أما فيما يتعلق بالقنبلة التي كان من المفترض أن تسقط على نيويورك فهي من الرمال المشعة والتي كان من المتوقع، بعد قصف هذه المدينة الأمريكية الكبيرة، أن تحدث سحابة مشعة فوقها. الذي تبين فيما بعد أن قائد القوات الجوية هيرمان كان قد أعطى الأفضلية لخيار آخر بدلاً من مشروع المهندس النمساوي، ومع ذلك لم يتم تنفيذ أي منهما من قبل الرايخ الثالث.
الطائرة الفضية- هي عبارة عن مشروع قاذفة فضائية للعالم النمساوي الدكتور أوهين زينغر، علماُ أن هناك تسميات أخرى لهذا المشروع مثل "قاذف أمريكا" و"القاذف المداري" و"ربان الجو" و"القاذفة الأورالية". والهدف الرئيسي من هذه القاذفة هو قصف أراضي الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام ونيويورك على وجه خاص، مع الإشارة إلى أن هذا المشروع اكتسب صفة "سلاح الانتقام" بحلول نهاية الحرب العالمية الثانية. ووفقاً للحسابات التي أجريت آنذاك فقد كان من المفترض أن تحمل القاذفة "الطائر الفضي" نحو 30 طناً من القنابل، حيث اعتمد وزن القنابل على المسافة التي كانت ستقطعها القاذفة، والتي قدرت آنذاك نحو 6500 كم حتى نيويورك بحمولة نحو 6 طن من القنابل.
أما فيما يتعلق عن قياس القاذفة فقد وصل طولها حوالي 28 م، واتساع جناحيها نحو 15 م والوزن الصافي 10 طن ووزن الوقود 84 طن وبالتالي فإن وزن الإقلاع للقاذفة أصبح حوالي 100 طن تقريباً.
وكان من المفترض أن تنطلق القاذفة بواسطة منجنيق يصل طوله حوالي 3 كم، حيث كان من المفترض أن تتوضع القاذفة "الطائر الفضي" على شاحنة (زلاجات)، والتي ستبدأ حركتها بواسطة محركات صاروخية خاصة بحيث تصل سرعة القاذفة وهي على ظهر الشاحنة حوالي 500 م/ثا بعد 10 ثواني من الانطلاق. وبعد ذلك، وفقاً للتصميم الهندسي، تنفصل القاذفة عن الشاحنة بعد أن ترتفع عالياً مشغلة بذلك محركها الصاروخي الخاص بعد 36 ثانية من الانطلاق على ارتفاع يقدر بنحو 12 كم من مكان الإقلاع.
أما عن الارتفاع النظري الأقصى للطيران، بحسب الدكتور زينغر، فهو نحو 260 كم وسرعة الطائرة حوالي 6400 م/ثا، وبهذا كان بإمكان الطائرة أن تصل إلى مكان فارغ تماماً من الفضاء القريب.
هناك عدة خيارات لاستخدام القاذفة الفضائية:
الخيار الأول لوضع الطيران
وفقاً للخيار الأول كان ينبغي على القاذفة الإقلاع من ألمانيا ثم الخروج إلى الفضاء بواسطة مسار بالستي. وبعد الوصول إلى نقطة القذف وأداء المهمة تهبط الطائرة في الجهة المقابلة للأرضي الألمانية من نقطة الانطلاق، وهذه النقطة كان من المتوقع أن تكون في منطقة ما في نيوزيلندا أو أستراليا التي تقع تحت سيطرة الحلفاء، وفي هذه الحالة سيتم فقدان الطائرة مع طيارها حتماً. بالإضافة إلى ذلك فإن عملية القصف من ارتفاع كبير جداً سيكون غير فعال بالنسبة لدقة إصابة الهدف.
الخيار الثاني لوضع الطيران
بحسب الخيار الثاني ينبغي على القاذفة الوصول إلى نقطة القصف وأداء المهمة ومن ثم الدوران 180 درجة والعودة إلى نقطة الإقلاع. في هذه الحالة عند الإطلاق كان ينبغي على الطائرة الصاروخية أن تصل سرعتها حوالي 6370 م/ثا وارتفاع قدره 91 كم، لكن وفقاً لهذا الوضع فإن الطيران لمسافة تصل نحو 5500 كم وفق مسار بالستي من نقطة الإقلاع ستنخفض السرعة حتى 6000 م/ثا وارتفاع الطيران سينخفض أيضاً حتى 50 كم. وكان ينبغي بعد تنفيذ القصف على مسافة 950 كم أن تنعطف الطائرة خلال 330 ثانية إلى الوراء وتتجه نحو موقع الإطلاق. بعد الانعطاف تكون سرعة الطائرة نحو 3700 م/ثا على ارتفاع 38 كم، في حين تصل سرعة الطائرة 300 م/ثا قبل 100 كم من موقع الهبوط في ألمانيا على ارتفاع قدره 20 كم، ومن ثم تهبط الطائرة كأي طائرة تقليدية بسرعة قدر 140 كم/ثا.
الخيار الثالث لوضع الطيران
في هذا الخيار استخدم زينغر نظام "تخطيط الموجة" والذي يذكرنا بالحركة التي يحدثها الحجر عند سقوطه في الماء.
ومن أجل تحقيق هذا الوضع من الطيران كان ينبغي على القاذفة الصاروخية أن تحلق بسرعة قصوى إلى نحو 7000 م/ثا على ارتفاع قدره 280 كم، والقيام على مسافة قدرها 3500 كم من نقطة البداية بأول انخفاض وأول ارتداد من الغلاف الجوي على ارتفاع 40 كم ومسافة 6750 كم عن نقطة البداية. أما الارتداد التاسع للقاذفة فكان ينبغي أن يحدث على مسافة 27500 كم من نقطة البداية. وبعد 3 ساعات و40 دقيقة من الإقلاع كان من المفترض أن تهبط الطائرة في ألمانيا بعد أن تقوم بدورة كاملة حول الأرض.
بالطبع كانت هناك خيارات أخرى بما في ذلك الهبوط في أراضي البلدان الصديقة لألمانيا أو الهبوط مع فقدان الطائرة وهبوط الطيار بالمظلة ووقوعه في الأسر. وكان من المتوقع أن يتحقق القصف بأعلى دقة له في حالة انقضاض القاذفة على الهدف مع خروج الطيار من الطائرة.
لم يكن في ألمانيا نقص في عدد المتطوعين لهذا التحليق الفضائي إلى نيويورك حتى ولو كانت النهاية هي الانتحار، حيث تم تأسيس وحدة خاصة من الفضائيين للطيران على المركبات العابرة للقارات بحلول نهاية الرايخ الثالث والذين أعربوا عن رغبتهم بتأدية هذه المهمة.
يشار إلى أن هذا المشروع تم إغلاقه مؤقتاً عام 1941 مثله مثل كل المشاريع الطموحة، إلا أن هذا المشروع أطلق مرة أخرى عام 1944 وحمل اسم "سلاح الانتقام".
جدير بالذكر أن ستالين أعرب عن اهتمامه بهذا المشروع، وأوعز على وجه الخصوص ابنه فاسيلي والعالم غيرغوري توكايف للقبض على العالم زينغر ونقله إلى الاتحاد السوفيتي.
وفي عام 1945 وقعت منشأة الإطلاق المنجنيقي التي تعرضت للقصف أثناء انسحاب الألمان، بالإضافة إلى ما تبقى من المخططات الهندسية لمشروع "الطير الفضي" بيد القوات السوفيتية. ووفقاً لنتائج دراسة المخططات الألمانية لهذا المشروع، بدأت في الاتحاد السوفيتي عام 1965 تحت إشراف العالم لوزينو عملية تصميم قاذفات فضائية تفوق سرعتها سرعة الصوت.
http://arabic.ruvr.ru/2013_11_18/124591718/