كتبت صحيفة " ازفيستيا" الروسية مقالة تحت هذا العنوان جاء فيه :
قامت مؤخراً قاذفة القنابل الروسية الحديثة "سو-34" بتحليق تدريبي في سماء ضواحي موسكو مقلعة من مطار "كوبينكا". ولكن هذا التحليق لم يكن عاديا، لان القائد الاعلى للقوات المسلحة الروسية الرئيس دميتري مدفيديف كان على متن نلك الطائرة. واستمر التحليق نصف ساعة. وقامت الطائرة بحركات بهلوانية، ثم حطت في مطار "كوبينكا"، فقال الرئيس وهو يقدر نتائج التحليق: " يصعب علي ان أعبر عن مشاعري بكلمات" . وتعهد الرئيس بان تحصل القوات الجوية الروسية في هذه السنة على 24 طائرة جديدة. وسبق ان اعلن مدفيديف في اجتماع عقدته وزارة الدفاع البدء في عملية اعادة تسليح الجيش والاسطول البحري.
ويقول يوري غريتسايينكو رئيس قسم التمارين القتالية في مركز التدريب التابع للقوات الجوية الروسية والذي قاد الطائرة في ذلك التحليق انه قام باستعراض هجمة جوية وأدى حركات بهلوانية بسيطة اثارت دهشة لدى الرئيس الروسي الذي قال ان التحليق بات أسهل مما كان يتوقع.
وتعد الطائرة "سو-34" مستقبلا لطيراننا. وانها عبارة عن مزيج بين المقاتلة وقاذفة القنابل. وتتصف الطائرة الجديدة بقدرتها الفائقة على تدمير اهداف صغيرة الحجم. وتمتلك القوات الجوية اليوم ثلاث طائرات من هذا النوع. وتخطط وزارة الدفاع الروسية حتى عام 2015 لشراء 32 طائرة "سو-34" التي تحل محل قاذفات القنابل العملياتية "سو-24" و"تو-22 ام3". والجدير بالذكر ان الطائرتين "سو-34" اللتين اشترتهما وزارة الدفاع في العام الماضي كلفتا قيمة 1.8 مليار دولار، الامر الذي يمكن مقارنته مع كلفة صاروخين عابرين للقارات من طراز "توبول".
تخصص الدولة الروسية للقوات المسلحة مبلغ قدره 5 تريليونات روبل حتى عام 2020. وذلك بالرغم من وقوع الازمة الاقتصادية. وستساعد هذه الاموال في تحديث المعدات الحربية الروسية، علما ان نسبة المعدات الحديثة في الجيش الروسي الحالي لا تزيد عن 10 % .
وأعلن دميتري مدفيديف قائلا: " علينا التوقف عن اصلاح المعدات القديمة والانتقال الى شراء المعدات الجديدة ، الامر الذي سيقدم دعما لمجمع الصناعات الحربية الوطنية".
جاءت زيارة مدفيديف لمطار كوبينكا تفقدا للمعدات الجوية الروسية. واطلع الرئيس على القاذفات الاستراتيجية "تو-160" و"تو-95 ام اس" وأضخم طائرات النقل العسكري في العالم " أن-124- روسلان 100" وطائرة الكشف الراداري والتوجيه " آ-50-او". كما اطلع الرئيس على الطائرات من طراز "ميغ" و"سو" التي اشتراها الجيش مجددا. وبينها المقاتلات "سو-27 اس ام" و"ميغ-29 اس ام تي".
ثم انتقل دميتري مدفيديف الى مشاهدة المروحيتين "مي-28ان" و"كا-52". وتبدأ في السنة الجارية عملية تزويد الجيش الروسي بهاتين المروحيتين. وقال الرئيس الروسي في أعقاب زيارته: " انني اعبر عن ارتياحي بما اطلعت عليه خلال 3 ساعات لزيارتي. فقد شعرت بان معرفتي بالطيران الحربى ارتفعت. ولا بد من ارصاد الاموال والموارد العقلية في هذا المضمار".
وتوفرت لدى صحيفة " ازفيستيا" معلومات حول ما سيتم توريده الى الجيش الروسي في الوقت القريب :
الصواريخ النووية
سيتم التركيز الرئيسي كما هو الامر في السنوات الماضية على اعادة تسليح قوات الردع النووية وتبديل المجاميع "توبول" الثابتة بالمتحركة والمحدثة "توبول- م". كما ستتم تقوية القوات النووية البحرية الاستراتيجية. وستدخل في اواخر السنة الجارية الخدمة العسكرية اول غواصة من اسرة الغواصات الحاملة الصواريخ من طراز "بوري" - يوري دولغوروكي" والصاروخ البحري الاستراتيجي الجديد من طراز "بولافا". وما زالت تجارب هذا الصاروخ مستمرة. واذا نجحت التجارب في السنة الجارية فان الاسطول البحري سيحصل على 12 صاروخ من هذا النوع، الامر الذي سيسرع في ادخال الغواصة الجديدة حيز الاستخدام. و تليها بعد مرور سنة 4 غواصات من هذا النوع.
الاسطول غير النووي
يتعهد المصممون بان يختتم في اواخر عام 2009 تصميم وصنع غواصات الديزل الحديثة من طراز "لادا". وسيظهر ايضا المجمعان الصاروخيان الساحليان من طراز "بال-او" و"باستيون". المنظومة الاولى عبارة عن عربتي القيادة و4 قواذف للصواريخ يضم كل منها على 8 حاويات للصواريخ "ها-35". اما المجمع بال-او" فسيحل محل المجمع "بروغريس" الذي تم تصميمه في السبعينات والذي يزود بالصواريخ المجنحة المضادة للسفن للجيل الثاني. ويتصف المجمع الجديد بقابليته للحركة وقدرته على حماية 350 كم من الشاطئ والمباغته في توجيه ضربة صاروخية. ويعد رأس التوجيه الذاتي في الصارخ صامدا امام التشويش الراداري المعادي. وليس بمقدور اية منظومة للدفاع الجوي الحديث اعتراض 32 صاروخا مجنحا يطلقها هذا المجمع في آن واحد.
القوات الجوية والدفاع الجوي
ستحصل القوات الجوية على 50 مروحية من طراز "مي-28ان" و"كا-52". وقد انتجت صناعة المروحيات الروسية في العام الماضي ما يزيد عن 200 مروحية من مختلف انواعها. وقد يزداد عدادها في السنة الجارية.
وتنتظر القوات الجوية في السنة الجارية وصول 34 مقاتلة من طراز "ميغ 29 اس ام تي" التي تخلت عنها الجزائر والتي تختلف عن الطائرات " ميغ 29" العادية باحتياط الوقود الزائد وتوفر امكانية لتزويد الطائرة بالوقود في الجو. وقد تم تبديل الاجهزة والعدادت الجوية باسرها. وتم تزويد الطائرة بالكمبيوتر الجوي الجديد والرادار المتعدد الوظائف الذي يمكن الطيار من مراقبة كل ما يحدث في الجو وعلى سطح الارض على بعد 140 كم ومتابعة 30 هدفا وضرب 6 أهداف في آن واحد. كما تزود القوات الجوية بالمقاتلات الجديدة من طراز "سو-27 اس ام".
اما قوات الدفاع الجوي فستحصل على الكتيبة الثانية من منظومة الصواريخ الحديثة المضادة للجو" اس-400 " (تريؤومف). وتتصف هذه المنظمة خلافا عن سابقتها "اس 300 بي ام" بقدرتها على تدمير كافة انواع الاهداف الجوية ، وبينها صواريخ مجنحة محلقة محاذية لسطح الارض وطائرات صغيرة الحجم دون طيار وحتى رؤوس مدمرة للصواريخ السائرة بالمسار الباليستي بسرعة حتى 5000 متر في الثانية. وليس بمقدور اي مجمع آخر متابعة مثل هذا المسار. ثمة معدة حديثة اخرى اخترعها مجمع الصناعات الحربية الروسية وهي منظومة الصواريخ والمدافع " بانتسير-أس". وقد تركب المنظومة على العربة المجنزرة او المدولبة او السفينة. كما يمكن استخدامها كمجمع ثابت.
الى اين نستعجل؟
من يهدد روسيا؟ كان قد أجاب دميتري مدفيديف عن هذا السؤال في اجتماع عقدته وزارة الدفاع الروسية، عندما قال يهدد روسيا نشاط الولايات المتحدة والناتو بالقرب من حدودنا. بعد وقوع النزاعات في يوغوسلافيا والعراق وأفغانستان وأوسيتيا الجنوبية لم تبق اية أوهام بخصوص حب "شركائنا" الغربيين للسلام. ويعلن حلف شمال الاطلسي انه قد يعمل على ضمان أمن الطاقة لاوروبا. واذا لم تتفق روسيا على سبيل الافتراض مع اوكرانيا واستمرت في العزم على الدفاع عن مصالحها في منطقة القطب الشمالي فمن غير المستبعد ان تستخدم أمريكا اسلحتها. علما ان الازمة ستنتهي عاجلا او آجلا وستقوم باعادة اطلاق الاقتصاد العالمي الذي ستنظر بعين طامعة الى ثروتنا الطبيعية. هل سيرغب شركاؤنا في المتاجرة معنا او انهم سيقررون كسبها بالقوة استنادا الى التفوق في التقنيات والاسلحة. لدينا امكانات لردع مثل هذه المطامع في الوقت الراهن. فماذا سيحدث غدا. ويقوم برنامج التسليح الجديد بتوسيع قائمة وسائل الدفاع المتوفرة لدينا.
بالطبع يمكننا ان نأسف لتلك الاموال الباهظة التي انفقت لشراء " طلقات".
بالتأكيد، لو كان الامر ليس كذلك كان يمكن استخدام هذه الاموال بطريقة اخرى. لكن الهدوء والأمن يحتاجان الى نفقات.
المقال لروسيا اليوم