القدس المحتلة – ترجمة خاصة لصفالخص قائد فرقة غزة في جيش الاحتلال الإسرائيلي "ميكي إدلشتاين" الأوضاع الحالية بين قوات الاحتلال وحركة حماس بعد مرور عام على "معركة حجارة السجيل" بأن ما يشغل بال حماس عنا هو ما يشغل بالنا أيضًا.
وقال ادلشتاين إن الهدوء على حدود القطاع "خداع" فقد علمنا مؤخراً وبعد اكتشافنا لنفق العين الثالثة ما الذي كان يشغل بال حماس عنا في هذه الأيام.
وفي هذا السياق أجرت صحيفة "إسرائيل اليوم" لقاء مطولاً مع ادلشتاين بمناسبة مرور عام على الحرب الأخيرة فقد تم تعيين ادلشتاين كقائد لفرقة غزة قبل 10 أيام من بدء هذه المعركة.
وتشير الصحيفة إلى قيام ادلشتاين مؤخراً بزيارة استطلاع للمستوطنات القريبة من القطاع مثل: نيريم، وحوليت، وكيرم شالوم، والعين الثالثة التي اكتشف فيها مؤخراً النفق الشهير حيث عبر المستوطنون هناك عن ارتياحهم من الهدوء القائم.
ولكن ادلشتاين حذر من الانخداع بهذا الهدوء قائلا: إن هذا الهدوء يعتبر مصلحة للطرفين، وحادثة نفق العين الثالثة تثبت ما هي مصلحة حماس في هكذا فترات هدوء.
نفق العين الثالثة ويضيف ادلشتاين أن هذا النفق تم حفره على طول ثلاث سنوات وذلك منذ العام 2010 والمسئول عن حفر النفق هو محمد السنوار الذي يعتبر قائد الجبهة الجنوبية في كتائب القسام أو ما يطلق عليه الجيش لقب قائد لواء رفح، على حد تعبيره.
ويشير إلى أن اكتشاف النفق كان بمثابة ضربة استراتيجية للطرف الآخر حيث تستثمر حماس في الأنفاق جزءًا كبيرًا من ميزانيتها وقدراتها البشرية، وتشكل الأنفاق بالنسبة لحماس الهدف الأول حالياً حيث تعتبرها أهم من الصواريخ والعبوات لأنهم يفهمون أن هذه الأنفاق تفتح الطريق أمام كل ما ذكر وليس العكس.
ويضيف ادلشتاين أن اهتمام حماس بالأنفاق يقابله اهتمام من الجيش الإسرائيلي بمكافحتها حيث يعتبرها الجيش حاليا هدفه الأول بحيث تم انتداب جميع أذرع أجهزة الأمن لتركيز جهودها على اكتشاف الأنفاق والبحث عن حلول لهذه المعضلة، كما قال.
ادلشتاين يعترف أن حماس آخذه في التطور طوال الوقت وبشكل ملحوظ ، ويضيف أن النفق الأخير كان مثيراً للإعجاب من كل النواحي وذلك نظراً لطوله وعمقه وعرضه وقوته والأهم هو هذه الرغبة الجامحة في حفر هكذا نفق.
ادلشتاين: نحن مشغولون في حل معضلة الأنفاق ويشير إلى أن استخدامات هكذا نفق متعددة بما في ذلك الدخول إلى عمق المنطقة واختطاف الجنود أو المستوطنين أو إدخال المسلحين للسيطرة على البيوت في إحدى البلدات القريبة أو إدخال "استشهاديين" لتفجير أنفسهم بعيداً عن غزة – هناك في قلب تل أبيب أو القدس.
ويعتبر ادلشتاين أن التحدي الحالي الذي يواجهه الجيش يكمن في كيفية تغيير أسلوب التفكير والعمل، فالقوات موجهة للنظر دائماً إلى الأمام وهكذا أنفاق تفاجئهم من خلفهم وهذا الأمر يستوجب كسر العادة وذلك بعدم القيام بنشاطات اعتيادية طوال الوقت تمكن الطرف الآخر من رسم خططه على هذا الأساس، كما قال.
ويقول ادلشتاين أن هكذا أسلوب اثبت نجاعته أثناء عملية عامود السحاب حيث جنب الجيش الكثير من المشاكل فقد خططت حماس في حينها للمس بقواتنا المتواجدة بالقرب من السياج الأمني وخطف الجنود عبر الأنفاق ولكنه يؤكد أن كل هذه الخطط فشلت بفضل العمل التكتيكي الذي مارسته قواته.
ومع ذلك، يحذر ادلشتاين أن هذا لا يعني بأننا سننجح دائماً في إحباط هكذا أعمال ولذلك فالقوات دائماً على أهبة الاستعداد حتى أن درجة التنبيه إلى خطورة الخطف في القطاع تصل إلى حد التلقين بكيفية التصرف في حال حدوث محاولة خطف ، كما يقول قائد الفرقة.
الأنفاق والجيش المصري أما بخصوص هجوم الجيش المصري على الأنفاق مؤخراً، فيقول ادلشتاين إن "ما تقوم به مصر مثار إعجاب للجميع فقد قام الجيش المصري مؤخراً بكل ما طالبناه به على مدار السنين من تدمير للأنفاق ومتابعة أكثر للمعابر الحدودية والحد من إدخال البضائع"، لافتًا إلى أن الجيش المصري قام بكل ذلك بناء على مصالحه، هو كما قال.
ولكن ادلتشاين لا يحدوه الاندفاع كثيراً إلى حد الرضى عن الوضع الحالي على حدود القطاع، ويقول إن "العدو اليائس هو العدو الأخطر" ويشير إلى أن ما يشغل باله في هذه الأيام هو محاولة تشخيص اللحظة التي تشعر فيها حماس أنه لم يعد لديها ما تخسره في ظل هذا الضغط المصري وعندها سيأتي الجنون بعينه؛ لكنه يشير ب"أننا لم نصل بعد إلى تلك اللحظة "، على حد قوله.
صواريخ 8 انش ويعتقد ادلشتاين أن حماس ستدخل إلى المواجهة القادمة عندما تشعر بالجاهزية فقط وليس قبل ذلك ولذلك فهي بحاجة لترميم تشكيلاتها التنفيذية بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى، فمشاكل الأنفاق تلزم التنظيم العمل على تعميق قدراته في التصنيع الذاتي وبالأخص تصنيع تلك الصواريخ التي يطلق عليها الجيش اسم "8 انش" والتي تشبه تلك التي أطلقتها حماس والجهاد الإسلامي باتجاه تل أبيب والقدس في المعركة الأخيرة، كما قال.
وفي رد على سؤال حول موعد المعركة القادمة، قال ادلشتاين إن القطاع هادئ ظاهرياً هذه الأيام ولكن ذلك من شأنه أن ينتهي في أية لحظة. ويضيف "علمتنا المعركة الأخيرة أننا لا نعلم متى سنضطر إلى الدخول في معركة".
حرب شوارع بغزة أما بخصوص ميزانية الجيش الحالية وتأثيرها على خطط الجيش، فيشير ادلشتاين إلى أن تدريبات فرقة غزة لم تتأثر من ذلك وستجري قريباً ولأول مرة في تاريخ الفرقة تدريباً شاملاً وذلك بمشاركة 7 ألوية وعلى جدول أعمالها محاكاة حرب شوارع في غزة والطريق إلى هناك ستمر عبر المدن الإسرائيلية كعسقلان حيث ستشهد هجوماً لسلاح المشاة والمدرعات.
وفي هذا السياق قال ادلشتاين ساخراً انه من الممكن أن نساعد الشرطة في القضاء على الجريمة هناك !!!.
معادلة الهدوء الحالية وخلال المقابلة بدا ادلشتاين حذراً من إطلاق التهديدات الشديدة اللهجة تجاه غزة، ولكنه قال بالحرف الواحد: "إذا ضربت إسرائيل ستضرب غزة وإذا لم ينم سكان النقب بهدوء فلن ينعم سكان القطاع بذلك، وإذا ما بدأت حماس بالعربدة فسيعربد الجيش هو أيضًا" على حد وصفه.
ويضيف أن معادلة الجيش في هذه الأيام تقضي أن الهدوء سيقابل بالهدوء وإطلاق الصواريخ سيرد عليه بالصواريخ ويشير هنا إلى وجود رد على كل صاروخ يطلق من غزة ولكنه ينوه إلى أن طبيعة تلك الردود حاليا سطحية حتى لا يصعد الموقف.
ويضيف أن مدى مناورة الجيش داخل أراضي القطاع قد تقلص بعد الحرب الأخيرة من 300 متر إلى 100 فقط، وأن المرة الوحيدة التي عمل فيها الجيش مؤخرًا إلى أبعد من ذلك كانت قبل أسبوعين بعد دخوله لتفجير نفق العين الثالثة ويقول إنه طالما بقيت الأمور هادئة فسنحافظ على تفاهمات الحرب الأخيرة في نوفمبر 2012.
وبخصوص توقعاته المستقبلية للتطورات على جبهة غزة، قال ادلشتاين بابتسامة "هنا غزة".
زمن دحلان لكنه ادلشتاين أشار إلى استعانته بتجارب الآخرين في هذا المجال، فقد كان معه في اللقاء أيضًا ضابط قصاصي الأثر "ربيع" وأحد أقدم قصاصي الأثر في المنطقة ويدعى سالم.
ونبه ربيع إلى حقيقة أن هذه المنطقة (أي غزة) دائمة التغيير للأسوأ. وأضاف أنه يخدم هنا منذ 17 عامًا، وقد شاهد كل ما يخطر في البال ابتداء من العلاقات الحميمة مع أجهزة الأمن التابعة لدحلان (قائد الأمن الوقائي السابق محمد دحلان) وحتى الانتفاضة وصعود حركة حماس.
ويتحسر ربيع على أيام الماضي قائلا: "كنا نسير بمركباتنا المكشوفة على طول الحدود مع القطاع؛ ولكن الأمور اليوم مختلفة تمامًا فالطرف الأخر تطور عبر الأنفاق والعبوات ونحن بحاجة للتطور معه" كما قال.
ضابط قصصي الأثر يترحم على عهد دحلان بغزة ساعة الصفر وفي نهاية اللقاء قال ادلشتاين إن الطرف الآخر (أي حماس) منشغل الآن أيضًا في استخلاص العبر من الحرب الأخيرة لكي يفهموا ما الذي أضر بخططهم في المرة الماضية وما الذي بإمكانهم فعله لتجنب ذلك في المرة القادمة.
ويشير ادلشتاين إلى أن الطرف الآخر يجري تدريباته ويطور وسائله ويستعد لساعة الصفر "هذه لعبة عقول وفيها يتعلم كل طرف ما الذي يدور في عقل الطرف الآخر بما في ذلك من أخطاء" ،ولكنه تعهد لمراسل الصحيفة بأمر واحد ألا وهو أنه "سيفاجئ الطرف الآخر أيضاً في المرة القادمة" على حد زعمه.