زال السؤال حول تطبيع مغربي اقتصادي مع الدولة العبرية يطرح في وقت تؤكد فيه الأوساط الرسمية موقفها بقطع كافة اشكال العلاقات مع اسرائيل منذ اغلاق مكتب الاتصال الاسرائيلي بالرباط ومكتب الاتصال المغربي في تل ابيب نهاية 2000، حسب ما جاء في القدس العربي.
آخر التقارير التي تحدثت عن هذا التطبيع والذي نشره المركز الإسرائيلي للإحصاء الذي اشار الى ارتفاع حجم المبادلات التجارية بين المغرب واسرائيل وايضا احتلال المغاربة رأس قائمة المواطنين العرب الذين يزورون الدولة العبرية.
وقال تقرير المركز الذي نشرته صحف مغربية ان واردات المغرب من إسرائيل ارتفعت خلال كانون الثاني/يناير الماضي لتصل إلى أكثر من 9 ملايين درهم (حوالي مليون دولار) مقارنة مع 6 ملايين درهم خلال نفس الفترة من السنة الماضية، في حين انخفضت صادرات المغرب إلى إسرائيل إلى 1,6 مليون درهم خلال هذا الشهر من السنة الحالية بعدما سجلت 3،2 مليون درهم خلال نفس الفترة من السنة الماضية.
وحسب تقرير المركز بلغ إجمالي واردات المغرب من إسرائيل خلال السنة الماضية 170 مليون درهم، والصادرات 32 مليون درهم، وتبين الأرقام أن حجم المعاملات التجارية في ارتفاع مستمر خلال السنوات الماضية.
كما تحدث التقرير عن ارتفاع عدد المواطنين المغاربة الذي زارو الدولة العبرية بغرض السياحة وقال أن عدد السياح المغاربة الذين زاروا إسرائيل بلغ 34 ألفا و713 سائحا خلال السنة الماضية، مقابل 32 ألفا و168 سنة 2007 و14 ألفا و608 سنة 2006.
ويبقى المواطنون المغاربة على رأس الدول العربية الأكثر زيارة إلى إسرائيل، علما بأن عدد اليهود المغاربة في المغرب لا يتجاوز 4 آلاف، فقد بلغ عدد المصريين ألفين و572 سائحا و853 تونسيا و16 ألفا و807 أردنيين و243 لبنانيا.
واكد عزيز هناوي منسق المبادرة الطلابية المغربية ضد التطبيع والعدوان وجود التطبيع الاقتصادي مع الدولة العبرية لا سيما في القطاع الفلاحي وقطاع الاتصالات، إلا أنه اوضح ان ذلك يتم بطريقة غير مباشرة، عبر مروره بدول في الاتحاد الأوروبي للتمويه؛ سواء تعلق الأمر بالصادرات أو الواردات وقال إن هذه التعاملات تتم تحت جنح الظلام، ولا تستطيع الشركات الكشف عن ذلك مخافة مقاطعة الشعب المغربي لها، على اعتبار أنه من أكثر الشعوب تضامنا مع القضية الفلسطينية.
وشكك هناوي في رقم السياح المغاربة الذين زاروا ''إسرائيل''، معتبرا أن هذا الرقم يراد منه إحداث حالة من التطبيع الشعبي مع الكيان ويدخل في إطار الحرب النفسية. وتتم أغلب المعاملات التجارية الإسرائيلية المغربية في المجال التجاري والفلاحي و80 بالمئة من بذور الطماطم بالسوق المغربية أصلها إسرائيلي وإن عرفت تراجعا نسبيا في الفترة الأخيرة بسبب وجود عيوب في بعض أصنافها خاصة نوع ''دانيلا''.
وقالت 'التجديد' ان العديد من المواد الإسرائيلية توجد في السوق المغربية، مثل حفاضات الأطفال، تمور، مواد كيماوية، بذور، إلا أن المستهلك لا يعرف أصلها بسبب إعادة تلفيفها أو صعوبة معرفة مكان الصنع.
وأشارت المبادرة الوطنية لمقاطعة إسرائيل إلى أن هناك العديد من المواد الإسرائيلية في المغرب، مثل منتوج من صنع شركة إسرائيلية تسمى، نياطفين المتخصصة في تقنية الري قطرة.. قطرة. وحسب المعلومات المتوفرة لدى المبادرة فان هذه الشركة من أهم الممونين للمعرض الفلاحي الدولي الذي يقام في شهر كانون الاول/ديسمبر من كل سنة بمدينة أكادير بجنوب المغرب. وكشفت الوثيقة التي توجد في الموقع الالكتروني لوزارة الفلاحة قائمة لأسماء البذور المستوردة من إسرائيل، بحيث أن الأمر يتعلق بما لا يقل عن سبعين ملفا تهم البذور الإسرائيلية تمت دراسة ملفات القبول بالجواب الايجابي من طرف وزارة الفلاحة طوال الخمسة عشر عاماً المنصرمة.
وعبر الناشط عبد الإله المنصوري عضو سكرتارية العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين، عن رفضه للتطبيع مع الصهاينة. وأكد على ضرورة أن تعمل الدولة على منع الذهاب إلى فلسطين المحتلة، لأن ذلك يعد بمثابة الإقرار بشرعية الاحتلال، مستثنيا المغاربة الذين يشاركون في أنشطة بدعوة من السلطة الفلسطينية؛ سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة. وقال المنصوري أن بعض رجال الأعمال لهم علاقات مشبوهة مع الكيان الصهيوني، وبعد أحداث غزة كانت هناك مبادرة من بعض رجال الأعمال لمقاطعة إسرائيل، ويجب العمل على أن يكون للمبادرة صدى، لأن الشعب المغربي يرفض التعامل مع إسرائيل. وحذرت صحيفة 'التجديد' من استمرار التطبيع مع الدولة العبرية وقالت ان الأرقام التي كشف عنها المركز الإسرائيلي للإحصاء 'تطرح أكثر من سؤال وتحد على المغرب، خاصة وأن ظرفية الإعلان عنها ونشرها تضع الشعارات المرفوعة حول مناصرة الشعب الفلسطيني ومناهضة التطبيع أمام امتحان كبير'.
وأضافت ان 'تساؤلات تثار في مواجهة هذه الأرقام تذهب إلى حد التشكيك في صدقيتها، والواقع أنها صادرة عن مؤسسة إحصائية تقدمها ضمن مجموع الأرقام التي تبرزها مصالح المطارات ومراكز الحدود، وذلك ضمن معايير عالمية تفرض عليها كشف كل تقدم أو تراجع، وهو ما حصل في عرضها لأرقام الصادرات الصهيونية للمغرب، حيث كشفت تراجعا إلى النصف في شهر كانون الاول/ديسمبر لتبقى في حدود 200 ألف دولار بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية؛ حيث كان الرقم هو 400 ألف دولار.
وتساءلت الصحيفة عن الجهات التي ترعى هذا التطبيع الاقتصادي والسياحي والقنوات المعتمدة في ذلك، وخاصة على مستوى دول العبور كفرنسا واسبانيا وتركيا، والمخططات الصهيونية التي تمكن لنفسها عبر النشاط السياحي لتحقيق أهداف التطبيع الاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي، وماذا بعد التطبيع السياحي. واقترحت ان هناك تراخيا رسميا في تطبيق الموقف الرسمي المغربي الرافض للتطبيع، وفعالية قوى مقاومة التطبيع لم تضع استراتيجيات وخططا فعالة لكشف ومحاصرة هذا المحور من التطبيع، والذي لا يقل خطورة عن غيره من محاور التطبيع.