|
وزيرة الدفاع الإسبانية تستمع لشروحات حول الأسلحة
|
المغرب مازال يتعامل بحذر مع صفقات الأسلحة الإسبانية
مدريد: نبيل دريوش
بلغ حجم الصادرات الإسبانية من الأسلحة 678 مليون أورو، بزيادة تفوق 54 في
المائة مقارنة بعام 2006، وهو ما يسجل رقما قياسيا تاريخيا في مبيعات
إسبانيا من الأسلحة التي تتضاعف كل عام، ويشكل المغرب وكولومبيا وفنزويلا
الأسواق المفضلة لهذه الأسلحة غير الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي
يبدو أن سوق بيع السلاح الإسباني في الخارج لم يتأثر بالأزمة الاقتصادية
العالمية التي هزت الاقتصاد الإسباني، فقد بلغ حجم الصادرات الإسبانية من
الأسلحة 678 مليون أورو، بزيادة تفوق 54 في المائة مقارنة بعام 2006، وهو
ما يسجل رقما قياسيا تاريخيا في مبيعات إسبانيا من الأسلحة التي تتضاعف كل
عام، ويشكل المغرب وكولومبيا وفنزويلا الأسواق المفضلة لهذه الأسلحة غير
الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي.
ونشرت هذه الأرقام في التقرير الأخير لكتابة الدولة الإسبانية في
السياحة والتجارة الذي سلم إلى الفرق البرلمانية في الكورتيس الإسباني،
بعد دخول قانون مراقبة التجارة الخارجية في مجالات الدفاع والاستعمال
المزدوج حيز التطبيق منذ 28 دجنبر الماضي، ويرجع التقرير أسباب ارتفاع
عائدات شبه الجزيرة الإيبيرية من بيع الأسلحة إلى صفقة بيع فرقاطة الإف
310 للجيش النرويجي التي بلغت قيمتها 258 مليون أورو وتصدير غواصة إلى
ماليزيا.
وتعود 25 في المائة من الصفقات إلى عقود أبرمتها إسبانيا مع بلدان
في الاتحاد الأوروبي التي تجمعها معها اتفاقيات بهذا الشأن وبرامج مشتركة
للتسلح مثل طائرات «أورو فيتر» و«أ 400 إم» والمقاتلة ليوبارد وصواريخ
«إريس تي» التي تصل قيمتها إلى 105 مليون أورو، مثلما أن فنلندا قامت
بشراء طائرات للشحن وأسلحة خفيفة بحوالي 36 مليون أورو، وهذا لأن مجموع
بلدان الحلف الأطلسي تلقت حوالي 59 في المائة من صادرات إسبانيا في مجال
الأسلحة.
أما البلدان التي تعد زبونا مهما لإسبانيا خارج الحلف الأطلسي، فهي
البرازيل وكولومبيا وفنزويلا والمغرب الذي اشترى من إسبانيا خلال عام 2007
عشرين شاحنة وسيارة بقيمة تقارب 2 مليون أورو.
ورغم أن إسبانيا ترغب في بيع المزيد من الأسلحة إلى جارها الجنوبي
حتى تتمكن من مراقبة أكبر جزء من ترسانته الدفاعية بطبيعة الحال، مادامت
الأزمات بينهما شبه دورية رغم استبعاد وقوع أية مواجهات بينهما بسبب
الوجود الإسباني في سبتة ومليلية خصوصا، فإن المغرب يفضل أن يجري صفقاته
مع حلفائه التقليدين مثل فرنسا والولايات المتحدة.
وهكذا أشار تقرير إسباني سابق إلى أنه خلال سنة 2006 اقتنى المغرب
أسلحة خاصة بمكافحة الشغب تستعملها الشرطة المغربية بقيمة مالية تقدر
بـ600 ألف أورو، كما أن الجزء الأكبر من المبيعات الإسبانية إلى المغرب
(16,8 مليون أورو) كانت على شكل شاحنات مخصصة للجيش المغربي. تعطي
الإحصائيات، التي يتضمنها تقرير الحكومة الإسبانية والذي قدم إلى كورتيس
النواب، معطيات وإن كانت عامة، حول الاستعمال النهائي للأسلحة الإسبانية
التي تباع إلى الدول الأجنبية (القوات المسلحة، أو الشرطة، أو غيرها) أو
طبيعة مستعمل هذه الأسلحة (الإدارة، شركة خاصة أو عمومية، أو خواص).
وخرج قانون مراقبة تجارة الأسلحة بإسبانيا بعد الضغط الذي مارسته
ثلاث منظمات حقوقية إسبانية (أمنستي أنترناسيونال وأنترمون أوكسفام
وغرينبيس)، سلمت لكورتيس النواب الإسباني أكثر من 60 ألف توقيع من أجل
تعديل مشروع قانون خاص ببيع الأسلحة. وطالبت هذه المنظمات بشفافية أكبر في
مجال بيع الأسلحة، وذلك لانشغال هذه المنظمات الحقوقية بتصدير إسبانيا
لمواد الدفاع وأدوات ذات الاستعمال المزدوج لبلدان تعرف صراعات مسلحة أو
توترات إقليمية، إذ يمكن أن يتم استعمال تلك الأسلحة أو تلك الأدوات من
أجل «ارتكاب خروقات جسيمة لحقوق الإنسان، في تعارض مع القوانين المعمول
بها على صعيد الاتحاد الأوربي».
واعتبرت تلك المنظمات وقتها أن التقرير المقدم إلى البرلمان من قبل
الحكومة الإسبانية بشأن بيع أسلحة وأدوات دفاع وأدوات ذات الاستعمال
المزودج الذي كان خاصا بالنصف الأول من سنة 2006، هو «مثال واضح يفرض
ضرورة التعجيل بإصدار قانون متشدد يضمن شفافية أكبر ومراقبة أشد». وتضيف
تلك المنظمات أن مثل هذه التقارير تؤكد أن إسبانيا مازالت تواصل بيع أسلحة
إلى المغرب والصين وإسرائيل وكولومبيا وإندونيسيا وغيرها من البلدان، في
إطار صفقات لا يعرف بالضبط أية أسلحة يتم بيعها لتلك الدول، ولا الأهداف
التي ستستعمل لأجلها تلك الأسلحة، ولا حتى المعايير المعتمدة التي يمكنها
أن تسلط مزيدا من الضوء حول هذه الصفقات.
خفايا تعيين بلاناس
كشفت صحيفة لافانغورديا الكتالانية بعض الأسرار المتعلقة بتعيين
السفير لويس بلاناس في الرباط ربيع 2004، مباشرة بعد «إقالة»مدريد لسابقه
أرياس سلغادو من منصبه الذي عاد إليه بعد غيبة شهور بسبب أزمة جزيرة
المعدنوس. وذكرت الصحيفة أن رئيس الحكومة الإقليمية بالأندلس مانويل
تشافيز وقف في وجه تعيين جوان لوس سفيرا للتاج الإسباني في المغرب، خوفا
من تزايد نفوذ الكتالانيين في المملكة الشريفة، وعزت الصحيفة ذلك إلى وجود
لعبة المصالح بين الإسبان، فتشافيز يريد أن تكون الاستثمارات الأندلسية في
المغرب متقدمة على باقي المناطق، خصوصا أن منطقة كتالونيا تعد الأقوى من
حيث توفرها على رجال أعمال.
وأوضحت الصحيفة أن تشافيز خاض مواجهة عنيفة من أجل الحصول على موافقة
ثباتيرو بتعيين بلاناس الذي كان يشغل منصب مستشار لدى الرئاسة في الحكومة
الأندلسية، بعدما تقلب في عدة مناصب مهمة داخل إسبانيا وفي الاتحاد
الأوروبي، وكان وقتها المغرب يكتسي أهمية كبرى في أجندة ثباتيرو الخارجية،
لكونه كان يعول عليه لبناء نجاحه الدبلوماسي الخارجي خصوصا بعد انتقاله من
الأطلنتية إلى المتوسطية.
وفسر أحد المقربين من تشافيز الأمر بكونه لا يعدو إعلانا للحرب ضد
الكتالانيين الذين تبقى أبواب المغرب مفتوحة في وجههم، حيث إن الأندلسيين
يريدون شخصية من فريقهم في سفارة إسبانيا بالمغرب.
ويسود الاعتقاد أن بلاناس لم يخيب ظن تشافيز الأندلسي، بعدما نجح
فعلا في عمله الدبلوماسي في المغرب، حيث كشف عن دراية في التعامل مع الجار
الجنوبي لإسبانيا، وتعامل مع ملفات صعبة، خصوصا بعدما أخذت العلاقات
منعطفا جديدا بعد زيارة ملكي إسبانيا لسبتة ومليلية.
ويعطي بلاناس الانطباع بأنه استفاد كثيرا من دروس أحد السفراء
الإسبان في المغرب خلال فترة العصر الذهبي في العلاقات على عهد رئيس
الوزراء الأسبق فيليبي غونزاليث، وهذا السفير ليس شخصا آخر غير أدولفو دي
لا سيرانا مؤلف كتاب «جنوب طريفة.. العلاقات التاريخية بين المغرب
وإسبانيا»، الذي يعد مرجعا بالنسبة إلى الشخصيات الدبلوماسية الإسبانية
الراغبة في فهم العمق التاريخي لهذه العلاقات، وهو الكتاب الذي ظل بلاناس
يستشهد به في غالبية محاضراته ومداخلاته بعدما عين سفيرا لإسبانيا.
حرب ضد بن لادن
أمام جهل غالبية الإسبان بمعطيات كثيرة عن العالم العربي والإسلامي،
يبقى المنشق السعودي أسامة بن لادن الشخصية الأكثر شهرة في أوساط الإسبان
العاديين، بل حتى الأجهزة الأمنية الإسبانية وجدت نفسها مضطرة إلى اقتفاء
آثار التنظيم الذي يتزعمه بن لادن في إسبانيا منذ أحداث الحادي عشر من
مارس 2004، وهو ما يجعلها أمام امتحان صعب يكمن في مواجهة تنظيم القاعدة
الذي يختلف عن تنظيم إيتا الذي اعتادت التعامل معه منذ أربعة عقود، فما
لاشك فيه أن إسبانيا تحولت إلى قاعدة للخلايا النائمة لتنظيم القاعدة في
السنوات الأخيرة، إذ لم يكن مصادفة أن يلتقي بعض مدبري «يوم القيامة»
الأمريكي في إسبانيا أسابيع قليلة قبل تفجيرهم الطائرات في سماء نيويورك
وواشنطن.
وقد فككت السلطات الإسبانية عدة خلايا نائمة بعد جمع معطيات عن بعض
المهاجرين المسلمين الذين يفترض انتماؤهم إلى هذه التنظيمات، وهي المعطيات
التي يتم جمعها عبر التنصت على مكالماتهم الهاتفية وزرع عملاء مسلمين في
وسطهم يتلقون تعويضات من الأجهزة الأمنية الإسبانية، ويقومون بإعداد
تقارير عن تحركاتهم واجتماعاتهم، إلى أن تفاجئهم القوات الأمنية باقتحام
في الساعات الأولى من الصباح في الغالب، ويعلن لوسائل الإعلام الإسبانية
عن تفكيك خلية إرهابية جديدة، وتكون التقارير التي تزود بها الاستخبارات
الأجنبية، مثل الاستخبارات المغربية، نظيرتها الإسبانية، في إطار التعاون
الأمني، مفيدة جدا بحكم الاتصالات التي تكون غالبا لهذه الخلايا مع بعضها
البعض.
ويبدو أن نفس هذا السيناريو تكرر صبيحة يوم الثلاثاء الماضي بإعلان
الشرطة الوطنية، المكلفة بقضايا الإرهاب والهجرة، عن قيامها بسلسلة
اعتقالات في برشلونة وكاستيون وبامبلونا لتفكيك خلية إرهابية تنتمي إلى ما
يعرف بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، تقوم بتقديم الدعم المادي وإرسال
الحوالات «للمجاهدين» في العراق وتقديم الدعم اللوجستي لمجموعات إرهابية
تابعة لتنظيم أسامة بن لادن في منطقة المغرب العربي.