الصين في مواجهة الولايات المتحدة
إعلان الصين عن منطقة الدفاع الجوي التي تغطي جزرا في بحر الصين الشرقي تطالب اليابان بالسيادة عليها، ورد فعل الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، كشف حجم المواجهة، التي يمكن أن تشهدها المنطقة في سعي واشنطن لتعزيز نفوذها في المنطقة.
لا شك أن منطقة آسيا والمحيط الهادي، تمثل أهمية خاصة للولايات المتحدة في إطار استراتيجية تحكم السياسة الخارجية، وتضاف إلى منطقة الشرق الأوسط التي تظل المرتكز الأكثر أهمية للإدارات الأمريكية المتعاقبة لمواجهة التحديات المختلفة التي تهدد مصالح واشنطن، رغم ارتفاع الأصوات التي تنادي بالاتجاه نحو آسيا.
الاخفاقات التي تواجه الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط، من تقدم البرنامج النووي الإيراني، وغموض مستقبل العلاقات مع القاهرة التي ثارت على جماعة الإخوان المدعومة من واشنطن، والعجز الواضح أمام النزاع في سوريا، تُشير إلى ارتباك واضح في رؤية الإدارة الأرمريكية للمنطقة التي تشهد تحولات جوهرية يمكن أن تؤثر في التوازن الإقليمي.
الاتجاه شرقاً:
وفشل الإدارة الأمريكية في المنطقة، يعزز فكرة إعادة التوازن تجاه آسيا والبدء في خطوات عملية في طريق جعل القرن الحالي، هو قرن آسيا والمحيط الهادي في السياسة الخارجية الأمريكية، والعمل على تحقيق التوازن المناسب في مواجهة تصاعد دور الصين، وإن كان ذلك يتطلب موراد اقتصادية وعسكرية واستراتيجية كبيرة.
ما نُشر من وثاق الأمن القومي الأمريكي وما تشير إليه تصريحات كبار المسؤولين في واشنطن، يؤكد ان واشنطن تنظر إلى بكين كمنافس قوي وخصم لا يستهان به خاصة في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ولا يمكن ان تكون حليفا.
الولايات المتحدة تسير في اتجاه بناء وتعزيز التعاون في مختلف المجالات في رسالة واضحة بأنها لن تتخلى عن الحلفاء في هذه المنطقة في مواجهة قوة الصين الصاعدة.
ولكن الخلافات بين الصين وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، خاصة اليابان، قد تضع الصين والولايات المتحدة في مواجهة حتمية مباشرة.
تحدي الصين:
إعلان الصين عن فرض منطقة جديدة للدفاع الجوي فوق جُزر "دياويو" كشف حجم ما يمكن ان يواجه الولايات المتحدة من تحديات في آسيا والمحيط الهادي، مع رفض واشنطن وطوكيو الاعتراف بالمنطقة الجديدة التي أعلنت عنها بكين.
وحرص الصين على البحث عن موارد الطاقة في مناطق مختلفة من العالم، وضعها في مواجهة الولايات المتحدة خاصة في أفريقيا وايران.
واشنطن تُدرك التطورات الإيجابية في النمو المتزايد للاقتصاد الصيني، والدعم الواضح لقطاع الصناعة والتفوق العسكري، فضلا عن المكاسب التي تحققها بكين على الساحة الدولية والاحترام الذي تحظى به في المجتمع الدولي.
واشنطن لن تترك الشرق الأوسط:
رغم الإخفاقات التي تتعرض لها الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وارتفاع الأصوات داخل الإدارة الأمريكية بالاتجاه نحو آسيا والمحيط الهادي، إلا انه من المستبعد أن تترك واشنطن الشرق الأوسط.
الولايات المتحدة ستعمل في المنطقتين بالتوازي، فالشرق الأوسط ما زال يمثل موردا رئيسيا لمصادر الطاقة، فضلا عن ضمان أمن إسرائيل، وتنفيذ الالتزام بتسوية القضية الفلسطينية، إلى جانب حجم المبيعات التي يحققها السلاح الأمريكي في دول المنطقة.
مأزق واشنطن:
انتشار الجيوش الأمريكية في مناطق مختلفة من العالم والنفقات الضخمة للمؤسسة العسكرية، كان له تأثير سلبي على الاقتصادي الأمريكي الذي يواجه صعوبات مختلفة.
الوضع الاقتصادي جعل المؤسسة العسكرية تتعرض إلى تقليص بعض النفقات المهمة والتي من الممكن ان تؤثر سلبا على قدرة ومهارات الجيش الأميركي القتالية، هذا بالإضافة الى ان تلك الاستقطاعات ستلغي العديد من الخطط المستقبلية المهمة، خاصة بعد إعلان البنتاغون عن برنامج تقشفي لتوفير 500 مليار دولار على مدى عشر سنوات.
وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هيغل، عبر عن قلقه من تأثير استقطاعات الميزانية على قدرات الجيش التي، إن تضاءلت تدريباته، ستتراجع قدراته على مواجهة الأزمات.
الاستنتاج:
الخلاف السياسي بين واشنطن وبكين، وتقاطع المصالح في آسيا والمحيط الهادي، حقيقة لا يمكن تجاهلها، لكن الولايات المتحدة تسعى إلى احتواء الصين/ بينما بيكن منشغلة في استكمال قدراتها الاقتصادية، والعسكرية، والسياسية وتعزيز نفوذها في المجتمع الدولي، وهي تتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية على أقل تقدير في الوقت الراهن.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه حصراً)
منقول من وكالة انباء موسكو