انحنى رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ـ على نحو مفاجئ ومؤثر ـ أمام العلم السوداني، لدى تفقده حرس الشرف، ما اضطر الرئيس السوداني عمر البشير لانتظاره ومواصلة المراسم، في ثاني زيارة لسلفاكير إلى السودان بعد انفصال الجنوب في يوليو 2011م.
وبحسب البروتكول فإن البشير قاد سلفاكير إلى البساط الأحمر لتفقد حرس الشرف بلباسهم المميز، وكان الرئيس الجنوبي هو الأقرب إلى صف الحراس، وعند وصوله الى قائد الصف الذي كان يحمل العلم، سارع الى الانحناء باحترام جم للعلم الذي عمل تحته خدمته عقوداً قبل انفصال جنوب السودان.
ويبدو أن سلفاكير رمى الى إيصال الكثير من المغازي، التي يمكن أن تذيب جليد العلاقات بين الخرطوم وجوبا، التي تسيدها توتر وصل أحياناً الى درجة الاحتراب بين البلدين الجارين، وهو ما قد يشكل مدخلاً عاطفياً ينجح مباحثاته مع الجانب السوداني، حول الكثير من الملفات العالقة والشائكة على رأسها انسياب نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية، وترسيم الحدود، واتهامات دعم المتمردين بكلا البلدين.
مشهد مكرر
[حكام الجنوب قرروا عدم تسليم علم السودان لممثل الخرطوم ليحتفظوا به في متحفهم القومي]
حكام الجنوب قرروا عدم تسليم علم السودان لممثل الخرطوم ليحتفظوا به في متحفهم القومي
وأعادت انحناءة سلفاكير أمام العلم السوداني في مطار الخرطوم، الى الأذهان لحظات إنزال العلم السوداني ورفع العلم الجنوبي مكانه، في ظهيرة التاسع من يوليو 2011م.
وشهدت مراسم إنزال العلم السوداني في ذلك اليوم بجوبا، مفاجأة لم يكن الرئيس البشير الذي حضر احتفال إعلان استقلال الجنوب يتوقعها، وهو ما اضطر رجال المراسم السودانيين على ما يبدو إلى قبول مقترح كان بمثابة رفع الحرج.
وحفظت ذاكرة السودانيين بفخر، وما زالت، مراسم رفع علم السودان، وإنزال علمي الاستعمار الثنائي الانجليزي والمصري، من على سارية القصر الجمهوري، في صبيحة الأول من يناير 1956 على يد الرئيس الراحل إسماعيل الأزهري، ومن ثم طي العلمين وتسليمهما لممثلي دولتي بريطانيا ومصر.
وكان السودانيون ينتظرون تكرار مشهد مشابه، ولكنه مؤلم وذلك عندما ضرب موعد لانفصال جنوب السودان في التاسع من يوليو 2011، ولكن عمد حكام الجنوب الجدد إلى تنظيم مراسم حفظت للعلم السوداني هيبته، فلم يسلم العلم لممثل دولة السودان لأن الدولة الوليدة من رحم السودان، قررت الاحتفاظ بعلمه في متحفها القومي كذكرى للأجيال القادمة.
مراسم مهيبة
[ياور الرئيس البشير يجهش بالبكاء لدى انزال علم السودان بجوبا في 9 يوليو 2011]
ياور الرئيس البشير يجهش بالبكاء لدى انزال علم السودان بجوبا في 9 يوليو 2011
ورسمت مراسم إنزال العلم السوداني وطيّه في جوبا برغم المراسم المهيبة، علامات الحزن على وجه ياور الرئيس "العقيد ياسر" ومدير إدارة المراسم برئاسة الجمهورية عاطف محمد عبدالرحمن اللذين طويا العلم باحترام وسلماه لحكومة الجنوب بعد تحيته، والدموع تغالب الجميع.
وبعد إنزال علم السودان في جوبا، خرجت مسيرة لتكريم مصمّم علم السودان الموحد في الخرطوم، تقدمها النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان طه، وعدد كبير من رموز المجتمع من الفنانين ونجوم كرة القدم والمطربين.
وحينها قال مصمم علم السودان الموحد عبدالرحمن أحمد الجعلي لصحيفة "البيان" الإماراتية إنه "كان يتمنى الموت قبل أن يرى بعينيه مشهد إنزال العلم في مدينة جوبا". وأضاف أنه لم يتمالك نفسه في تلك اللحظة فأجهش بالبكاء، مثلما بكى الكثير من السودانيين وهم يرون عبر القنوات الفضائية، إنزال علم دولتهم من جزء عزيز من الوطن تم اقتطاعه.
http://www.alnilin.com/news-action-show-id-68971.htm