المفاهيم النظرية للحرب البرية الجوية:
يتلخص جوهر الإستراتيجية العسكرية، للولايات المتحدة الأمريكية، في كونها إستراتيجية دفاعية، وتستمد منها عقيدة الحرب البرية الجوية المفهوم الدفاعي، ولكن إستراتيجية تحقيقها هجومية. ومن هنا، فإن العقيدة ترتكز على المبادأة بنقل الحرب، بأسرع ما يمكن، إلى أرض العدو، وذلك في حالة التأكد من النوايا بنشوب حرب، مع استغلال المفاجأة والمناورة والحشد، بالقوات والنيران، لإفقاد العدو توازنه، وإلغاء رغبته في القتال، ومن المرغوب فيه، أن يتم هذا الأمر بتوجيه غير مباشر. وتسعى العقيدة إلى منع أي هجوم من جانب العدو، عن طريق انتزاع المبادأة والمحافظة عليها، وحتى يتسنى تحقيق ذلك، تظهر أهمية تحطيم القوة الدافعة لهجوم العدو، والقضاء على التزامن، بين عناصر القوة المهاجمة، وهزيمة تلك القوات تدريجياً، مع خلق توازن بين المناورة وقوة إطلاق النيران. فالمناورة هي وسيلة تركيز القوة، في مواجهة نقاط ضعف العدو، لاكتساب ميزة عسكرية، يمكن من خلالها تكثيف إطلاق النيران، على نحو فعال، ضد نقاط العدو غير المحصنة.
أولاً:الركائز الأساسية لعقيدة الحرب البرية الجوية
إن الركائز الأساسية لعقيدة الحرب البرية الجوية، هي وصف للعمليات الناجحة، وغيابها يجعل ثمن الحرب مكلفاً، وبدونها، يصعب تحقيق نصر كامل على العدو، وتشمل المبادأة، والمرونة، والعمق، والتزامن، وتعدد المهارات والاقتدار، وهي كالآتي:
1. المبادأة Initiative
أ.وتعني فرض الإرادة، والتأثير على العدو بإيجابية، وتجريده من خياراته. ولكي تتحقق المبادأة يلزم إحراز المفاجأة، خاصة تحديد مكان الهجوم وزمانه، وعند تنفيذ الهجوم يكون بحشد وتركيز القوات، وبسرعة وجرأة وعنف، ضد نقط العدو الضعيفة، مع نقل المجهود الرئيس وتحويله؛ لاستغلال النجاح، ويتطلب الاحتفاظ بالمبادأة، الرؤية
المبكرة للأحداث، والتخطيط لأبعد من العملية الأولية.
ب. تتطلب المبادأة، خلال المعركة، سيطرة لا مركزية، وقبول نسبة من المخاطرة، وفقدان بعض التزامن، مع قيادة حازمة، وعلى مستوى عالٍ من الكفاءة.
ج. وتشير المبادأة في الدفاع، إلى سرعة قلب الأحداث ضد المهاجم، لإضعاف المزايا الأولية، التي حققها، وبذلك يمكن انتزاع المبادأة والتمسك بها.
2.المرونة Agility
أ.وتشمل حرية اتخاذ القرار وسرعته؛ لمواجهة المواقف الطارئة، وبشكل أسرع من العدو، وقد تحتاج القوات إلى إعادة تركيز الحشد، بشكل مستمر، لدفعها في اتجاهات جديدة لاستغلال النجاح. وهذا التركيز المتكرر، ضد قوات العدو غير المستعدة، يمكن القوات من سرعة الاختراق، وإفقاد العدو توازنه هزيمته بعد ذلك.
ب.إن تضارب نتائج الاشتباكات، الناتج عن تراكم الأخطاء، والصعوبات غير المتوقعة، سوف يؤثر على الجانبين، وللتغلب على ذلك، يجب على القادة أن يتخذوا قراراتهم في سرعة وحكمة، ومن دون تردد، وطبقاً لما يجري في ميدان المعركة، والاستعداد لمخاطرة استمرار أعمال القتال، بدون معلومات كافية.
3.العمق Deepth
أ.هو امتداد العمليات في كل المسرح، على المدى الزماني والمكاني والموارد والأهداف، والتأثير على العمليات، حتى عمق المسرح بكامله.
ب.يوضع في الاعتبار، تأثير المسافة على العمليات، وطول خطوط المواصلات، وتأثير العمق على كثافة القوات، في مناطق العمليات، وحساب المدى الفعال للمعاونة النيرانية، في العمق والإمداد بالاحتياجات، وتوفير الدفاع الجوي والقوات الجوية.
ج.
يتيح العمق مساحة واسعة من المسرح، لمناورة القوات، في تزامن مع وسائل النيران، وتنشأ كمية الحركة في الهجوم، والمرونة في الدفاع، من توفير العمق.
د.
إن زيادة عمق القتال، تحقق مهاجمة العدو في كامل المسرح، وتتيح حرية استخدام أشكال عديدة من الهجمات، على أهداف مختلفة، وبتسلسل، لتحقيق هدف مشترك ونهائي، مع أهمية إجبار العدو على القتال، وفقاً لمصلحة وشروط قواتنا. ويستخدم في ذلك، المناورة بالقوات والنيران ومعلومات الأقمار الصناعية، وقدرات قوات العمليات الخاصة.
هـ. تنفذ الأعمال القتالية، هجومية/ دفاعية، بمقاتلة العدو بالقوات والنيران، على أجنابه ومؤخرته، في تكامل وتزامن تام، سواء كان على اتصال أو على غير اتصال. إن العمليات العميقة تقلل من حرية عمل العدو، وتضعف قوة تحمله، وتقيد مرونته، وتحبط خططه. كما يتم الاحتفاظ بالقوات الاحتياطية؛ لاستغلال الفرص التكتيكية، ونقل المعركة في عمق العدو.