في ظل الحملة التي شنت للاساءة الى رسولنا الكريم ارتأيت ان اقدم لكم توضيح وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم وطبيعة خلافه مع اليهود
وإذا انتهت مقولاتهم(اليهود) ، وفندت أباطيلهم ، وكشفت الدوافع الكامنة وراء اضاليلهم(يخص شرح الايات التي سبقت الايات التي نحن بصدد تفسيرها) ، يتجه الخطاب إلى رسول الله [ ص ] يبين له وظيفته ، ويحدد له تبعاته ، ويكشف له عن حقيقة المعركة بينه وبين اليهود والنصارى ، وطبيعة الخلاف الذي لا حل له إلا بثمن لا يملكه ولا يستطيعه ! ولو أداه لتعرض لغضب الله مولاه ؛ وحاشاه
إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ، ولا تسأل عن أصحاب الجحيم . ولن ترضى عنك اليهود ولا
النصارى حتى تتبع ملتهم . قل:إن هدى الله هو الهدى ، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير . الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته . أولئك
يؤمنون به . ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون
. .
إنا أرسلناك بالحق . .
وهي كلمة فيها من التثبيت ما يقضي على شبهات المضللين ، ومحاولات الكائدين ، وتلبيس
الملفقين . وفي جرسها صرامة توحي بالجزم واليقين .
بشيرا ونذيرا . . وظيفتك البلاغ والأداء ، تبشر الطائعين وتنذر العصاة ، فينتهي دورك .
ولا تسأل عن أصحاب الجحيم .
. الذي يدخلون الجحيم بمعصيتهم ، وتبعتهم على أنفسهم .
وسيظل اليهود والنصارى يحاربونك ، ويكيدون لك ، ولايسالمونك ولا يرضون عنك ، إلا أن تحيد عن هذا الأمر ، وإلا أن تترك هذا الحق ، وإلا أن تتخلى عن هذا اليقين ، تتخلى عنه إلى ما هم فيه من ضلال وشرك وسوء تصور كالذي سبق بيانه منذ قليل:
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم
. .
فتلك هي العلة الأصيلة . ليس الذي ينقصهم هو البرهان ؛ وليس الذي ينقصهم هو الاقتناع بأنك على الحق ، وأن الذي جاءك من ربك الحق . ولو قدمت إليهم ما قدمت ، ولو توددت إليهم ما توددت . . لن يرضيهم من هذا كله شيء ، إلا أن تتبع ملتهم وتترك ما معك من الحق
.
إنها العقدة الدائمة التي نرى مصداقها في كل زمان ومكان . . إنها هي العقيدة . هذه حقيقة المعركة التي يشنها اليهود والنصارى في كل أرض وفي كل وقت ضد الجماعة المسلمة . . إنها معركة العقيدة هي المشبوبة بين المعسكر الإسلامي وهذين المعسكرين اللذين قد يتخاصمان فيما بينهما ؛ وقد تتخاصم شيع الملة الواحدة فيما بينها ، ولكنها تلتقي دائما في المعركة ضد الإسلام والمسلمين !
إنها معركة العقيدة في صميمها وحقيقتها . ولكن المعسكرين العريقين في العداوة للإسلام
والمسلمين يلونانها بألوان شتى ، ويرفعان عليها اعلاما شتى ، في خبث ومكر وتورية . إنهم
قد جربوا حماسة المسلمين لدينهم وعقيدتهم حين واجهوهم تحت راية العقيدة . ومن ثم استدار
الأعداء العريقون فغيروا اعلام المعركة . . لم يعلنوها حربا باسم العقيدة - على حقيقتها -
خوفا من حماسة العقيدة وجيشانها . إنما أعلنوها باسم الأرض ، والاقتصاد ، والسياسة ،
والمراكز العسكرية . . وما إليها . وألقوا في روع المخدوعين الغافلين منا أن حكاية العقيدة
قد صارت حكاية قديمة لا معنى لها ! ولا يجوز رفع رايتها ، وخوض المعركة باسمها . فهذه سمة المتخلفين المتعصبين ! ذلك كي يأمنوا جيشان العقيدة وحماستها . . بينما هم في قرارة نفوسهم:الصهيونية العالمية والصليبية العالمية - بإضافة الشيوعية العالمية - جميعا يخوضون المعركة أولا وقبل كل شيء لتحطيم هذه الصخرة العاتية التي نطحوها طويلا ، فأدمتهم جميعا
!!!
إنها معركة العقيدة . إنها ليست معركة الأرض . ولا الغلة . ولا المراكز العسكرية . ولا هذه
الرايات المزيفة كلها . إنهم يزيفونها علينا لغرض في نفوسهم دفين . ليخدعونا عن حقيقة
المعركة وطبيعتها ، فإذا نحن خدعنا بخديعتهم لنا فلا نلومن إلا أنفسنا . ونحن نبعد عن توجيه الله لنبيه [ ص ] ولأمته ، وهو - سبحانه - أصدق القائلين:
لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم
. .
فذلك هو الثمن الوحيد الذي يرتضونه . وما سواه فمرفوض ومردود ! ولكن الأمر الحازم ، والتوجيه الصادق:
قل:إن هدى الله هو الهدى
. .
على سبيل القصر والحصر . هدى الله هو الهدى . وما عداه ليس بهدى . فلا براح منه ، ولا فكاك عنه ، ولا محاولة فيه ، ولا ترضية على حسابه ، ولا مساومة في شيء منه قليل أو كثير ، ومن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر . وحذار أن تميل بك الرغبة في هدايتهم وإيمانهم ، أو صداقتهم ومودتهم عن هذا الصراط الدقيق
.
ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير
. .
بهذا التهديد المفزع ، وبهذا القطع الجازم ، وبهذا الوعيد الرعيب . . ولمن ؟ لنبي الله ورسوله
وحبيبه الكريم !
إنها الأهواء . . إن أنت ملت عن الهدى . . هدى الله الذي لا هدى سواه . . وهي الأهواء التي تقفهم منك هذا الموقف ؛ وليس نقص الحجة ولا ضعف الدليل . والذين يتجردون منهم
من الهوى يتلون كتابهم حق تلاوته ، ومن ثم يؤمنون بالحق الذي معك ؛ فأما الذين يكفرون به
فهم الخاسرون ، لا أنت ولا المؤمنون الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته . أولئك
يؤمنون به . ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون
. .
وأي خسارة بعد خسارة الإيمان ، أعظم آلاء الله على الناس في هذا الوجود ؟