30.11.2013
21:00:15
الناصرة ـ ‘القدس العربي’ يُواكب صنّاع القرار في تل أبيب من المستويين السياسيّ والأمنيّ التقارب الحاصل بين مصر وروسيا، ولا يخفون قلقهم وخشيتهم العميقة من هذا التطور، الذي سيُلقي بظلاله السلبيّة على الدولة العبريّة من ناحية علاقاتها مع أكبر دولة عربيّة، ومن ناحية ثانية، يعتبر أقطاب دولة الاحتلال، أنّ هذا التقارب هو مؤشر آخر على تراجع نفوذ الولايات المتحدّة الأمريكيّة في منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها الحليفة الإستراتيجيّة الأهّم والأقوى للدولة العبريّة، وإذا كانت واشنطن هي أهم الأطراف المنزعجة، على المستوى الدولي، من الخطوات المتسارعة للتقارب المصريّ الروسيّ، فإنّ إسرائيل هي الطرف الأشد انزعاجًا على المستوى الإقليمي.
وأشارت صحيفة ‘يسرائيل هايوم’ المقربّة جدًا من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، إلى ما كان قد صرّح به، وزير الدفاع المصريّ، عبد الفتاح السياسيّ، الذي وصفته بالحاكم الفعليّ لمصر، بعد نهاية الزيارة الخاطفة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري للقاهرة في نهاية الأسبوع الماضي، حيث قال السيسي إنّه لم يعد ممكنًا الاعتماد على الأمريكيين ونحن الآن متجهون إلى العمل مع الروس في أسرع وقت.
ورأت الصحيفة أنّه بهذا التصريح عبّر السيسي تعبيرًا متطرفًا عن خيبة أمله من سياسة الولايات المتحدة نحو بلده في السنوات الأخيرة. وتابع الصحيفة الإسرائيليّة قائلةً، نقلاً عن مصادر سياسيّة وصفتها بأنّها رفيعة المستوى في تل أبيب، تابعت قائلةً إنّ الأزمة في العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر قد زادت حدة في المدة الأخيرة ولا سيما بعد عزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم في تموز (يوليو) من هذا العام. ولفتت إلى أنّ الإدارة الأمريكيّة أعلنت في الفاتح من تشرين الأول (أكتوبر) الفائت عن تجميد المساعدة العسكرية لمصر التي تبلغ 260 مليون دولار، وتعليق إمداد القاهرة بالمعدات العسكرية التي تشتمل على طائرات ومروحيات ودبابات ومدافع وغير ذلك على أثر القمع العنيف لمؤيدي الإخوان المسلمين في شوارع مصر الذي جبا مئات الضحايا.
وتابعت الصحيفة قائلةً: يبدو أنّ تصريح الفريق السيسي كان يرمي إلى تقديم تفسير للزيارة المرتقبة لوفد روسي رفيع المستوى للقاهرة في نهاية هذا الأسبوع.
ففي الأشهر الأخيرة، أجرت روسيا ومصر تحت السطح وفي سرية شديدة اتصالات سرية بينهما يفترض أن تفضي إلى بناء حلف استراتيجي جديد في المنطقة مع تنحية الولايات المتحدة ومنح روسيا موطئ قدم في مصر، لأول مرة منذ أربعين عامًا، على حدّ تعبيرها.
وساقت أنّه في الشهر الماضي زار وزير الخارجية المصري نبيل فهمي موسكو، وقام الأسبوع الماضي وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان على رأس الوفد الروسيّ بزيارة إلى القاهرة، مشدّدّةً على أنّ الرئيس الروسيّ، فلاديمير بوتين سيزور هو نفسه القاهرة تتميمًا لزيارة الوزيرين الروسيين.
بالإضافة إلى ذلك، قالت إنّ لزيارة الوفد معنى تاريخيًا كبيرًا لأنّ هذه هي أول مرة منذ طرد أنور السادات الخبراء السوفييت من مصر في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وصل فيها وفد رفيع المستوى جدا لمحادثات رسمية مع القاهرة.
ومن المفترض أن تتمتع مصر بمساعدة عسكرية روسية واسعة وسلاح متقدم تبلغ قيمته 4 مليارات دولار.
ومقابل ذلك ستمنح مصر روسيا وجودًا عسكريًا بحريًا في ميناء الإسكندرية يُمكنها من تعميق تغلغلها الاستراتيجي في المنطقة ويكون ذلك وقت الحاجة بديلا عن الميناء الروسي في طرطوس إذا ما انهار نظام بشار الأسد، على حدّ قول المصادر الإسرائيليّة عينها.
علاوة على ذلك، أوضحت المحافل في تل أبيب أنّ زيارة كيري كانت ترمي إلى أن تثني مصر عن البحث عن حلفاء آخرين والى محاولة إعادة علاقات الولايات المتحدة بمصر إلى مسارها مع وعود بإفراج محتمل عن بعض الوسائل القتالية التي جُمد التزويد بها ووعدت مصر بها، هذا فضلاً عن تناول محادثات كيري مع السيسي في الأسبوع الماضي في مستقبل الرئيس المخلوع مرسي، ولكنّ المصادر لفتت إلى تصريح وزير الخارجية المصريّ، نيبل فهمي، والذي قال فيه إنّ مصر دولة مستقلة واستقلالها يعني البديل، أيْ أنّها لم تعد ملزمة للولايات المتحدة.
وتابعت المصادر السياسيّة في تل أبيب قائلة أنّ مصر بواسطة روسيا تسعى لزيادة مجال حيلتها السياسية والعسكرية أكثر مما اعتادت عليه منذ كان اتفاق السلام مع إسرائيل في 1979، ومنذ أن استقر رأيها على أنّ الولايات المتحدة هي المزودة وحدها لمصر بالسلاح، وراعيتها السياسية أيضًا، على حدّ قول المصادر.
من ناحيته، قال موقع صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ على الإنترنت إنّ زيارة المسؤولين الروس الكبار إلى مصر، تُعيد إلى الأذهان شهر العسل الذي كان قائمًا بين الدولتين في عهد الرئيس المصريّ الراحل، جمال عبد الناصر. وزاد الموقع إنّه بالإضافة لوجود مصلحة سياسيّة للدولتين بتطوير علاقاتهما، فإنّ لمصر توجد مصلحة عسكريّة، ذلك أنّ الجيش المصريّ ما زال يمتلك أسلحة وعتاد من صنع روسيّ، وموسكو أعلنت عن استعدادها الكامل لتطوير هذه الأسلحة وجعلها مناسبة لهذه الفترة، لافتًا إلى تصريح المسؤول الروسيّ الكبير في وزارة الدفاع، روسلان فوحوف، الذي قال لوكالة الأنباء (بلومبرغ) إنّ قائمة المشتريات العسكريّة المصريّة، التي تمّ تقديمها للروس تشمل أيضًا شراء مقاتلات حربيّة متطورّة من طراز ميغ 27، روسية الصنع.
ولفتت المصادر الإسرائيليّة إلى أنّ السياسة المصريّة الجديدة هي رسالة واضحة لأمريكا مفادها أنّ الدولة العربيّة الكبرى قادرة على الحصول على المعدّات العسكريّة المتطورة من جميع الأنواع من دولة واحدة فقط، وهي روسيا، وهذا التحوّل، برأي المصادر الإسرائيليّة، بات مقلقًا للغاية.
ولكن بحسب المصادر عينها، فإنّه في المنظور الإستراتيجيّ للدولة العبريّة فهناك خشية كبيرة من أنْ يكون المساس باتفاقية كامب ديفيد التي حفظت السلام مع جارها المصري على مدار 40 عامًا بعد أربعة حروب خاضها الطرفان هو الخطوة التالية، في ظل مطالب شعبيّة بإعادة النظر في بنودها التي يرى الرأي العام أنها تنتقص من السيادة المصرية وتحد من انتشار الجيش الوطني على كامل تراب البلاد، وهذا الأمر، ربّما يُفسّر الجهود الإسرائيليّة الحثيثة لإقناع البيت الأبيض بالعدول عن قراره بمعاقبة الجيش المصريّ وتجميد تزويده بالأسلحة، على حدّ قول المصادر في تل أبييب
المصدرhttp://www.alquds.co.uk/?p=104372