . وعلى سطح الباخرة وفى جانب اليسار منها المقابل لساحل فلسطين بدا الفدائيون ملء الزوارق المطاطية الفرنسية الصنع من طراز " زودياك " بالهواء المضغوط إلى أن أصبحت جاهزة للإبحار . وتوزعت المجموعة في زوارق حمل كل منها ستة أشخاص واختارت دلال المغربي قائدة المجموعة أن تركب في الزورق الأول . وربطت الأعتدة الثقيلة إلى أرض الزورق قبل أن يتم إلقاؤه عن ظهر السفينة . وكان مع كل فدائي سلاحه الفردي ووحدته النارية وسترة الإنقاذ , وبعد ثوان باتوا في خضم البحر بينما كانت السفينة تبتعد عنهم . لم تكن عملية التوجه إلى الزوارق المطاطية بالأمر السهل , فالقفز عن ظهر الباخرة وهى تسير أمر بالغ الصعوبة حيث على المرء أن يبتعد بسرعة عن مسار التيار المائي الذي تشكله السفينة . وإذا أضفنا إلى ذلك أن الطقس كان ماطراً والبحر هائجاً والرؤية صعبة لأن الوقت كان قبيل الفجر , أدركنا أي مهمة معقدة نفذها هؤلاء الأبطال . وصلت المجموعة إلى الساحل الفلسطيني واختفت في بساتين البرتقال وفى الثانية والنصف بعد الظهر خرجت المجموعة من مكمنها وظهرت لأول وهلة في النقطة المتاخمة لمعجال ميخائيل. |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:32 | | | الفصل السادس عملية فدائية
كان هدف المجموعة الاستيلاء على أحد الفنادق الكبيرة في تل أبيب , واحتجاز رهائن هناك والمطالبة بإطلاق سراح خمسة فدائيين هم : زكية شموط وابنتها السجينة وعبد العزيز شاهين ومريم الشخشير وزهير الملاعبى وفى الساعة الرابعة والنصف مرت عربة أتوبيس تحمل حوالي 25 راكباً فأوقفتها المجموعة الفدائية واستولت عليها . ويروى سائق الباص أنه شاهد في بادئ الأمر صفاً من الرجال والنساء يعترضون الطريق فظن أن الموضوع دعابة , إلا أنه عندما استمر في سرعته , انطلقت زخات من الرصاص , فأدرك أن الموضوع جدي , وامتثل لأوامر المجموعة فأوقف الباص حيث وثب الفدائيون وسيطروا عليه وأمروه بمتابعة السير إلى مطار اللد . وقرب ريشفون اصطدم الفدائيون بحاجز للجيش الإسرائيلي فقصفوا واستولوا على أسلحة عناصره وعلى سيارة جيب . وكان الفدائيون يطلقون النار على كل عربة عسكرية مارة من تل أبيب إلى حيفا فدمروا 6سيارات عسكرية وجرح وقتل كل من فيها , لأن العربة كانت تتدهور بمجرد قتل سائقها أو جرحه وكانت ترتطم بالحبل أو تهوى إلي البحر . أثر ذلك شاهدت المجموعة باصاً آخر فيه حوالي 60 راكباً إسرائيليا فتهللت وجوه الفدائيين بالفرح , فطلبوا من سائق الباص المستولى عليه أن يزيد سرعته حتى يلحق بالباص الآخر . وعندما حاول السائق التهرب وضعوا الكلاشنكوف قرب رأسه وهددوه بأن يلحقوه برفاقه إذا استمر في عناده فامتثل لأوامرهم . وما هي إلا دقائق حتى لحق بالباص الكبير فأوقفه الفدائيون ووثبوا عليه وتبادلوا إطلاق النار مع بعض الركاب المسلحين بالمسدسات دون أن تقع معركة بالمعنى المفهوم . وسرعان ما استسلم الركاب للمجموعة . ثم نقل الرهائن إلى الباص الجديد وتابعت المجموعة سيرها إلى تل أبيب . وفى الوقت نفسه كانت طائرة مروحية إسرائيلية تحمل عدداً من حرس الحدود وتحلق فوق الباص والسيارة اللتين يسيطر عليهما الفدائيون . أذهلت المفاجأة الحكومة الإسرائيلية , فجندت للتصدى للمجموعة الكثير من الجنود قاموا بعملية المطاردة والتفتيش وحماية المدارس والفنادق والمستشفيات المجاورة . كما تم استدعاء بعض الاحتياط من رجال الشرطة في المحافظتين الشمالية والجنوبية للمؤازرة . وفى الوقت نفسه أعلنت حالة استنفار في الجيش السوري , وغطت الأجواء السورية أسراب المقاتلات السورية تأهباً لأي عملية انتقامية إسرائيلية , خصوصاً أن المجموعة الفدائية طالبت بطائرة لنقلها مع الأسرى إلى مطار دمشق . كما أعلنت حالة تأهب في صفوف القوات الفلسطينية في لبنان لصد أي عملية عسكرية إسرائيلية . في الساعة الخامسة وخمس دقائق كان الباص يسير متوجها إلى تل أبيب مع الرهائن . وعند مفترق جيفعات ألفا وصلت سيارة جيب تابعة للجيش الإسرائيلي , وعلى الفور أطلق الفدائيون النار عليها فقضوا على كل من فيها . وفى الساعة السادسة والربع مساء كان الباص يعبر منطقة ناتانيا الصناعية , والفدائيون مستمرون في إطلاق النار على كل سيارة عسكرية يصادفونها في طريقهم إلى تل أبيب . في هذا الوقت أقلعت طائرة عمودية تحمل وحدة خاصة مكلفة بمقومة العمل الفدائي فاتجهت الطائرة إلى النادي الريفي في هرتزليا , وكانت الأوامر قد صدرت إلى الجيش بقطع كل الطرق والمحاور أمام حتى لا يتمكنوا من الدخول إلى وسط تل أبيب . وبعد أن فشلت عدة محاولات في إيقاف تقدم هؤلاء الفدائيين نحو هدفهم أقام الإسرائيليون حاجزا في سوق حاجزا في سوق السيارات المستعلمة في هرتزليا . ووصل الباص إلى قرب الحاجز الأساسي الذي وضع قبل نادى "كانترى كلوب " والذي على بعد 12 كيلومتر شمال تل أبيب , وفى الساعة الخامسة والنصف التقى الطرفان وجهاً لوجه وبدأت المعركة فقامت رئيسة المجموعة دلال المغربي بتوزيع المهام على رفاقها فطلبت من بعض الشبان البقاء في الباص لحراسة الرهائن بينما ترجل البعض الآخر وأخذوا مواقعهم على يسار الطريق المؤدى إلى تل أبيب . وكانت معركة ضارية بين عشرة رجال وامرأة مقابل 400 جندي إسرائيلي . واستمرت المعركة 45 دقيقة دون أن يتمكن الإسرائيليون من استعادة الباص الذي تسيطر عليه المجموعة . وفجأة أمر القائد الإسرائيلي إحدى العربات المدرعة التي كانت تساند العملية , بأن تطلق القنابل المحرقة على الباص , فتحول إلى كتلة ملتهبة وهياكل عظمية . وكانت نتائج العملية قتل 42 جندياً إسرائيليا وجرح 58 واستشهد 9 فدائيين وأسر اثنان , بينما تم تدمير باصين وست سيارات عسكرية . رد عنيف
مساء ذلك اليوم لم يشاهد عدنان الأخبار في التلفزيون , فقد كانت حالة الاكتئاب تسيطر عليه , إلى أن رن جرس الهاتف فسمع صوت جورج يقول : الحمد لله على السلامة ... كيف حالك ؟ عدنان : بخير . جورج : قد أتأخر قليلاً وبعد غد على أكثر تقدير سأتصل بك . في صباح اليوم التالي كانت الصحف تنشر أخبار العملية الفدائية , فأحس عدنان بسعادة بالغة وكاد يقفز من الفرح . فأخبار " عملية الشهيد كمال عدوان " كانت تتصدر الصحف وحديث وكالات الأنباء في العالم . وفجأة تذكر خلدون وتمنى أن يكون أخوه أحد أبطالها . لكن أسماء الشهداء والأسرى لم تنشر بعد . في اليوم التالي قام الجيش الإسرائيلي بالهجوم على جنوب لبنان , ودارت معارك ضارية واضطرت القيادة العسكرية الإسرائيلية إلى زج أعداد كبيرة في هذه المعارك لكن المقاومة التي واجهت الإسرائيليين اضطرتهم إلى الانسحاب بعد ثمانية أيام . وفى الساعة الخامسة مساء اتصل جورج بعدنان وطلب لقاءه في أحد المطاعم الثامنة ليلاً . في ذلك اللقاء كان جورج على غير عادته , مكتئباً للغاية يتحدث بصعوبة وكأنه يعد الكلمات التي يقولها . استفسر ضابط " الموساد " قليلاً ثم قال : هل سمعت بالعملية التي حصلت قبل يومين ؟ عدنان : نعم من الأخبار . هز رأسه وكان يريد أن يقول شيئاًَ , وصمت لحظات ثم قال : نحن أصدقاء يا عدنان وظروفنا صعبة . كانت أعصابه متعبة للغاية وكان يدخن بشراهة والتوتر ظاهر على حركاته التي كانت تبدو عفوية . جورج : أين خلدون ؟ عدنان : تركته في لبنان . جورج : يؤسفنى أن أقول لك أن أخاك خلدون قتل في المعركة الأخيرة . صمت عدنان ولم يقل كلمة , وانحبست الدموع في عينيه . كان موقفاً صعباً للغاية بعدما نقل إليه خبر استشهاد أخيه ... " عدوه " . راح جورج يتحدث محاولاً التخفيف عن عدنان لكنه أفاق من ذهوله عندما سمعه يقول : سأهاجر . لا أريد الحياة في دولة يحكمها قتلة . تنبه إلى حديث الضابط : ماذا يقول هذا الرجل ؟ قال عدنان : ماذا تقصد ؟ جورج : أعرف شعورك الآن وأنت تجلس مع قاتل أخيك . استبد الانفعال بعدنان وقال بعصبية : نعم , كلكم قتلة . جورج : بعضنا قتلة ! هل تعرف كيف قتل أخوك ومجموعته, حرقاً داخل الأتوبيس ز خمسة فدائيين حرقوا داخل الأتوبيس ومن أمر بذلك ؟ حدق به عدنان مستغرباً من هذه اللهجة فابتسم جورج بسخرية قوال : مناحيم بيجن . رئيس الوزراء شخصياً إصدار الأوامر إلى الجيش بضرب الأتوبيس بالقنابل لم يكن يعرف أن في الباص مدنيين إسرائيليين . بقى الشاب في حالة انعدام وزن . فهل جورج يمثل أمامه مشهد المتعاطف معه ؟! هل هو صادق فيما يقوله ؟! . في نهاية الجلسة قال جورج : أنا أقدر ظروفك النفسية , ولن اطلب منك شيئاً الآن . ارتح عدة أيام وسأتصل بم فيما بعد . خرج الشاب من المطعم وهو يشعر بالاعتزاز لمشاركة أخيه في عملية فدائية ناجحة كهذه كما يشعر بالحزن على فقده . تجنيد جورج
في صباح اليوم التالي كان جورج يجلس في صالة الفندق الذي ينزل فيه وكان إلى جانبه رجل ملامحه غير واضحة . بعد حوالي 20 دقيقة تقدم الرجل الغريب وقال لجورج بلغة إنجليزية ركيكة متعثرة بكلمات روسية : هل تسمح لي ؟ أريد أن أسألك إن كنت تعرف المحلات التي تبيع الصناعات التقليدية القبرصية . رفع جورج رأسه ونظر إلى الرجل الذي يقف أمامه وقال بالإنجليزية : سأرشدك إليها .. من أي بلد أنت ؟ قال الرجل ببراءة وهو يبتسم : أنا سوفييتي . لم يطمئن جورج إلى هذه الإجابة فقال : تفضل بالجلوس . جلس الرجل وقال : أنا آسف أزعجتك . هلا أرشدتني حتى أنصرف ؟ جورج : هل أنت في عجلة من أمرك ؟ الرجل : بعض الشيء . يجب أن أسافر ولدى بحث أقوم به . إنني أعد لنيل الدكتوراه في الدراسات الشرقية من جامعة موسكو . جورج : كيف الاتحاد السوفييتي الآن ؟ الرجل كالعادة . لا توجد متغيرات هامة . أحس جورج بالارتياح بعد قليل , فقدم نفسه على انه تاجر إسرائيلي فيما قدم الرجل نفسه قائلاً : ميخائيل . استمر الحديث بين الرجلين , وبعد نصف ساعة قاما معا إلى المحلات التي تبيع السلع التي يريدها ميخائيل . أخذ جورج يستفسر عن الحياة في الاتحاد السوفييتي ثم عن مسقط رأسه مدينة كييف في جمهورية أوكرانيا .
قال ميخائيل : يبدو أنك تعرف الاتحاد السوفييتي جيدا ؟ جورج : نعم فأنا من أصل سوفييتي . صاح ميخائيل من الفرح : ما هذه الصدفة السعيدة ؟ لماذا لم تقل ذلك من قبل ؟ هذا سبب كاف ليجعلنا أصدقاء في هذه الغربة . بدت علامات التأثر على وجه جورج وقال : غربة , يا لها من غربة ! فأنا لست سوفييتياً ولا إسرائيليا . - ميخائيل : ماذا تقول هذه مفاجآت لا أتحملها . - جورج : أنا جورج التعيس . - ميخائيل : يبدو أنك متعب . لم أفهم ما تقول ؟ - جورج : هذه قصة طويلة . المهم حدثني عن الوضع عندكم . - ميخائيل : أنا مضطر للسفر غداً وأشكرك على هذه الخدمة . - جورج : ألا تستطيع البقاء ؟ هذا رجاء خاص . - ميخائيل : لكنني قد أتأخر عن عملي . - جورج : إذا كان بإمكانك أريد أن أتحدث معك كثيراً . فأنت رجل مثقف وواع . - ميخائيل : سأحاول أن أتأخر عدة أيام , فإذا كنت بحاجة لمساعدة ما . أخبرني . - جورج : كلا كل ما أريده هو أن أتحدث معك . في ذلك المساء التقيا في أحد المطاعم ودار الحديث حول اليهود في الاتحاد السوفييتي . وعلى ما يبدو كان جورج يستفسر عن أمور كثيرة وكأنه يريد العودة إلى بلده الأصلي . بدأت مخاوف جورج تتبدد شيئاً فشئياً . فللوهلة الأولى ظن أن هذا الرجل الغريب ربما يكون أحد أفراد المخابرات السوفييتية . ولكنه بعد تجوله معه تلاشت مخاوفه واطمأن تماماً إلي ميخائيل . في تلك الجلسة في المطعم صارحه جورج قائلاً : اسمي نيكولاى . ابتسم ميخائيل ولم يعجبه هذا الاعتراف : أنت رجل غريب . فمنذ الصباح حتى الآن غيرت أقوالك عدة مرات . هز جورج رأسه وقال : ما دامت المخابرات السوفييتية موجودة على الكرة الأرضية فيجب على يهودي سوفييتي مثلى أن يتصرف بالأسلوب الذي لم يرضك . أنت تعرف سطوة مخابرات بلدك . - ميخائيل : ليست أكثر سطوة من حكومة بلدك . أنت أتفهم تماما الوضع الذي عاشه اليهود في الاتحاد السوفييتي وبلدان أخرى في العالم . لكن هل الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في العالم يمكن أن يكون سبباً في القمع الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي العربية المحتلة ؟ ثم ما هو دور الحركة الصهيونية في المجازر التي تعرض لها اليهود على يد النازية ؟ لقد أثبتت الوثائق التاريخية أن الحركة الصهيونية كان لها دور كبير في ما تعرض له اليهود . وكذلك تفجير المقرات الدينية اليهودية في أوروبا من قبل إسرائيل لحث اليهود على الهجرة وايخمان , لماذا اختطفته المخابرات الإسرائيلية مع أن سبب اختطافه كان لأمر واحد هو أنه كان يريد نشر مذكراته التي تثبت تورط الحركة الصهيونية في المجازة ضد اليهود . - جورج : ما تقوله صحيح . لكن يجب أن لا ننسى أن اليهود تعرضوا للاضطهاد كثيراً ولا بد من حل مشكلتهم من خلال إقامة وطن قومي لهم , فحتى بلفور الذي أعطى اليهود وعده المعروف , كان يكره اليهود والصهاينة وأراد أن يخلص بريطانيا منهم . - ميخائيل : هذا كلام سليم . لكن ! هل تعتبر أن ممارسات إسرائيل حضارية ؟ . تواصل هذا النقاش بين الرجلين حتى الحادية عشرة ليلاً وكان جورج في غاية السعادة وأعجب بفكر صديقه المتفتح الذي ينظر إلى المسائل من جميع الزوايا دون تعصب أو سطحية . لقاءات متكررة
مضت على جورج في قبرص سبعة أيام , فمدد إقامته عدة أيام أخرى . وتكررت اللقاءات يومياً مع ميخائيل أو ( جواد حسين ) . مرت عدة أيام ولم يتصل جورج بعدنان , فاستغرب الشاب هذا الإهمال . ماذا حصل ؟ هل يعود إلى بيروت أم ينتظر ضابط " الموساد " حسب التعليمات ؟ كان بحاجة إلى أي شخص ليتحدث معه والتعليمات تقول أن لا يتحدث إلى أحد . وكان على بسيونى الموجود سراً في قبرص يعرف ما يواجهه الشاب من مصاعب نفسية , كما كان يعرف مدى التزامه وانضباطه وتقيده بالتعليمات حتى في ظروف كهذه . في نهاية المدة بات جورج يحمل انطباعاً جيداً عن صديقه فقال له ضاحكاً : انك شخص ممتاز يبدو إن السوفييت تغيروا ! ضحك ميخائيل قائلاً : السوفييت لم يتغيروا . لكن أنت تغيرت فعلى ما يبدو بدأت الغشاوة تزول عن عينيك يا عزيزي . قال جورج هامساً وكأنه يحدث نفسه : أريد الهجرة من إسرائيل . هل تنصحني بالعودة إلى الاتحاد السوفييتي . - ميخائيل : لا أستطيع أن أقول لك أن هاجر أو لا تهاجر , فهذا شأنك . لقد شرحت لك ظروف الحياة الآن بكل سلبياتها وإيجابياتها في الاتحاد السوفييتي . وأنت وشانك أن أردت استفسارات أخرى فأنا تحت أمرك . وان أردت مساعدة منى سأحاول قدر استطاعتي . - جورج : كيف سأراك مرة أخرى ؟ - ميخائيل : قد نلتقي وقد لا نلتقي . حسب الظروف , وربما تلعب الصدفة دورها . لا يوجد لدى عنوان ثابت هنا , وقد أعود بعد فترة لأنني مسافر إلى عدة دول عربية من أجل البحث الذي أقوم به . وأتمنى أن احصل على الدكتوراه بامتياز . فظروفي المادية لا تسمح لي بالإقامة فترة طويلة هنا . - جورج : إن كنت تحتاج إلى أي مبلغ مالي فخذه فوراً من دون مقابل . ميخائيل : شكراً سأتدبر أمري , على العموم نفقاتي ليست كبيرة . لا تقلق من هذه الناحية . ودعه ميخائيل على أن يسافر في الغد , فاتصل جورج بعدنان وحدد معه موعداً في أحد المطاعم ظهراً . بادره جورج قائلاً : آسف تركتك هذه المرة . أردت أن أريح أعصابك . - عدنان : لو تركتني أعود إلى بيروت أفضل لي . أدرك ضابط " الموساد " إن عدنان ما يزال تحت تأثير صدمة استشهاد أخيه فقال : ألم تره قبل أن يقوم بتنفيذ العملية ؟ - عدنان : نعم رأيته قبل شهر ونصف تقريباً . - جورج : ألم يحدثك عن القيام بهذه العملية ؟ - عدنان : كلا . لكنه ودعني وكان سعيداً للغاية وأوصاني بأهلي وخطيبتى فأحسست انه ربما سيشارك في عملية ما . - جورج : إذن كان يعرف مسبقاً أنه سيشارك في العملية ؟ عدنان : نعم . - جورج " إن خطأ خلدون انه انضم إلى الثورة الفلسطينية فأرسلوه ليقوم بهذه العملية . - عدنان : من قال لك ذلك ؟ لقد شارك في العملية طوعاً وبرغبته . وفى العادة يقضى المقاتل فترة في التفكير ومراجعة نفسه وعندما يستقر رأيه على المشاركة يشارك حتى لا يضعف أثناء التنفيذ . - جورج : لهذا السبب يقتلون منا هذا العدد الكبير . - عدنان : كل العمليات الفدائية ينفذها متطوعون يعرفون مسبقاً أن مصيرهم السجن أو الشهادة . - جورج : ألم يكن حزيناً قبل مشاركته في العملية ؟ - عدنان : أنا الحزين وليس هو . كان في غاية السعادة . - جورج : سعيد بموته ؟ أمر غريب ! في عام 1973 كان جنودنا يعطبون سياراتهم العسكرية حتى لا يذهبوا إلى الجبهة , وكانوا يقفزون بالمظلات قبل أن تصاب طائراتهم مما اضطر قيادة الجيش إلى ربطهم بالسلاسل داخل الدبابات والطائرات . ابتسم عدنان وقال : هل أتاكم فدائي مقيد بالسلاسل ؟ ! صمت عدنان وهو يفكر في هذا الرجل الذي يجلس أمامه : هل هو صادق في ما يقول ؟ أم أنه كاذب مراوغ يريد امتصاص نقمته ؟ وإذا كان صادقاً ويعبر عن مشاعره الحقيقية , فأي عدو نواجه بهذه المعنويات ؟ كان جورج يعكس حالة أصابت جزءاً كبيراً من المجتمع الإسرائيلي بعد هجرته إلى فلسطين , ومشاهدته عن قرب ممارسات إسرائيل ولعبها الدور المزدوج : الدعاية الصهيونية التي تصورها في العالم كواحة للديمقراطية في الشرق الأوسط , والوجه الحقيقي الذي لا يستطيع اليهودي اكتشافه إلا بعد وصوله إلى هذه " الواحة " والاحتكاك بالمآسي والممارسات النازية . لم يستطع جورج يستوعب قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن إحراق الأتوبيس بمن فيه . فقد كان واضحاً لديه أن السياسة الإسرائيلية هي إحراق الجميع . هذه الحقائق التي اكتشفها جورج من خلال عمله في المخابرات الإسرائيلية جعلته يعيش أزمة نفسية حادة فأصبح يتعاطى المخدرات سراً . أعطى جورج عدنان ورقة الأسئلة ونفقات تذكرة السفر والإقامة في الفندق وفال : لا تغب على كثيراً , فبعد شهر أنتظر منك اتصالاً من هنا . - عدنان : لقد تأخرت , لكن ظروف الحرب في الجنوب رحمتني هذه المرة ولا اعتقد أن أحد سيسأل عنى . - جورج : سأراك بعد شهر أو شهر ونصف . - وصافحه وانصرف من المطعم وبعد ربع ساعة خرج عدنان عائدا إلى الفندق . في اليوم التالي صل إلى بيروت ومكث في شقته , ثم اتصل بجواد وأبلغه أنه عاد , قال جواد : انتظرني ليلاً وسآتي إلى شقتك . أبناء الثورة عند الساعة التاسعة والنصف .دق الجرس , فقام عدنان متثاقلا وفتح . صافحه جواد بحرارة ثم تنبه إلى وجود رجل آخر معه فصافحه , و دخلا إلى الصالون . رحب بهما عدنان فقال جواد : الأخ على مسؤول في جهاز الأمن , , وجاء يطمئن عليك . والحقيقة أننا جميعاً فقدنا خلدون , فهو فقيد الثورة والشعب الفلسطيني . أنه بطل وشهيداً ولم نتعود أن نبكى شهداءنا . هذا قدر شعبنا : أن يواجه هذا العدو , والثمن الذي ندفعه باهظ , هنا تدخل على بسيونى قائلاً : أنت يا عدنان ابن الثورة ومصيرك هو مصيرنا ذاته . وما تفعله أنت أيضا لا يقل أهمية في الصراع عما فعله الشهيد . فأنت بطل و شجاع وعرفناك قويا وملتزما وصبورا .. ولا مجال أمامنا للحزن أن ظروف صراعنا مع العدو لا تسمح لنا بالحزن أو النظر إلى الوراء فنظرتنا دائما إلى الأمام .. بعد نصف ساعة استأذن الرجلان بالخروج . وقد أحدثت زيارتهما دفعا معنويا كبيرا لعدنان . كان تقرير عدنان حول لقاءاته بجورج في غاية الأهمية من ناحية الاحتياجات التي طلبتها " الموساد " للمرحلة المقبلة , وكذلك الأحاديث الهامشية التي دارت في المطعم بين جورج وعدنان , وقد أكدت كل المعطيات والمعلومات أن الرجل يشكل الآن فرصة ذهبية لا تعوض . تركزت أسئلة " الموساد " حول تسليح المقاومة الفلسطينية وحول عدة أشخاص لهم علاقة بالتخطيط للعمل الفدائي في جهاز " الغربي " مثل أبو جهاد وأبو فراس وأبو العز ومحمود العالول وغيرهم . كما تضمنت الأسئلة ما إذا كانت هناك عمليات محتملة ضد إسرائيل . كان تقييم الاحتياجات التي وردت عن طريق عدنان وعملاء آخرين مزدوجين في الفترة التي تلت الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان , إن المقاومة الفلسطينية شكلا مفاجأة للجيش الإسرائيلي لم يكن يتوقعها على الإطلاق . فقد عملت أجهزة الأمن الفلسطينية خلال السنوات الماضية على تضليل " الموساد " بمعلومات غير حقيقية في جزء كبير منها , وقد اعترف القادة العسكريون الإسرائيليون بهذه المسألة في مرحلة لاحقة . والمعلومات التي توفرت للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حول وضع منظمة التحرير العسكري كانت ضئيلة وغير دقيقة , فقد أنشأت المنظمة في لبنان مصانع للأسلحة قام بإدارتها وتشغيلها مهندسون فلسطينيون تمهيداً لتطوير الأعتدة التي يحصلون عليها , وكانت في مرحلة من المراحل تشكل نواة لتصنيع حربي فلسطيني متطور . وقضية التسلح عانت منها منظمة التحرير كثيراً والشركات العالمية التي تنتج الأسلحة تفرض حصاراً عليها , كما أن الدول التي تقدم الأسلحة إلي المنظمة تملى شروطاً معينة حول نوع السلاح بحيث لا يتجاوز مداه مسافات معينة وتخضع نوعيته لشروط محددة , مما اضطر المنظمة إلى تطوير هذه الأسلحة لا سيما قاذفات الصواريخ التي تضاعف مداها وتشكل مفاجأة خلال حرب 1982 للدول التي زودتها بها . |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:36 | | | المواجهة الكبرى
بعد الغزو الإسرائيلي عام 1978 بدأت استعدادات فلسطينية – إسرائيلية للمواجهة الكبرى فأقامت منظمة التحرير المطارات السرية التي استقبلت طائرات تحمل الأسلحة إليها من بلدان شقيقة وصديقة . كانت أجهزة الأمن الفلسطينية مدركة خطورة المرحلة . مسألة العميل المزدوج عدنان تحولت كلياً من عملية كلاسيكية إلى نوعية نادرة . ومن خلال المعطيات
المتوفرة لجهاز الأمن الفلسطيني تم نقاش الخطوة الحاسمة والأخطر في العملية مع مدير أجهزة الأمن لاتخاذ القرارات . وعلق هذا الأخير قائلاً : " الموساد " لا يمكن أن تسمح لضابط لديها أن يلعب دور عميل مزدوج وبالتالي إذا بلغ مسؤولية فان القرار سيكون بإيقاف العملية فوراً , ولكن عدنان سيكشف في كلا الحالتين . - على بسيونى : عدنان سيكون دوره الغطاء لجورج كي يسافر ونلتقى به لا أكثر . لكن يجب أن يبقى " الغطاء " مقنعاً وسندعم موقف جورج في " الموساد " من خلال عدنان . - المدير : هذا سابق لأوانه . لكن يجب تأمين حماية لعدنان حتى نتأكد من سلامة العملية . - جواد :لن نخسر شيئاً . - المدير : سنخسر عدنان وهذا كثير . يجب أن لا يتعرض لأى أذى وفى اللقاء المقبل سيكون مفعول الصدمة كبيراً على جورج . جواد : أعتقد أن الوقت مناسب لطرح الموضوع عليه قبل أن يهاجر أو يتمرد على مسؤولية فيخسر موقعه أو يحال إلى أعمال هامشية . وضعه الآن قوى جداً وقد شكلت جولدا مائير دعماً قوياً له , وتأكدت من صحة المعلومات التي لدينا من جورج الذي ألمح إلى بعض المسائل وان كان بشكل غير واضح . - على بسيونى : نوكل على الله ؟ المدير : على بركة الله . |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:37 | | | الفصل السابع ابن جولدا مائير أسلم خلال رحلة سرية إلى لارنكا في منتصف مايو ( آيار ) 1978 سافر عدنان إلى لارنكا بجواز سفره الكندي المزور ووصل إلى نيقوسيا ونزل في أحد الفنادق , وأجرى اتصالاً هاتفياً مع السفارة الإسرائيلية وترك رسالة لجورج . في اليوم التالي فوجئ بشاب يجلس بمفرده ويتصفح جريدة في بهو الفندق . وكان فريق من رجال الأمن الفلسطيني قد توجه إلى نيقوسيا على رحلات مختلفة , وبأسلوب دقيق للغاية وفى لحظة دخول جورج إلي الفندق فيما كان ميخائيل يسلم مفتاح غرفته إلى مكتب الاستقبال ويهم بالخروج . أصبح الرجلان وجهاً لوجه . وسرعان ما صاح جورج : أنت هنا ؟ هذه مفاجأة سعيدة . رحب به جواد ودعاه لتناول طعام عشاء في أحد المطاعم القريبة . وبعد دقائق دخلا مطعماً صغيراً وجلسا حول إحدى الطاولات , ودار الحديث حول الدكتوراه التي يعد للحصول عليها في الدراسات الشرقية ولكن جورج فوجئ بميخائيل يتحدث عن إسرائيل والوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه . وتناول جورج في حديثه عن التمييز العنصري في سياسة إسرائيل . فقال ميخائيل : إن سياسة الحكومة الإسرائيلية تسعى لتدمير اليهود والعرب , والمطلوب وقف هذا التيار وحماية اليهود والعرب . ابتسم جورج قائلاً : وهل تعتقد ذلك ممكناً ؟ - ميخائيل : بالتأكيد . أنت رجل مثقف وضميرك حي وقادر على فعل شئ بهذا الاتجاه . - ضحك جورج ساخراً : الأحزاب اليسارية تنادى بذلك , لكنها لم تنجح !
- ميخائيل : الأحزاب اليسارية ضعيفة داخل تركيبة الحكومة الإسرائيلية وغير قادرة على التأثير بشكل قوى ويجب أن يتعاون اليهود والعرب لوقف الكارثة التي ستحل بالجميع . - جورج : هذا صعب , وأقصى ما أستطيع فعله هو الهجرة . - ميخائيل : هذا هروب من الواقع . والفلسطينيون قادرون على الهجرة ولكنهم لا يهاجرون ويطالبون بدولة علمانية . - جورج : هذه تجربة فاشلة والدليل على ذلك ما حصل في لبنان . - ميخائيل : إسرائيل سعت لتخريب لبنان , وبالأحرى جعله قاعدة عسكرية للدول الغربية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط . - ضحك جورج وقال : هذه أفكار شيوعية , أنت السوفييت تعتبرون الولايات المتحدة ومعسكرها الغربي العدو الرئيسي لكم . قاطعه قائلاً : وأنت سوفييتي أليس كذلك ؟ هاجرت بمحض رغبتك , أليس كذلك ؟ كنت مواطناً سوفييتياً وتستطيع العودة إلى بلدك متى شئت . هز جورج رأسه وقال : أتمنى ذلك . - ميخائيل : هل أنت متفق معي على ضرورة البحث عن حل ؟ - جورج : بكل تأكيد . - ميخائيل : إذن , ضع يدك في يدي . دهش جورج وحدق بالرجل وهو يقول : ماذا تقصد ؟ ! - ميخائيل : لنتعاون من أجل حماية اليهود والفلسطينيين . - جورج : وما علاقتك بالفلسطينيين ؟ في تلك اللحظة , تسارعت دقات قلب جورج واعتقد أنه وقع في فخ المخابرات السوفييتية , ولكن ميخائيل أنقذه من هذه الشكوك والهواجس وهو يقول : أنا فلسطيني . فقهقه جورج عالياً وقال : أساليب جديدة تتبعها المخابرات السوفييتية ! . واصل جواد قائلاً : أقدم لك نفسي جواد من أجهزة الأمن الفلسطينية . ولا أطلب منك أن تخون بلدك أريد أن أتعامل مع ضمير جورج . افعل ما بدا لك وما يمليه عليك ضميرك من موقعك . وقام جواد من مكانه تاركاً جورج صامتً . مفاجأة مدهشة
خرج جورج من المطعم ليسير في الشارع هائماً على وجهه وليتساءل : كيف خدع ؟ إلى هذه الدرجة ؟ وعاد إلى غرفته وانزوى وهو يفكر بهذا الحادث الذي هزه من أعماقه وراح يتذكر مشاهد التعذيب وعمليات الابتزاز التي تمارسها " الموساد " ضد الشبان العرب . وقفزت إلى ذهنه حادثة هجرته إلى إسرائيل وكيف حورب لأنه يهودي سوفييتي وكيف دخل المخابرات " بفضل " تاريخ والده ومساعدة جولدا مائير . استبدت به حالة من الصراع النفسي طوال الليل ولم يغمض له جفن . وفى النهاية قرر أن يقف مع الحق . وفى غمرة إحساسه بالصدمة ضرب بيده على رأسه قائلاً : لا بد أ " عدنان " يلعب دوراً مزدوجاً . في الصباح اتصل بجواد وطلب مقابلته
كان واضحا أن جورج يعيش أزمة نفسية صافحه جواد مبتسما ونظر إليه جورج وسأله ماذا تريد منى ؟ جواد : هل جئت من اجل أن تسألني هذا السؤال ؟ لقد قلت لك أننا لا نريد شيئا منك . ابتسم جورج وقال بسخرية : أنا ضابط أمن وأعرف مدى الجهد الذي بذلتموه للوصول إلى هذه اللحظة . جواد : أن هدفنا هو حماية اليهود والفلسطينيين , وأنا لم أخدعك وأنت تعرف الفساد في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية .. ونحن نعرف ذلك تماماً , ولو أردنا عملاء لاشتريناهم بالمال , إننا نبحث عن يهود لديهم الشجاعة الكافية لحماية الأبرياء من الحريق الذي أشعلته الحركة الصهيونية وزعماء إسرائيل . جورج : كيف سأراكم ثانية ؟ ابتسم جواد : ستجدني باستمرار أمامك . جورج : عدنان أليس كذلك ؟ جواد : يجب أن لا يشعر بشيء .. يبقى وضعه كما هو . جورج : لم أتصور يوما أن تكون فلسطينيا . ابتسم جواد وقال : لقد أصبحت مثلنا تماما لك ما لنا وعليك ما علينا . بعد هذا اللقاء , الذي استمر حوالي ساعتين اتفق الرجلان على لقاء قادم بعد شهر , ثم قام جورج بتسليم عدنان ورقة الأسئلة عاد الفريق الفلسطيني إلى بيروت واتصل عدنان بالضابط جواد وأبلغه أنه عاد من نيقوسيا وأعطاه تقريرا مفصلا عن الرحلة ولم يكن عدنان يعلم شيئا عن العملية الكبرى التي يجرى تنفيذها كما يكن أن جواد كان يرافقه في كل رحلاته إلى نيقوسيا . معلومات هامة
في أغسطس ( تموز) 1978 كانت أجهزة الأمن الفلسطينية مستعدة للقاء حاسم . فزودت عدنان بمجموعة هامة من المعلومات أخفاها في الحقيبة السرية وجهز جواز سفره الكندي واستعد في انتظار التعليمات . وصل إلى نيقوسيا وأجرى اتصالا مع السفارة الإسرائيلية كالعادة . وفى اليوم التالي اتصل به جورج وطلب منه أن يأتى إلى السفارة الإسرائيلية . كان على بسيونى قد وضع عدة خطط جاهزة للتنفيذ الفوري , في حال ظهور نوايا سيئة من قبل " الموساد " . ولم يلاحظ عدنان أمرا غير عادى على جورج فقد استقبله بترحاب وأخذ منه الأوراق الخاصة بالمعلومات تصفحها ثم هز رأسه وابتسم قائلا : لقد بذلت مجهودا كبيرا في الحصول على هذه المعلومات . وأخذ عدنان يروى بثقة لا تدع مجالا للشك العقبات التي واجهها حتى حصل على مثل هذه المعلومات والمبالغ المالية التي كلفته . قام ضابط " الموساد " من خلف مكتبة ووقف بالقرب من عدنان على أحد المقاعد في المكتب وقال : هل واجهت صعوبات في مطار بيروت ؟ رد الشاب : كلا . قال الضابط : اذهب وسأتصل بك غدا . تنفس عدنان الصعداء ولم تعجبه لهجة جورج فقد عاد يتصرف مثل الضابط زاهر الذي تولى عملية تجنيده وخرج من السفارة وهو يتساءل : لماذا انقلب الرجل
فجأة ؟ اتخذ جورج إجراءات أمنية غير وهو يتصل بجواد ليحدد موعدا معه في مكان بعيد عن الأعين . في تلك الليلة الرجلان إلى المكان المحدد بعد تبديل عدة سيارات أجرة لتضليل الرقابة قبل أن يقول جورج : لقد قررت أن أضع يدي بيدك . شد جواد على يده وهو يقول : نحن أخوة .. وشرح مبادئ الإسلام , واخذ جورج يتمعن في حديثه ويستفسر عن الإسلام وهو مستغرب كيف أن حاخامات اليهود لم يستطيعوا إلى الآن الاتفاق على من هو اليهودي ؟ فهم يعتبرون أن من ولد لام يهودية هو اليهودي ولا يعترفون لأم غير يهودية وان كان الأب يهوديا كان لحديث جواد مفعول سحري على ضابط الموساد في تلك الجلسة ولكن جورج أذهله عندما ابلغه معلومات في غاية الخطورة مفادها انه طلب منه ملف " أبو حسن سلامة " قائد القوة 17 وأضاف جورج أن مناحيم بيجن قد طلبه شخصيا من رئيس الموساد اسحق صوفي الذي كان قائدا للجبهة الشمالية خلال حرب 1973 . منذ وصوله أن يطارد أبو حسن سلامة بعد فشل المحاولات السابقة والتقليد المتبع في " الموساد " أن اسم رئيس الجهاز يبقى سراً لكن جورج أبلغ الضابط الفلسطيني اسم مدير الموساد وخلفيته السياسية والعسكرية والأمنية , والتفاصيل المتعلقة باغتيال " أبو حسن سلامة " . توقفت معلومات جورج عند هذا الحد . وكان رأيه أن التنفيذ ربما يكون في بيروت . شكره جواد على هذه المعلومات وقال : يجب أن لا نطيل اللقاءات أكثر حماية لك . جورج : فعلاً .. ولكن قبل أن أنصرف سأقدم لك هدية أرجو أن تنال إعجابك . مد جورج يده إلى جيبه وأخرج ظرفاً صغير فتناوله جواد وأخفاه فوراً . جواد : ما هذا المظروف ؟ جورج : اقرأ ما به وفى المرة القادمة سآتيك بأشياء أخرى . جواد : أشكرك ولكن هل أنت مقتنع في الدخول بالإسلام . جورج : دعني أفكر ولكنني متأكد من أن دينكم سيجعلني انساناً مختلفاً . جواد : لن تستطيع إعلان إسلامك بسبب ظروف عملك سنلتقي بعد شهرين على أكثر تقدير . صافحه جورج بحرارة وانصرف جواد وبعد نصف ساعة عاد ضابط الموساد إلى فندقه . لقاء سريع
في اليوم التالي التقى جورج مع عدنان خارج السفارة وأعطاه ورقة للأسئلة من المال وكان عادياً معه , إلا أن عدنان سأله قائلاً : لماذا كنت قاسياً معي أثناء لقائنا في السفارة ؟ ! ابتسم جورج وقال : لقد كنت متعباً بعض الشيء أنا آسف . بعد عودة عدنان إلى بيروت قدم تقريراً إلى أجهزة الأمن الفلسطينية حول لقائه مع جورج والأسئلة التي زوده بها والتي تطالبه بمعلومات عن أبو حسن سلامة . تطابقت هذه المعلومات إلى ما ذكره جورج ومع معلومات وردت من عملاء مزدوجين تقوم أجهزة الأمن الفلسطينية بتوجيههم في أوروبا ولبنان . وفوراً تم إبلاغ أبو حسن سلامة بمعلومات تؤكد أن " الموساد " قررت اغتياله . غير أن المفاجأة كانت في الظرف الذي قدمه
|
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:39 | | | جورج يعلن إسلامه قرأ على بسيونى الأوراق التي كانت في الظرف الذي قدمه جورج لجواد في نيقوسيا , وكانت باللغة العبرية وهى وثائق حول مفاعل " ديمونا " في النقب وقدرته على إنتاج القنابل النووية , وصورة عن محضر اجتماع لجنة المخابرات , ووثائق أخرى تتعلق ببعض العمليات السابقة للموساد . بعد فحص الوثائق والتأكد من سلامتها , تبين أن جورج يعمل بإخلاص . أحيل التقرير أسرى إلى مسؤول أجهزة الأمن الفلسطينية وقال على بسيونى : هذه العملية ستشكل ضربة في العمق للموساد . رد مسؤول الأمن الفلسطيني : يجب أن نعرف مسألة هامة من هم عملاء الموساد في منظمة التحرير ؟ هذه مسألة خطيرة . ثم أضاف بسيونى يقول : السؤال , إلى أي مدى سيتعاون معنا جورج ؟ وهل سيخرج عن الإطار الذي يتعامل به الآن وهناك نقطة مهمة , في مسألة العملاء , فأي ضابط موساد لا يدير أكثر من خمسة عملاء ( مندوبين ) وبالتالي دائرة معرفته محدودة بالنسبة إلى هذه المسألة . قال مسؤول الأمن الفلسطيني : ما هو تقييمك لقبوله الدخول في الإسلام ؟ هل هو صادق في ذلك ؟ على بسيونى : أتمنى أن يكون صادقاً في إسلامه وسنرتب له موضوع إسلامه بطريقة شرعية وبحضور قاضى شرعي . قال المسؤول ولكن كيف سترتب هذا اللقاء هل ستأتى بالضابط إلى بيروت وماذا ستقول للقاضى الشرعي ؟ يحب أن لا يعرف شيئاً عن هذه المسألة سوى أن يهودياً يريد الدخول في الإسلام . كذلك تبديل اسمه واستخراج شهادة ميلاد من دولة مسلمة حفاظاً على حقوقه وحقوق أبنائه مستقبلاً . في أيلول 1978 سافر عدنان إلى قبرص وبعد وصوله ترك لجورج رسالة هاتفية
وبعد يومين وصل جورج إلى نيقوسيا واتصل بعدنان ثم حدد موعداً معه خارج الفندق . تسلم جورج المعلومات التي كان يحملها عدنان ووعده بلقاء آخر في اليوم التالي ولم يستغرق اللقاء أكثر من نصف ساعة . لاحظ عدنان هذه المسألة ودونها مع ملاحظات أخرى لا تخلو من ذكاء ودقة وملاحظة . في مساء ذلك اليوم كان جواد في انتظار جورج في أحد الأماكن السرية التي تم تحديدها بين جورج وجواد في المقابلة الأخيرة . في الوقت نفسه كان فريق الأمن الفلسطيني الذي تحول إلى قبرص وانتشر في عدة فنادق , كان يرافق جواد في رحلته قاضى شرعي على صلة بمنظمة التحرير الفلسطينية , وهو خارج جامعة
" الأزهر " في القاهرة , ومقيم في لبنان آنذاك , لم يستطع القاضي الشرعي يفهم سر هذه الإجراءات التي كانت تبدو غير عادية , ولكنه كان مطمئنا لجواد ولم يستفسر كثيراً عن هذا الشخص الذي يريد الدخول في الإسلام .. في الوقت نفسه استجاب القاضي الشرعي لرغبة جواد حسين بالتكلم على هذه المسألة إلى أبعد الحدود . مكث الشيخ في غرفته في انتظار الاتصال من جواد الذي كان في تلك اللحظة مع جورج . قال جواد : أتمنى أن تكون قد فكرت بالنسبة إلى موضوع دخولا في الإسلام ؟ جورج : بكل تأكيد . ما هي الإجراءات التي يجب أن أقوم بها وأتمنى أن تتم بشكل سرى . جواد : زيارة لمدة عشر دقائق لشخص في انتظارنا . كان القاضي الشرعي ينزل في فندق " هيلتون " خارج نيقوسيا حتى يكون بعيداًَ عما يدور . وحتى لا يراه أحد , وتم تحديد نقطة أولى للقاء ثم ثانية في غرفة القاضي . كان جواد حسين قد طلب من جورج أن يذهب إلى غرفته في الفندق ويغتسل على نية الدخول في الإسلام ويلبس ملابس طاهرة . أخذ القاضي يقوم بالإجراءات الأزمة مثل الاستفسار عن سبب دخوله الإسلام ؟ هل هو لغرض مادي أم لقناعته .. وكان جورج يجيب على الأسئلة ثم نطق بالشهادتين وثبت الشيخ إسلامه في سجل يحمله ولكنه سأله : ماذا تعمل ؟ جواد : ..تاجر أضاف الشيخ : يجب أن تبدل اسمك .. لاسم مسلم فكر جواد قليلا ثم قال : محمد عبد الرؤوف . الشيخ : على بركة الله . يجب أن تتعلم القرآن يا محمد . بعد ثلاث ساعات كان القاضي الشرعي في مطار " لارنكا " في انتظار الطائرة للعودة إلى بيروت . قال جورج لجواد : غداً نلتقي لقاء خاطفاً حتى أعطيك بعض الأشياء .. وإذا أردت أن نتفق على برنامج عمل حدد ما تريده . جواد : لا أريد إلا سلامتك .. واحرص على أمنك بالدرجة الأساسية , وهذا ما يعنيني . جورج : وان لم أساعدك سأفقدك . جواد : أنت تعرف أن إسرائيل أقامت مصانع للأسلحة الكيماوية والجرثومية وهذه جريمة تهدد الأبرياء لأنها ستكون موجهة ضد المدنيين حاول أن تحصل على معلومات حول هذا المصنع . جورج : سأفعل . عاد الفريق الفلسطيني إلى بيروت , وقدم " عدنان " تقريرا عن لقاءاته مع جورج وورقة الأسئلة التي كانت تطلب معلومات عديدة عن الساحة اللبنانية . كان الظرف الذي حصل عليه جواد يحتوى على معلومات عن نشاط السفارات الإسرائيلية في أوروبا أسماء ضباط الموساد في هذه البلدان ، وكذلك البيوت الآمنة التي تستخدمها الموساد في قبرص، أثينا، روما, فيينا و ألمانيا الغربية وفي الأرض المحتلة. إضافة إلى بعض عناوين الموساد البريدية التي عاد ما تسلمها للعملاء كوسيلة اتصال كما كان مرفقا على عدة أوراق بخط اليد رسما لمقر الموساد في أطراف تل أبيب وتكوين البناء من الداخل . إضافة إلى مقر سري للموساد في النقب قرب"ديمونا" . كما كتب أسماء الشركات التي تستخدمها الموساد كغطاء في أوروبا وأسماء عدة عملاء في لبنان أحدهم قريب من منظمة التحرير الفلسطينية، و كان قد عمل مراسلا في أحد مكاتب منظمة التحرير وطرد بسبب أخلاقه السيئة، بقي على ما يبدو على صلة ببعض أصدقائه أو معارفه من منظمة التحرير الفلسطينية. وتعاملت أجهزة الأمن الفلسطينية بحذر كبير مع هذه المعلومات ،حفاظا على
أمن جورج ولا سيما فيما يتعلق بالعملاء واستغرقت وقتا طويلا في متابعتهم وافتعلت أحداثا معينة للقبض عليهم لوضعهم في دائرة شك واعدم عميلان أحدهما فلسطيني وآخر لبناني . كان من ضمن الوثائق أيضا تفاصيل دقيقة حول مفاعل " ديمونا" من الخارج والمسالك المؤدية إليه ونوع الحراسات والرادارات و الصواريخ ارض - جو ومواقعها المخصصة لصد أي هجوم جوي . وفي مرحلة لاحقة في شباط 1988 كان "أبو جهاد" ينفذ عملية ديمونة مستفيدا من المعلومات التي كانت بحوزة أجهزة الأمن الفلسطينية |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:40 | | | الفصل الثامن ابن جولدا مائير قتل في انفجار مبنى الموساد في صور واصل " عدنان " إرسال برقيات عبر جهاز اللاسلكي في بيروت بعد عودته من " نيقوسيا " ولكن مشكلة اجتماعية برزت في وجهه وهى مسألة زواجه من الهام فهل يسافر للأرض المحتلة ويتم الزواج رغم رفض الموساد . قال عدنان " مستفسراً " ما رأيك بهذا الاقتراح ؟
رد " جواد " : نفذ ما يطلبونه منك .. وان كنت أفضل تأجيل الموضوع قليلاً حتى لا يؤثر على عملك , ولو تزوجت يجب إلا تشعر زوجتك بأي شئ غير طبيعي .. كيف ستفسر لها سفرك المفاجئ كل شهر أو شهرين ؟ أنت في غنى عنها .. عدنان : لقد عقدت الأمور ف وجهي . جواد : هذا هو الواقع . وزوجتي قد تعرف أحياناً أنني مسافر ولكنها لا تعرف إلى أي مكان أسافر , هل تستطيع أن تتعامل مع زوجتك بهذا الأسلوب ؟ عدنان : ولكنني متأكد من أن " الهام " فتاة بريئة . قاطعه " جواد " قائلاً : ما أخشاه هو الثرثرة لا أكثر . عدنان : أستطيع أن ألزمها بعدم السؤال عنى في المكتب وتفهم غيابي عن
المنزل . جواد : أتمنى ذلك .. وإذا اقتضت الضرورة إيجاد غطاء مناسب سنوفره لك حفاظاً على سرية العملية أرسل رسالة لعائلتك لاتمام الزواج في أحد البلدان العربية ولا تغب كثيراً وسافر متى شئت. في آذار عام 1980 سافر "عدنان" إلى إحدى الدول العربية والتقى لاول مرة مع أهله وأقربائه وتم حفل الزواج خلال أسبوعين وعاد مع زوجته إلي بيروت .
كان من الصعب على زوجته التأقلم مع الواقع الجديد , ولكنها سرعان ما ألفت الحياة في بيروت وتجاوزت المرحلة الأولى بسهولة ولكنها كانت تثور في وجهه بعد أن كثر خروجه وتغيبه عن المنزل ساعات طويلة مما أدى إلى حالة من الخلافات في المنزل وبدا الشاب يفقد نشاطه وحيويته شيئا فشيئا . كان " جواد " يقهقه عالياً وهو يستمع إلى " عدنان " شاكياً من ظروفه في المنزل وثورات زوجته واتهاماتها له بأنه متزوج زوجة أخرى . رد عليه " جواد " بلهجة التشفي : ألم أقل لك . لم تسمع كلامي اصمد يا بطل ! . ثم قال : على كل حال باستطاعتك السفر مع زوجتك إلى قبرص أو اليونان حتى تستريح أعصابك وتعيد ثقة زوجتك بك . يجب أن تخلصها من أوهامها . قال عدنان : هل أتصل ب" جورج " أثناء سفري ؟ جواد : أرسل عبر الجهاز وسيرد عليك . الاجتياح الإسرائيلي في آذار 1982 بدأ التوتر على " جورج " وهو يشرح لجواد خطة الجيش الإسرائيلي لاجتياح لبنان والأبعاد السياسية لهذه الحرب , التي أصبحت وشيكة . جورج : مواجهة هذا الجيش تعنى الانتحار . جواد : أقدر مشاعرك ولكن وجودك داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ربما أثر على معنوياتك فالقيادة الإسرائيلية تعمد إلى التقليل من أهمية المقاومة العسكرية الفلسطينية .. توكل على الله وكل ما أطلبه منك ألا تذهب إلى الجبهة إن طلب منك ذلك . جورج : ولكن هذا يعنى تمرداً على التعليمات ويعيق عملية ترقيتي إلى " رائد "
يوجد معلومات عن إقالة " اسحق صوفي " رئيس الموساد الحالي . وأخذ يشرح له أسباب الإقالة . في 6 حزيران بدأت إسرائيل بالهجوم العسكري الشامل على لبنان بكافة أنواع الأسلحة ولم يمض يومان على بدء المعركة حتى كانت تفقد رجلا من أخطر رجالها رئيس " الموساد " الذي لم يمض على تعيينه من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن سوى عدة أيام . في الدامور أطلق شبل فلسطيني النار على رئيس الموساد " يكتوئيل آدام " ومرافقه برتبة عقيد " حاييم سيلع " أطلق جنود وضباط العدو صرخات الفزع وألقوا بالتهم على الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية التي كانت تملك معلومات ضئيلة عن نوعية المقاومة والتسليح للقوات الفلسطينية . ولكن سلاح الجو الإسرائيلي حسم الحرب بعد صمود دام ثلاثة أشهر أوقعت أفدح الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي . بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت وانتقال مقراتها إلى تونس والبلدان العربية , وأخذت تعيد ترتيب أوضاعها العسكرية والأمنية والإدارية وانتقل " عدنان " مع قوات الثورة الفلسطينية إلى أحد البلدان العربية . في أوائل عام 1983 وبعدما يزيد عن ثمانية أشهر من انقطاع الاتصال بين " جواد " وضابط الموساد " جورج " طلب من " عدنان " السفر إلى إحدى البلدان الأوروبية ولكن " عدنان " بدأ يرفض أن يواصل العمل بقوله " لقد تعبت أعصابي كثيراً ولكن " جواد " أقنعه بضرورة السفر, وتحددت رحلته إلى " أثينا " حيث نزل في فند ق " فيلادلفيا " القريب من البحر في فبراير " شباط " 1983 . أجرى اتصالاً مع السفارة الإسرائيلية في " أثينا " وترك لجورج رسالة : بعد يومين رن جرس الهاتف في غرفته وسمع على الطرف الآخر صوتاً غريباً لم يسمعه من قبل يقول : أهلاً بك الحمد لله على السلامة . رد الشاب بدهشة : من أنت ؟ قال الرجل : حاييم فعرف أنه زميل " جورج " وربما كان مشغولا فأرسل من ينوب عنه في هذه المهمة , فاتفقا على موعد في مطعم قريب من فندق " هيلتون "
في الموعد وحسب إشارة التعارف التقيا حيث أخذ " حاييم " يستفسر عن صحة " عدنان وأحواله ووضعه الحالي . قال عدنان : أين جورج ؟ لاحظ الشاب مسحة الحزن على وجه ضابط الموساد فصمت لحظات ثم قال : لقد مات في حرب لبنان . في تفجير مقر المخابرات الإسرائيلية في صور . كاد
" عدنان " يقفز من الفرح لهذا الخبر ولكنه تظاهر بعكس ذلك , وصمت كان " جواد " بانتظار " جورج " في أثينا ولكنه لم يأت . تسلم عدنان ورقة أسئلة قبل سفره ومبلغا من المال ليواصل العمل من جديد . وبعد عودته اتل بجواد . قال " عدنان "ط : لقد أتيت لك بخبر يعادل مليون
دولار . ابتسم جواد وقال : ما هو ؟ عدنان " جورج " , قتل في الحرب ! . جواد : ماذا تقول ؟! أعتقد " عدنان " أن الضابط " جواد حسين " فرح بالخبر فقال : لقد قتل في حادث تفجير مقر المخابرات الإسرائيلية في صور , قبل عدة شهور . تجهم وجه " جواد " ولم يعلق بكلمة واحدة يتمتم بكلمات لم يفهمها " عدنان " ولكنه قال قبل خروجه : أكتب تقريراً مفصلاً عن رحلتك . عدنان : ها هو لقد كتبته . طواه " جواد " ووضعه في جيبه ثم انصرف . ففي 11 نوفمبر ( تشرين الثاني ) عام 1982 وبعد خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت , اتخذ الجيش الإسرائيلي نقاط تجمع ومراكز لقواته في الجنوب ومنها بناية تتكون من سبعة طوابق في مدينة " صور " كان يتخذها المقدم عزمي الصغير مقراً لقواته حيث كان يدرب الأشبال الفلسطينيين . عند الساعة السابعة والنصف صباحاً اندفعت سيارة مفخخة بالمواد الغازية ومادة
تى. ان. تى باتجاه المبنى وانفجرت فوار ارتطامها به فاشتعلت النيران في البناية وبعد ثواني تهادى المبنى على الفور مثل صندوق من الورق . انفجرت مستودعات الأسلحة والذخائر داخله وتطايرت القذائف في كل اتجاه مما أدى تهديم عدوة مبان مجاورة . وعلى الفور قامت الطائرات المروحية الإسرائيلية بنقل القتلى والجرحى إلى مستشفى " رمبام " في حيفا في شمال فلسطين المحتلة . في تلك الساعة كان الحاكم العسكري للمنطقة " صور " الجنرال " تسنفى ايلى " غير موجود في المبنى ونجا من الحادث , ولكن 75 ضابط وجنديا من المخابرات الإسرائيلية قتلوا بفعل الانفجار كما قتل أيضاً 15 فلسطينياً ولبنانياً كانوا في الطابق العلوي حيث كان يجرى التحقيق معهم . إغلاق الملف في اجتماع سرى وعاجل بين مسؤول أجهزة الأمن الفلسطينية وعلى بسيونى وجواد حسين , استفسر المسؤول قائلا : كيف تسير العملية الآن ؟ رد على بسيونى قائلا : لقد انتهت .. محمد عبد الرؤوف " جورج " قتل في حادث تفجير مقر المخابرات الإسرائيلية في مدينة " صور " في جنوب لبنان . أطرق الرجل برأسه وقال : رحمة الله , لقد أعطى كل ما يستطيع . إن خسارة " الموساد " نتيجة المعلومات التي قدمها إلينا أكبر من خسارة إسرائيل في حروبها في لبنان . على بسيونى : ماذا سنفعل الآن ؟ المسؤول : أغلق ملف القضية , وأوقف عدنان فورا عن الاتصال بالموساد لقد انتهت هذه العملية . في اليوم التالي التقى " جواد " مع " عدنان " بشكل عاجل ليقول له : أوقف علاقتك مع الموساد ! تنفس " عدنان " الصعداء وقال : الحمد لله ولكن لماذا ؟ حسين : أوقف كل شئ , لقد انتهت هذا كل ما أستطيع قوله . أدرك الشاب أن في الأمر سرا ولكنه لم يستطع فهم هذا اللغز إلى الآن . عاد إلى بيته في المساء وهو يشعر بسعادة كبيرة , كان يحس بأن حملا ثقيلا قد أزيح عن كاهله . لاحظت زوجته سعادته فاستفسرت عن السبب ولكنه اكتفى بالإجابة قائلا : الحمد لله , أشعر بسعادة لم أعهدها منذ سنوات . كان شعوره بالنقمة على الإسرائيليين يتزايد مع لقاءاته السابقة لجورج ولا سيما بعد استشهاد أخيه . لم يكن " عدنان " يعرف شيئا عن " جورج " سوى انه ضابط موساد يقف في الصف المعادى لشعبه , كان يجهل الحقيقة , حقيقة مسلم خدم القضية العربية الإسلامية من داخل المؤسسة العسكرية الأمنية الإسرائيلية وأعطى لمنظمة التحرير من المعلومات ما لا يقدر بثمن . في تلك الفترة تكتمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية على موضوع " جورج " لاعتبارات عديدة ولعل أهمها وجود زوجة الضابط وأولاده في إسرائيل |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:44 | | | تصفية الضباط
في أواخر عام 1984 اتخذت منظمة التحرير الفلسطينية قرارا بتصعيد الكفاح المسلح داخل الأراضي المحتلة , بعد أن استطاعت ترتيب أوضاعها بعد الخروج من بيروت , وكان لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية كم هائل من المعلومات التي كانت حصاد السنوات السابقة من الجهد والعمل الدءوب . وقد وضعت مخططات وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب ومسالكها تحت تصرف جهاز " الغربي " الذي كان يديره أبو جهاد , وانطلقت الباخرة الفلسطينية في 21 إبريل ( نيسان ) 1985 من إحدى القواعد البحرية الفلسطينية وه تقل 28 مقاتلا فلسطينيا إلا أن سوء الطالع حالفها فاكتشفت قبل أن تصل إلى الساحل الفلسطيني ودارت معركة بحرية بين المقاتلين والقوات الإسرائيلية . وكان الضابط الفلسطيني " عبد الرحمن " ما يزال يعمل في " نابلس " بشكل سرى ومتقن لغاية , ويرسل تقاريره بانتظام إلى قيادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية خارج الأرض المحتلة . كان " عبد الرحمن " قد أرسل أسماء حركية لضباط إسرائيليين وأرفق ممارساتهم بحق المعتقلين والمواطنين الفلسطينيين . وبعد الاطلاع على هذه التقارير من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية تم التدقيق في الأسماء المذكورة , وتم التوجيه إلى " عبد الرحمن " بتصفية ضابطين من المخابرات الإسرائيلية هما : الكابتن " أندريه علوش " ويعمل في مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة " طولكرم " والكابتن " يورى أوفيد " ويشغل مدير المخابرات الإسرائيلية في مدينة نابلس . بعد وصول التعليمات إلى " عبد الرحمن " كان الكابتن " يورى أوفيد " قد انتقل إلى جنين ليعمل هناك مدير للمخابرات الإسرائيلية . أعد " عبد الرحمن " مجموعة من شباب الأمن الفلسطيني العامل في الداخل , كما أعد الأسلحة وكلف مجموعة صغيرة لتقوم بالاستطلاع والمراقبة , وفى الوقت نفسه أعد السيارات اللازمة للعملية واللوحات المزورة ووضع خطة العملية . وحدد ساعة الصفر يوم السبت بتاريخ 24 أغسطس ( آب ) 1985 وهو يوم العطلة الأسبوعية في إسرائيل ومن عادة اليهود في هذا اليوم التسوق في الأسواق العربية في الضفة الغربية . وبعد الدراسة والاستطلاع والمعلومات التي حصل عليها " عبد الحمن " تبين أن الضابطين يترددان على الأسواق في طولكرم وجنين يوم السبت باللباس المدني . في صباح يوم السبت المذكور كان ضابط المخابرات الإسرائيلية أندرية علوش يتجول في شوارع طولكرم حتى وصل إلى قرب دوار " جمال عبد الناصر " في وسط المدينة فانحرف إلى سوق الذهب والمجوهرات . لم يلاحظ سيارة بيضاء من نوع فيات 131 وفجأة نزل شاب وكلمح البصر استل مسدسه وأطلق عدة رصاصات على رأس الضابط فسقط سريعاً بتخبط دمائه . قفز الشاب إلى السيارة التي انطلقت بسرعة الصاروخ من سوق الذهب وواصلت سيرها بسرعة هائلة إلى نقطة " التبديل " . قرب قرية الطيبة كانت سيارة أخرى بانتظار المجموعة وفيها " عبد الرحمن " قفز الشاب إلى سيارته وانطلق بهم إلى مكان آمن . وبقيت السيارة الأولى قرب
" الطيبة " حتى عثرت عليها الشرطة الإسرائيلية لتجد لوحاتها مزورة ولم تعثر على أثر للمجموعة إلى الآن . في الوقت نفسه كانت المجموعة الثانية بانتظار الكابتن يورى أوفيد في مركز المدينة قرب الدوار وبنفس الأسلوب تماما . كانت صدمة كبيرة للمخابرات الإسرائيلية التي لم تستوعب حقيقة هامة للغاية وهى قدرة الأمن الفلسطيني على اختراقهم والوصول إلى أصعب الأهداف مهما كانت الإجراءات الأمنية الإسرائيلية مشددة ومثالية . وما أثار التساؤلات في قيادة المخابرات الإسرائيلية هو كيف تم التخطيط لعملية كبرى كهذه استهدفت مدير المخابرات الإسرائيلية في " جنين " وضابط المخابرات المسؤول في " طولكرم " . حظر التجول اثر العملية مباشرة فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي نظام حظر التجول على مدينتي " طولكرم " و " جنين " وفى اليوم نفسه ذكر راديو العدو في نشرته الأخبارية أن : " موشى ليفى رئيس هيئة الأركان قد زار طولكرم وجنين وهدد السكان العرب في المدينتين بإيقاع عقوبات شديدة ضدهم " . لم يشعر أحد أن
" عبد الرحمن " تغيب عن مكتبه أكثر من ساعات وهو تغيب روتيني وعاد الرجل إلى عمله وكأن شيئا لم يكن . في اليوم التالي" عبد الرحمن " يغادر الأرض المحتلة بناء على طلب من قيادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية ليتولى إدارة إحدى محطاتها في أحد البلدان في العالم للاستفادة من خبرته في مواجهة الموساد في الخارج . في غمرة هذه الأحداث كان" أحمد " يعيش فترة من أسوأ فترات حياته قضاها خلف القضبان ولكن مدة حكمه انتهت وخرج حيث عاش حوالي عاماً كاملا في ذلك البلد قبل أن يقرر العودة إلى " قباطيا " مسقط رأسه . عاد إلى بلدته وبدلا من أن يتلقفه أهله وأبناء بلده بالأحضان كأي مناضل خدم وطنه , عاد لتحتضنه أجهزة المخابرات الإسرائيلية . قال ضابط المخابرات الإسرائيلية : هل تستطيع أن تقوم بأعمال الشعوذة ؟ قال العميل : لا أعرف هذه الأمور . الضابط : هذه مسألة سهلة يوجد كتب عديدة تتحدث عن الاتصال بالجن والأرواح اقرأ هذه الكتب وتعلم بعض الأشياء وانشر خبرا في بلدتك أنك أصبحت رجلا متصلا بالجن وانك تستطيع علاج الناس والمسائل الأخرى .. تردد الناس في تصديقه من قبل فئة واعية لم يمنع البعض من التردد عليه ولكن الفئة التي بأكاذيبه سرعان ما اكتشفت أنه لا يعرف شيئا , ولكنه في هذه الفترة كان ينقل إلى المخابرات الإسرائيلية بعض المعلومات الخاصة بهؤلاء الناس . ابتعد الناس عنه ولم يستطع كسب ثقتهم , فكان لا بد من حيلة أخرى طلب منه الضابط يعقوب أن ينتظر في أحد شوارع القرية , وهو الشارع الرئيسي ما بين قباطيا وجنين , وفور مرور سيارة عسكرية إسرائيلية قربه يرمى عليها الحجارة وسيتمر في ذلك ثم يفر هارباً ويفتعل الوقوع على الأرض ليلقى عليه القبض . في مارس ( آذار ) 1986 أودع العميل في السجن وذلك للتجسس على المعتقلين , بدأ العميل بتنفيذ المهمة ولكنه فشل في ذلك أيضاً , وسرعان ما أخذ المعتقلون يخططون لقتله . في إحدى الليالي أمسك أحد الشباب بآلة حادة وانقض عليه طعنا , مكث فترة طويلة في المستشفى وهو يتلقى العلاج , أصبح عميلا محروقا في نظر المخابرات الإسرائيلية ومن المستحيل أن عمل في بلدته ولكن دوره لم ينته . في أحد الأيام استدعاه ضابط المخابرات الإسرائيلية وطلب منه أن يأتى إلى مركز الحاكمية العسكرية الإسرائيلية في نابلس صباحاً . وفى الموعد المحدد دخل العميل إلى غرفة الضابط الذي رحب به ثم قال : أريد منك خدمة بسيطة سأستدعيك بعد قليل لمواجهة أحد الشباب .. انه يرفض الاعتراف ورغم كل التعذيب الذي تعرض له لم يعترف بشيء , ولكن أريد أن يكون محضر التحقيق واعترافه قانونياً وشهادتك هي الدليل حتى في حالة عدم اعترافه , هل فهمت الآن ؟ ! قال العميل : كما تريد .
بعد عشر دقائق جاء العميل ودخل الغرفة , فشاهد شابا في العشرينات من العمر الدماء تنزف من وجهه وآثار التعذيب بادية عليه ويقف بصلابة في وجه المحقق رغم التعذيب الذي تعرض له . استفزه هذا المشهد , فلماذا يعمد هذا الشاب ويواجه تعذيب الجلادين بهذه الروح المعنوية العالية ؟ لماذا لا ينهار ويعترف ويتعامل مع المخابرات الإسرائيلية ؟ نظر الضابط " يعقوب " إلى العميل وقال : واجهه .. ماذا شاهدت ؟! اندفع العميل يقول بحماس : لقد شاهدته يلقى الحجارة على السيارات العسكرية ويشعل الإطارات المطاطية في الشوارع انتفض الشاب مذعورا وقال : أنا لا أعرفك ولم أشاهدك في حياتي أنت كاذب ؟ ! ابتسم الضابط بخبث وقال : ولكنه شاهدك يا عزيز وتعرف عليك وانتهى الأمر . |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:47 | | | سلاح واتاوت
في تلك الفترة قامت المخابرات بتزويد العميل بمسدس ثم في مرحلة لاحقة بمدفع رشاش من نوع " عوزي " إسرائيليي الصنع . خلال عام 1987 اتبع أسلوبا آخر من الانتقام من أهل بلدته , حيث بدأ بأخذ " اتاوات " من سكان قريته وبحماية المخابرات الإسرائيلية وفشلت كل محاولات الشباب لاعادته إلى الصف الوطني . وصلت تقارير عديدة حوله إلى المخابرات الفلسطينية التي اتخذت قراراً بتصفيته جسديا فتولى جهاز مسألة إعدام هذا العميل .
في يونيو ( حزيران ) 1987 قام ضابط " الشين-بيت " يعقوب استدعائه إلى مكان في جنين وفى إحدى القرى القريبة من جنين وعلى بعد مسافة حوالي خمسين مترا توقفت سيارة ضابط المخابرات الإسرائيلية وأخذ يتحدث مع العميل .. قال الضابط : هل تشاهد ذلك البيت ؟ يوجد مهمة ستنفذها هنا .
العميل " ما هي ؟ الضابط : كل شئ بأوانه .. المهم غدا انتظرك في مكتبي عند الساعة التاسعة صباحا . في صباح اليوم التالي كان العميل في مكتب الضباط يستفسر عن سبب
الاستدعاء . قال الضابط : أريد منك أن تتعرف على أحد الأشخاص , شاب في الخامسة والعشرين من العمر . أحضر الضابط قناعا صغيرا من القماش ورماه على الطاولة وقال له : ارتد هذا القناع حتى أعود إليك . ارتدى العميل القناع الذي غطى كل رأسه ولم تظهر إلا عيناه من خلال فتحتين صغيرتين . بعد دقائق جاء الضابط ومعه أحد الشباب المعتقلين وقال للعميل : هل هذا هو الذي رأيته يقوم بالعملية ؟ هز العميل رأسه علامة الإيجاب ولم يتحدث حسب التعليمات . بعد أسبوعين من هذه الحادثة اتفق ضابط المخابرات الإسرائيلية " يعقوب " مع العميل على موعد ليلاً في "جنين " . وفى الموعد المحدد عند الساعة الحادية عشرة ليلاً أخذه بسيارته باتجاه نفس القرية .. وقفت سيارة الضابط في أحد الشوارع الجانبية , وقال للعميل : تتذكر الشاب الذي شاهدته في المركز قبل أسبوعين . قال العميل : نعم أتذكره . الضابط : هذا المسدس محشو بالرصاص .. تذهب إلى منزله وتطلب الشاب واسمه " إبراهيم " وقل لهم انك صديقه تستل المسدس فورا وتطلق النار على رأسه وأنا في انتظارك بالسيارة هل تستطيع فعل هذا ؟ ! تردد العميل قليلا , وقال : ولكن ألا يوجد حل آخر . شجعه الضابط قائلا : لا تخش شيئا.. المسألة سهلة تماما لا داعي للخوف أنا أنتظرك هيا أسرع ولا تضيع الوقت . تقدم العميل بخطى متثاقلة .. تحسس المسدس الذي أخفاه حتى لا يشاهده أحد . كانت شوارع القرية خالية تماماً والناس نيام اقترب من باب المنزل وطرقه فخرج الشاب بنفسه ولم يكن يعلم ما ينتظره ناداه العميل قائلاً : إبراهيم . استغرب الشاب وقال : تفضل ماذا تريد ؟ عندئذ استل مسدسه وأطلق عدة رصاصات على الشاب الذي سقط على الأرض وفر العميل هارباً إلى سيارة الضابط التي انطلقت بسرعة إلى " جنين " . أسعف الشاب ونقل إلى أحد المستشفيات واستخرجت الرصاصة التي أصبته في كتفه ونجا بأعجوبة . لم يكن من الصعب على الشاب الذي أصيب بجراح أن يربط بين حادثة الرجل
"المقنع " في مركز المخابرات الإسرائيلية في " جنين " وبين محاولة اغتياله وتوجهت أصابع الاتهام إلى المخابرات الإسرائيلية . إلا أن " الشين- بيت " كعادتها في مثل هذه الجرائم اتهمت منظمة التحرير الفلسطينية وأن العملية دهى تصفية حسابات بين الفصائل الفلسطينية . أثناء تلك الفترة كان أحد شباب الأمن يتقرب منه وفوجئ بمعرفته الدقيقة بتفاصيل هذه العملية التي لم تتعرض وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى تفاصيلها . أخذ الشاب يتردد معه على أماكن كثيرة في " جنين " حتى وجد الفرصة المناسبة
في أحد البارات فوضع له السم في كأسه وذلك في تموز ( يوليو ) 1987 ولم تمض دقائق حتى بدا مفعول السم يجرى في جسده , فنقل في حالة غيبوبة إلى المستشفى وتم إنقاذه بأعجوبة وكانت المحاولة الثانية لاغتياله بعد حادثة السجن في جنين . عاد ليمارس علمه التجسسى التخريبي ضد أبناء شعبه , فأوعز إلى المجموعة
"77 " وهى إحدى مجموعاتها العاملة في منطقة " جنين " بضرورة التخلص من هذا العميل . في 16 أغسطس ( آب ) 1987 وعند منتصف الليل تحركت المجموعة التى تتكون من أربعة شباب وكان العميل ما يزال يقظاً . كانت المجموعة تحاول تفخيخ سيارته بالديناميت ولكن سوء الطالع حالفهم في تلك الليلة عندما أطل من شرفة منزله .. وفوراً أطلق النار عليهم فأصاب أحد أفراد المجموعة بجراح وفر الباقون استدعى المخابرات الإسرائيلية التي اعتقلت الشاب , الذي لم يستطع تحمل صنوف التعذيب وهو جريح وتعمدت المخابرات الإسرائيلية عدم تقديم أي علاج له سوى بعض المسكنات وتم تعذيبه بوحشية وخصوصاً على جرحه الذي كان لا يزال دامياً . اعترف الشاب وأعتقلت المجموعة وما تزال تقبع في السجون إلى الآن . واثر اعتقال هذه المجموعة تم تكليف المجموعة الثانية "77ب " بتصفية جسديا بأي شكل من الأشكال ووصلت هذه التعليمات الصارمة في ديسمبر( كانون الأول) 1987 بعد اندلاع الانتفاضة في الأراضي العربية المحتلة . مقتل العميل في صباح يوم 24 فبراير ( شباط ) 1988 كان أهل قباطيا يغسلون العار الذي حاول هذا العميل تدنيس بطولاتهم ونضالاتهم به من خلال تعامله مع المخابرات الإسرائيلية ضد أبناء بلدته وشعبه وجهت القوات الضاربة للانتفاضة جماهير البلدة نحو منزل العميل الذي يتكون من طابقين , وحاصروه فاتصل بالمخابرات الإسرائيلية طالبا منهم قوة من الجيش للتدخل لحمايته . كانت حالة من الغليان تسيطر على القرية المناضلة وبقى الجيش يحاصرها من بعيد ولا يستطيع الاقتراب وجاء صوت الضابط ليقول : لا نستطيع التدخل ..الجيش عاجز عن دخول القرية تصرف بمفردك . صرخ من الغضب وألقى بالجهاز على الأرض ونظر من شقوق النافذة المغلقة ليشاهد الشباب وهم يصرخون ويطلبون منه الخروج والحجارة تنطلق . قفز إلى شرفة المنزل المطلة على الشارع و أخذ يطلق الرصاص بشكل عشوائي في تلك اللحظة كان أحد أفراد المجموعة "77ب" يستل مسدسا ويطلق رصاصتين أصابت مقتلا منه و أخفى الشاب مسدسه . سقط العميل صريعا على شرفة المنزل في حين استشهد طفل عمره 4سنوات وجرح 13 شخصا بفعل رصاص العميل. اندفع الشباب إلى منزله وألقوا بجثته من الشرفة إلى الشارع و ربطوا عنقه بسلك معدني و قاموا بجره على الأرض مسافة 100 متر ثم علقوه مشنوقا على أحد أعمدة الكهرباء قرب " بلدية قباطيا". و بقيت القرية في حالة من الغليان والثورة ولم يستطع الجيش الإسرائيلي دخولها إلا في فجر اليوم التالي وقاموا باعتقال اكثر من 100شخص بحثا عن قتلة العميل. فرضت قوات الجيش الإسرائيلي حظر التجول على القرية و أعلنتها منطقة عسكرية مغلقة ومنعت الصحفيين والمراسلين الأجانب من الاقتراب منها. وفى 25 فبراير( شباط ) 1988 اعترف ضابط في الجيش الإسرائيلي في تصريح صحفي أن العميل الذي نفذ فيه حكم الإعدام كان " مشعوذا يقرأ الطالع ويعمل مع المخابرات الإسرائيلية وكان مرخصا له بحمل السلاح " . وفى أوائل عام 1989 أمرت سلطات الاحتلال " بلدية قباطيا " بإعادة أعمار منزل العميل وعلى نفقة البلدية .. بعد هذا الحادث مباشرة قام العديد من العملاء بتسليم أسلحتهم واعلان التوبة في مسجد القرية , كما امتدت هذه الظاهرة إلى سائر القرى والمخيمات الفلسطينية . |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 18:49 | | | الفصل التاسع إعدام العميل المشعوذ
(مكرر )
عاد العميل إلى قريته " قباطيا " قرب " جنين " وخلال السنوات التي قضاها في السجن لم يراجع نفسه ولم يتغير مطلقاً سوى نحو الأسوأ والحقد .. ولكنه عاد عاجزاً عن العمل بعد أن عرف أهل بلدته بأنه سجن بسبب تعاطيه المخدرات والاتجار بها , فأصبح معزولاً تماماً ولم يجد من يقبل أن يتعامل معه . كما عاد للارتباط بالمخابرات الإسرائيلية من خلال أحد ضباطها في " جنين " ويدعى " يعقوب " الذي فكر ملياً ووجد له حلاً مناسباً .. قال ضابط المخابرات الإسرائيلية : هل تستطيع أن تقوم بأعمال الشعوذة ؟ ! قال العميل : كلا .. فأنا لا أعرف هذه الأمور .. الضابط : هذه مسألة سهلة .. يوجد كتب عديدة تتحدث عن الاتصال بالجن والأرواح .. اقرأ هذه الكتب وتعلم بعض الأشياء وانشر خبراً في بلدتك أنك أصبحت رجلاً متصلاً بالجن وأنك تستطيع علاج الناس والمسائل الأخرى ابحث عنها وستجدها ... لمعت عينا العميل وأعجبته هذه الفكرة الجهنمية ... فأسرع إلى كتب الشعوذة يبحث عنها وفهم بعض الطلاسم والتعويذات , ثم تصنع الصلاح والتقوى وأخذ يحدث الناس في المقاهي بأن الله قد فتح عليه وكشف على بصره وأصبح على اتصال بالجان والأرواح وأنه يستطيع الكشف عن الغائب وحل المشكلات العائلية وعلاج المرضى وأنه تاب إلى الله توبة نصوحاً . تردد الناس في تصديقه , فإذا كان كما يدعى بأن الله قد منحه كرامات فهل يمنحها الله للفاسق ؟! ولكن عدم تصديقه من قبل فئة واعية لم يمنع النساء من التردد عليه وبعض المرضى الميؤوس من شفائهم بحثا عن ضالتهم ... وحتى هذه الفئة التي آمنت بأكاذيبه سرعان ما اكتشفت أنه لا يعرف شيئاً , ولكنه في هذه الفترة كان ينقل إلى المخابرات الإسرائيلية بعض المعلومات الخاصة بهؤلاء الناس , وكان القصد من هذه العملية هو تلميحه لجعله وجها مقبولاً لأهل البلدة .. ابتعد الناس عنه ولم يستطع كسب ثقتهم , فكان فلابد من حيلة أخرى , وهى حيل أصبحت مكشوفة للناس .. فطلب منه الضابط " يعقوب " أن ينتظر في أحد شوارع القرية , وهو الشارع الرئيسي ما بين قباطيا وجنين , وفور مرور سيارة عسكرية إسرائيلية قربه يرمى عليها الحجارة ويستمر في ذلك ثم يفر هارباً ويفتعل الوقوع على الأرض ليلقى عليه القبض .. وفعلاً في حركة مسرحية وعلى مرأى من الناس , وما إن أطلت سيارة عسكرية كان بها الضابط " يعقوب " ومعه عدة جنود حتى قام العميل وأخذ يرمى الحجارة ويدعو الشباب لذلك . ولكن أحداً لم يتجاوب معه , وبقول ينظرون إلى هذا المشهد .. فتوقفت السيارة العسكرية وأسرع هارباً ثم وقع على الأرض والجنود يطاردونه فقبضوا عليه واتجهوا به إلى مركز الحاكمية العسكرية في " جنين " الذي يقع في الحارة الغربية على بداية طريق حيفا . في آذار 1986 أودع العميل في السجن وذلك للتجسس على المعتقلين , الذي يقع في مركز الحاكمية العسكرية . ولم يكن من الصعب على المعتقلين اكتشاف هذا العميل , الذي يلعب دور " عصفور " كما يسميه المعتقلون أي العميل ومهمته داخل السجن للتجسس على المعتقلين , حيث يوضع في غرفة خاصة وتدخل المخابرات الإسرائيلية عليه الشباب اللذين يجرى التحقيق معهم لاستدراجهم وحتى يعترفوا بأشياء أمامه لم يذكروها أمام المحقق . بدأ العميل بتنفيذ المهمة ولكنه فشل في ذلك أيضاً , وسرعان ما أخذ المعتقلون يخططون لقتله .. وفى إحدى الليالي امسك أحد الشباب بآلة حادة وانقض عليه طعناً فاقتحمت الشرطة الإسرائيلية الغرفة وخلصوه من بين أيدي الشباب ... وهو شبه ميت والدماء تنزف من جسمه فأدخل إلى مستشفى " رمبام " في حيفا . مكث فترة طويلة في المستشفى وهو يتلقى العلاج , حتى خرج ناقما بدلاً من أن يراجع نفسه ويستيقظ ضميره . أصبح عميلا محروقاً في نظر المخابرات الإسرائيلية ومن المستحيل العمل في بلدته , ولكن دوره لم ينته .. في أحد الأيام استدعاه ضابط المخابرات الإسرائيلية وطلب منه أن يأتى إلى مركز الحاكمية العسكرية الإسرائيلية في نابلس صباحاً . وفى الموعد المحدد دخل العميل إلى غرفة الضباط الذي رحب به ثم قال : أريد منك خدمة بسيطة .... قال العميل بثقة : أنا تحت أمرك .. قال ضابط المخابرات الإسرائيلية : سأستدعيك بعد قليل لمواجهة أحد الشباب .. انه يرفض الاعتراف ورغم كل التعذيب الذي تعرض له لم يعترف بشيء .. أريد منك أن تدخل عندما أطلبك وتواجهه وتقول له بأنه قام بعمليات فدائية وأنك شاهدته بعينيك يقوم بذلك ..... رد العميل قائلا بسذاجة : ولكنني لم أشاهد أحداً يقوم بمثل هذا العمل وإلا أخبرتك عنه .. قال الضابط بضجر : أنت لم تشاهده يا غبي .. ولكن أريد أن يكون محضر التحقيق واعترافه قانونيا .. وشهادتك هي الدليل حتى في حالة عدم اعترافه .. هل فهمت الآن ؟! قال العميل : شهادة .. شهادة .. كما تريد .. أين هو ؟! الضابط :انتظر في الغرفة المجاورة حتى أستدعيك .. ثم أعطاه اسم الشاب والأمور التي يجب آن يواجهه بها .. بعد عشر دقائق جاء العميل ودخل إلى الغرفة , فشاهد شاباً في العشرينات من العمر , الدماء تنزف من وجهه وآثار التعذيب بادية عليه ويقف بصلابة في وجه المحقق رغم التعذيب الذي تعرض له .. استفزه هذا المشهد , فلماذا يصمد هذا الشاب ويوجه تعذيب الجلادين بهذه الروح المعنوية ؟ لماذا لا ينهار ويعترف ويتعامل مع المخابرات الإسرائيلية ؟ أخذ يفكر بهذا الأسلوب وهو ينظر للشاب قائلا لنفسه " ما فيش حد أحسن من حد " . نظر الشاب " يعقوب " إلى العميل وقال : واجهه..
ماذا شاهدت ؟! اندفع العميل يقول بحماس : لقد شاهدته يلقى الحجارة على السيارات العسكرية ويشعل الإطارات المطاطية في الشوارع و ... !! انتفض الشاب مذعورا وقال : أنا لا أعرفك ولم أشاهدك في حياتي .. أنت كاذب ؟! ابتسم الضابط بخبث وقال : ولكنه شاهدك يا عزيزي .. وتعرف عليك .. وانتهى الأمر .. قال الشاب بلهجة تحدى : لن أعترف بشيء لم أفعله ..تريدون تزوير التحقيق ! اندفع الضابط ومعه آخر بالضرب والركل على الشاب وأخرج من الغرفة . وبهذا الأسلوب عمدت المخابرات الإسرائيلية " الشين-بيت" إلى تزوير الشهادات ومحاضر التحقيق وذلك بتلفيق تهم باطلة للشباب الفلسطيني في الأرض المحتلة . فقد أراد ضابط " الشين-بيت " تعويض نقص المعلومات وعدم استطاعتهم السيطرة على العمل الوطني داخل الأرض المحتلة من خلال تزوير الشهادات ومحاضر التحقيق . في تلك الفترة قامت المخابرات الإسرائيلية بتزويد العميل بمسدس ثم في مرحلة لاحقة بمدفع رشاش من نوع " عوزي " إسرائيلي الصنع . خلال عام 1987 اتبع أسلوباً آخر من الانتقام من أهل بدلته , حيث بدأ بأخذ
" أتاوات " من سكان قريته وبحماية المخابرات الإسرائيلية وفشلت كل محاولات الشباب لاعادته إلى الصف الوطني . وصلت تقارير عديدة حوله إلى المخابرات الفلسطينية التي اتخذت قراراً بتصفيته جسدياً , فتولى جهاز القوة " 17" مسألة إعدام هذا العميل . في حزيران 1987 قام ضابط " الشين –بيت " يعقوب باستدعائه إلى مكان في جنين , حيث اصطحبه بسيارته وانطلق خارجاً من المدينة .. وفى إحدى القرى القريبة من " جنين " وعلى بعد مسافة حوالي خمسين متراً توقفت سيارة ضابط المخابرات الإسرائيلية وأخذ يتحدث مع العميل .. قال الضابط : هل تشاهد ذلك البيت ؟ العميل : نعم .. إنني أراه .. قال الضابط " يعقوب " : يوجد مهمة ستنفذها هنا .. العميل : ما هي ؟ الضابط : كل شئ بأوانه .. المهم غداً أنتظرك في مكتبي .. عند الساعة التاسعة صباحا.. العميل : كما تريد ! عاد الضابط ومعه العميل في سيارته وأوصله إلى " جنين "وواصل سيره باتجاه مركز المخابرات الإسرائيلية . في صباح اليوم التالي كان العميل في مكتب الضابط يستفسر عن سبب الاستدعاء .. قال الضابط : أريد منك أن تتعرف على أحد الأشخاص .. شاب في الخامسة والعشرين من العمر .. أحضر الضابط قناعاً صغيراً من القماش ورماه على الطاولة وقال له : ارتد هذا القناع حتى أعود إليك .. ارتدى العميل القناع الذي غطى كل رأسه ولم يظهر إلا عيناه من خلال فتحتين صغيرتين . بعد دقائق جاء الضابط ومعه أحد الشباب المعتقلين وقال للعميل : هل هذا هو الذي رأيته يقوم بالعملية .. هز العميل رأسه علامة الإيجاب ولم يتحدث حسب التعليمات . نادى " يعقوب" على أحد المراسلين حيث أخذ الشاب الذي كان يتعرض للتعذيب في غرفة التحقيق .. كان شاباً وطنياً وقد اعتقل العديد من المرات وفشلت المخابرات الإسرائيلية في الحصول على اعتراف منه . بعد أسبوعين من هذه الحادثة اتفق ضابط المخابرات الإسرائيلية " يعقوب " مع العميل على موعده ليلاً في " جنين " وفى الموعد المحدد عند الساعة الحادية عشرة ليلاً أخذه بسيارته خارجاً من المدينة باتجاه القرية نفسها . وقفت سيارة الضابط في إحدى الشوارع الجانبية , وقال للعميل : هل تتذكر الشاب الذي شاهدته في المركز قبل أسبوعين ... قال العميل : نعم .. أتذكره .. الضابط / هذا مسدس محشو بالرصاص .. تذهب إلى منزله والذي شاهدته قبل فترة .. هل تذكرت ؟ العميل : نعم .ز الضابط : تقرع الباب الآن .. وتطلب الشاب واسمه " إبراهيم " .. فإذا خرج أحد أفراد أسرته أطلب " إبراهيم " وقل لهم أنك صديقه .. وان جاءك ولم يخرج أحد من عائلته .. تستل المسدس فوراً وتطلق النار على رأسه وأنا في انتظارك في السيارة .. هل تستطيع فعل هذا ؟! تردد العميل قائلاً وقال : ولكن ألا يوجد حل آخر .. شجعه الضابط قائلاً : لا تخش شيئاً .. المسألة سهلة تماماً ولا داعي للخوف .. أنا أنتظرك .. هيا أسرع ولا تضيع الوقت .. تقدم العميل بخطى متثاقلة .. تحسس المسدس الذي أخفاه حتى لا يشاهده أحد .. كانت شوارع القرية خالية تماماً والناس نيام .. اقترب من باب المنزل وطرق الباب .. ثم انتظر مبتعداً مسافة متر عن الباب .. خرج الشاب بنفسه ولم يكن يعلم ما ينتظره .. ناداه العميل قائلاً : إبراهيم .. استغرب الشاب من هذا الرجل الغريب الذي يناديه باسمه وقال : تفضل .. ماذا تريد ؟! عندئذ استل مسدسه وأطلق عدة رصاصات على الشاب الذي سقط على الأرض بسرعة , وفر العميل هارباًُ إلى سيارة الضابط التي انطلقت بسرعة إلى " جنين ". أسعف الشاب ونقل إلي إحدى المستشفيات واستخرجت الرصاصة التي أصابته في كتفه ونجا بأعجوبة . لم يكن من الصعب على الشاب الذي أصيب بجراح أن يربط بين حادثة الرجل " المقنع " في مركز المخابرات الإسرائيلية في " جنين " وبين محاولة اغتياله وتوجهت أصابع الاتهام إلى المخابرات الإسرائيلية . إلا أن " الشين-بيت " كعادتها في مثل هذه الجرائم اتهمت منظمة التحرير الفلسطينية وأن العملية هي تصفية حسابات بين الفصائل الفلسطينية .. وقد ذكر متحدث عن الجيش الإسرائيلي للإذاعة الإسرائيلية أن المسألة لا تتعدى تصفية الحسابات بين الفصائل الفلسطينية . الا أن العميل استغرب من التصريحات الإسرائيلية حول هذه العملية الفاشلة التي استهدفت أحد الشباب الوطنيين داخل الأرض المحتلة . وأثناء تلك الفترة كان أحد شباب أمن القوة "17" يتقرب منه وفوجئ بمعرفته الدقيقة بتفاصيل هذه العملية التي لم تتعرض وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى تفاصيلها , وقد أثارت هذه المسألة شكوك الشاب وواصل تقربه منه .. في حين كان يصر العميل متفاخراً بمعرفته لبواطن الأمور بأن المخابرات الإسرائيلية هي التي حاولت قتل الشاب ... أخذ الشاب يتردد معه على أماكن كثيرة فى " جنين " حتى وجد الفرصة المناسبة في إحدى البارات حيث وضع له السم في كأسه وذلك في تموز 1987 . ولم تمض إلا دقائق وبدأ مفعول السم يجرى في جسده , فنقل في حالة غيبوبة إلى المستشفى وتم إنقاذه بأعجوبة , وكانت المحاولة الثانية لاغتياله بعد حادثة السجن في "جنين " . عاد ليمارس عمله التجسسى التخريبي ضد أبناء شعبه , فأوعزت القوة "17 " إلى المجموعة "77أ " وهى إحدى مجموعاتها العاملة في منطقة "جنين " بضرورة التخلص من هذا العميل . في 16 آب 1987 وعند منتصف الليل تحركت المجموعة التي تتكون من أربعة شباب وكان العميل ما يزال يقظاً . كانت المجموعة تحاول تفخيخ سيارته بالديناميت ولكن سوء الطالع حالفهم في تلك الليلة عندما اطل من شرفة منزله .. وفوراً أطلق النار عليهم فاصاب أحد أفراد المجموعة بجراح وفر الباقون . استدعى المخابرات الإسرائيلية التي اعتقلت الشاب , ولم يستطع هذا الشاب تحمل صنوف التعذيب وهو جريح وتعمدت المخابرات الإسرائيلية عدم تقديم أي علاج سوى بعض المسكنات , وتم تعذيبه بوحشية وخصوصاً على جرحه الذي كان ما يزال دامياً .. اعترف الشاب واعتقلت المجموعة وما تزال تقبع في السجون حتى الآن . أصبح العميل بعد هذه المحاولة لاغتياله , وهى الثالثة التي يتعرض لها منذ ولادته , يطلق النار ليلاً من شرفة منزله من حالة الخوف التي سيطرت عليه . اثر اعتقال هذه المجموعة تم تكليف المجموعة الثانية "77ب" بتصفيته جسدياً بأي شكل من الأشكال , ووصلت هذه التعليمات الصارمة في كانون الأول 1987 بعد اندلاع الانتفاضة في الأراضي العربية المحتلة . كانت الانتفاضة ثورة شعبية وعادة ما يتم تصفية العملاء قبل اندلاع الثورة الشعبية ـأو أثناءها , وبدأت الانتفاضة تنفذ حكم الشعب في هذه الفئة الضالة .. مقتل العميل في صباح يوم 24 شباط 1988 كان أهل قباطيا يغسلون العار الذي حاول هذا العميل تدنيس بطولاتهم ونضالاتهم به .. من خلال تعامله مع المخابرات الإسرائيلية ضد أبناء بلدته وشعبه .. وجهت القوات الضاربة للانتفاضة جماهير البلدة نحو منزل العميل الذي يتكون من طابقين , وحاصروه فاتصل بالمخابرات الإسرائيلية طالباً منهم قوة من الجيش للتدخل لحمايته .. كانت حالة من الغليان تسيطر على القرية المناضلة وبقى الجيش يحاصرها من بعيد ولا يستطيع الاقتراب .. فجاء صوت الضابط ليقول : لا نستطيع التدخل .. الجيش عاجز عن دخول القرية .. تصرف بمفردك .. صرخ من الغضب وألقى بالجهاز على الأرض ونظر من شقوق النافذة المغلقة ليشاهد الشباب وهم يصرخون ويطلبون منه الخروج .. والحجارة تنطلق مثل المطر على منزله .. أحس بالأرض تميد تحت قدميه .. هل هذه هي النهاية ؟! نظر إلى المدفع الرشاش من نوع " عوزي " وتحسه بحقد وهو يهز رأسه .. سأبعد الأوغاد ! سأفعل ما لم يستطع الجيش فعله .. يا لهم من جبناء .. لا يقدرون على مواجهة هؤلاء الصعاليك .. قفز إلى شرفة المنزل المطلة على الشارع وأخذ يطلق الرصاص بشكل عشوائي .. في تلك اللحظة كان أحد أفراد المجموعة "77ب" بين جمهور الشباب الغاضب فاستل مسدساً دون أن يتنبه إليه أحد في غمرة الفوضى والارتباك واطلاق الرصاص والصراخ .. وأطلق رصاصتين أصابت مقتلاً منه وأخفى الشاب مسدسه .. سقط العميل صريعاً على شرفة المنزل في حين استشهد طفل عمره 4 سنوات وجرح 13 شخصاً بفعل رصاص العميل . اندفع الشباب إلى منزله وألقوا بجثته من الشرفة إلى الشارع وربطوا عنقه بسلك معدني وقاموا بجره على الأرض مسافة 100 متر ثم علقوه مشنوقاً على أعمدة الكهرباء قرب " بلدة قباطيا " . بقيت القرية في حالة من الغليان والثورة ولم يستطع الجيش الإسرائيلي دخولها إلا في فجر اليوم التالي , حيث داهمها مئات الجنود الإسرائيليون مع العديد من السيارات المصفحة وقاموا باعتقال أكثر من 100 شخص بحثاً عن قتلة العميل . فرضت قوات الجيش الإسرائيلي حظر التجول على القرية وأعلنتها منطقة عسكرية مغلقة , ومنعت الصحفيين والمراسلين الأجانب من الاقتراب منها . أخذت قوات الاحتلال تلف رؤوس الشباب بالقمصان والسترات بشكل عشوائي إلى الاعتقال والتعذيب . وفى 25 شباط 1988 اعترف ضابط في الجيش الإسرائيلي في تصريح صحفي أن العميل الذي نفذ فيه حكم الإعدام كان : " مشعوذاً يقرأ الطالع ويعمل مع المخابرات الإسرائيلية وكان مرخصاً له بحمل السلاح . وأشار الضابط الإسرائيلي إلى أن القرويين الغاضبين رجموا منزله بالحجارة مما أدى إلى استشهاد طفل في الرابعة من عمره واصابة 13 شاباً بجراح . وقال أحد سكان القرية : " إن هذه هي نهاية كل من يتعامل مع الإسرائيليين , لقد أتاح له الناس فرصاً عديدة كي يتغير ولكنه لم يرتدع " . لم تتوقف جماهير الانتفاضة في قرية " قباطيا " عند هذا الحد فقد أرادوا اقتلاع العمالة من جذورها , وفور إعدامه قام الشباب بإخراج مبلغ مالي وجد في المنزل قدره حوالي 40 ألف دولار وأحرقوها أمام الناس في الشارع لأنها أموال جمعت من الحرام ومن دماء الشعب . كما أحرقوا منزله بكامله لغسل جرائمه البشعة . في اليوم التالي وبعد دخول قوات الاحتلال إلى القرية , أنزلت جثته من عمود الكهرباء من قبل الجنود الإسرائيليين وقاموا بدفنه دون مشاركة أي شخص من أهل القرية .. وفى أوائل عام 1989 أمرت سلطات الاحتلال " بلدية قباطيا " بإعادة اعمار منزل العميل وعلى نفقة البلدية . بشكل استفزازي لمشاعر أهل البلدة . بعد هذا الحادث مباشرة قام العديد من العملاء بتسليم أسلحتهم واعلان التوبة في مسجد القرية , كما امتدت هذه الظاهرة إلي سائر القرى والمخيمات الفلسطينية المصدر http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2006/01/05/34454/1.html تم بحمد الله عاشت فلسطين والمجد للشهداء الابرار تحياتي لكم
بحري من عكا
عدل سابقا من قبل بحري من عكا في الأحد 13 أكتوبر 2013 - 12:35 عدل 1 مرات |
| | | mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43845 معدل النشاط : 58599 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد السبت 12 أكتوبر 2013 - 22:09 | | | الصراحه استمتعت جدا بقراءة الموضوع رغم طوله بدون شك ان اجهزة الامن والمخابرات الفلسطينيه حافله بقصص البطولات قصة البطل عدنا وجواد حسين وتجنيدهم للضابط الاسرائيلي بل اقناعه بالاسلام هو عمل اقل مايمكن ان يقال عنه انه احترافي وجرئ وبطولي اود ان اشير ايضا الى ان اخر مساهمتين في موضوعك اخي بحري هي مكرره وبعنوان " قتل العميل المشعوذ " تقييم تحياتي |
| | | بحري من عكا
لـــواء
الـبلد : المهنة : Mechatronics Engineer المزاج : الحمد الله التسجيل : 25/07/2013 عدد المساهمات : 2718 معدل النشاط : 3696 التقييم : 307 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد الأحد 13 أكتوبر 2013 - 12:39 | | | - mi-17 كتب:
الصراحه
استمتعت جدا بقراءة الموضوع رغم طوله
بدون شك ان اجهزة الامن والمخابرات الفلسطينيه حافله بقصص البطولات
قصة البطل عدنا وجواد حسين وتجنيدهم للضابط الاسرائيلي بل اقناعه بالاسلام هو عمل اقل مايمكن ان يقال عنه انه احترافي وجرئ وبطولي
اود ان اشير ايضا الى ان اخر مساهمتين في موضوعك اخي بحري هي مكرره وبعنوان " قتل العميل المشعوذ "
تقييم
تحياتي اهلا بك اخي الكريم صراحة وكما قلت موضوع شيق ونسطيع ان نعمله عليه اجمل فيلم ما رايك ؟ واكثر ما اثار اعجابي هو هذا الحوار بين عدنان وضابط الموساد جورج جورج : لهذا السبب يقتلون منا هذا العدد الكبير . - عدنان : كل العمليات الفدائية ينفذها متطوعون يعرفون مسبقاً أن مصيرهم السجن أو الشهادة . - جورج : ألم يكن حزيناً قبل مشاركته في العملية ؟ - عدنان : أنا الحزين وليس هو . كان في غاية السعادة . - جورج : سعيد بموته ؟ أمر غريب ! في عام 1973 كان جنودنا يعطبون سياراتهم العسكرية حتى لا يذهبوا إلى الجبهة , وكانوا يقفزون بالمظلات قبل أن تصاب طائراتهم مما اضطر قيادة الجيش إلى ربطهم بالسلاسل داخل الدبابات والطائرات . ابتسم عدنان وقال : هل أتاكم فدائي مقيد بالسلاسل ؟ !اعتراف العدو يرفع المعنويات بشكل كبير وبالنسبة للجاسوس احمد فهو من الحثالة التي لا ترقى ولا يتشرف بها الشعب الفلسطيني وكان هذا واضح من النص كل الاحترام للابطال عدنان وابو خليل والضابط محمد عبد الرؤوف ويوجد امثال هذه البطولات الكثير الكثير وان شالله سأقوم بوضع عدة مواضيع عن بعض عمليات المخابرات الفلسطينية البطولية ولكنها ستكون قصيرة نوعا ما تحياتي لك اخي الكريم |
| | | | من ملفات المخابرات الفلسطينية اختراق الموساد | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|