قرار الغزو البري:بعد أن فشل الحلفاء في تحقيق أهدافهم بالهجوم البحري ، قروروا تنفيذ ذلك بالإستعانة بالقوات البريـة للتغلب علي بطاريات المدفعية التركية المتحكمة في المضيق والتي تعوق عمل كاسحات الألغام البريطانية التي تعمل علي تأمين ممر للسفن الحربية للحلفاء ، وفي سبيل ذلك قرر وزير الدولة البريطاني لشئون الحرب اللورد كيتشنر تعيين الجنرال إيان هاميلتون قائد للحملة العسكرية للحلفاء بالبحر المتوسط ..
وإشترك بالحملة جنود من إستراليا ونيوزيلاندا كانوا بمصر للتدريب تمهيداً لإرسالهم لفرنسا وعوضا عن إرسالهم هناك تقرر إشراكهم بالمعركة وتكون منهم فيلق ANZAC الذي تشكل من فرقة المشاة الأولي الإسترالية بالإضافة إلي فرقة مشاة مختلطة ، بالإضافة إلي الفرقة 29 من مشاة البحرية البريطانية والفيلق الشرقي الفرنسي الذي يتضمن أيضا علي 4 كتائب سنغاليـة .
الإستعدادات العثمانية:إنتشار الجيش الخامس العثماني بجزيرة غاليبولي في إبريل 1915ساعد تأخير وصول القوات البريطانية لأكثر من 6 أسابيع ، العثمانيين علي الإستعداد لصد الهجوم البري المتوقع ، وبدأ القادة الأتراك بمناقشة أفضل الطرق للدفاع عن الجزيرة ، ورأو أن أفضل دفاع عن الجزيرة يتمثل في المرتفعات المتواجدة علي حواف الجزيرة ، ولكن ظهر خلاف بينهم حول مكان الإنزال البري للحلفاء وبالتالي خلاف حول أماكن تركيز الدفاعات ، وكان بينهم ضابط شاب عمره 34 عاماً يدعي مصطفي كمال الذي توقع "من واقع خبرته في الحرب البلقانية ضد بلغاريا" أن يقوم البريطانيين بإنزال قواتهم في منطقة Cape Helles علي الحافة الجنوبية للجزيرة ومنطقة Gaba Tepe التي تعدان من أفضل المناطق لتنفيذ عملية الإنزال بهما وبالتالي فعلي ما توقعه مصطفي كمال سيقوم الحلفاء بإستخدام أساطيلهم للتحكم في الأماكن التي بجوار منطقة الإنزال ..
البطاريات الثقيلة التركيةوفي نهاية الأمر لم يوافق أوتوليمان فان ساندرز علي تلك الإقتراحات ، فقد كان يري بأن الخطر الأكبر إنما يأتي من خليج Besika علي الشاطئ الأسيوي حيث ستقوم القوات البريطانية بإستغلال تضاريس المنطقة وتقوم بإستهداف البطاريات التركية التي تحمي الخليج ، ولهذا فقد قام ساندرز بوضع فرقتين "تمثلان ثلث قوة الجيش الخامس العثماني" فيتلك المنطقة ، ووضع فرقتين أخرتين في منطقة Bulair بالمنطقة الشمالية للجزيرة نظراً لإشتمال تلك المنطقة علي تجهيزات حيوية ، وفي منطقة Cape Helles أعلي الجزيرة وعلي طول ساحل بحر إيجه قام بوضع الفرقة 19 والفرقة 9 التي قادها مصطفي كمال.
وبالتالي أصبح الوضع جيداً بالنسبة لفون ساندرز الذي رأي بأن تلك القوات في مواقع دفاعية جيدة وزاد الأمر تحسنا بأن كف القادة الأتراك من الشكوي بعدم إمكانية قواتهم الوقوف في وجه العدو حالما يبدأ بهجومه المرتقب ، وسمح تأخر البريطانين في تنفيذ هجومهم الوقت للضباط الأتراك في تقوية دفاعاتهم ويسجل ذلك ساندرز في ملاحظاته " بأن ذلك التأخير قد أمدهم بوقت مهم لإجراءات كان لابد منها مثل تمركز كل فرقة بالمواضع المخصصة لها وأيضا نقل الذخائر والتعيينات اللازمة لإعاشتهم ، وتم وضع ألغام علي طول الشواطئ ...." ، وكانت للفرقة التاسعة التي يقودها مصطفي كمال دور محوري بالمعركة حيث قام بمراقبة الشاطئ تحسبا لرؤية الإشارات الدالة علي قرب هجوم العدو.
الإنزال البري:
كانت خطة الإنزال التي سيجري تنفيذها يوم 25 إبريل 1915 تقضي بقيام الفرقة 29 بالإبرار في منطقة Helles أعلي طرف الجزيرة وبعد نجاحهم في ذلك يتقدمون لمواجهة الحصون الموجودة بـKilitbahir ، أما فيلق Anzac فسيقومون بالإبرار شمال منطقة Gaba Tepe علي ساحل بحر إيجه الأمر الذي سيمكنهم من الوقوف في وجه أي تعزيزات متوجهة لحصون Kilitbahir (وأطلق علي الخليج الصغير الذي جري به عملية الإنزال إسم خليج Anzac الصغير)..
أما الفرنسيين فقد قاموا بإنزال خداعي لصرف الأنظـار عن أماكن الإنزال الحقيقة وذلك بمنطقة Kum Kale علي الشاطئ الأسيوي ثم يزحفوا بعد ذلك نحو المنطقة الشرقية من قطاع Helles ، بالإضافة إلي إنزال قوة صغيرة من الفرقة 29 "مشاة البحرية الملكية" بقيادة Bernard Freyberg بمنطقة Bulair.
الإنزال بمنطقة شواطئ Cape Helles
وبدأ الإنزال بمنطقة Helles بواسطة الفرقة 29 مشاة تحت قيادة الجنرال Aylmer Hunter-Weston في 5 نقاط بطول الشاطئ "وكانت أسمائها الكودية من الشرق إلي الغرب كالتالي S وV وW وX و Y ، وإشترك معهم في الإنزال الجحفل اليهودي بمنطقة Helles.
وتعرض قائد القوات البريطانية بالنقطة Y عند وصوله لمسافة تبعد 500 متر عن قرية Krithia لمقاومة عنيفة من الأتراك ثم مالبث أن إستغل الأتراك ذلك وقاموا بإجبارهم علي إخلاء النقطة Y ووصلت تعزيزات تركية لذات المكان في اليوم التالي ، أما المجهود الرئيسي لعملية الإنزال فقد كان يجري بالنقطة V أسفل قلعة قديمة تسمي Seddülbahir والنقطة W غرب منطقة Helles البحرية.
وفي النقطة V تم إبرار فوج Munster Fusiliers الملكي و فوج Hampshires الملكي بواسطة سفينة بحرية تسمي SS River Clyde ، وقد جنحت عن نقطة الإنزال بحيث جعلت منهم صيداً سهلا للقوات العثمانية المتواجدة بقلعة Seddülbahir ووقعت بين هؤلاء الجنود خسائر فادحة ومن بين أول 200 جندي بدأو عملية الإنزال لم يصل منهم إلي الشاطئ سوي 21 جندي فقط..!!
وفي قطاع Anzac كان لدي المدافعين الأتراك القدرة علي دفع البريطانيين بعيداً عن الشاطئ ، ففي النقطة W المعروف بإسم إنزال Lancashire كان الجنود البريطانيين قادرين علي مواجهة القوات التركية المدافعة علي الرغم من خسائرهم التي تجاوزت 600 قتيل و1000 جريح وكانت نصيب الأسد من تلك الخسائر من نصيب الكتائب التي أنزلت بمنطقة V ولشجاعتهم تلك تم منحهم 6 أوسمة Victoria Crosses تقديراً لذلك وفي اليوم التالي تم إعطاءهم 3 أوسمة إضافية ..
وبينما كان القتال يشتد علي ذلك القطاع إذ قام العريف التركي يحيي ومعه خمس مجموعات من الجنود الأتراك بالهجوم علي البريطانيين المتواجدين أعلي موقع hilltop ، وكانت هجوم ذلك الفصيل ناجحا لدرجة أنه لم يتبق من 1012 جندي قاموا بالإبرار بتلك المنطقة سوي 11 شخصاً فقط ..!
.......................
يتبع