شركة الهند الشرقية البريطانية
كانت شركة الهند الشرقية البريطانية من أنجح المراحل في تاريخ الإمبراطورية البريطانية حيث
ضمت الكثير من أجزاء شبه القارة الهندية التي أصبحت فيما بعد من أضخم مصادر الدخل للإمبراطورية البريطانية بالتماشي مع غزو هونج كونج و سينغافورا و سيلون و ماليايا ( التي
كانت كذلك من أكبر مصادر الدخل ) و دول أخرى آسيوية محيطة ، و ذلك مما أدى إلى تأسيس الإمبراطورية الآسيوية البريطانية التي هي من أهم مكونات الإمبراطورية البريطانية . كانت بداية
شركة الهند الشرقية البريطانية كشركة متعاونة من التجار و المستثمرين متمركزين في ليدينهال
ستريت في لندن و الحاصل على ميثاق ملكي من اليزابيث الأولى في عام 1600 بنية رعاية امتيازات التجارة في الهند . أعطى الميثاق الملكي هذا
فخامة شركة الهند الشرقية حديثة الإنشاء
احتكارا للتجارة مع شرق الهند جميعها . تحولت الشركة من مجرد مشروع صناعي تجاري إلى
مشروع لحكم الهند باعتبارها قد اكتسبت وظائف حكومية وعسكرية ثانوية مع ما لديها من جيش كبير خاص مكون من جنود ذات أصول هندية ، الذين كانوا مخلصين لقادتهم من البريطانيين و
شكلوا عاملا مهما في غزو بريطانيا الآسيوية . اعتبر البعض شركة الهند الشرقية البريطانية كأول تعاون متعدد الجنسيات في العالم . تضمن التاج البريطاني عقود الأراضي في عام 1858 ، في
أعقاب الأحداث التي سميت بثورة الهنود الأصليين أو العصيان الهندي . كذلك للشركة مصالح على طول الطرق الموصلة إلى الهند من بريطانيا العظمى . وفي أوائل عام 1620 ، حاولت
الشركة ضم منطقة تابل ماونتن في جنوب أفريقيا ، ولاحقا احتلت وحكمت ستريت هيلينا ، ومن
الأحداث الجديرة بالذكر استعمار الشركة لهونج كونج و سينغافورا ، واستخدام كابتن كيد سيئ السمعة لمواجهة القرصنة ، و زراعة و إنتاج الشاي في الهند ، و عزل نابليون بونابارت الأسير
في سانت هيلينا ، و حصولها على هذا التميز المريب بسبب كون منتجاتها هدفا لحفلات الشاي في بوسطن في أمريكا المستعمرة الذي كان من أكثر العوامل تأثيرا في عقول كثير من قواد
المستعمرات إلى وقت الثورة الأمريكية . جمع رؤساء الشركة ( أي القواد و الأشخاص المهمين والمؤثرين داخل بنية الشركة) ثروات شخصية هائلة مثل إليهو يال الذي سميت باسمه جامعة يال
في نيوهيفن عرفانا بالجميل لمساهمات يال الكثيرة في المدرسة . في عام 1615 أمر جيمس الأول توماس رو بزيارة إمبراطور موجال جاهانجير ( الذي حكم أكثر أجزاء شبه القارة الهندية في ذلك
الوقت على طول أفغانستان و أجزاء من بيرسيا الشرقية ) . كان الهدف من هذه البعثة هو الترتيب لمعاهدة تجارية التي ستعطي الحق الخاص للشركة في إقامة وبناء مصانع في سورات و مناطق
أخرى . من جهة أخرى عرضة الشركة تزويد الإمبراطور بالأغذية والنوادر من السوق الأوروبية . تمت هذه المهمة بنجاح و أرسل جاهانجير رسالة إلى الملك عن طريق السيد توماس .
وجدت شركة الهند الشرقية البريطانية نفسها مسيطرة تمام السيطرة على الشركات التجارية لفرنسا و هولندا و البرتغال في شبه القارة الهندية . في عام 1634 وسع إمبراطور الموجال شاه جاهان ضيافته للتجار الإنجليز إلى منطقة البنغال التي كانت تملك أكبر صناعة نسج في العالم في ذلك
الوقت . في عام 1717 ، تخلى إمبراطور الموجال تماما عن جمارك التجارة مما أعطى الشركة ميزة تجارية في التجارة الهندية . في 1680 ازداد دخل الشركة بما يكفي لتتمكن من إنشاء جيشها
الخاص ، متضمننا بشكل رئيسي الشعوب الهندية الأصلية الخاضعين تحت أوامر الموظفين البريطانيين الذين كانوا من الإنجليز و الاسكتلنديين . سمي هؤلاء الجنود الهنود ب sepoys أي الهنود الأصليين .
التوسع جعل انتصارروبرت كليف في معركة بلاسي من الشركة قوة عسكرية و تجارية .
إن انهيار إمبراطورية الموجال التي قسمت إلى العديد من الدول الصغيرة يحكمها حكام محليون مختلفون عادة مع بعضهم البعض ، مما سمح للشركة في توسعة أراضيها ، و ابتدأ هذا في عام
1757 ، عندما حدث الصراع بين الشركة و ناواب في البنغال ، و سيراج الدوله . هزمت جنود الشركة النواب في 23 حزيران 1757 في معركة بلاسي تحت قيادة روبرت كليف ، و السبب الرئيسي في هذه الهزيمة هو خيانة القائد السابق للنواب مير جعفر . حولت خيانة السيد جعفر
المعركة إلى مجرد مناوشات . و هذا الانتصار الذي نتج عنه غزو فعلي للبنغال ساعد على إنشاء الشركة الهندية الشرقية البريطانية لكلا القوتين العسكرية و التجارية . ومع ذلك لم تتدعي الشركة
السيطرة التامة على الأرض لوقت طويل . بل فضلوا أن يحكموا من خلال دمية النواب الذي قد يلام بسبب الخسائر الحكومية التي كان سببها استغلال الشركة الاقتصادي الجشع للأرض . يعتبر
هذا الحدث كبداية للحكم البريطاني للهند . سمحت الثروة المكتسبة من الخزينة البنغالية للشركة في تقوية الناحية العسكرية بشكل ملحوظ . غزى هذا الجيش (المكون من أغلبية من الجنود الهنود
المدعوين الهنود الأصليين و بقيادة موظفين بريطانيين ) أغلب مناطق الهند الجغرافية و السياسية
في منتصف القرن التاسع عشر فكانت أراضي الشركة بازدياد فعلي . خاضت الشركة العديد من
الحروب مع الحكام الهنود المحليين أثناء فترة غزوها للهند ، و أصعبها كانت الحروب الأنجلو ميسور الأربعة ( بين عام 1766 وعام 1799 ) ضد مملكة ميسور الجنوب هندية تحت حكم
حيدر علي ومن بعده ابنه طيبو سلطان (نمر ميسور) الذي طور استخدام السهام في المعارك . هزمت ميسور فقط في الحرب الانجلو ميسور الرابعة من قبل القوى المتحدة من بريطانيا و الدول
المجاورة لميسور حيث يسجل التاريخ حيدر علي و طيبو سلطان خاصة في الهند كأطول الحكام فترة حكم . يوجد العديد من الدول الأخرى التي لم تستطع الشركة غزوها بالقوى العسكرية و غالبا
في الشمال حيث كان تواجد الشركة بازدياد في وسط الصراع الداخلي و العروض المريبة من
الحماية ضد بعضها البعض . ساعدت الأفعال القسرية و التهديدات و الدبلوماسية الشركة في منع الحكام المحليين من تدبير صراع موحد ضد الحكم البريطاني . في عام 1850 حكمت الشركة أكثر
شبه القارة الهندية و كنتيجة بدأت الشركة التصرف كأمة أكثر من مؤسسة تجارية . كذلك كانت الشركة مسؤولة عن تجارة الأفيون الغير شرعية مع الصين ضد إرادة إمبراطور الكنغ ، مما أدى
لاحقا إلى حربي الأفيون ( بين 1834 و 1860 ) . و كنتيجة لانتصار الشركة في حرب الأفيون الأولى فجعلت من هونج كونج كأرض بريطانية . بالإضافة إلى أن الشركة كان لها عدد من
الحروب مع الدول الآسيوية المحيطة ، و أشدها كان حروب الانجلو أفغانية الثلاثة ( بين 1839 و 1919) ضد أفغانستان التي اعتبرت حربا فاشلة من وجهة نظر البريطانيين .