هناك مسيران بحريان لدخول أساطيل الجمهورية الإسلامية الى المحيط الأطلسي أحدهما البحر الأحمر عن طريق البحر المتوسط والآخر المجرى البحري الواقع جنوبي القارة الأفريقية.
كما نعلم فإن أكثر من 75 بالمائة من مساحة الكرة الأرضية مغطاة بمسطحات مائية وفي كل يوم هناك الآلاف من الزوارق البحرية العسكرية وغير العسكرية تمخر البحار والمحيطات لذا فإن القوات البحرية تحظى بمكانة هامة بين سائر القوات العسكرية لكونها تتجاوز الحدود الوطنية وتجوب العالم على خلاف القوات البرية التي تستقر في داخل الحدود الوطنية.
أما في الجمهورية الإسلامية فقد شهدت القوات البحرية تطوراً ملحوظاً بعد رواج ظاهرة القرصنة المشؤومة في خليج عدن والبحر الأحمر والذي يعتبر أحد أهم المجاري البحرية لتردد السفن التجارية وناقلات النفط الإيرانية لذا شعرت الجمهورية الإسلامية بمخاطر تهدد اقتصادها جراء ذلك ما اضطر القوات البحرية لأن تخوض غمار حرب غير معلنة ضد القراصنة الذين يهددون العالم بأسره بحيث وصل نطاق طلعاتها البحرية إلى أكثر من ستة آلاف كيلومتر لتجوب مناطق شمال المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر وتمكنت من حماية مئات السفن البحرية الإيرانية وغير الإيرانية وإنقاذها من هجمات القراصنة.
ومنذ عدة سنوات شاعت ظاهرة القرصنة البحرية في خليج عدن بسبب عدم استقرار بعض البلدان كالصومال حيث يشن القراصنة هجمات على السفن التي تتردد هناك وتنهب ما فيها وتبتز بلدانها.
القوات البحرية التابعة لجيش الجمهورية الإسلامية (إذ هناك قوات بحرية تابعة لحرس الثورة) بدأت تحارب هذه الظاهرة منذ عام 2006م في أوائل ظهورها حيث أرسلت القوات البحرية أول بارجاتها القتالية إلى المياه الدولية لحماية خطوط المواصلات البحرية آنذاك وقد كانت هذه المهمة بداية لمهام أخرى جعلت الأسطول البحري الإيراني مضطراً لأن يواصل تواجده في المياه الدولية ما أدى إلى تأسيس قوات بحرية استراتيجية حيث أشار قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي إلى هذا الأمر سابقاً.
في شهر شباط / فبراير عام 2011م قام الأسطول البحري لقوات الجيش الإيراني المؤلف من بارجة ألوند وبارجة الدعم اللوجستي خارك بمهمته الثانية عشرة واتجه نحو الجانب الشمالي من المحيط الهندي حيث وفر الحماية للسفن التجارية وناقلات النفط الإيرانية في خليج عدن ومن ثم اتجه نحو البحر الأحمر وبعد ذلك استقر في ميناء جدة السعودي وذهب منتسبوه إلى زيارة بيت الله الحرام. واستمرت هذه الرحلة حتى وصل الاسطول إلى قناة السويس المصرية تزامناً مع انفجار الثورة المصرية وتغيير النظام الدكتاتوري الحاكم بزعامة حسني مبارك.
وقد أدت هذه المهمة إلى حدوث بعض الحزازيات حيث واجه الأسطول البحري التابع للكيان الصهيوني إذ طلب الصهاينة حينها من الأسطول البحري الإيراني تعريف نفسه وبيان مهمته لكن القوات البحرية الإيرانية تجاهلت هذا الطلب، وبالتالي دخلت قواتنا البحرية في البحر المتوسط بعد اجتياز قناة السويس وهي المرة الأولى بعد انتصار الثورة الإسلامية يشهد العالم حضور أسطول عسكري إيراني في البحر المتوسط. وبعد قطع مسافة رسى الأسطول البحري في ميناء اللاذقية السوري.
عبور مدمرة "الوند" من قناة السويس
ومن الجدير بالذكر أن هناك العديد من البلدان التي لها يد في السياسة الدولية تحاذي سواحل البحر الأبيض المتوسط، ومنها مصر، لبنان، فلسطين، سوريا، تونس، الجزائر، المغرب، ليبيا، اليونان، تركيا، ألبانيا، صربيا، البوسنة، كرواتيا، سلوفانيا، إيطاليا، فرنسا، أسبانيا إضافة إلى جزيرتي قبرص ومالطة.
وتبلغ مساحة البحر الأحمر ما يقارب 438 ألف كيلومتر مربع وتحاذيه بلدان فلسطين، مصر، السعودية، اليمن، جيبوتي، أثيوبيا، السودان، الصومال، الأردن، السودان حيث يرتبط بالبحر المتوسط من الناحية الشمالية عن طريق قناة السويس ومن الجنوب يرتبط بالمحيط الهندي عن طريق مضيق باب المندب وخليج عدن.
كما أن الأسطول البحري للجمهورية الإسلامية جاب غمار المياه الدولية في أقصى نقاط العالم حيث اجتاز المحيط الهندي وخليج البنغال ومضيق ملقا وبحر الصين لأول مرة في تأريخ الجمهورية الإسلامية. وفي عام 2012م اجتاز المحيط الهندي وخليج عدن واتجه نحو مضيق ملقا وميناء جان جيانغ الصيني ليقطع مسافة تسعة آلاف كيلومتر وهذا يعتبر رقماً قياسياً للقوات البحرية الإيرانية، والبلدان المحاذية لهذه المياه كثيرة.
فرقاطة "خارك" اللوجستية الايرانية
يذكر أن الجانب الأعظم من صادرات النفط في المنطقة تمر عبر مياه الخليج الفارسي، حيث تتجه ناقلات النفط نحو بلدان القارة الآسيوية كالصين وكوريا الجنوبية واليابان لذا فإن تواجد الأسطول البحري الإيراني في هذا الخليج له أهمية خاصة لحماية تردد السفن والبواخر وناقلات النفط.
ولا يخفى على أحد أن المحيط الأطلسي الذي تحاذيه الكثير من البلدان من مختلف القارات يحظى بأهمية كبيرة والبلدان التي تحاذيه لها دور كبير في السياسة الدولية وهناك مجريان بحريان يمكن للبوارج العسكرية الإيرانية أن تمر من خلالها أحدهما الطريق الذي يمر عبر البحر الأحمر وصولاً إلى المحيط الأطلسي حيث قامت القوات البحرية باجتياز هذا المسير البحري مرتين وتبلغ المسافة بين بوابة البحر الأحمر ومحل الخروج منه في قناة السويس 2220 كيلومترا. وأما الآخر فهو المسير الذي يمر عبر مياه جنوب القارة الأفريقية وصولاً إلى المحيط الأطلسي أيضاً وهذا الطريق قد شهد تردد الأسطول العسكري الإيراني مراراً طوال ست سنوات.
الجمهورية الإسلامية ومن منطلق حفاظها على أمن ناقلاتها البحرية وكذلك أمن المنطقة والعالم قد بادرت إلى الدفاع عن السفن والبواخر وناقلات النفط ومواجهة القرصنة البحرية التي عصفت بالعالم في السنوات الأخيرة وقد تمكنت من التصدي للقراصنة وحماية الكثير من السفن الإيرانية وغير الإيرانية.
أما اليوم فهناك برنامج للأسطول التاسع والعشرين التابع لقوات الجيش لكي يجوب البحار بعد عودة الأسطول الذي كان مستقراً في المياه الدولية ليثبت اقتدار القوات البحرية الإيرانية وقد يمخر مياه ثاني أكبر محيط في العالم ويسجل رقماً قياسياً جديداً.
http://arabic.farsnews.com/newstext.aspx?nn=9206195919