يتوقف نجاح الهجوم الجوي، في المقام الأول، على إسكات الدفاع الجوي المُعادي. ويمكن بلورة الطرق المستخدمة لتحقيق هذه المهمة، في فئتين، تتكاملان معاً في عملية واحدة. الفئة الأولى هي الإعاقة الإلكترونية، بصورها المختلفة، ويسمّونها "القتل الناعم أو الهادئ" Soft – Kill والفئة الثانية هي القصف والتدمير، ويسمّونها "القتل الشديد أو العنيف" Hard – Kill، وتعتمد على نوعيات مختلفة من الأسلحة، من أهمها الصواريخ المضادّة للإشعاع Anti Radiation Missiles، وتسمّى، أحياناً، الصواريخ المضادّة للرادار Anti Radar Missiles، ويُكتفى عادة باستخدام الأحرف الأولى "آرم ARM"
وتتلخص فكرة عمل هذا السلاح، في تجهيز رأس الصاروخ بجهاز استقبال راداري، يلتقط الطاقة الكهرومغناطيسية، المنبعثة من جهاز الرادار المُعادي، ويُوجِّه الصاروخ نحْوه، باستخدام بعض المعدات المساعدة. وتسمّى هذه الطريقة التوجيه الراداري السلبي. وبهذا، يصبح أمام جهاز الرادار خياران: أولهما أن يمتنع عن البث، فيعجز عن رؤية الطائرات المعادية. وثانيهما، أن يستمر في الإشعاع، فيضئ للصاروخ المضادّ طريقه إليه. والنتيجة، في الحالتين، واحدة.
وقد بدأ استخدام الصواريخ المضادّة للإشعاع في نوفمبر 1965، حينما أطلقت الطائرات الأمريكية، في فيتنام، الصواريخ Shrike ضد قواعد صواريخ SAM أرض - جو. وبعد ذلك، تطورت، وتعددت الصواريخ المضادّة للرادار. وظهر منها أنواع أمريكية وروسية وفرنسية وبريطانية. إضافة إلى صاروخ إيطالي جديد، ما زال في مرحلة الإنتاج
الصواريخ الأمريكيةالصاروخ HARM، هو السلاح الرئيسي، الذي تعتمد، في الوقت الحالي، عليه القوات المسلحة الأمريكية، في إسكات الدفاع الجوي المعادي وتدميره. وهو أحدث الأسلحة المضادّة للإشعاع، التي بدأ استخدامها في عام 1965، حينما أسقطت الصواريخ أرض/ جو SAM – 2 أول طائرة أمريكية، في فيتنام، يوم 24 يوليـه. وكانت طائرة استطـلاع تكتيكي، نوع RF - 4C وبعد ثلاثـة أيام، قامت 46 طائرة F - 105 بهجوم مركز على الموقع، وتمكَّنت من تدميره.
وخلال الأشهر الخمسة التالية، رُصِدت سبعة مواقع SAM – 2 أخرى، وجرى تدميرها بوساطة مجموعة من الهجمات الجوية المتتالية، سُمِّيت غارات تحقيق السلام. وخسرت الولايات المتحدة الأمريكية، في هذه الغارات، ثماني طائرات.
وفي نوفمبر من العام نفسه، استُخدمت أولى طائرات الإخماد، التي أُطلق عليها اسم "ابن عرس المتوحشWild Weasel"، وكانت من نوع F – 100F وخُصِّصت لمهمة إخماد الدفاع الجوي المُعادي Suppression of Enemy Air Defense الذي يرمز إليه بأحرفه الأولى SEAD، وقد نجحت طائرات Wild Weasel في تنفيذ مهامها، باستخدام الصواريخ Shrike المضادّة للإشعاع، ضد أجهزة قيادة نيران الصواريخ SAM – 2 الفيتنامية.
وفي عام 1978، خصصت القوات الجوية الأمريكيـة سربَيْـن من طائرات Phantom F – 4G ـ 48 طائرة لمهمة إخماد الدفاع الجوي، سُلِّحت، في البداية، بالصواريخ Shrike ثم Standard، وأخيراً، بالصواريخ HARM وظلت هذه الطائرات تؤدي هذه المهمة بنجاح، إلى أن تقادمت، وبات الاعتماد عليها، في أي حرب مقبِلة، أمراً مشكوكاً فيه. وفي أبريل 1996، أُدخلت المخازن آخر طائرة Wild Weasel F – 4G
وقد استخدمت القوات الأمريكية الجوية والبحرية، أربعة أنواع من الصواريخ المضادّة للإشعاع، هي Shrike، Standard، Sidearm، وأخيراً الصاروخ HARM، وجميعها يرمز إليها بالأحرف AGM، للدلالة على أن الصاروخ، يُطلق من الجو إلى الأرض Air Ground Missile، إضافة إلى الرقم والاسم.
. الصاروخ AGM – 45 "Shrike" 1) صاروخ جو / أرض، قصير المدى.
(2) المدى: 12 كم.
(3) الوزن: 177 كجم.
(4) الرأس الحربي متشظٍّ، ويزن: 66 كجم.
(5) يحتوي الصاروخ على مستشعر راداري، وحاسب إلكتروني صغير للتوجيه، إضافة إلى منظومة الحركة.
ولا يستطيع الصاروخ الواحد أن يتعامل مع النوعيات المختلفة من أجهزة الرادار، وذلك لضيق حيّز الترددات، الذي يعمل عليه جهاز استشعاره. ولهذا، صُمِّم كل مجموعة من هذه الصواريخ للعمل ضد نوع معيّن من الرادارات. وعلى ضابط العمليات، في القاعدة الجوية، أن يختار الصاروخ المناسب، أثناء التحضير للمهمة.
ويتحتم على الطائرة، التي تُطلق الصواريخ Shrike، أن تطير في اتجاه الهدف مباشرة، وأن تقترب منه إلى مسافة، تعرّضها لنيران الدفاع الجوي المعادي.
وقد استخدمته الطائرات الإسرائيلية، في حرب الاستنزاف، في جبهة قناة السويس، وفي حرب العاشر من رمضان (6 أكتوبر 1973). ولكن الدفاع الجوي العربي نجح في تحييده. ويشير بعض المراجع إلى أنه استُخدم في حرب تحرير الكويت. والواقع، أن أداءه المحدود، يجعله مناسباً فقط لإرغام أجهزة الرادار على إيقاف البث لفترة محدودة، ولكن لا يُعتمد عليه في تدمير هذه الأجهزة. ومن المحتمل أنه أخرج من الخدمة، إذ لم يرِد له ذكر، في المراجع الحديثة.
ب. الصاروخ AGM – 78 "Standard" 1) صاروخ جو / أرض، متوسط المدى.
(2) المدى: 55 كم.
(3) الوزن: 615 كجم.
(4) سُلِّحت، الطائرات F – 4 Phantom، وطائرات البحرية الأمريكية، بدءاً من عام 1969.
(5) كان، أصلاً، صاروخ أرض/ جو. ثم عُدِّل، ليصبح صاروخاً مضادّاً للرادار. وأُنتج منه أربعة أنواع، ويحتوي النوعان B وC، على ذاكرة إلكترونية، تحتفظ ببيانات جهاز الرادار (الهدف)، حتى يمكن أن يتجه إليه الصاروخ، ذاتياً، عندما يتوقف الجهاز عن البث.
(6) وتُجهّز الطائرة، التي تحمله، بالجهاز AN/ APS – 18، الذي يكتشف الهدف، ويحدد إحداثياته. ويُبَرمَج الصاروخ، قبْل الإطلاق، بناءً على هذه المعلومات.
(7) وقد اشترت إسرائيل 300 صاروخا من هذا النوع، وطَوّرت باحث الصاروخ ورأسه الحربي، واستخدمته في عملية الهجوم على الصواريخ أرض / جو السورية، في سهل البقاع، عام 1982.
(8) توقف إنتاج هذا الصاروخ، عام 1975.
ج. الصاروخ AGM – 122 "Sidearm"
1) صاروخ جو / أرض، قصير المدى.
(2) المدى: 8 كم.
(3) الوزن: 91 كجم.
(4) وزن الرأس الحربي: 10.2 كجم.
(5) في أوائل الثمانينيات اتجه التفكير إلى الاستفادة من الصواريخ جو/ جو القديمة، نوع AIM – 9 Sidewinder، بتحويلها إلى صواريخ مضادّة للإشعاع، خفيفة الوزن، وزهيدة النفقة.
واستخدامها في قصف أجهزة رادار قيادة نيران وحدات الصواريخ والمدفعية المضادّة للطائرات. ويُوجَّه هذا الصاروخ بطريقة التوجيه الراداري، نصف الإيجابي، ومن ثمّ، فمن الممكن تحويله، ليوجَّه رادارياً سلبياً، أي لكي يتجه ذاتياً إلى مصدر الإشعاع الراداري. وساعد على تنفيذ هذه الفكرة، وجود ألف قطعة منه في المخازن الأمريكية، من منتصف السبعينيات. وبعد أن بدأ العمل في البرنامج، الذي تبنّته القوات البحرية ومشاة البحرية، تبيّن أن الرأس الباحث غير مناسب. ولهذا، أُنتج باحث جديد، وعُدّل الطيار الآلي للصاروخ، لكي يمكِن إطلاقه من ارتفاع منخفض.
وصُمِّم الصاروخ الجديد تصميماً، يوضح للطيار إذا كان الباحث يتجه إلى هدفه أو لا. كما يعطي إشارة صوتية، عندما يُطْبِق على الهدف Lock – on وسُلِّحت به الطائرات الخفيفة، التابعة لقوات البحرية ووحدات مشاة البحرية، من نوع AV – 8 وA – 4 والطائرات العمودية AH – 1 أمّا القوات الجوية، فقد انسحبت من المشروع، لأنه لا يحقق متطلباتها.
د. الصاروخ AGM – 88 "HARM" هو أحدث الصواريخ الأمريكية المضادّة للرادار، وأهمها. ويدل حرف (H)، الذي يسبق كلمة ARM، على أن الصاروخ ذو سرعة عالية High Speed، تقترب من ثلاثة أضعاف سرعة الصوت. وقد أُنتج منه، حتى عام 1998، ثلاثة أجيال A, B, C، ظهر الجيل الأول في عام 1980، وأُدخل في خدمة العمليات، عام 1983، وفي أواخر عام 1988، تسلَّمت القوات الأمريكية خمسة آلاف صاروخ من الجيل الثاني (النوع B).
وقد استخدم (النوع B) في حرب تحرير الكويت. إذ أطلقت الطائرات الأمريكية منه أكثر من ألفَي صاروخ، ضد الدفاع الجوي العراقي.
أمّا الآن، فإن الطائرات الأمريكية مُسلَّحة بالجيل الثالث (النوع C) Bloc – 4 .
(1) وطول الصاروخ: 4.16 م.
(2) القطر: 241 مم
(3) عرض الأجنحة: 1,13 م
(4) الوزن: 361 كجم.
(5) وزن الرأس الحربي Warhead: 66 كجم.
وهو من النوع المتشظي، أي الذي ينفجر عندما يقترب من الهدف، ويتحول إلى مجموعة كبيرة من الشظايا. والرأس مجهز بطبة - تعمل بالليزر، تقيس ارتفاع الصاروخ عن الأرض، باستمرار، وتحدد لحظة الانفجار المناسبة، التي تحقق أفضل انتشار للشظايا.
(6) قسم التوجيه Guidance Section: يحتوي على باحث شديد الحساسية، يمكِنه التقاط الطاقة من الفصوص الجانبية لشعاع الرادار المعادي Sidelobes، ومصفوفة هوائيات تعمل على نطاق ترددات ثابت، وعشر دوائر ميكرويف، ومُشغِّل مرئي Video processor، لمعالجة بيانات الإشارات الملتقطة من أجهزة الرادار المعادية. ويُغذَّى ببرامج تشغيل، يمكِن تغييرها بسرعة. ويعمل الباحث في حيّز ترددات عريض، يغطي ترددات أجهزة الرادار، العاملة في منظومات الدفاع الجوي العالمية كلها، تقريباً. وتُستخدم هذه الأجهزة في منظومات الاستطلاع، وفي وحدات الصواريخ والمدفعية المضادّة للطائرات، وتشمل أجهزة القيادة التكتيكية، لاكتشاف الطائرات المعادية، وقيادة نيران هذه الأسلحة، إضافة إلى رادارات توجيه الصواريخ أرض/ جو.
(7) قسم السيطرة Control Section: ويشمل طياراً آلياً رقمياً Digital Autopilot، ومنظومة ملاحة بالقصور الذاتي، وأجهزة كهروميكانيكية لتحريك أجنحة الصاروخ.
(8) قسم الدفع (المحركات) Propulsion Section: ويتكون من محرك إطلاق ابتدائي Boost - Sustainer، يعمل بالوقود الجاف، ومحرك صاروخي قليل الدخان (لتقليل فرصة اكتشاف الصاروخ)، وأربعة زعانف مثبتة في الذيل.