«الوطن» تنفرد بنشر خطابات بخط يد سليمان خاطر عمرها 28 عاماً من داخل السجن
«سليمان»: تحقيق السيادة المصرية على الأرض المصرية أهم من طابا.. والطائرات الإسرائيلية إف 16 تستطلع أرض سيناء
كتب : محمد على زيدان وسها الباز
سليمان خاطر
أكثر من 28 عاماً مرت على وفاة «سليمان خاطر»، لم يُعرف خلالها سبب وفاته، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية انتحاره داخل محبسه مساء يوم 7 يناير عام 1986.
«سليمان» الذى نال حكماً بالمؤبد بعد أن دانته المحكمة بتهمة قتل سبعة إسرائيليين تسللوا إلى نقطة حراسته عبر الحدود مع إسرائيل، وقت أن كان يؤدى الخدمة العسكرية، اعتبره الكثيرون «بطلاً شعبياً»، واعتبروا ما فعله «عملاً بطولياً» من أجل بلده.
«الوطن» حصلت على مجموعة خطابات كتبها «سليمان» بخط يده من محبسه، وأرسلها لصديقه «حمدى كسكين»، عن طريق أحد حراس السجن وقتها، وهى الخطابات التى تُنشر للمرة الأولى.
نص رسالتين أرسلهما «سليمان» إلى صديقه من داخل السجن
الخطاب الأول:
«حدث موقف فى طابا أغضب كل مصرى شريف، أن ضابط مخابرات مصرى كان يقوم بالخدمة أمام سلك العقيد الزيدان واسمها (المنطقة المثلثات)، وفجأة اتجه واحد من فتوات الشاطئ الإسرائيلى فى قارب صغير، وعبر السلك بتاع زيدان من وسط طابا المصرية الموجودة بفلسطين، حتى وصل إلى السلك وضرب الضابط على رأسه فصرخ ومات وهرب من المياه على الشاطئ، وأخذ يصرخ واليهود يضحكوا، وقد حضر الضابط مدحت طه وقام بضرب الجندى الحرس على السلك وقال له لماذا لم تضربه بالنار؟ وكنت قلت لمدحت لماذا لم تعطنى الأمر، وأحضر مدحت طه ضابط الاتصال، وقال إلى الضابط كيف تترك ذلك يحدث ولم تبلغ عنه؟ هل عميت من كثرة شرب الخمر والجنس والذهاب إلى اليهود وتركت كرامتك؟ وحضر قائد الاتصال الإسرائيلى، وبدل من أن يتكلم مع الفتوة القاتل، أخذ يلمح كأنه يقول إليه أنت شجاع، وللعلم يوجد 3 فتوات إسرائيليين مخصصين لسلك طابا (هذه هى أرضنا).
.. بعد الحادث
ذهبت قسم نويبع وأنا فى حالة إرهاق شديد لأننى وصلت تقريبا الساعة 9، وطلب رئيس القسم التحقيق معى وأنا مع العلم إننى فى أشد الحاجة للراحة ولم يمضى وقت، ولكنى أتذكر سؤال ضابط أمن الدولة: (أنت ليس مصرى؟ أنا مصرى)، وبعد ذلك توجهت إلى شرم الشيخ وقلت للعميد بهاء على القصة وكذلك العميد جمال، وكان فى هذه الجلسة رائد الاتصال المصرى، ووجه رائد الاتصال سؤال: إنت بكلية الحقوق وتدرس قانون دستورى، القانون الدستورى يختلف مع اتفاقية السلام، (الإجابة)، إنت باقى ليك شهر واحد فى الخدمة العسكرية، توجهت بعد ذلك سجن فنارا، وبعد يومين تقريباً بدأ معى التحقيق، قال المحقق: إنت قلت أحمد الشيخ إننا بلد إسلامية وهذا يخالف الإسلام (الإجابة)، هل هذا أول يوم فى خدمتى أو أول شهر، لما هو آخر شهر وآخر يوم فى الخدمة، أنا هنا ليه داخل قفص الاتهام؟ وقبل كل شىء كل من يقف فى خدمة أمه الحبيبة سوف يؤدى واجبه، وسوف تتهمونه بهذه الاتهامات، وأنتم أنفسكم تعلمون أن هذا هو الواجب وهذا هو الصح».
الخطاب الثانى:
■ تحقيق السيادة المصرية على الأرض المصرية أهم من طابا وما يحدث على أرض سيناء المصرية
«تقوم الطائرات الإسرائيلية بعمليات استطلاع على أرض سيناء، وهى إف 16، والميراج، وطائرة الاستطلاع ونددست (س 130)، وطائرات الهل بل (206)، وكانت أكبر مجموعة 49 طائرة من إف 16 والميراج.
ثم بعد عملية الاستطلاع على سيناء، قاموا بالعودة حيث تم الضرب فى لبنان، وكان ذلك الهجوم فى شهر 11/1984، وقبل الهجوم على لبنان أو أى دولة عربية يتم قبل ذلك عملية استطلاع بنفس الطائرات على سيناء، ثم ضرب الخرطوم فى السودان من جهة إسرائيل بطائرات إسرائيلية من جهة جنوب سيناء، وكذلك بالنسبة للنشات الإسرائيلية.
لا يوجد غير لنش مصرى واحد ونوعه «سوفييت»، ويحمل عدد 2 صاروخ جبريل فقط، ويوجد أمامه وخلفه عدد 2 رشاش 0٫5 بوصة، يعنى 1 فى الأمام وكذلك فى الخلف.
اللنشات الإسرائيلية تقف فى مدخل خليج العقبة عند جزيرة تيران وأنواعها طراز ريشيف، وهذا 4 أنواع، ويحمل عدد 8 صواريخ جبريل، ومدفع 67مم فى الأمام، و404مم فى الخلف، وعدد 2 رشاش 0٫5 بوصة على جانب الممشى، والطراز الثانى هو سعر، وهذا 6 أنواع، ويحمل 4 صواريخ جبريل، وعدد 4 ماربون، ويوجد فى الأمام مدفع 76مم، وفى الخلف 40مم، وعلى الجانب الممشى 2 رشاش، وخمسة من مية بوصة، هذا ويوجد على فندق طابا إنذار مبكر، وكذلك فى إيلات، ونحن ليس لدينا رادار واحد.
وهذا إقرار منى بذلك
سليمان محمد عبدالحميد خاطر
12-10- 1985».
يقول حمدى كسكين صديق سليمان خاطر، إن آخر زيارة قام بها للشهيد فى السجن، كانت مع شقيقه عبدالمنعم وشقيقته سعدية وإحدى أهالى القرية، موضحاً فى حديثه أن «سليمان» كان يتمتع بصحة نفسية وجسدية عالية، وطلب من شقيقه «عبدالمنعم» أن يحضر له ملابس داخلية وكتبه الجامعية، قائلاً: «عندما زرنا سليمان فى سجن السويس قبل أن يرحل إلى سجن أبوزعبل، قال لنا إن مجموعة من الأشخاص دخلوا عليه الزنزانة وقالوا له الباب مفتوح على مصراعيه ونحن نحبك واهرب من هنا ولكنه رفض، وقال لنا سليمان وقتها إن السجن فى منطقة صحراوية، وهم كانوا يريدونه أن يهرب حتى يطلقوا الرصاص عليه، ولكنه قال لهم أنا عاشق لتراب مصر وأنا باحب البلد دى، أنا لم أقدم إلا عملاً وطنياً، وعندما سمعت والدته هذا الكلام استشعرت الخطر وقالت له إوعى تعمل كده لو أى حد طلب منك كده تانى».
ويتابع «كسكين»: «لقد زرت سليمان خاطر 4 مرات تقريباً، وكان آخر هذه الزيارات قبل إعدامه بيوم»، يتذكر صديقه أنه فى إحدى المرات التى زار فيها «سليمان» فى السجن كان يوجد معه الصحفى مكرم محمد أحمد وأحد المصورين وأستاذ الطب النفسى محمد شعلان، مشيراً إلى أن الأسئلة التى كان يطرحها مكرم محمد أحمد تقدم فى مدلولها الإرهاصات التى تؤكد سلفاً طبقاً لكلامه أن هناك نية لإلحاق شىء ما بـ«سليمان»، فعلى سبيل المثال سأله مكرم محمد أحمد: «هل الدين الإسلامى يحلل قتل أطفال صغار؟». يقول «كسكين»: «إن هذا السؤال أغضب سليمان لأنه لم يكن بين من قتلهم أطفال»! يستكمل «حمدى» حديثه: «إن المصور التقط بعض صور لسليمان وعلى وجهه ملامح الغضب، وتم عرضها على شعلان الطبيب النفسى، وبتحليل الصور قال إن سليمان مريض نفسى ويقترب من الجنون، ما يخشى معه على حياته. وبالفعل نزل عدد مجلة المصور فى السوق وبه حوار مكرم محمد أحمد والحوار اعتمد على الصورة أكثر من الكلام».
ويعلق «حمدى» على كتاب «من قتل سليمان؟» لأيمن نور ومحمد مورو، قائلاً: «هناك أخطاء كثيرة فى الكتاب؛ أولها: ما ورد فيه من أن خاطر كان تلميذاً فى مدرسة بحر البقر، وهذا خطأ فقد كان تلميذاً فى مدرسة (اللواء أحمد على) بأكياد، وفى الجزء الثانى الذى قام بتأليفه مورو حول المزاعم بأن سليمان كان أحد أعضاء جماعة الإخوان، هذا الكلام غير صحيح، فسليمان لم يكن أحد أعضاء الجماعة إطلاقاً».
فيما قال يوسف عبده، أمين الحزب الناصرى بالشرقية، إن «الحزب قدم شهادة تقدير لعائلة خاطر عام 1995»، موضحاً أنه كان فى ذلك الوقت يشغل منصب أمين الحزب بالحسينية، مشيراً إلى أن الحزب كان يؤمن بأن «سليمان» بطل من المؤسسة العسكرية قدم واجباً للوطن.
أضاف «عبده» أن مزاعم الإخوان فى إقحام اسم «سليمان» ضمن أعضاء الجماعة ليس إلا أكاذيب، وأن «سليمان» لم يكن يحسب على أى تيار، ولكن كانت به روح الناصرية، وأضاف قائلاً: «إن الإخوان فعلوا ذلك من أجل إلصاق بطولات غيرهم بهم كعادتهم»، مبيناً أن من قام بتفعيل قضية سليمان خاطر هم مجموعة من المناضلين الثوريين، وعلى رأسهم إبراهيم شكرى وخالد محيى الدين وخالد جمال عبدالناصر وأشقاؤه وعزازى على عزازى.
آخر ما قاله سليمان خاطر أثناء محاكمته:
«أنا لا أخشى الموت ولا أرهبه، إنه قضاء الله وقدره، لكننى أخشى أن يكون للحكم الذى سوف يصدر ضدى آثار سيئة على زملائى، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم، إن هذا الحكم هو حكم ضد مصر، لأننى جندى مصرى أدى واجبه، روحوا واحرسوا سينا، سليمان مش عايز حراسة».
صورة من رسائل سليمان خاطر بخط يده
صورة من رسائل سليمان خاطر بخط يده
http://www.elwatannews.com/news/details/408387