هذا النص قمت بترجمته من النسخة التشيكية لكتاب طيارين بنجمة داوود.
لكل من ميرافه البيرين و اهارون لابيدوت.
فى ظهر يوم الجمعة الموافق السابع عشر من سبتمبر عام 1971 اقلع ثمانية هم طاقم الطائرة الاسرائيلية ستراتوكرويسر,وذلك لتصوير الجبهة المصرية فى منطقة قناة السويس.و لم يتبقى من الستراتوكرويسر بعد اقلاعها بحوالى 40 دقيقة ,سوى اجزاء محترقة و سوداء ترقد فى رمال الصحراء.اسقطت الطائرة بكمين لصواريخ سام2 و تحطمت على بعد 22 كيلومتر شرق قناة السويس.شخص واحد فقط نجا من طاقم الطائرة المكون من 8 افراد و هو مهندس الطيران الرائد حانانيا جازيت.
فى الساعة 13:47 ظهرا-ونتيجة لما حدث فان هذه البينات و التوقيتات محفورة فى ذاكرتى-بدأنا باستطلاع بورسعيد ثم توجهنا جنوبا.و كنا نطير على ارتفاع28 الف قدم وكان الطقس صافى و مستقر.كان العمل يسير على متن الطائرة بهدوء,وكنا تحدث عن خططنا للمساء.وكان الطقس رائعا.
وما ان بدأت عقارب الساعة فى الاقتراب من الساعة الصفر حتى بدء الجميع بالاهتمام باعمالهم فى انعزال عن كل المحيطين و بتركيز عالى لاتمام المهمة. تاكد قائد الطائرة من أن الجميع ارتدى المظلات، ونظام الأكسجين متصل ويعمل بشكل صحيح و كذلك الاتصالات الداخلية.لم يدع العمل فرصة لعقولنا فى التفكير فيما كان من الممكن ان يحدث.كنا نشعر بان كل شيئ يسير وفقا للخطة.
وفجأة، في الساعة 14:10 مساء، عندما كن نحلق شرق القناة وشمال البحيرة المرة الكبرى، حدث انفجار مروع.و بدأت الطائرة فى الميل على احد الجوانب بشكل فظيع. فقدنا السيطرة على الفور وصلنا إلى حالة من الفوضى.وقد امتلئت الطائرة بدخان ابيض و لذلك شعرت بانى اكاد لا ارى لوحة التحكم.فى البداية شل الخوف تفكيرى و لكن بعد بضع ثوانى بدأت افكر بشكل منطقى.بدأ الجميع فى ادرك أننا في حاجة إلى إكمال هذه المهمة، ومحاولة التغلب على المشكلة، أو القفزفي البداية شعرت بانى مضغوط فى المقعد وغير قادر على التحرك، ثم بعد ذلك على الفور اكتشفت أنني كنت اطفو بالقرب من السقف، حيث تولدت قوة طرد مركزية دفعت بى الى السقف.و لقد لاحظت ان كل محاولات الطيار للسيطرة على الطائرة قد بائت بالفشل و سمعته وهو يصرخ ((لا استطيع مواصلة السيطرة على الطائرة.........اقفزوا )).
وفقا لاوامر الطوارئ لدينا اضطررت الى القيام بعدد من المهام على لوحة التحكم.
وبعد ذلك بدات فى الزحف الى مخرج الطوارئ و انا اصرخ فى الاخرين ان اقفزوا.
مخارج الطوارئ فى الستراتوكروسر تقع فى ارضية الطائرة.وحتى يصل اليها الطاقم يجب عليهم السير بطول الطائرة الى موأخرة الطائرة و من هناك يخرجون.كل هذا فى الوقت الذى تفقد فيها الطائرة ارتفاعها و تهوى بسرعة نحو الارض.
كلما حاولت التوجه نحو مخرج الطوارئ شعرت بان الضغط يدفعنى الى مكانى بجوار العدادت مرة اخرى.
وبعد فترة طويلة لم استطع التحرك و فكرت فى انه ليس لدى اى فرصة فى الوصول لمخرج الطوارئ قبل ان تصطدم الطائرة بالارض.لذلك فقد قررت ان اتوجه الى اقرب ما يمكن استخدامه كمخرج طوارئ,وهو عبارة عن نافذة كبيرة فوق جناح الطائرة.
شققت طريقى الى النافذة حيث المخرج البديل وكل ما يسيطر على تفكيرى ,هو كيف اتمكن من الخروج.ولكنى عاجز تماما عن مواجهة ضغط الهواء,وجهزت نفسى لاسوأ الاحتمالات.فكرت فى زوجتى و فى بناتى وفى الحزن الذى سيسببه موتى لهم.كم هذا مخيف.
وبعد عدة ثوانى وجدت احد افراد الطاقم الذى يبدو انه سمعنى و قرر الانضمام الى.اخذت ابحث عن مخرج فوق الجناح وتمكنت من الوصول اليه بصعوبة بالغة.حاولت الخروج من النافذة وكان ضغط الهواء شديد للغاية و كنت ارى جناح الطائرة و المحركين,وكنت احاول ان اخرج بصعوبة من الفتحة الموجدة فى النافذة وكانت تواجهنى تيارات هوائية شديدة و بعد مجهود كبير تمكنت من اخراج ثلث جسدى تقريبا من الفتحة ثم بعد ذلك اخرجت قوة الهواء جسدى بالكامل خارج الفتحة.فلقد امتصنى الهواء ووجدت نفسى فى الهواء و بمعجزة لم تسحبنى محركات الطائرة.
اخيرا تمكنت من التنفس بسهولة , فلقد سبب اختلال الضغط داخل الطائرة نقس فى الاكسجين مما اثر على حواسى.فلم استطيع تحديد ارتفاعى.فى جميع الاحوال فلقد بدا لى انى على ارتفاع كافى,وقررت عدم استخدام المظلة التى تفتح على ارتفاع 10000 قدم تلقائيا,و سحبت الحبل يدويا.وفتحت المظلة بدون مشاكل.ونظرت لاسفل فوجدت دخان اسود يتصاعد من الارض.فتطلعت حولى واخذت ابحث عن اى مظلات اخرى.كانت المظلة تهبط بى فى اتجاه النيران,ولكنى سحبت حبل المظلة ووجهتها بعيدا عن النار.
تمكنت من الهبوط على بعد امتار من مكان اصطدام الطائرة,ولم اتمكن من معرفة ان كنت قد هبط على ارضنا ام ارض العدو.حاولت ان ابقى قريبا من النار التى كانت كالجحيم, لكى ابحث عن اى ناجين. السنة اللهب كانت منتشرة حول المكان وفى كل لحظة تنفجر بقايا متفجرات.كل محاولاتى بائت بفشل زريع ,فحطام الطائرة كان متناثر على مساحة كبيرة (مئات الامتار).
بعد عدة دقائق سمعت صوت طائرة هليكوبتر تقترب,و اخذت ابحث عن مكان لاختبئ فيه,لاننى خفت ان يكونوا اعداء.لحسن الحظ انها كانت احدى طائراتنا.و داخل الهليكوبتر لاحظت انى مجروح فى اماكن مختلفة.وطلبت من الطيار ان يمسح المنطقة بحثا عن ناجيين, ولم نعثر على احد.
وكان اصعب شيئ هو كيف ساخبر زوجتى بما حدث,فى المساء ذهبت الى المنزل.وكانت الضمادات مختفية تحت ملابسى.فى البداية لم يلاحظوا شيئ,فقمت بارسال بناتى الى الجيران و اخبرت زوجتى بكل شيئ,والتى انخرطت فى بكاء شديد.ثم اخبرت البنات بعد ذلك,ولكن زوجتى لم تستطيع تفهم,لماذا ادفع بنفسى فى مواقف خطيرة كهذه.
و الشيئ الوحيد الذى تبقى مما حدث هي ذكريات لقطعة اسودت من حطام، ألبوم كبير، صفحاته السوداء تحتوي على قصاصات صفراء من الصحف وصورا لسبعة من افراد الطاقم الذين لقوا حتفهم وهم جالسون قبل وقوع الانفجار، ورافق نعى الموتى والتقارير الإخبارية بشأن التحقيق ، ملصقا رقيقة من المظلة التي استخدمتها مع توقيع المعتاد للقوات المسلحة.
وكان من ضمن طاقم الطائرة السبعة الرائد افرايم ماجن ,الرائد زائيف اوفير ,النقيب اموس جاى ,النقيب يورام حيدت ,النقيب الياف انبال ,الرقيب اول يتسحاك تامير , العريف دافيد سيري.
اجتهد فى ترجمة النص
أحمد سعيد طه