فيزيــــــــــاء الإختـــــــراق لمقذوفــــــــات الطاقــــــــة الحركيـــــــــة
APFSDS
يمتلك الخارق في ذخيرة APFSDS الحديثة طول لنحو 60-80 سم من الرأس للذنب ، وقطر أقصى لنحو 2-2.5 سم . وهناك وصلة ألمنيوم خفيفة الوزن وكبيرة ، تسمى القبقاب sabot ، تثبت حول المقطع الوسطي للخارق ، بهدف سد الفراغ بينه وبين جدران السبطانة . إن القبقاب يصنع من ثلاث أجزاء متماثلة تسمى petals (المعنى الحرفي للكلمة هو الأوراق التويجية) ، التي تلاءم حول جسم الخارق وتتشابك مع مجموعة الأسنان threads أو الأخاديد البارزة عن سطحه . أما قضيب الخارق ، فإنه يصنع عادة من مواد عالية الكثافة ، مثل اليورانيوم المستنزف Depleted Uranium أو سبائك التنغستن Tungsten alloys ، حيث تستطيع الخوارق المصنوعة من هذه المواد عند سرعتها القصوى ، اختراق الفولاذ التقليدي المقسى بسهولة شديدة ، كما يخترق نصل السكين قالب الزبد . فعند إطلاق المدفع ، يعمل ضغط الغاز المتولد والناتج عن احتراق شحنة الدافع إلى دفع مؤخرة القبقاب وإجباره للتقدم للأمام في سرعة مرتفعة حاملاً معه الخارق . إن التعجيل acceleration في هذه المرحلة يكون هائل ، وقد يبلغ نحو 80,000 G أو أكثر ، بحيث تكون سرعة المقذوف عند وصوله لفوهة السبطانة ، نموذجياً عند 1550-1750 م/ث كما في بعض المقذوفات ، أو تقريباً 5 ماك . تعمل بعد ذلك قوى الديناميكا الهوائية Aerodynamic forces على نزع وطرح أوراق القبقاب التويجية في لحظة واحدة ، وتجبرهم للتراجع باتجاه الخلف بينما يبتعد المقذوف عن فوهة السلاح . فبعد نبذهم ، تبدأ هذه الأوراق خفيفة الوزن بالتباطؤ بسرعة ، ويتساقطون على الأرض ضمن بضعة عشرات الأمتار من الفوهة . هذا يتيح للمقذوف ذو العائق المنخفض ، الطيران نحو هدفه باستقلالية أكبر ، مع الاستفادة من زعانف ذيله tail-fins للاستقرار .
إن قابلية اختراق الدروع بالنسبة لخارق المقذوفات APFSDS تعتمد على طاقتها الحركية ، التي تستمد وتشتق من سرعة الخارق العالية جداً وجسمه المعدني عالي الكثافة ، بالإضافة إلى شكله المطول . فعندما يضرب القضيب عالي الكثافة الواجهة الأمامية للهدف ، فإن طاقته الحركية العالية تسمح له بدفع مادة الدرع إلى الجوانب ، بحيث يصنع هذا حفرة بقطر ضيق نسبياً narrow crater في الدرع . وبينما يواصل القضيب تقَدمه للأمام ، فإنه يضغط بقوة هائلة وشديدة تجاه قاع الحفرة ، بحيث يدفع بشكل مستمر على جانبي مادة الدرع ويجعل الحفرة أعمق وأعمق .. في الحقيقة مع اعتماد هذا النوع من المقذوفات على عاملي السرعة وكثافة مادة الخارق ، فإنه يعمل على توفير موجات اهتزاز صدمية shock waves تنتقل عند الاصطدام خلال كتلة الدروع ، مما يؤدي إلى نسف جزء من سطحه الداخلي ، فتتولد شظايا قاتلة تلحق أضراراً كبيرة وجدية بالطاقم والتجهيزات الداخلية خلف الدرع . وتتمثل فرصة التدريع الوحيدة لمواجهة خطر هذا النوع من الأسلحة ، في تمزيق أو تحطيم Fracturing الخارق عند مرحلة الارتطام الابتدائي . وقد لاحظ الخبراء والباحثين إن الموجات الصدمية رغم أنها تنتقل وتتحرك بسهولة في المواد المتجانسة ، إلا أنها تتعرض للبعثرة والتفرق مع الانعكاس الداخلي المتكرر في الوسط المتجانس الناقل . وهكذا فإن البحث عن مادة مثالية قادرة على مواجهة هجوم الموجات الاهتزازية الصدمية ، توقف عند استخدام التدريع المركب متعدد الطبقات ، الذي يعمل على امتصاص طاقة الارتداد لموجات الاهتزاز واستيعاب معظم قواها ضمن طبقات تركيبه .
على أية حال ، تتعرض مقدمة القضيب بشكل مستمر للانهيار والتقلص خلال عملية الاختراق ذاتها ، ويتناقص حجم القضيب ويقل أكثر فأكثر مع تباطؤ سرعته بشكل تدريجي . هذا السباق بين تآكل مادة القضيب وتنامي الحفرة يقرران سواء الهدف سينجو أم يتعرض للثقب . ففي حالة نجاح الدرع في عمله ، فإن الأجزاء المتآكلة للقضيب سوف تتوقف وتتعثر بشكل غير ضار في أسفل الحفرة . أما في حالة إخفاق الدرع فإن القضيب المتقلص سوف ينفث ويلفظ أجزاءه خلف طبقة الدروع ، بحيث يمطر مقصورة الدبابة برذاذ قاتل من الأجزاء المعدنية المنيرة incandescent fragments .. لذلك جهود نشيطة بذلت لتحسين أداء قضبان قذائف APFSDS ، من خلال سلسلة مبادلات ، بين السرعة ، الطول ، والقوة . فالقضيب الأطول هو القضيب الأكثر تحملاً وتجاوزاً لعملية التآكل والحت erode ، وكذلك هو الأعمق في اختراق كتلة هدفه . لذلك يحاول المصممون جعل مقذوفات هذا النوع من الذخائر أكثر طولاً طالما كان ذلك ممكناً . في المقابل ولسوء الحظ ، زيادة طول قضيب الخارق penetrator تزيد وزنه أيضاً بالضرورة ، وبينما يتزايد وزن المقذوف فإن سرعة الفوهة تتناقص . لذا ولمواجهة هذا التعارض فإن المصممين يحرصون على جعل القضبان أنحف في نفس الوقت الذي تكون فيه أكثر طولاً ، بحيث يبقي معدل تنامي الوزن وخسارة السرعة في حدوده الدنيا .