يصادف هذا الاسبوع الذكرى 110 لميلاد فاليري تشاكلوف واحد من أفضل الطيارين في القرن العشرين، الذي قام باختبار وتعمير أكثر من ثلاثين طائرة. وفي عام 1937 كتبت جميع صحف العالم عن تشكالوف عندما هبط في أمريكا في أول رحلة من دون توقف عبر القطب الشمالي.
وفي الثلاثينات من القرن الماضي بدأت صناعة الطيران تتطور بسرعة في الاتحاد السوفيتي، وتم تصميم الكثير من الطائرات الجديدة التي كان من الضروري ليس فقط إنتاجها ولكن أيضا تجربتها قبل البدء في استخدامها. وفي هذا المجال اشتهر فاليري تشكالوف كواحد من الطيارين الاختباريين، وذلك لتميزه بصفة الشجاعة والعنفوان مذ أن كان طالباً في كلية الطيران. وعلى الرغم من أن حركاته البهلوانية والأكروباتية في السماء كانت تدخل السرور إلى قلوب رؤسائه، لكنها اعتبرت بالنسبة لهم على أنها حركات متهورة وممارسات بلطجة في السماء. ولهذا كان الطيار العظيم يعاقب بالسجن، حتى أن المؤرخين الذين كتبوا عن حياته يصعب عليهم حساب مقدار الوقت الذي أمضاه هناك. على سبيل المثال، سجن لمدة 10 أيام لقيامه بحركة يطلق عليها الحلقة الميتة: حيث كان هناك رهان بأنه سوف يقوم بخمسين لفة في السماء، ولكن تمادى وقام بأداء 200 لفة أخرى إضافية. وبسبب تحليقه بين صفين من الأشجار حصل على 5 أيام سجن.
لقد كان تشكالوف مهووساً وعاشقاً للسماء، حتى أنه كان يقول بإنه يشعر بأجنحة الطائرة كما ولو كانت يديه. ومع ذلك فقد تمتع تشاكلوف بموهبتين: فهو من جهة كطيار كان يحب المخاطرة، ولكن من جهة أخرى لم يكن يغامر بطيارته الجديدة عندما كان الحديث يدور عن اختبارها. فقد كان يعتقد أن الهدف من الاختبار- هو "ترويض" الطائرة، ومعرفة الأسرار التي يجهلها حتى المصممين، وذلك من اجل تحديد الإيجابيات والسلبيات.
وفي صيف عام 1937 حلق تشكالوف مع زملائه جورج بايداكوف والكسندر بيلياكوف من موسكو الى فانكوفر عبر القطب الشمالي. 63 ساعة استغرقت هذه الرحلة الصعبة، خاصة عندما كانوا فوق المحيط المتجمد الشمالي، حيث تعطلت البوصلات ونفذ احتياطي الاوكسجين، حتى أنهم أصبحوا يتداولون قناع الاوكسجين من واحد إلى آخر، لكنهم قطفوا ثمار هذا العناء والصبر وهبطوا في مطار عسكري في فانكوفر. وبعد بضعة أيام استقبل الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت هؤلاء الأبطال في البيت الابيض، علماً أن الرئيس الأمريكي المقعد على كرسي متحرك طلب من معاونيه مساعدته للقيام من أجل استقبال الطيارين الروس، وهذه كانت اشارة على الاحترام العميق لهؤلاء الطيارين الأبطال. يشار إلى أن الصحافة العالمية برمتها كتبت عن الحدث، حتى أن تشكالوف أشار مازحاً عندما ألقى كلمة في نيويورك: "أنا أرجو من أصدقائي الأمريكيين بأننا السباقون في هذا المجال وقطعنا شوطاً أمامهم لبضع سنوات..."
لم يتسنى لتشكالوف العيش والمشاركة في الحرب العالمية الثانية، إلا أنه استشد أثناء اختبار طائرة قتالية جديدة. ولكن الطائرات، التي قام باختبارها، شاركت جميعها في الحرب للذود عن حما الوطن. وهناك قصة ظريفة تقول بأن صورة فاليري تشكالوف الشخصية لم تكن فقط في جيوب الطياريين السوفييت، ولكن في جيوب الطيارين الألمان لأن جميعهم كانوا يعتقدون بأنها تجلب الحظ في السماء.
http://arabic.ruvr.ru/2014_01_28/127949222/