لكي نفهم لماذا لم تتحرك الصين علينا ان نفهم استراتجية و عقلية و ايديولوجية الصين في التعامل مع هكذا احداث
حاليا و حسب تقديرات و اجماع الخبراء و مراكز البحوث الاستراتجية لا يوجد في العالم سوى 3 قوى عالمية عظمى و هي بالترتيب أمريكا روسيا الصين .
كل واحدة تختلف في عقليتها مع الاخرى مع ان في طرق الهيمنة نجد تقارب نسبي ضئيل بين الروس و الامريكان و تباعد واضح جدا للصين .
و رغم ان الصين تعتبر في القوة و بسط النفوذ و المكانة الدولية في صنع القرار تعتبر اضعف من أمريكا و روسيا الا ان السياسة الصينية تعتبر الاكثر حكمة من الكل .
فالصين تعرف من اين يأكل الكتف و متى و اين تتدخل بأموالها الجبارة .
حكمة السياسة الصينية تسعى من خلالها الجمهورية الشعبية لكي تتفادى اي مواجهة مع الغرب لكي تواصل الصين نموها القياسي و لكي يواصل الغرب ركوده المتواصل . فالصين ليست بغبية كي تشعل حرب او مشاكل مع الغرب و هي اكبر مستفيد من الوضع العالمي الحالي. فالكل يعاني اقتصاديا الا هي .
حكمة جسدتها قضية سنودن اعلى المستشارين في وكالة الامن القومي الامريكي المنشق و الهارب اذ استقبلته الصين في هونكغ كونغ و اخذت منه كل ما تريد و بما ان الصين ليست بدولة مواجهة مباشرة كما روسيا ارسلته لمطار موسكو كي يلجئ لروسيا و تعطيع اللجوء السياسي . فهي تعلم ان علاقتها مع أمريكا لا تتحمل مصيبة أخرى و هي تعلم جيدا انه اذا كانت هنالك دولة تستطيع الوقوف في وجه أمريكا فهي روسيا .
استراتجية باتت واضحة خلال الاومة الخانقة للديون السيادية و الازمة الاقتصادية للاتحاد الاروبي اذ رفضت الصين حتى بالمزح مساعدة الدول الاروبية في ذالك . فهي تريدهم ان يغرقوا و يغرقوا اكثر و لكنها لا تريدهم ان ينهاروا لأنهم اكبر سوق تجارية لهم .
استراتجية بانت اكثر في الازمة الاخيرة في سوريا اذ نبهت و حذرت الصين أمريكا من شيء واحد لا يجب اللعب به ابدا . وهو اللعب بارتفاع اسعار النفط الذي سيهلك أمريكا قبل الصين . و لان الصين تخطت أمريكا مؤخرا و اصبحت اكبر مستورد للنفط و الخامات في العالم . فهي لن تسمح لأحد باللعب بمصالحها .
مثال آخر الصين تستورد النفط من السودان و جنوب السودان في نفس الوقت و لها علاقات جيدة مع الطرفين . فهي تقول لهم بكل صراحة لا يهمني ان حاربتم بعضكم و لكن اياكم اللعب بحصتي في النفط .
نفس الشيء تتبعه مع العراق و كردستان .
هي ليست بمعايير مزدوجة و لكن مصالح واضحة من دون نفاق . فالغرب عندما يتدخل في افريقيا فهو ينافق باسم حقوق الانسان و الديقراطية و...... لكي ينهب ثرواته عكس الصين .
فهي دولة ذات الحزب الواحد لا تعترف بشيء غير المصالح الاستراتجية فقط . فهي و كما يعرف الجميع اول شريك تجاري لافريقيا الآن و هي غزت لاقارة الافريقية باموالها و استثماراتها الجبارة فيها و المقابل سهل جدا . الطاقات الافريقية للصين اولا . بالنسبة للدول الافريقية الفقيرة الامر هكذا. فان كنت فقيرا ستغنيك الصين باموالها و ان كنت عطشان سترويك الصين بأية طريقة و ان كنت جائع فتشبعك الصين من فائضها اما ان كنت من تلك الدول و لا تمتلك الطاقة فالصين ستقول لك الى سابع جحيم . فالافارقة راضون بما تفعله معهم الصين فهي اصبحت اكبر دائن لهم اليوم .وهم يعرفون استراتجيتها و خبثها جيدا
نرجع للاهم و هي مصر . الصين كانت كالعادة مساندة لموقف الروس من ثورة 30 يونيو الاخيرة حين رفعت فرنسا و بريطانيا برعاية أمريكية جلسة في مجلس الامن ضد افعال الجيش المصري و تطالب بادانته و افشل الروس و من بعدهم الصينيين صدور اي قرار يدين مصر و هدد النائب لاروسي في مجلس الامن فيتالي تشروكين بشل مجلس الامن مرة أخرى كما فعل مع سوريا طيلة 3 سنوات . و اكتفى مجلس الامن بالدعوة للحوار و ضبط النفس .
لذا برز التقارب الاخير بين مصر و روسيا فلا يمكنك ان تفعل شيء الا و لك دولة عظمى تحميك بالفيتو في مجلس الامن الدولي .
روسيا و مصر علاقتها تارخية و كبيرة جدا مقارنة بالصين . فحرب 56 و بناء السد العالي و محاربة اسرائيل بالاسلحة الروسية و العلاقات زمن عبد الناصر و قليل من زمن السادات و اكثر في زمن مبارك و ........ اي ان مصر تثق في روسيا اكثر من الصين بحكم التاريخ .
اما الوضع الحالي فالصين مازالت تدرس الامور من مختلف الابعاد فهي ستتنتظر الانتخبات اولا التشريعية و البرلمانية و الرئاسية و ....... و استقرار الاوضاع في مصر و تفهم الصين ما يجب فعله و ما لا يجب فعله . فالصين هي اكبر دولة تجارية في العالم و ثاني اكبر اقتصاد و الاول بداية من 2016 و لها احتياطي لا يقهر من النقد و الذهب هو الاكبر في العالم يقدر بحوالي 3.7 ترليون دولار معلنة و رسمية و ماخفي كان اعظم ولها نيزان و فائض تجاري فعلا مرعب. اي لن يصعب على الصين ان تجعل القاهرة في تطور بكين و الاسكنديرية في عمران شانغاي . فالصين سخية جدا في القروض . فآخر زيارة لرئيس فنزويلا للصين اخذ منها قرض بشروط اكثر من مريحة يقدر باكثر من 5 مليارات دولارات و استثمارات جديدة باكثر من 20 مليار دولار في الاقتصاد الفنزويلي كبداية.
طبعا الطاقات في المقابل .
فالروسي يفكر كي يحكم العالم باسلحته و الامريكي بثقافته و نفوذه اما الصيني فبالتأكيد بأمواله
و مصر ايضا ليست بالدولة الهينة وهي قوة اقليمية لذالك هي تعرف من هي الصين و ما الصين قادرة على فعله و ما تريده الصين منها بالضبط .
فالمبادرة ليست من خصال الصين و التسرع في هذه الامور لم يعرف بالصنيين . لذالك الصين ستراقب بحذر ما ستفعله روسيا مع مصر و ستفعله أمريكا مع مصر و من بعد ستدخل الصين في السباق و الحق يقال لا مثيل لهم في غزو و التهام الاسواق و اغراقها بالاستثمارات الكبيرة . لا الروس و لا الامريكان و لاالاروبيين يضاهونهم في ذالك المجال . فالصين لا تعترف بكلمة حليف بل تحبذ اكثر كلمة شريك . فالحلفاء يذهبون و يعودون اما الشركاء فمجبر ان تبقى الشراكة الاستراتجية معهم
بالنسبة لصفقات الاسلحة سواء مع روسيا او مع الصين فمن المبكر جدا الحديث عن ذالك . فالاول بحث التعاون و الشراكة الاستراتجية و من بعد يأتي السلاح فمصر ليست بحاجة ملحة عاجلة في الوقت الحالي للسلاح في قدر ماهي في حاجة ان تسطر الخطوط العريضة لسياساتها المستقبلية .
فان اختارت روسيا فباتأكيد الصين و الهند و الشرق سيأتي لجانبها و لكن السيناريو الاكثر واقعية و ربحية لمصر هو بالطبع الموازنة بين الشرق و الغرب لكي تكون اكبر المستفيدين من شراكة الطرفين
و من ينظر لواقع ايران سيفهم جيدا الفرق بين روسيا و الصين .